استنكر شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى "انتهاك العدو الصهيوني حرمة المراكز الدينية من مساجد وكنائس ودور عبادة في مناطق استهدافاته، لا سيما في بلدات الجنوب والبقاع وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، من خلال إقدامه اخيرا على تدمير مسجد بلدة شقرا الاثري والاضرار الكبيرة التي طالت كنيسة سيدة الانتقال وبيت الرعية في النبطية، جرّاء استهداف الغارات الحي المتواجدة فيه".



ورأى في بيان، ان "امعان العدو في استهداف تلك الاماكن، بما هو مخالف للشرع والقوانين الدولية والانسانية والاخلاقية، انما يؤكد نوايا العدو في حربه الوحشية وقفزه فوق حرمة الانسانية والقرارات الدولية التي من المفترض ان تردعه عن الاستمرار في ارتكابه جرائم الحرب والابادة، والتدمير الممنهج للقرى ودك المباني المأهولة"، داعيا "المجتمع الدولي وعواصم القرار والمنظمات الدولية والانسانية، لكبح جماح العدو بعد شهرين كاملين من العدوان، الذي يجب بذل الجهود اللازمة لوقفه".

العرفان
وكان الشيخ ابي المنى لبّى دعوة مؤسسة العرفان التوحيدية في السمقانية الشوف إلى لقاء ديني في صرحها التربوي، بمشاركة الشيخين الجليلين ابو زين الدين حسن غنام وابو داوود منير القضماني وجمع من المشايخ من الشوف، إضافة إلى ادارة المؤسسة والعاملين فيها.

وتخلل اللقاء كلمة لرئيس المؤسسة الشيخ نزيه رافع، اشار فيها الى "الدور الذي تقوم به المؤسسة منذ نشأتها، على المستويين الديني والتربوي، وفقا للنهج التوحيدي والوطني الذي رعاه المعلم الشهيد كمال جنبلاط والذي ارسى اسسه المرحوم الشيخ ابو محمد جواد ولي الدين والمستمرة عليه".

بدوره تطرق الشيخ القضماني في حديث ديني له بالمناسبة، إلى الجوانب الروحية والاجتماعية الاساسية التي تعمل عليها المؤسسة في المجالات التوحيدية العامة، لتنشئة الأجيال الجديدة على أساس القيم والمبادئ الأخلاقية والدينية والإيمانيّة العامة".

شيخ العقل
وكان شيخ العقل قد استهل اللقاء بحديث ديني ضمّنه التأكيد على "المبادئ الأساسية التي انشئت عليها المؤسسة منذ العام 1971 ولغاية اليوم، تلك البذرة التي أينعت واثمرت لتصبح موئلاً للأجيال، قائلاً: "عملنا معا على مدى عشرات السنين وبنوايا خيّرة في البحث عن السبل الكفيلة، من اجل تحقيق تلك الأهداف والغايات النبيلة، التي عكست واقعها الروحي والحضاري والثقافي على كل المستويات".

ونوّه الشيخ ابي المنى "بالجهود المبذولة من قبل ادارة المؤسسة، من اجل تقدمها وتطورها على النحو الذي تحاكي فيه الواقع الحالي، على مستوى التطور التكنولوجي والعلمي، باعتبارها من المؤسسات الرائدة في هذا المجال وعلى مساحة الجبل ووادي التيم والمناطق التي تحتضن فروعا لها".

ورأى ان "الاوضاع الصعبة التي تواجه لبنان اليوم، مصيرية جدا بالنسبة لنا ولمستقبل مجتمعاتنا على غير صعيد، وهذا يتطلب من الجميع التعاطي بحكمة وعقلانية، ومن خلال الوعي الكافي، الذي يجب ان يكون عليه ابناء طائفة الموحدون، لطالما كانت ولا تزال واضحة في مسارها التاريخي والحضاري، وفي دورها الوسطي والجامع، الذي تنتهجه في كل مراحل الحياة، وتعكس إيمانها بهذا الوطن وبوحدته، والتطلع الى قيام دولته التي تُرضي أهلها وشعبها".

واشار الى "اهمية التربية الدينية التوحيدية والتنشئة الاخلاقية التي "تنمي في الطلاب والطالبات ميلاً روحياً وحباً وشغفاً بالمعاني التوحيدية المحيية وقوة عقلية وعاطفية للتمييز والالتزام بقواعد مسلك التوحيد ورسوخاً في الايمان وحسن الاعتقاد".

ندوة
ورعى الشيخ ابي المنى في ندوة عبر تطبيق zoom، تحت عنوان: "التكافل الاجتماعي بعناوين: الاستغناء والعطاء والصبر"، اقامتها اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي، حاضر خلالها رئيس اللجنة الشيخ وسام سليقا، وقدَّمها عضو اللجنة د. فراس زيدان، وحضرها حوالى 400 شخص من داخل لبنان ومن الخارج.

شيخ العقل
وشارك شيخ العقل بكلمة افتتاحية شكر فيها اللجنة الثقافية "لتنظيمها هذه الندوة وهي الأولى لها في هذه المرحلة الجديدة، على أمل الاستمرار في مثل هذا العمل الثقافي بأبوابه المتنوعة الأدبية والتربوية والتاريخية والشعرية والفنية والاجتماعية والقانونية. فالثقافة عنوان الحضارة لأي شعب ولأية أمّة".

اضاف: "أقامت اللجنة الثقافية سابقاً، في زمن كورونا، سلسلة لقاءات ثقافية عبر الأونلاين، وهي تقنية مفيدة تساعد في جمع أبناء الطائفة من داخل البلاد وخارجها ممّا يساهم في التوعية والتماسك الاجتماعي والتغذية الروحية والفكرية، وهذا ما ندعو اللجنة الثقافية دائماً، كما دعونا اللجنة الدينية، على الاهتمام به، ونحن واثقون أن في جعبتها العديد من الأفكار لاحتضان العمل الثقافي ولتشجيع المثقفين والموهوبين وتكريمهم، ولطباعة ونشر ما يحفظ التراث والتاريخ، وما يساعد في صون الهوية الروحية والاجتماعية والوطنية والقومية للموحدين".

ورأى الشيخ ابي المنى، انه "مهما كانت الحاجة للعلوم نافعة وللتطور التكنولوجي كبيرة، فإنّ الحاجة الأهمّ هي لتثقيف الروح ولتهذيب النفس ولترويض الجوارح، للتمكن من مواجهة التحديات الكثيرة والخطيرة، وفق قول السيد المسيح: "لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟". ما أحوجنا اليوم للتكافل الاجتماعي، في ظل الظروف الصعبة التي نمرُّ بها، وهو موضوع هذه الندوة. انطلاقاً من مبدأ توحيدي، يحثُّ على حفظ الإخوان ومؤازرتهم، ومن مبدأ إنساني يؤكد على حفظ كرامة الإنسان".

وتابع: "الاستغناء والعطاء والصبر ثلاثية أخلاقية اجتماعية أرادها فضيلة الشيخ وسام سليقة رئيس اللجنة الثقافية عنواناً لهذا اللقاء، وهذا هو لبُّ التكافل الاجتماعي. فالاستغناء قناعة، والعطاء محبة، والصبر إرادة، وبهذه المزايا مجتمعةً يتحقق التكافل الاجتماعي، أي بالقناعة والمحبة والإرادة، أي بالتعفُّف عن الطلب والشعور مع الناس والصمود في وجه التحديات، هكذا نحصِّن المجتمع ونصون العائلات ونحفظ الوجود. كم نحن بحاجة إلى ثقافة التكافل وإلى هذه المزايا التي تشكّل مداميك التماسك الاجتماعي، ثقافة الاستغناء وثقافة العطاء وثقافة الصبر والتحمُّل والتكيُّف مع الواقع، في مواجهة التفكك الأسَري والانحلال الأخلاقي والتشتُّت الاجتماعي، وفي مواجهة ظروف الحرب وتداعياتها. فنحن الموحدين ما اعتدنا الضَّعفَ أمام التحديات، وما اعتدنا الهرب من مواجهة الأزمات، وحتى من تحمُّل أعباء الحروب والصراعات، كما يحصل اليوم، بل كنَّا دائماً نتصدّى للعواصف بالحكمة والوعي والثبات في العقيدة وفي الأرض، باعتمادنا على مثل هذه الثلاثية الراسخة".

وقال: "نغتنمها فرصة للدعوة إلى تعزيز صمود أهلنا وللوقوف إلى جانب أبناء القرى الحدودية، من إبل السقي إلى الماري والفرديس وغيرها، وقوفاً معنويَّاً وروحيَّاً بالدرجة الأولى، ودعماً مادياً إذا اقتضى الأمر، وقد أنشأنا لأجل ذلك في المجلس المذهبي ما أسميناه "خلية الصمود" لمواكبة الأوضاع المتطورة والوقوف على حاجة أهلنا، وللسعي إلى تأمين مستلزمات الإعانة من الجهات الدولية الداعمة، ومن الهيئات الوطنية المسؤولة في الدولة، ومن تبرعات إخواننا الميسورين للصندوق الخيري في دار الطائفة، وهو الصندوق المركزي لدار الطائفة وعليه نعوِّل وعلى كرم الأسخياء نتّكل".

وختم: "نقول لأهلنا الذين يتعرضون لشظايا الحرب في تلك القرى، وكذلك في الشويفات والساحل وغير مكان: اثبتوا في أرضكم وفي إيمانكم، ولا تدعوا أصوات القذائف والانفجارات وأعمدة الغبار والدخان تصمُّ آذانكم عن سماع نداء الأرض والوطن والتاريخ، وتُفقدكم رائحةَ الأمل وطعمَ الأخوَّة التوحيدية والوطنية التي تربطكم بعضَكم ببعض، فأنتم أبناء هذه الأرض منذ مئات السنين ولن تكون هذه الأرضُ إلَّا لكم ولأبنائكم من بعدكم".

ثم كانت مداخلة غنية لرئيس اللجنة سليقا حول موضوع التكافل الاجتماعي بابعاده الثلاثة.

وكان عضو اللجنة د. زيدان بدأ الندوة بكلمة ترحيبية وادارها، بمشاركة مقرر اللجنة العميد المتقاعد د. غازي محمود بمداخلة مختصرة. وبعد ذلك أجاب الشيخ سليقا على مجموعة من الأسئلة المتعلقة بموضوع الندوة وبعمل اللجنة والمجلس المذهبي.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: التکافل الاجتماعی اللجنة الثقافیة الشیخ ابی المنى شیخ العقل

إقرأ أيضاً:

“العراق في مواجهة التطرف ” .

بقلم : سمير السعد ..

يواجه العراق، كغيره من دول العالم، تحديات كبيرة تتعلق بظاهرة التطرف العنيف، التي تشكل تهديدًا مباشرًا للسلم المجتمعي والأمن الوطني. ومع إدراك خطورة هذه الظاهرة، تبنّت الحكومة العراقية نهجًا واضحًا في رفض كل أشكال العنف وخطابات التطرف الداعمة له، وذلك من خلال برامج واستراتيجيات وطنية تهدف إلى مكافحته على مختلف المستويات.
في هذا السياق، تعمل “اللجنة الوطنية لمكافحة التطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب” ، التابعة لمستشارية الأمن القومي، على تطبيق رؤية وطنية شاملة تهدف إلى التصدي لمسببات التطرف ومعالجتها من جذورها. وتتبنى اللجنة نهجًا استباقيًا يركز على التوعية والتثقيف، بدلًا من الاقتصار على الحلول الأمنية فقط. ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، تعتمد اللجنة على سلسلة من البرامج والندوات التوعوية التي تستهدف مختلف شرائح المجتمع، بهدف نشر ثقافة التسامح والاعتدال، وتعزيز القيم الإنسانية المشتركة التي تجمع أبناء الوطن الواحد.
تعمل اللجنة من خلال لقاءاتها الدورية مع المثقفين والأدباء والصحفيين والشعراء والفنانين على تعزيز دورهم في نشر الوعي والتصدي لخطابات الكراهية والتطرف، عبر إنتاج محتوى ثقافي وإعلامي يعكس قيم التسامح والتعايش. كما تولي اهتمامًا خاصًا بالحوار مع القيادات الدينية والاجتماعية، إذ يُعتبر رجال الدين وقادة المجتمع وشيوخ العشائر شركاء أساسيين في مكافحة التطرف، نظرًا لتأثيرهم الواسع في المجتمع. ومن هذا المنطلق، تعقد اللجنة اجتماعات دورية معهم، لمناقشة سبل مواجهة الفكر المتطرف، وتعزيز الخطاب الديني المعتدل الذي يدعو إلى الوحدة ونبذ العنف.
إدراكًا لأهمية دور الشباب في بناء المستقبل، تسعى اللجنة أيضًا إلى استهدافهم عبر برامج تدريبية وورش عمل، تهدف إلى تحصينهم من الأفكار المتطرفة، وتمكينهم من لعب دور إيجابي في مجتمعاتهم. فرؤية اللجنة تقوم على أساس أن مواجهة التطرف لا تكون فقط عبر الوسائل الأمنية، بل تتطلب جهدًا فكريًا وتوعويًا يرسّخ قيم الحوار والتعايش السلمي. وفي هذا الإطار، تلعب منظمات المجتمع المدني دورًا مهمًا في دعم هذه الجهود من خلال تنفيذ حملات توعوية محلية، والمشاركة في بناء استراتيجيات تهدف إلى تعزيز الاندماج الاجتماعي ومحاربة الفكر المتطرف من خلال النشاطات الثقافية والتعليمية والمبادرات الشبابية.
إلى جانب ذلك، لا يمكن إغفال أهمية التعاون الدولي في محاربة التطرف، حيث تسهم المنظمات الدولية في دعم جهود الحكومة العراقية من خلال تقديم الخبرات والاستشارات، وتمويل البرامج التوعوية، وتوفير منصات للحوار والتبادل الثقافي بين المجتمعات المختلفة. كما أن هذه الشراكات تسهم في تعزيز قدرات المؤسسات الوطنية لمكافحة التطرف بطرق أكثر فاعلية، من خلال تبني أفضل الممارسات العالمية التي أثبتت نجاحها في الحد من انتشار الأفكار المتطرفة.
ورغم الجهود المبذولة، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه مكافحة التطرف في العراق، أبرزها تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الأفكار المتطرفة، إضافة إلى الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي قد يستغلها المتطرفون لاستقطاب الشباب. لذلك، تسعى الجهات المعنية إلى تعزيز التعاون بين المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني، وإشراك المنظمات الدولية في تنفيذ استراتيجيات أكثر شمولية تجمع بين الحلول الأمنية والبرامج الفكرية والثقافية، لضمان بناء مجتمع متماسك خالٍ من العنف والتطرف.
إن مواجهة التطرف العنيف مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود بين الحكومة والمجتمع بكل مكوناته، مع إشراك المنظمات المحلية والدولية لضمان نجاح هذه الجهود. ومن خلال النهج الذي تتبناه اللجنة الوطنية لمكافحة التطرف، يمكن للعراق أن يخطو خطوات مهمة نحو تحقيق الاستقرار وتعزيز السلم الأهلي، ليكون نموذجًا في محاربة الفكر المتطرف، وبناء مجتمع قائم على مبادئ التسامح والتعايش السلمي.

سمير السعد

مقالات مشابهة

  • باجعالة يؤكد اهتمام الحكومة بمثل هذه الأنشطة والمشاريع التي تخدم المجتمع
  • نقابة الصحفيين السودانيين تحذر من تزايد حملات التحريض الخطيرة التي تستهدف الصحفيين والصحفيات عبر منصات التواصل الاجتماعي
  • المؤسسة الفلسطينية لمكافحة المقاومة.. ما الذي جرى لأجهزة السلطة؟
  • اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني: سيعتمد المؤتمر طابعاً عملياً حيث ستتضمن أعماله ورشات عمل تخصصية تعالج القضايا التي استخلصتها اللجنة من لقاءاتها مع مختلف شرائح المجتمع وسيشارك في كل ورشة خبراء ومتخصصون ومهتمون لضمان نقاشات معمقة وإيجاد حلول قابلة لل
  • المليشيا الإرهابية تركب التونسية!
  • في العقل العربي.. الحل في الفصل بين «المعرفي» و«السياسي»
  • وفاة مدير اعلام صعدة بحادث اطلاق نار
  • حزب المصريين: جهود القيادة السياسية نجحت في الحشد الدولي لإفشال مخطط التهجير
  • حزب «المصريين»: جهود القيادة السياسية نجحت في الحشد الدولي لإفشال مخطط التهجير
  • “العراق في مواجهة التطرف ” .