الفنادق العاملة في سلطنة عمان تتوقع تدفق المزيد من السياح في الربع الأخير من العام
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
توقعت الشركات العاملة بالقطاع الفندقي في سلطنة عمان أن يشهد الربع الأخير من العام تدفق المزيد من السياح وانتعاش السياحة وخاصة من أوروبا ودول الخليج العربية نظرا للأجواء المعتدلة التي تتميز بها سلطنة عمان وإطلاق المزيد من الفعاليات والبرامج الترفيهية. مشيدة بالجهود المبذولة من قبل وزارة التراث والسياحة في تعزيز نمو القطاع لجعل عمان واجهة سياحية لكافة المواسم على مدار العام.
وقالت: إن التركيز ينصب في الفترة المقبلة على التسويق والترويج للفنادقها خاصة في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي لجذب المزيد من السياح، وتوظيف الكفاءات الوطنية لتحقيق مستويات التعمين المطلوبة.
وكانت الشركات حققت أرباحا جيدة في النصف الأول من العام، متأملة تحقيق عوائد أفضل في النصف الثاني من العام مدفوعا بتعافي الاقتصادات من جائحة كورونا وتراجع مستويات التضخم في العالم.
وتعمل ظفار للسياحة حاليا على تطوير المخطط الرئيسي لشاطئ مرباط، بعد أن وقعت عقدا مع ويندام جاردن في 2021 لتشغيل منتجع مرباط العام المقبل. وكانت نسبة المواطنين العاملين في مختلف قطاعات منتجع مرباط نحو 30% من إجمالي القوى العاملة، ومن المتوقع أن تكون الفترة المقبلة هي عام الأنشطة السياحية المرتفعة مما يسهم في إيجاد فرص عمل كبيرة.
وأكدت ظفار للسياحة أن منتجع مرباط سوف يعزز السياحة في المنطقة، ويخدم السياح والمسافرين من رجال الأعمال والمقيمين على المدى الطويل.
التعافي من جائحة كورونا
ونوهت العالمية لإدارة الفنادق إلى أن السياحة في سلطنة عمان تعافت تقريبا من آثار جائحة كورونا مما أدى إلى زيادة عدد السياح في الفترة الماضية وخاصة في فصل الصيف، موضحة أن تركيزها القادم ينصب على خلق وتطوير مصادر تسويقية جديدة.
وكانت الشركة قد افتتحت فرعا آخر لفندق الشيدي في قطر، وتستعد لافتتاح فندق آخر في السعودية ما يساهم في تعزيز مكانة العلامة التجارية لفنادق شيدي مسقط في المنطقة.
وقد حققت الشركة إيرادات جيدة في النصف الأول من العام، إذ ارتفعت إيرادتها 9.76% لتصل إلى 4.141 مليون ريال عماني مقارنة بـ 3.773 مليون ريال في الفترة نفسها من العام السابق. كما ارتفعت أرباحها بنسبة 106.36% حيث حققت صافي أرباح بلغ 301 ألف ريال مقارنة بـ 146 ألف ريال في الفترة المماثلة من العام السابق.
نمو السياحة
كما ارتفعت إيرادات أوبار للفنادق والمنتجعات إلى 4% في النصف الأول من العام لتصل 1.289 مليون ريال مقارنة بـ 1.235 في الفترة نفسها من العام السابق، وتسعى الشركة إلى توظيف القوى العمانية في مختلف الأقسام لتحقيق مستوى التعمين.
وأكدت الشركة أن صناعة السياحة في سلطنة عمان تنمو بشكل جيد متوقعة أن تشهد عمان المزيد من السياح في الربع الرابع من العام. مشيرة إلى أنها تقوم باستمرار بمراجعة مختلف الخطوات اللازمة لمعالجة الظروف الصعبة لتقليل الخسائر وتحسين وضع السيولة من خلال إطلاق العديد من العروض الترويجية لجميع القطاعات.
فنادق الخليج
وسجلت الشركة إجمالي إيرادات بلغت 3.645 مليـون ريال عماني مرتفعة بنسبة 22.9% مقارنة بـ 2.966 مليون ريال في الفترة المماثلة من العام الماضي بسبب الزيادة في رحلات العمل والترفيه وتحسن أداء المطاعم ومرافق الحفلات.
وجددت الشركة اتفاقية الإدارة مع هوليداي إنز الشرق الأوسط المحدودة (شركة تابعة لمجموعة فنادق إنتركونتيننتال المملكة المتحدة) لتشغيل الفندق تحت العلامة التجارية كراون بلازا - مسقط لمدة عشر سنوات حتى 30 أبريل 2033 ومن المؤمل أن يوفر ذلك استمرارية الإدارة وتحسين إيرادات الشركة وربحيتها.
وقالت الشركة في تقريرها النصف السنوي إنها متفائلة بحذر بشأن أداء الفندق في النصف الثاني من عام 2023 بسبب ذروة الموسم وتحسن معنويات الأعمال.
كما شهد منتجع شاطئ صلالة زيادة في الإيرادات بنسبة 15% إذ بلغت الإيرادات 560.219 مليون ريال في النصف الأول من العام مقارنة بـ 484.706 في الفترة نفسها من العام الماضي. وتعمل إدارة المنتجع على التجديد التدريجي لمختلف مرافق الفندق في الوقت المناسب لاستكمال ذلك.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی النصف الأول من العام فی سلطنة عمان ملیون ریال السیاحة فی مقارنة بـ فی الفترة ریال فی
إقرأ أيضاً:
«الحماية الاجتماعية» سلطنة عمان .. فصاحة سياسية وجماليات المواطنة
فـي عام 1791م صدر «قانون لو شابيلييه» والذي يحظر عمل التجمعات المهنية النشطة من أجل توفـير الحقوق الاجتماعية للعمال، لكن رغم ذلك وبعيدا عن أعين السلطات نشأ ما يسمى بجمعيات المساعدة المتبادلة والتي كان غرضها مساندة من يفقدون وظائفهم أو يتعرضون لإصابة عمل، وهكذا ظل الأمر فـي توتر بين القوى المهنية والسلطات، ما اضطر عُمَّال فرنسا الانتظار حتى 1898م حيث صدر «ميثاق التعاونية». والجمهورية رائدة فـي مجال الحماية الاجتماعية وقد صاغت تصورا فلسفـيا فـي 1945م، تصورٌ يستجيب للخصائص الثقافـية، ما جعل مظلتها الاجتماعية مُشبعة بالكثير من الالتزامات الأخلاقية تجاه الشرائح الأضعف.
والواقع أن تعبير «حماية» يحمل دلالات واسعة تستند على مفهوم أنْسنَة أساليب الحكم والإدارة، كَوْن الحماية الاجتماعية شكلٌ من أشكال التَّضَامُن يبني قيما مشتركة فـي المجتمعات، ويكرس مفاهيم المساواة والحرية.
ويقف ضد مفهوم « السِّعْر» كمعنى اقتصادي متجذر فـي الدولة الحديثة يحدد علاقتها بمواطنيها، وهنا فالقيمة المركزية المُحَرِّكة للسلطة قيمة أخلاقية متعددة الجوانب، فـ «الخير والعدالة» بل حتى جماليات القانون، وهذه كلها سيعاد ترتيبها فـي سياق أكثر إنسانية يرتفع بفكرة الدولة من مجرد آلية تنفـيذية إلى فضاء سياسي يعتمد فـي أشغاله توفـير الحقوق وتسنيدها إلى جملة مظاهر التمثيلات الاجتماعية للفردي والجماعي فـي المجال العام. وفـي لغتنا تكتسب لفظة «حماية» معنى أكثر بلاغة، فالحماية هي «الوقاية» وحمَى الشَّيءَ من النَّاس: منعه عنهم، والحقيقة أنه جَرَتِ العادة أن تقوم الدول بصياغة قوانين لحماية مجالها الاقتصادي ما يدفعها أحيانا إلى التدخل فـي توجيهه لتحقيق أهداف ربحية من الأساس، ومن ذلك تشجيعها الصناعات المحلية وفرض رسوم جمركية على بعض الواردات، كل هذا مفهوم ومعلوم، لكن تتجلى إنسانية حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه، فـي رؤية عميقة للسياق الاجتماعي لشعبه فإصداره المرسوم السلطاني الخاص بالحماية الاجتماعية فـي عام 2023م، يكشف عن امتلاكه فلسفة اجتماعية متقدمة بمعايير وطننا العربي، فلسفة قِيَم أهمها قيِّم المواطنة والتَّضمين الإيجابي، وهو اعتراف بليغ بأن المجتمع يشكل مرجعية وأنه مرآة ترى فـيها السلطة نفسها أكثر. فالشرائح التي يخدمها هذا القانون هي: (كبار السن، الأطفال، ذوو الإعاقة، الأيتام والأرامل، الأسر المتعففة).
ويكشف هذا التقسيم استناده إلى نظرية اجتماعية مرتبطة بأبعاد أخلاقية، أما ومن هذه الشرائح كبار السِّن وهي فئة مهملة فـي منطقتنا العربية، ومن مظاهر هذا الإهمال أنهم وبعد حياة حافلة بالعطاء والنشاط يُحْتَبَسُونَ فـي فضاء محدود، ليعيشوا حالات من العزلة الشعورية بسبب تباين نشاطهم الاجتماعي وبقية الشرائح الأخرى، وما زلت أذكر جَدَّي وهو يُودّع حياته المهنية وكيف تبدلت أحواله النفسية وتغيرت طبائع سلوكه، فالرجل اختار مكانا خاصا فـي الدار كإعلان عن عزلة إجبارية مظهرها الأجلى فقدانه دوره القديم فـي رعاية الأسرة، ما انتهى إلى ابتعاده تدريجيا عن الجميع، والمُشرق فعلا فـي هذا القانون أنه يشمل النساء ممن بلغن الستين، والحق أنها التفاتة مشبعة بقيمة العدالة الاجتماعية، فهذه الشريحة من أمهاتنا وجدَّاتنَا يعيشون على الهامش الاجتماعي، ليأتي هذا القانون حماية لهن وبموجبه لن يكون من المحتمل أصلاً التفكير فـي مؤسسات لرعايتهن فـي حال تسربت مستقبلا فكرة دار للعجزة، فالتعبير السابق «عَجزة» يرتبط أكثر بعدم القدرة على الإنتاج فـي نواح عديدة، ولابد من إشارة أن هذا الفعل يضع سجال النسوية فـي مأزق، ويُغَيِّر فـي طبيعته بجعله نابعا من سياقه الخاص وليس مجرد صدى لما يبيعه لنا الوعي الغربي، وهنا تكمن صلاحية هذا الفعل بصورة لا مثيل لها، وبالتالي يعالج جملة مشكلات بطريقة استشرافـية متينة التركيب لأن إيلاء الاهتمام بهذه الفئة من المجتمع يعزز عمليات التضمين فـيها هذا خلاف أنه اعتراف وتكريم مستحق ويمدها بالقدرة على الإسهام فـي العطاء ويُحَسّن من سلامها النفسي، ومن المكاسب الخفـية أن ديمومة القدرة المالية لهذه الفئة يشكل حافزا لها للانخراط أكثر فـي المجال الأسري والعام ما يُقْوِي من عمليات التمثيل الاجتماعي المتوازن.
أما الأكثر بلاغة فـي هذا القانون اهتمامه بشريحة الأطفال، والواقع أن هذا أمر غير مسبوق، ولكن ما يلفت أكثر، ليس فقط الجانب المادي من المنفعة، بل الفصاحة السياسية المؤنسِنة لِقيم الحداثة، ويضيف هذا القانون بعدا جديدا فـي مفهوم المواطنة، ذلك أنه قد استقر مفهوم «الحقوق والواجبات» كثنائية جوهرية فـيها، لكن هذا القانون يخترق الإطار بحيث يقدم الحق على الواجب بهدف تمكين الأطفال من بناء هويتهم المالية، ولا يكفـي النظر إلى هذه المسألة كآلية من آليات تحسين دخل الأسرة فقط، بل إن الجانب الأقوى فـيها تعميره الرابطة التي ستنشأ بين أجيال من الأطفال ووطنهم الأم، فهذه المنفعة تقدم دعما ماليا شهريا لهم من الولادة وحتى سن 18 عاما، وهذه رؤية واعية بأهمية ربط السياسة بالاجتماعي قبل الإجرائي، وما تعالجه هذه المنفعة شيء آخر شديد الأهمية وهو زيادة الوعي بالسياسة المالية للطفل، فللأسف يتأخر أطفالنا فـي تقدير جهد معيليهم وتنمو حاستهم تجاه هذه الرعاية بصورة اعتمادية ما يكرس فـيهم أبوية خالدة تنتقل من الأسرة إلى الدولة، أما الآن فإنهم يزدادون وعيا بأهمية الثقافة الادخارية، وسبل كسب العيش ما يقف بقوة ضد أي تفلتات اجتماعية قد يتسبب فـيها الفقر، وفـي هذا وعي عظيم بضرورة ترابط البنى وأهمية الحفاظ على التوازن الخادم لفكرة السلام الاجتماعي، هذا من جانب، والجانب الآخر أن فكرة الوطن ستتعمق فـي وعيهم بقوة، ما يحفز فـيهم الانتماء الفَعَّال ليس فقط لحصولهم على المال بل الأمر يتعلق بتوطيد الصلة العقلية والوجدانية مع وطنٍ يَعتبر أطفاله مواطنين كاملي الأهلية حتى وإن لم ينخرطوا بَعْد فـي السياقات التقليدية لخدمة أوطانهم.
ينبغي الكشف أكثر عن الجوانب الاجتماعية فـي قانون الحماية الاجتماعية، وضرورة قياس الأثر والعمل على تأسيس «مختبر» يعمل على مراقبة هذه العلاقات التي تقوم بين عناصر التكوين الاجتماعي طمعا فـي تطويرها وتلافـي أي قصور قد يعتريها، وستظل الفائدة الأكبر هي الحفاظ على التماسك الجمعي للشعب، وحماية أفراده من أي توترات قد تتغذى على عناصر غير مراقبة فـي الظاهرة، وما يُسْتَخلص من قانون الحماية الاجتماعية فـي سلطنة عمان أنه يؤسس لمعنى جديد فـي الحكم والسلطة، معنى يستند على المواطنة الجمالية فـي أكثر تجلياتها إنسانية.
غسان علي عثمان كاتب سوداني