شبح ترامب يهدد الاقتصاد الألماني ويعرضه لمخاطر تجارية
تاريخ النشر: 24th, November 2024 GMT
تعاني ألمانيا من بعض أشد تخفيضات النمو الاقتصادي حدة بين الدول المتقدمة، ويحذر خبراء الاقتصاد من تعرضها للمخاطر بصورة كبيرة أمام الحواجز التجارية التي تخطط لها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب القادمة، وفق ما ذكرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
يتوقع خبراء الاقتصاد الذين استطلعت آراءهم مؤسسة "كونسينسوس إيكونومكس" (Consensus Economics)، أن يتوسع الاقتصاد الألماني 0.
وحسب الصحيفة البريطانية، تعكس التخفيضات جزئيًا المخاوف من تجميد قرارات الاستثمار حتى قبل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث تؤجل الشركات الالتزامات الكبيرة أو حتى تنقل الإنتاج.
ويقول محللون إن الاضطرابات السياسية في ألمانيا تزيد من الضيق مع انهيار الائتلاف الحكومي واتجاه البلد إلى انتخابات جديدة.
وقال رئيس معهد كيل للاقتصاد العالمي موريتز شولاريك إن "ركائز المعجزة الاقتصادية الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية -التجارة العالمية الحرة وصناعة السيارات وحلف شمال الأطلسي (ناتو)- تهتز في الوقت نفسه"، بالإضافة إلى معاناة الاقتصاد من شيخوخة القوى العاملة والتنظيم المفرط وزيادة في الرقمنة.
وكان الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لألمانيا، الذي عانى الركود منذ النصف الثاني من عام 2021، يستعد لنمو فاتر العام المقبل حتى قبل فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية الشهر الماضي، والآن خفض خبراء الاقتصاد توقعاتهم بشكل أكبر.
وخفض هولغر شميدينغ، كبير خبراء الاقتصاد في بنك بيرينبيرغ، توقعاته إلى النصف تقريبًا بنمو بنسبة 0.3% في عام 2025، وهو أقل من توقعاته لاقتصادات منطقة اليورو وبريطانيا والولايات المتحدة، ونقلت عنه الصحيفة قوله "ألمانيا مكشوفة بشدة"، مضيفًا أن مخاطر الحرب التجارية ظهرت عندما كان ثمة "عدم يقين مرتفع بشأن السياسة الاقتصادية في ألمانيا".
بالنسبة لهذا العام، توقع خبراء الاقتصاد، الذين استطلعت آراءهم كونسينسوس إيكونومكس بعد أسبوع تقريبًا من فوز ترامب، أن ينكمش الاقتصاد الألماني بمعدل 0.1%، وهو خفض من توقع نموه 0.3% في يناير/ كانون الثاني المقبل.
وانهار الائتلاف الثلاثي "غير الشعبي" في ألمانيا، وفق وصف الصحيفة، المكون من الديمقراطيين الاجتماعيين والخضر والديمقراطيين الأحرار بعد يوم من الانتخابات الأميركية، ومن المقرر إجراء انتخابات مبكرة في أواخر فبراير/شباط المقبل، لكن من المرجح أن تستمر محادثات الائتلاف لتشكيل حكومة جديدة لأشهر.
الولايات المتحدة تستحوذ على 13% من صادرات السيارات الألمانية (الفرنسية) حواجز مؤلمةوقال رئيس التجارة الخارجية في اتحاد الصناعات الألمانية ماتياس كرامر إن "القلق والتوتر بين رجال الأعمال الألمان مرتفعان للغاية"، مضيفًا أن الضربة الإضافية الناجمة عن فرض الحواجز التجارية ستكون "مؤلمة للغاية".
واستحوذت الولايات المتحدة على 10% من الصادرات الألمانية في عام 2023، وهو أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقدين من الزمان.
ومنذ عام 2015، حلت الولايات المتحدة محل فرنسا باعتبارها الشريك التجاري الأكثر أهمية لألمانيا، واستمرت في النمو في الأهمية إذ قلّصت الصين -وهي سوق سريعة النمو في العقدين السابقين على الوباء- شهيتها للمنتجات الألمانية بشكل كبير وأثرت العقوبات على الصادرات إلى روسيا.
ومع ارتفاع الواردات الألمانية من الولايات المتحدة بوتيرة أبطأ بكثير، ارتفع الفائض التجاري لألمانيا مع أميركا إلى مستوى قياسي بلغ 63.3 مليار يورو في عام 2023. وعشية الانتخابات الأميركية، سارع بعض المصدرين الألمان إلى شحن البضائع إلى الولايات المتحدة، فزادت الصادرات في سبتمبر/أيلول الماضي بنسبة 4.8% على أساس شهري بمجرد تعديلها لتغيرات الأسعار والتقلبات الموسمية.
وفي سيناريو يقدم فيه ترامب تعريفات جمركية بنسبة 20% على الواردات غير الصينية والتي وعد بها في حملته، فإن الصادرات الألمانية إلى الولايات المتحدة قد تنخفض 15%، وفقًا لتقديرات معهد إيفو ومقره ميونخ.
وفي تسليط الضوء على تهديد "التفتت الجغرافي الاقتصادي"، قال محافظ البنك المركزي الألماني يواكيم ناجل إن التنفيذ الكامل لخطط ترامب الجمركية قد يخفض نمو الناتج المحلي الألماني 1%.
ومنذ أواخر عام 2020، زادت الشركات الألمانية بشكل كبير من استثماراتها في الولايات المتحدة، وخاصة في القطاعات المعتمدة على الطاقة بقوة، وفقًا لبيانات البنك المركزي الألماني.
الضغوط تتزايد على الاقتصاد الألماني لكن ثمة تفاؤل من الخبرة المتراكمة لدى الألمان من فترة ترامب الأولى (رويترز) السياراتوسوف تتأثر شركات صناعة السيارات الألمانية، التي تكافح مع التحول المكلف إلى المركبات الكهربائية، والمنافسة الشديدة من المنافسين الصينيين والتكاليف المرتفعة، ومجموعات الأدوية بشكل خاص، وتستحوذ الولايات المتحدة على 13% من إجمالي مبيعات السيارات الألمانية في الخارج، و22% من صادراتها الدوائية، وتشير تقديرات مركز أبحاث إيفو إلى أن كليهما سوف ينهار بنسبة الثلث في حرب تجارية كاملة، وفق الصحيفة.
وحتى في سوقها المحلية، سوف تصبح حياة الشركات الألمانية أكثر صعوبة، إذ يحذر العديد من خبراء الاقتصاد من أن المنتجين الصينيين سوف يحولون المنتجات المنخفضة السعر إلى الاتحاد الأوروبي إذا واجهوا تعريفات جمركية أميركية أعلى من التعريفات الأوروبية، وفي حين أن هذا قد يساعد في تخفيف التضخم في الاتحاد الأوروبي، فإن الشركات المصنعة المحلية سوف تواجه منافسة متزايدة وسوف تتقلص هوامش ربحها بشكل أكبر.
ولم يتم إيقاف تراجع في التصنيع الألماني (الإنتاج الصناعي أقل 10% من مستواه قبل كورونا) في وقت تعمل فيه دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، على تعزيز الإنتاج.
ويمكن تخفيف بعض التأثير السلبي على ألمانيا إذا تم تعزيز الطلب الأميركي من خلال خطط ترامب لخفض الضرائب، مما يعزز الشهية للواردات الألمانية، خاصة إذا استمر الدولار الأميركي في الارتفاع مقابل اليورو.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
الصين:مستعدون للحوار مع الولايات المتحدة لدفع التجارة الثنائية للإمام
الصين والولايات المتحدة الأمريكية.. قال نائب وزير التجارة الصيني وانج شو وين اليوم الجمعة الموافق 22 نوفمبر، إن الصين مستعدة لإجراء حوار نشط مع الولايات المتحدة على أساس مبادئ الاحترام المتبادل وتعزيز تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية.
وقال وانج، ردا على سؤال حول تأثير الرسوم الجمركية المحتملة من الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الممثل التجاري الدولي للصين، إن الصين ستكون قادرة على "حل ومقاومة" تأثير الصدمات الخارجية..بحسب ما نقلته رويترز.
وقال وانج في مؤتمر صحفي في بكين "نعتقد أن الصين والولايات المتحدة يمكنهما الحفاظ على اتجاه تنموي مستقر وصحي ومستدام في العلاقات الاقتصادية والتجارية"، مضيفاً أن الصين مستعدة أيضا "لتوسيع مجالات التعاون وإدارة الخلافات" مع الولايات المتحدة.
تجنباً لرسوم ترامب الجمركية الجديدة.. المصنعين الصينيين ينقلون المصانع لجنوب شرق آسيا
ومع تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية تتجاوز 60% على جميع السلع الصينية، وهو ما هز المصنعين الصينيين وعجل بنقل المصانع إلى جنوب شرق آسيا ومناطق أخرى، يستعد المصدرون الصينيون لأي اضطرابات تجارية.
الولايات المتحدة قد تفرض رسوما جمركية بنحو 40% على الواردات من الصين
ويعتقد خبراء اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم أن الولايات المتحدة قد تفرض رسوما جمركية بنحو 40% على الواردات من الصين في أوائل العام المقبل، وهو ما قد يؤدي إلى خفض النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة.
وكانت السلطات الصينية أعلنت أمس الخميس عن سلسلة من التدابير السياسية التي تهدف إلى تعزيز التجارة الخارجية، بما في ذلك التعهد بتعزيز الدعم المالي للشركات وتوسيع صادرات المنتجات الزراعية.
كما ستؤثر الاضطرابات التجارية التي شهدتها رئاسة ترامب الأولى على اليوان الصيني، فقد ارتفع اليوان بنسبة 10% خلال الأشهر الثمانية عشر الأولى قبل أن ينخفض بنحو 12% بسبب فرضه للرسوم الجمركية والوباء.
وقال ليو يي، أحد مسؤولي البنك المركزي الصيني، في المؤتمر الصحفي نفسه: "حكمنا الأساسي هو أن سعر صرف اليوان سيظل مستقرا بشكل أساسي عند مستوى معقول ومتوازن".
وأضافت أن البنك المركزي "سيحافظ على مرونة اليوان مع تعزيز التوجيهات بشأن التوقعات لمنع السوق من تشكيل توقعات أحادية الجانب".
الشركات الصينية تحدد أسعار العقود باليوان
وأضاف ليو أن البنك سيعمل أيضا على الحماية بشكل حازم ضد خطر تجاوز سعر الصرف والحفاظ على استقرار اليوان عند مستوى معقول ومتوازن.
وذكرت وكالة رويترز للأنباء اليوم الجمعة أن الشركات الصينية تدخر المزيد من الدولارات، وتحدد أسعار العقود باليوان وتفتح خطوط استيراد للتخفيف من مخاطر العملة.