إن من يعطينى السلاح أو يبيع السلاح لى ليس بالضرورة محبا لى، ولكنه بالتأكيد تاجر . تاجر سلاح وتاجر كل شىء آخر كالمحبة. فتأكيد رئيس إحدى الدول لمواطني بلده من اليهود على أن أحسن موقع لهم ولحياتهم ولمستقبلهم ليس بلدهم الذي يحملون جنسبته وانما هو إسرائيل.
ليس الأفضل لهم بلدهم ووطنهم حيث ولدوا وعاشوا ويعيشون فى أمان وفى حبور وفى بحور من الرخاء الذى وصل فيه إيجار الشقة من غرفة واحدة الى أربعة آلاف دولار أمريكى فى الشهر الواحد.
وعندما يقسم هذا المسؤول لمواطنيه على أن رحيلهم الى اسرائيل أفضل لهم انما يثير دهشة مواطنيه واستغرابهم واشمئزازهم أيضا من جرأته عليهم ومن جسامة كذبه ومن فكره الذى يريد أن يضلهم به على أعينهم . نعم ، أثار ويثير اشمئزازهم ورفضهم ” لنصيحته الأبوية ” العالية القيمة والمقام ، وربما دعوه هو الى استئناف حياته هو شخصيا فى إسرائيل، ليعيش والسلاح على كتفه وأمامه وخلفه ليلا ونهارا وهو محاط بجو من مشاعر الكراهية والتفوق العرقى التى هرب منها اليهود فيما مضى ورفضت بلاده – فى ذلك الحين – استقبالهم ضمن بلاد أخرى.
رفضت بلاده وبلاد أخرى أوروبية استقبال اليهود الذين أرادوا الفرار بحياتهم من جحيم النازية فى ألمانيا – فى ثلاثينات وأربعينات القرن الماضى – وتركوهم يواجهون ما يواجهون من خوف وبؤس ومعاناة دون أن تؤلمهم ضمائرهم كبشر.
واليوم يتذكر اليهود فى العالم تلك التجربة التى عاشها – ممن هم على قيد الحياة حتى الآن – وأجدادهم ويعرفون ويدركون أن هذا الرفض وهذا الطرد وهذا التحريض أو الدعوة الكريمة على الهجرة إلى إسرائيل ليس حبا ولا مودة صادقة وإنما مصلحة أو تجارة. نفور قديم وضع فى قالب المصلحة الشخصية والحزبية والوطنية كما يقول مواطنوه اليهود وكما يشعرون . فالكل يرى ويعلم كيف تتحول إسرائيل” صاحبة الديمقراطية الوحيدة فى الشرق الأوسط ” كما تروج إسرائيل إلى مذبح ملئ بالكراهية والعنف والتحريض على كراهية الفلسطينيين واحتقارهم الى حد اعتبارهم أقل من البشر.
والكل فى إسرائيل يرى ويسمع – كما يقول اليهود الاسرائيليون المقيمون فى إسرائيل الرافضون للعنصرية والتصفية العرقية على قنوات التواصل الاجتماعى – كل عبارات العنصرية والكراهية والتحريض على القتل جهارا نهارا دون خجل السليقة ودون حياء المدنية والتحضر.
ويشرح هولاء الناس اليهود الاسرائيليون المتألمون من تلك الممارسات الفجة فى المجتمع الإسرائيلى كيف يسألون ويوجهون -وهم أطفال- لتبنى حلم الانضمام إلى الجيش الإسرائيلى ، ويشرحون كيف يوجهون لتبنى حلم القتال وحمل السلام وهم كبار ، وكيف يتم توجيه مبادىء الفخار والشرف فى المجتمع الإسرائيلى لتصبح متعلقة فقط وحصريا بالانضمام إلى الجيش الإسرائيلى والقتال فى صفوفه . ويرفض الإسرائيليون المعارضون لمناهج التصفية العرقية والقمع والتجويع والحصار التى يتم ممارستها ضد الفلسطينيين متذ عقود أن يكونوا جزءا من تلك الممارسات التى تتنافى – وفقا للمعارضين الاسرائليين – مع روح الانسانية والفطرة ومع اليهودية السمحة .
دانيال حنفى
المصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: اسرائيل العنصرية اليهودية
إقرأ أيضاً:
طائرات البيرقدار التركية
طائرات البيرقدار التركية..
تقرير الواشنطون بوست ، قبل ان نشير إلى نقاط مهمة ، نوضح ان مليشيا آل دقلو الارهابية حاولت بكل السبل إفشال صفقة شراء السودان طائرات بيرقدار 2 (عدد 7 طائرات بقيمة 120 مليون دولار) ، وعرضت مبلغ ضعف الصفقة لايقافها ، وتعليقنا على ذلك نحصره فى :
أولاً : الصعوبات التى اكتنفت هذه الحرب من ناحية توفير السلاح والذخائر ، والصفقات والمفاوضات المعقدة التى تم اجراؤها ، والرجال الذين قاموا بهذه المهمة..
وثانياً: دور المال فى المشهد العسكري ، والضغط التى تعرضت لها مؤسسات وشركات خارجية ، وكانت تلك حرب مكشوفة ، ولم تتوقف إلى الحين..
وثالثها: أن هناك شبكات واسعة استخبارات وتجارية واعلامية تعمل لصالح مليشيا الدعم السريع ، لم تكتفى بجلب المرتزقة وتوفير السلاح والذخائر والعتاد والاجهزة المتطورة ، وإنما وفرت ارضية اتصالات ممتدة باطراف عديدة ، وهى بالتأكيد اجهزة وشركات استخبارات دولية واقليمية..
هناك جوانب خفية فى هذه لم تكشف بعد ، وسيتبين حينها حجم التحديات والمؤامرة التى تعرضت لها هذه البلاد..
د.ابراهيم الصديق على
8 مارس 2025م