إسرائيل.. المصادقة على تعيين سفير جديد إلى الولايات المتحدة
تاريخ النشر: 24th, November 2024 GMT
صادقت الحكومة الإسرائيلية بالإجماع على تعيين، يحيئيل ليتر، سفيرا جديدا لإسرائيل لدى الولايات المتحدة.
ومن المقرر أن يتولى ليتر المنصب في 24 يناير المقبل، ليحل محل السفير الحالي مايك هرتسوغ. وسيتم إجراء عملية انتقالية بين الطرفين قبل مباشرة المهام الرسمية.
وجاءت المصادقة بعد توصية لجنة التعيينات برئاسة مفوض الخدمة المدنية بتعيين ليتر، حيث أشادت اللجنة بمؤهلاته الفريدة وخبرته الواسعة.
وعبّرت اللجنة في تقريرها، عن انطباعها الإيجابي بشخصيته القيمية ومعرفته العميقة بطبيعة المنصب والتحديات المرتبطة به.
وقال وزير الخارجية، جدعون ساعر: "الدكتور يحيئيل ليتر يتمتع بمهنية عالية وفهم عميق للعلاقات بين البلدين، بالإضافة إلى التزامه القوي بتمثيل المصالح الوطنية الإسرائيلية. أنا على يقين بأنه سيساهم بشكل كبير في تعزيز العلاقة الأهم لدولة إسرائيل – مع الولايات المتحدة".
كما أعرب وزير الخارجية خلال الجلسة عن تقديره للجهود المخلصة والعمل المهني الذي قام به السفير المنتهية ولايته، مايك هرتسوغ، خلال فترة خدمته في واشنطن.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
ماذا ستفعل الولايات المتحدة إذا اندلعت حرب بين الهند وباكستان؟
منذ نهاية الحكم البريطاني في شبه القارة الهندية؛ تتقلب تحالفات الولايات المتحدة مع دول المنطقة، وخاصة باكستان والهند، مع الحفاظ على قدر من التوازن في العلاقات بين البلدين، لكن يبدو أن هذه الإستراتيجية قد تتعرض لتحدّ ضخم إذا نشبت الحرب مجددا بين القوتين الرئيسيتين في جنوب آسيا، في وقت كان يأمل فيه ترامب أن يتفرع لمعركته الإستراتيجية مع الصين، لكن أزمات العالم المضطرب تلاحقه من منطقة إلى أخرى.
منذ إعلان استقلالهما في يومين متتالين من شهر أغسطس/آب عام 1947، خاضت الهند وباكستان أربع حروب دامية، اندلعت ثلاث منها بسبب النزاع المستمر على منطقة كشمير الواقعة على حدود البلدين. وفضلا عن ذلك؛ لم تزل المناوشات الحدودية تتكرر بينهما بسبب الأوضاع الملتبسة في المنطقة على مدار ثمانية عقود.
وفي 22 من أبريل/نيسان الجاري حدث هجوم مسلح في الجزء الخاضع للإدارة الهندية من كشمير، أسفر عن مقتل 26 مدنيًّا وإصابة 17 آخرين. ويُعد الهجوم، الذي وقع في وادي بايساران بالقرب من مدينة باهالغام السياحية الشهيرة، أحد أعنف الهجمات على المدنيين في الهند منذ هجمات مومباي عام 2008. وأعلنت جماعة تُعرف باسم "جبهة المقاومة" مسؤوليتها عن الهجوم، ويُعتقد أن هذه الجبهة مرتبطة بجماعة "عسكر طيبة – لشكر طيبة"، التي تقول الهند إن أجهزة الاستخبارات الباكستانية تدعمها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صور أطفال فيتنام غيّرت العالم فلماذا لا يهتز لصور أطفال غزة؟list 2 of 2هل يهدم ترامب النظام العالمي؟end of list إعلانعلى إثر الحادث؛ انطلقت موجة من الإجراءات التصعيدية المتبادلة بين البلدين في 23 و24 أبريل/نيسان. كان أخطرها إعلان وزير الخارجية الهندي فيكرام ميسري التعليق الفوري لمعاهدة مياه نهر السند الخاضع للسيادة الباكستانية وفقا لمعاهدة تقاسم أنهار حوض السند في عام 1960. وردًّا على ذلك؛ حذرت الحكومة الباكستانية في 24 أبريل/نيسان من أن أي انقطاع في إمدادات المياه سيُعامل بوصفه "عملا حربيا"، متعهدةً بالرد عليه "بكل قوة".
ومن جانبها؛ أغلقت باكستان في 24 أبريل/نيسان مجالها الجوي أمام شركات الطيران الهندية، وأوقفت جميع أشكال التجارة مع الهند، بما في ذلك البضائع التي تمر عبر دول أخرى، وفي وقت لاحق تبادلت القوات الهندية والباكستانية إطلاق النار ثلاثة أيام متوالية، عبر خط السيطرة الذي يقسم منطقة كشمير المتنازع عليها.
ورغم أن البلدين قد أظهرا خلال العقود الماضية من النزاع ميلهما إلى ضبط حدود التصعيد المتبادل في كشمير بما لا يجرهما إلى حرب كبرى؛ فإن تسارع التصعيد على هذا النحو يعزز من أخطار انفلات الأوضاع إلى مواجهة عسكرية، وهو ما قد يؤثر في موازين القوى في منطقة جنوب آسيا التي تحظى باهتمام بالغ من قبل الولايات المتحدة لارتباطها المباشر بالصراع مع الصين.
يمكن قراءة المشهد المتقلب لتحالفات الولايات المتحدة في جنوب آسيا من خلال لحظتين مهمتين في القرن الماضي شكلتا معا مجمل التفاعلات الجوهرية في الإقليم، الأولى: هي اندلاع الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، والثانية: هي أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة الأميركية.
خلال سنوات الحرب الباردة؛ ادّعت الهند الحياد وتزعمت عالميا حركة عدم الانحياز، لكنها لعوامل كثيرة كانت أقرب إستراتيجيًّا إلى الاتحاد السوفياتي، حيث كان حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الهند، في تلك الأثناء، لا يزال ينظر بكثير من الريبة إلى الولايات المتحدة والقوى الغربية بشكل عام بعد تجربة طويلة ومريرة من الصراع مع الاحتلال البريطاني.
إعلانوكما أن التقارب الهندي السوفياتي أثار قلق الولايات المتحدة، فقد كان أكثر إزعاجا لباكستان، التي رأت أنها لا تستطيع مواجهة الهند إذا كانت مدعومة من الاتحاد السوفياتي. لذا، وبحسب جورج فريدمان مؤسس معهد ستراتفور، فقد كان التحالف مع الولايات المتحدة أمرًا لا مفر منه لباكستان.
لكن هياكل التحالف الإقليمية في جنوب آسيا سرعان ما أصبحت أكثر تعقيدًا. كانت الصين، وهي لاعب رئيسي آخر في المنطقة، متحالفة في البداية مع السوفيات بعد الحرب العالمية الثانية، لكنها، بعد عقدين من الزمن، أدارت انعطافة إستراتيجية نحو تحسين العلاقات مع واشنطن مدعومة بتصاعد الخلافات الأيديولوجية بين التفسير الماوي والاستاليني للمقولات الماركسية.
ومن ثم؛ اعتبرت الصين كلًّا من الاتحاد السوفياتي والهند تهديدين محتملين، مما جعل إسلام آباد حليفا ضروريا لبكين.
خلال عام 1980 اتخذ الاتحاد السوفياتي خطوة متقدمة اتجاه الهيمنة على جنوب آسيا من خلال احتلال أفغانستان؛ فأصبحت باكستان مطوقة بخصومها، الهند شرقا والسوفيات شمالا وغربا. لكن ليست باكستان فقط من شعر بالتهديد في تلك اللحظة؛ فالولايات المتحدة أيضا أزعجها التقدم السوفياتي في جنوب آسيا، وكانت للتو قد فقدت تحالفها مع إيران بشكل مهين في أعقاب الثورة الإسلامية، كما اعتقدت واشنطن أن السوفيات سوف يستخدمون أفغانستان قاعدةً للانطلاق نحو الخليج العربي.
شاركت الولايات المتحدة باكستان في دعم الحركات الجهادية التي طردت الاحتلال السوفياتي من أفغانستان. ومع تفكك الاتحاد لاحقا؛ لم تعد الولايات المتحدة مهتمة إستراتيجيا بأفغانستان، لكن باكستان ظلت مرتبطة بعلاقات معقدة ولكنها مفيدة مع النظام الإسلامي الجديد في أفغانستان.
الحدث الثاني الذي أعاد صياغة تحالفات الولايات المتحدة في المنطقة كان أحداث الحادي عشر من سبتمبر؛ إذ إنها بعد تلك الأحداث أرادت الإطاحة بالنظام الأفغاني. ضغطت الولايات المتحدة على باكستان لتشاركها لوجيستيا واستخباريا في الحرب على طالبان، لكن باكستان كانت تقدر أن انخراطها في هذه الحرب قد يكلفها استقرارها الداخلي مع تنامي المشاعر الإسلامية الشعبية المعارضة للحرب.
إعلانفي النهاية؛ قدّر كلٌّ من الطرفين حدود الضرورات والقيود لدى الطرف الآخر، ولم تقدم باكستان دعما قويا لأيّ من طرفي الحرب، لكن ذلك شكل صدعا في العلاقات الأمريكية الباكستانية تطور مع مرور الزمن.
بالتوازي؛ كانت الهند أيضا تتغير، فلم يعد الاتحاد السوفياتي قائما، وأصبحت الصين ليست منافسا للهند فحسب، بل منافسا إستراتيجيا للولايات المتحدة. ومن ثم جمعت المصالح المشتركة واشنطن ونيودلهي بعد عداء طويل، ليؤسسا معا شراكة إستراتيجية لا تزال تتطور إلى الآن، عنوانها الرئيسي محاصرة صعود الصين.
بيد أن الولايات المتحدة لا تريد أيضا أن تصبح الهند قوة عظمى بكل تأكيد، ومن ثم فاستمرار دعمها لباكستان يهيئ من وجهة نظرها نظاما إقليميا ثلاثيا في المنطقة (يضم الصين والهند وباكستان) بما يحدث نوعا داخليا من توازن القوى وفي نفس الوقت يمنع أيًّا من هذه الدول من أن تصبح قوة إقليمية مهيمنة.
شراكة واشنطن ونيودلهي.. تحالف محفوف بالشكوك المتبادلةخلال العقدين الأخيرين؛ أعادت واشنطن تموضعها في جنوب آسيا لتصبح نيودلهي أحد أهم أدواتها في إستراتيجية احتواء الصعود الصيني في المنطقة. خلال هذه السنوات تعاقب على البيت الأبيض رؤساء مختلفون في الرؤى والتوجهات، لكنهم جميعا اتفقوا على تعميق العلاقات الهندية الأميركية، وتركها كل منهم في وضع أفضل مما كانت عليه في عهد سلفه.
في هذا الإطار؛ ضمت الولايات المتحدة الهند مع أستراليا واليابان لتشكيل ما يعرف بالتحالف الأمني الرباعي (كواد – QUAD) الذي يعد اليوم أهم تحالفاتها الأمنية في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وصممته خصيصا لدمج الهند في منظومة الأمن الجماعي لغرب المحيط الهادي.
وقد سعت نيودلهي بشكل خاص إلى علاقات أقوى مع واشنطن بعد الاشتباكات التي جرت بين القوات الصينية والهندية في جزء متنازع عليه من الحدود بينهما خلال عام 2020.
وقد أفرزت المرحلة الناتجة من التعاون الأميركي الهندي في هذه المرحلة برامج جديدة، منها مبادرة التكنولوجيا الحرجة، التي تهدف إلى تسهيل التعاون التكنولوجي الأميركي الهندي، والحوار الثنائي الذي يركز على الأمن الإقليمي في المحيط الهندي، وشراكة "I2U2″، التي تتعاون من خلالها الهند والولايات المتحدة وإسرائيل في مجالات الأمن الغذائي والطاقة والتكنولوجيا.
إعلانعلى الرغم من ذلك؛ بدا أن ثمة تناقضات في الضرورات الإستراتيجية لكلا البلدين، ظهرت في مواقف مختلفة. على سبيل المثال؛ أدى الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022 إلى بعض التوترات في علاقة نيودلهي بواشنطن، إذ لم تنسجم رؤية الهند مع الرؤية الغربية والأميركية ولم تشارك نيودلهي في العقوبات المفروضة على موسكو. لقد كان الهنود عموما أكثر تعاطفا مع المخاوف الروسية من تمدد الناتو في المجال الحيوي لموسكو وأكثر اقتناعا بمبرراتها للحرب.
وفي المقابل؛ شعرت الهند بالانزعاج إزاء دعم الولايات المتحدة للنظام الجديد في بنغلاديش الذي أطاح بحكومة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة واجد، التي كانت حليفا قويا للهند. وقبل ذلك بسنوات؛ رفضت الهند المشاركة في التحالف الدولي الذي أسسته الولايات المتحدة لغزو أفغانستان، واعتبرت ذلك نوعا من التهديد للنظام الإقليمي في جنوب آسيا.
وفي حين تبدي الهند حماسة شديدة للانخراط في التحالفات الأمنية والعسكرية مع واشنطن وحلفائها؛ تحاول في نفس الوقت الحفاظ على قيادتها لدول الجنوب العالمي، ضمن تحالفات صُمّمت أساسا لتقويض الهيمنة الأميركية الأحادية على العالم، مثل تحالف البريكس، ومنظمة شنغهاي للتعاون الأمني التي تسميها تقارير غربية الناتو الشرقي، بل إنها قادت جهود إقناع دول المجموعة بانضمام إيران إليها في 2023.
وفي تحليل نشرته مجلة فورين أفيرز الأميركية؛ يبدو إجمالا أن ثمة ثلاثة عناصر رئيسية في الإستراتيجية الكبرى للهند هي التي تنتج بشكل متكرر تلك التناقضات مع السياسة الأميركية، أولا خبرة الإرث الاستعماري الغربي الذي عانت منه الهند، وثانيا توقعات الهند من نفسها ورؤيتها لذاتها قوةً كبرى تستحق مكانا أفضل في خريطة العالم، وثالثا مخاوف تتعلق بالحفاظ على تماسكها الذاتي في ظل حالة التنوع الهائلة داخل المجتمع الهندي.
إعلانولكن؛ على الرغم من ظهور هذه التناقضات؛ فإن كلا من واشنطن ونيودلهي قد اكتسبا الخبرة في إدارة خلافاتهما والتعامل معها بواقعية دون أن تؤثر بشكل جوهري في تنامي العلاقات السياسية والأمنية بينهما بصورة متسارعة.
لم تتعرض علاقات إسلام آباد بواشنطن لضرر مثلما تعرضت له بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، إذ جلبت الأحداث الولايات المتحدة إلى عتبة باكستان. ولم تقدم باكستان الدعم الكافي للولايات المتحدة في الحرب، ولا في السنوات التي تلت سقوط نظام طالبان ومحاولاته استعادة السيطرة على كابل، فالنظام الأفغاني الذي تشكل بعد الإطاحة بطالبان كان حليفا وثيقا للهند، مما جعل باكستان أمام ضرورات أمنية قيدت إمكانية تعاونها مع واشنطن في ملاحقة طالبان.
وفي السنوات الأخيرة من الاحتلال الأميركي لأفغانستان؛ تصاعد غضب واشنطن من إسلام آباد وأعلنت قطع جميع المساعدات المقدمة لها، بسبب ما أسمته "فشل باكستان في قمع الجهاديين في أفغانستان، ولدورها في مساعدتهم أحيانا"، وهو ما دفع وزير الخارجية الباكستاني خلال مقابلة أجراها مع صحيفة وول ستريت جورنال في يناير/كانون الثاني 2018، إلى القول بأن العلاقات الأمريكية الباكستانية قد انتهت.
لكن تقلبات المنطقة لا تنتهي؛ خرجت الولايات المتحدة من أفغانستان عام 2021، وزال أهم الأسباب التي وترت علاقاتها مع باكستان. وخلال الأيام القليلة التي سبقت هجوم كشمير في الأسبوع الماضي، ترأس إريك ماير، المسؤول الرفيع المستوى في مكتب شؤون جنوب ووسط آسيا بوزارة الخارجية الأميركية، وفدًا إلى إسلام آباد، وخلال اجتماع مع رئيس الوزراء الباكستاني، شهباز شريف، صرّح ماير بأن الشركات الأميركية حريصة على الاستثمار في احتياطيات البلاد المعدنية غير المستغلة.
إعلانجاء هذا النقاش بعد يومين من إشارة وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، إلى احتمال تعاون واشنطن مع إسلام آباد في مجال المعادن الحيوية خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار. وتُقدّر مساحة احتياطيات باكستان المعدنية، التي تشمل رواسب ضخمة من النحاس والذهب، إضافة إلى معادن أساسية مثل الليثيوم، بأكثر من 230 ألف ميل مربع، أي أكثر من ضعف مساحة المملكة المتحدة، مما يثير شهية إدارة ترامب نحوها.
إلى أين سيذهب التصعيد هذه المرة؟تُعد الحادثة الأخيرة في كشمير هي الخامسة من نوعها التي تهاجم فيها جماعة جهادية باكستانية عسكريين أو مدنيين هنود خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، بحسب كامران بخاري، المختص في الأمن القومي والسياسة الخارجية في معهد التطوير المهني بجامعة أوتاوا. وتشمل الهجمات السابقة هجوم ديسمبر/كانون الأول 2001 على البرلمان الهندي، وهجمات مومباي في نوفمبر/تشرين الثاني 2008، وهجوم عام 2016 على مقر لواء للجيش الهندي، والتفجير الذي استهدف حافلة لقوات الأمن في بولواما عام 2019.
رغم كل هذه التصعيدات، لم ترد نيودلهي بقوة حتى عام 2016، وقد وصفت الحكومة ردها في ذلك العام بأنه "ضربة دقيقة عبر خط السيطرة"، شاركت فيها وحدة من القوات الخاصة، تسللت عبر الخط ودمرت ما قالت إنه مخبأ للمسلحين على الجانب الباكستاني. ورغم أن باكستان نفت في حينه اختراق حدودها، فإن الحادثة شكلت سابقة جديدة، إذ لم تعد الهند تمتنع عن استهداف منشآت المسلحين داخل باكستان.
بعد ثلاث سنوات، وفي أعقاب هجوم بولواما في 2019، فعلت نيودلهي أكثر من مجرد الهجوم البري عبر خط السيطرة، فأرسلت طائرات حربية لضرب منشأة يُشتبه في أنها تابعة للمسلحين في بلدة بالاكوت بشمال غرب باكستان. ردت باكستان بغارات جوية من جانبها، أصابت أهدافًا على الجانب الهندي من خط السيطرة. وفي خضمّ الاشتباكات، أسقطت القوات الباكستانية طائرة ميغ-21، وأسرت طيارها (الذي أُعيد لاحقا إلى الهند).
إعلانكانت هذه هي المرة الأولى منذ حرب عام 1971 التي تعبر فيها طائرات حربية من الجانبين خطّ السيطرة. وفي نفس العام؛ ألغت نيودلهي المادة 370 من الدستور الهندي التي كانت تمنح جامو وكشمير الخاضعة للإدارة الهندية وضعًا خاصًّا، مما يسمح لها بدستور خاص وحكم ذاتي، ويعد ذلك موروثا من الشروط التي وضعتها إمارة كشمير للقبول بالانضمام إلى الهند عام 1947.
والآن؛ على الرغم من أن وقف معاهدة مياه نهر السند من غير المرجح أن يعطل إمدادات المياه إلى باكستان على الفور، فإنه على المدى البعيد قد يهدد بشكل خطير موارد المياه الباكستانية واستقرارها الزراعي مما يرفع احتمال تصعيد عسكري واسع.
منذ توقيعها في عام 1960؛ لم يتوقف العمل بالمعاهدة رغم مرور العلاقات بين البلدين بمنعرجات حرجة للغاية وحروب ومناوشات عسكرية. لكن هذا التصعيد الحالي يُعبر عن توجهات الحكومة اليمينية المتشددة التي يقودها حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم وزعيمه رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي، الذي أعرب قبل وصوله إلى السلطة عن رغبته في دمج كشمير بشكل كامل ضمن حدود الهند، ومع أن الضرورات الجيوسياسية للدولة قد تقيد ميوله الشخصية للتصعيد مع باكستان، فإن ذلك لا يمكن إغفاله بشكل دائم.
وفي حين أن كلا الجانبين من المرجح أن يهدف إلى تقييد أي تصعيد عسكري جغرافيًّا داخل كشمير أو حول خط السيطرة، فإن هناك احتمالًا أيضا لتوسع التوترات إلى ردود أخرى مثل الغارات الجوية وعمليات القوات الخاصة على غرار ردود الهند في 2016 (نشر قوات خاصة واختراق خط السيطرة) أو في 2019 (تنفيذ ضربات جوية على أهداف دقيقة داخل باكستان).
في غضون ذلك، قد ترد باكستان بضربات انتقامية محدودة، أو تنفذ عمليات تسلل عبر الحدود، أو تُصعّد نشاط المدفعية والقناصة على طول خط السيطرة. وإذا تفاقمت التوترات، فقد تجرب باكستان استخدام صواريخ تكتيكية، يُحتمل أن تكون تقليدية، أو تُطلق مواقف عدوانية تحت ستار التدريبات العسكرية.
إعلانولأن الحرب بطبيعتها تستعصي على التنبؤ، فإنها إذا اندلعت فإن كل السيناريوهات حينها سوف تكون محتملة ولو بدرجات متفاوتة، إما بقصد أو بسوء تقدير أو حتى بخطأ ميداني يصعب استدراكه. وما يُكسب صراع الهند وباكستان خطورة خاصة هو أنه منذ الصراع الحدودي الصيني السوفياتي عام 1969 لم تشتبك قوتان نوويتان عسكريا بشكل مباشر سوى الهند وباكستان، مما يضع العالم كله أمام صراع من نوع خاص للغاية.
إلى أين ستنحاز الولايات المتحدة؟من المرجح أن تكون أخبار التصعيد الهندي الباكستاني سارة لبكين، لكنها بالتأكيد ليست كذلك لواشنطن. ورغم أن بكين قد تتحمل تبعات تحالفها مع إسلام آباد في حال تصاعدت المواجهة، فإن تعويق خطط نيودلهي وواشنطن لتطويقها سيكون أكثر جدوى بالتأكيد، حيث ستنشغل الهند بحدودها الغربية بدلا من التركيز على تطوير قدراتها البحرية في المحيط الهندي وتطوير قاعدتها الصناعية والتجارية.
ولكن من جانب واشنطن؛ فإن مواجهة كبيرة بين الهند وباكستان ستضعها مجددا أمام التناقضات الإستراتيجية في المنطقة التي حاولت طويلا الموازنة بينها. فعلى الرغم من التوتر الذي يشوب علاقتها بباكستان، فإنها ليست بصدد ترك إسلام آباد أمام خيار وحيد هو تعميق التحالف مع بكين، إذ لا يمكن لإسلام آباد مواجهة نيودلهي منفردة دون حليف قوي.
لم تكن منطقة جنوب آسيا ضمن أولويات ترامب حاليا؛ حتى أنه على مدار ثلاثة أشهر من بدء ولايته الجديدة لم يعين سفيرا لواشنطن في الهند. لكن هذه المستجدات ستضعه، إن لم يستطع المساهمة في إيقاف التصعيد، أمام خيارات ليس من بينها أي خيار لا ينطوي على خسائر إستراتيجية مؤكدة للولايات المتحدة.
والخلاصة أن المواجهة الهندية الباكستانية تتعارض مع أهداف ترامب الرئيسية التي تتمثل في تهدئة الصراعات في العالم والتفرغ لمواجهة الصين. وفي حين لا تزال إدارته تواجه حروبا ليست مرشحة للانطفاء بسهولة في أوكرانيا وغزة، وتدير الاستعداد لتصعيد محتمل مع إيران، تضاف الآن إلى هذه القائمة المعقدة حرب جديدة تلوح في الأفق البعيد في جنوب آسيا.
إعلان