تعاني ألمانيا من بعض أشد تخفيضات النمو الاقتصادي حدة بين الدول المتقدمة، ويحذر خبراء الاقتصاد من تعرضها للمخاطر بصورة كبيرة أمام الحواجز التجارية التي تخطط لها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب القادمة، وفق ما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

يتوقع خبراء الاقتصاد الذين استطلعت آراءهم مؤسسة "كونسينسوس إيكونومكس" (Consensus Economics)، أن يتوسع الاقتصاد الألماني 0.

6% فقط في عام 2025 تراجعا من 1.2% كانت متوقعة سابقا قبل 6 شهور، مما يعد أكبر خفض لتوقعات النمو خلال مثل هذه الفترة لأي اقتصاد صناعي كبير.

مخاوف

وحسب الصحيفة البريطانية، تعكس التخفيضات جزئيًا المخاوف من تجميد قرارات الاستثمار حتى قبل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث تؤجل الشركات الالتزامات الكبيرة أو حتى تنقل الإنتاج.

ويقول محللون إن الاضطرابات السياسية في ألمانيا تزيد من الضيق مع انهيار الائتلاف الحكومي واتجاه البلد إلى انتخابات جديدة.

وقال رئيس معهد كيل للاقتصاد العالمي موريتز شولاريك إن "ركائز المعجزة الاقتصادية الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية -التجارة العالمية الحرة وصناعة السيارات وحلف شمال الأطلسي (ناتو)- تهتز في الوقت نفسه"، بالإضافة إلى معاناة الاقتصاد من شيخوخة القوى العاملة والتنظيم المفرط وزيادة في الرقمنة.

وكان الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لألمانيا، الذي عانى الركود منذ النصف الثاني من عام 2021، يستعد لنمو فاتر العام المقبل حتى قبل فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية الشهر الماضي، والآن خفض خبراء الاقتصاد توقعاتهم بشكل أكبر.

وخفض هولغر شميدينغ، كبير خبراء الاقتصاد في بنك بيرينبيرغ، توقعاته إلى النصف تقريبًا بنمو بنسبة 0.3% في عام 2025، وهو أقل من توقعاته لاقتصادات منطقة اليورو وبريطانيا والولايات المتحدة، ونقلت عنه الصحيفة قوله "ألمانيا مكشوفة بشدة"، مضيفًا أن مخاطر الحرب التجارية ظهرت عندما كان ثمة "عدم يقين مرتفع بشأن السياسة الاقتصادية في ألمانيا".

بالنسبة لهذا العام، توقع خبراء الاقتصاد، الذين استطلعت آراءهم كونسينسوس إيكونومكس بعد أسبوع تقريبًا من فوز ترامب، أن ينكمش الاقتصاد الألماني بمعدل 0.1%، وهو خفض من توقع نموه 0.3% في يناير/ كانون الثاني المقبل.

وانهار الائتلاف الثلاثي "غير الشعبي" في ألمانيا، وفق وصف الصحيفة، المكون من الديمقراطيين الاجتماعيين والخضر والديمقراطيين الأحرار بعد يوم من الانتخابات الأميركية، ومن المقرر إجراء انتخابات مبكرة في أواخر فبراير/شباط المقبل، لكن من المرجح أن تستمر محادثات الائتلاف لتشكيل حكومة جديدة لأشهر.

الولايات المتحدة تستحوذ على 13% من صادرات السيارات الألمانية (الفرنسية) حواجز مؤلمة

وقال رئيس التجارة الخارجية في اتحاد الصناعات الألمانية ماتياس كرامر إن "القلق والتوتر بين رجال الأعمال الألمان مرتفعان للغاية"، مضيفًا أن الضربة الإضافية الناجمة عن فرض الحواجز التجارية ستكون "مؤلمة للغاية".

واستحوذت الولايات المتحدة على 10% من الصادرات الألمانية في عام 2023، وهو أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقدين من الزمان.

ومنذ عام 2015، حلت الولايات المتحدة محل فرنسا باعتبارها الشريك التجاري الأكثر أهمية لألمانيا، واستمرت في النمو في الأهمية إذ قلّصت الصين -وهي سوق سريعة النمو في العقدين السابقين على الوباء- شهيتها للمنتجات الألمانية بشكل كبير وأثرت العقوبات على الصادرات إلى روسيا.

ومع ارتفاع الواردات الألمانية من الولايات المتحدة بوتيرة أبطأ بكثير، ارتفع الفائض التجاري لألمانيا مع أميركا إلى مستوى قياسي بلغ 63.3 مليار يورو في عام 2023. وعشية الانتخابات الأميركية، سارع بعض المصدرين الألمان إلى شحن البضائع إلى الولايات المتحدة، فزادت الصادرات في سبتمبر/أيلول الماضي بنسبة 4.8% على أساس شهري بمجرد تعديلها لتغيرات الأسعار والتقلبات الموسمية.

وفي سيناريو يقدم فيه ترامب تعريفات جمركية بنسبة 20% على الواردات غير الصينية والتي وعد بها في حملته، فإن الصادرات الألمانية إلى الولايات المتحدة قد تنخفض 15%، وفقًا لتقديرات معهد إيفو ومقره ميونخ.

وفي تسليط الضوء على تهديد "التفتت الجغرافي الاقتصادي"، قال محافظ البنك المركزي الألماني يواكيم ناجل إن التنفيذ الكامل لخطط ترامب الجمركية قد يخفض نمو الناتج المحلي الألماني 1%.

ومنذ أواخر عام 2020، زادت الشركات الألمانية بشكل كبير من استثماراتها في الولايات المتحدة، وخاصة في القطاعات المعتمدة على الطاقة بقوة، وفقًا لبيانات البنك المركزي الألماني.

الضغوط تتزايد على الاقتصاد الألماني لكن ثمة تفاؤل من الخبرة المتراكمة لدى الألمان من فترة ترامب الأولى (رويترز) السيارات

وسوف تتأثر شركات صناعة السيارات الألمانية، التي تكافح مع التحول المكلف إلى المركبات الكهربائية، والمنافسة الشديدة من المنافسين الصينيين والتكاليف المرتفعة، ومجموعات الأدوية بشكل خاص، وتستحوذ الولايات المتحدة على 13% من إجمالي مبيعات السيارات الألمانية في الخارج، و22% من صادراتها الدوائية، وتشير تقديرات مركز أبحاث إيفو إلى أن كليهما سوف ينهار بنسبة الثلث في حرب تجارية كاملة، وفق الصحيفة.

وحتى في سوقها المحلية، سوف تصبح حياة الشركات الألمانية أكثر صعوبة، إذ يحذر العديد من خبراء الاقتصاد من أن المنتجين الصينيين سوف يحولون المنتجات المنخفضة السعر إلى الاتحاد الأوروبي إذا واجهوا تعريفات جمركية أميركية أعلى من التعريفات الأوروبية، وفي حين أن هذا قد يساعد في تخفيف التضخم في الاتحاد الأوروبي، فإن الشركات المصنعة المحلية سوف تواجه منافسة متزايدة وسوف تتقلص هوامش ربحها بشكل أكبر.

ولم يتم إيقاف تراجع في التصنيع الألماني (الإنتاج الصناعي أقل 10% من مستواه قبل كورونا) في وقت تعمل فيه دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، على تعزيز الإنتاج.

ويمكن تخفيف بعض التأثير السلبي على ألمانيا إذا تم تعزيز الطلب الأميركي من خلال خطط ترامب لخفض الضرائب، مما يعزز الشهية للواردات الألمانية، خاصة إذا استمر الدولار الأميركي في الارتفاع مقابل اليورو.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة وإسرائيل تتطلعان إلى توطين الفلسطينيين المهجرين من غزة في دول إفريقية

الولايات المتحدة – تواصلت الولايات المتحدة وإسرائيل مع مسؤولين في ثلاث حكومات في شرق إفريقيا لمناقشة استخدام أراضيهم كوجهات محتملة لتوطين الفلسطينيين إن تم تهجيرهم من قطاع غزة.

وذكرت وكالة “أسوشيتد برس” أن الاتصالات مع السودان والصومال ومنطقة الصومال الانفصالية المعروفة باسم أرض الصومال تعكس تصميم الولايات المتحدة وإسرائيل على المضي قدما في خطة تم إدانتها على نطاق واسع وأثارت قضايا قانونية وأخلاقية خطيرة.

ونظرا لأن هذه الأماكن الثلاثة فقيرة، وفي بعض الحالات تعاني من العنف، فإن الاقتراح يثير أيضا شكوكا حول الهدف المعلن للرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتمثل في إعادة توطين فلسطينيي غزة في “منطقة جميلة”.

وقال مسؤولون من السودان إنهم رفضوا مبادرات من الولايات المتحدة، بينما قال مسؤولون من الصومال وأرض الصومال لوكالة “أسوشيتد برس” إنهم لم يكونوا على علم بأي اتصالات.

وبموجب خطة ترامب، سيتم إرسال أكثر من مليوني شخص في غزة إلى مكان آخر بشكل دائم. واقترح أن تأخذ الولايات المتحدة ملكية القطاع، وتشرف على عملية تنظيف طويلة وتطوره كمشروع عقاري.

وتحدث مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون، طالبين عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة مبادرة دبلوماسية سرية، وأكدوا الاتصالات مع الصومال وأرض الصومال، بينما أكد الأمريكيون أيضا السودان. وقالوا إنه ليس من الواضح مقدار التقدم الذي أحرزته الجهود أو على أي مستوى جرت المناقشات.

وبدأت جهود منفصلة من الولايات المتحدة وإسرائيل للوصول إلى الوجهات المحتملة الثلاث الشهر الماضي، بعد أيام من طرح ترامب خطة غزة إلى جانب نتنياهو، وفقًا للمسؤولين الأمريكيين، الذين قالوا إن إسرائيل تتولى زمام المبادرة في المناقشات.

السودان
كانت الدولة الواقعة في شمال أفريقيا من بين الدول الأربع التي وقعت اتفاقيات إبراهيم ووافقت على تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل في عام 2020.

وكجزء من الصفقة، أزالت الولايات المتحدة السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب، وهي خطوة منحت البلاد الوصول إلى القروض الدولية والشرعية العالمية. لكن العلاقات مع إسرائيل لم تنجح حيث انغمس السودان في حرب أهلية بين القوات الحكومية ومجموعة قوات الدعم السريع شبه العسكرية.

وستواجه الولايات المتحدة وإسرائيل صعوبة في إقناع الفلسطينيين بمغادرة غزة، خاصة إلى بلد مضطرب مثل السودان. لكن يمكنهم تقديم حوافز لحكومة الخرطوم، بما في ذلك تخفيف الديون والأسلحة والتكنولوجيا والدعم الدبلوماسي.

وأكد مسؤولان سودانيان، تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة قضية دبلوماسية حساسة، أن إدارة ترامب اتصلت بالحكومة التي يقودها الجيش بشأن قبول الفلسطينيين.

وقال أحدهم إن الاتصالات بدأت حتى قبل تنصيب ترامب بعروض مساعدة عسكرية ضد قوات الدعم السريع، ومساعدة في إعادة الإعمار بعد الحرب وحوافز أخرى.

وقال المسؤولان إن الحكومة السودانية رفضت الفكرة. وقال أحد المسؤولين: “تم رفض هذا الاقتراح على الفور”. “لم يفتح أحد هذا الأمر مرة أخرى”.

أرض الصومال
هي إقليم يضم أكثر من 3 ملايين نسمة في القرن الأفريقي، انفصلت عن الصومال منذ أكثر من 30 عاما، لكنه غير معترف بها دوليا كدولة مستقلة. وتعتبر الصومال أرض الصومال جزءا من أراضيها.

وجعل الرئيس الجديد لأرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله، الاعتراف الدولي أولوية.

وأكد مسؤول أمريكي مشارك في الجهود أن الولايات المتحدة كانت “تجري محادثة هادئة مع أرض الصومال حول مجموعة من المجالات التي يمكن أن تكون مفيدة للولايات المتحدة مقابل الاعتراف”.

وقال مسؤول في أرض الصومال إن حكومته لم يتم الاتصال بها وليست في محادثات بشأن استقبال الفلسطينيين.

الصومال
كانت الصومال داعما صريحا للفلسطينيين، وغالبا ما تستضيف احتجاجات سلمية في شوارعها لدعمهم. وانضمت البلاد إلى القمة العربية الأخيرة التي رفضت خطة ترامب ويبدو أنها وجهة غير محتملة للفلسطينيين، حتى لو وافقوا على الانتقال.

وقال مسؤول صومالي، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته إن البلاد لم يتم الاتصال بها بشأن استقبال فلسطينيين من غزة ولم تكن هناك أي مناقشات حول ذلك.

 

المصدر: RT

Previous مدرب بطل أفريقيا 2022.. أليو سيسيه مدربًا جديدًا للمنتخب الليبي Related Posts فانس: بايدن نام طوال فترة رئاسته وزوجته كانت تدير البلاد دولي 14 مارس، 2025 “تحالف الراغبين”.. المعارضة الأسترالية تنتقد سعي الحكومة لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا دولي 14 مارس، 2025 أحدث المقالات الولايات المتحدة وإسرائيل تتطلعان إلى توطين الفلسطينيين المهجرين من غزة في دول إفريقية مدرب بطل أفريقيا 2022.. أليو سيسيه مدربًا جديدًا للمنتخب الليبي تعاون ليبي بريطاني لتعزيز صناعة النفط وتحفيز الاقتصاد فانس: بايدن نام طوال فترة رئاسته وزوجته كانت تدير البلاد القاهرة تجدد مطالبتها بانسحاب القوات الأجنبية من ليبيا

ليبية يومية شاملة

جميع الحقوق محفوظة 2022© الرئيسية محلي فيديو المرصد عربي الشرق الأوسط المغرب العربي الخليج العربي دولي رياضة محليات عربي دولي إقتصاد عربي دولي صحة متابعات محلية صحتك بالدنيا العالم منوعات منوعات ليبية الفن وأهله علوم وتكنولوجيا Type to search or hit ESC to close See all results

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة وإسرائيل تتطلعان إلى توطين الفلسطينيين المهجرين من غزة في دول إفريقية
  • شرخ في جدار الغرب.. الطلاق بين الولايات المتحدة وأوروبا
  • ترامب: واثق من ضم الولايات المتحدة لجزيرة جرينلاند
  • ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 200% على المشروبات الكحولية الأوروبية
  • خبير: الولايات المتحدة لا تزال تفرض هيمنتها على العالم
  • الجفاف يهدد محاصيل المغرب ويعصف الاقتصاد الوطني
  • سياسات ترامب المجنونة تنذر بحرب تجارية بين أمريكا ودول العالم
  • حرب تجارية.. الاتحاد الأوروبي يرد على ترامب بفرض رسوم قوية
  • اشتعال حرب تجارية هي الأعنف .. الاتحاد الأوروبي يرد على ترامب بفرض رسوم قوية
  • تصعيد حصري... ترامب يهدد كندا ويزيد الرسوم