الكشف عن شكل الفوتون لأول مرة في تاريخ الفيزياء
تاريخ النشر: 24th, November 2024 GMT
أعلن فريق بحثي من جامعة برمنغهام البريطانية عن تمكنه من استكشاف طبيعة الفوتونات بتفاصيل غير مسبوقة لإظهار كيفية تشكلها ومن ثم انبعاثها من الذرات أو الجزيئات.
الفوتونات هي جسيمات الضوء، وتتمثل في حزم صغيرة من الطاقة التي تحمل الضوء وأشكالا أخرى من الإشعاع الكهرومغناطيسي، مثل موجات الراديو أو الأشعة السينية.
فكّر في الضوء كرسول، فهو يسافر عبر الفضاء حاملا الطاقة من مكان إلى آخر، والفوتونات هي رسل بلا كتلة وتتحرك بسرعة فائقة تساوي 300 ألف كيلومتر في الساعة (سرعة الضوء).
الفوتونات هي جسيمات الضوء وتتمثل في حزم صغيرة من الطاقة (بيكسابي) منظومة جديدةوبحسب الدراسة، التي نشرها الفريق في دورية "فيزيكال ريفيو ليترز"، لا توجد الفوتونات ككيانات معزولة، إذ يتأثر تفاعلها مع المادة بشكل كبير بالبنية المحيطة، مثل التجاويف أو البنية النانوية التي تتحكم في الضوء بمقاييس أصغر بكثير من عرض شعرة الإنسان والتي استخدمها الباحثون في تجاربهم.
وتشكل هذه التفاعلات كيفية انتشار الفوتونات أو انبعاثها أو تشتتها، وتقدم الدراسة تمثيلا بصريا لما يمكن أن يكون عليه الفوتون أثناء هذه التفاعلات، عبر منظومة رياضية جديدة سماها العلماء "شبه الوضع"، وهو تحويل رياضي يبسط وصف الفوتونات في البيئات المعقدة، فيصفها كقطع صغيرة.
وبحسب بيان صحفي رسمي صادر من جامعة برمنغهام، يقول الباحثون إن تلك الطريقة في تنفيذ الحسابات مكّنتهم من تحويل مشكلة تبدو غير قابلة للحل إلى شيء يمكن حسابه.
شكل الفوتونوكنتيجة ثانوية للنموذج الذي طوروه، تمكن هذا الفريق من إنتاج الصورة الجديدة للفوتون، وبحسب تصريح حصلت الجزيرة نت على نسخة منه للباحث الرئيسي في الدراسة بنجامين يوين من كلية الفيزياء والفلك بالجامعة، فهذا "شيء لم نشهده من قبل في تاريخ الفيزياء".
ويشير "شكل الفوتون" إلى كيفية تفاعل الفوتون مع البيئة المحيطة، ويؤثر هذا التفاعل على خصائص الفوتون مثل لونه واتجاهه واحتمال وجوده في حالة معينة، ويمثل كل لون وشكل في الصورة واحدة من تلك الخصائص، التي إذا تجمعت معا تصنع ما نعرّفه بأنه "الفوتون".
وهذا العمل مهم لأنه يفتح آفاقًا جديدة للبحث أمام علماء الفيزياء الكمومية وعلم المواد، فالقدرة الدقيقة على تحديد كيفية تفاعل الفوتون مع المادة تمكّن العلماء من تصميم تقنيات نانوية جديدة يمكنها تغيير الطريقة التي نتواصل بها بأمان، أو تكشف مسببات الأمراض.
وإلى جانب ذلك، يساعد فهم سلوك الفوتونات العلماء في التفاعلات الكيميائية على المستوى الجزيئي على سبيل المثال، وهو أمر مهم جدا في نطاقات مثل الطب والكيمياء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
بين هسهسة القبح وهمسات الجمال
إبراهيم برسي
20 يناير 2025
القبح ليس نقيضًا للجمال، بل هو وجهه الآخر الذي يختبئ في هسيس الظلال، حيث يولد الضوء من شقوقه المجهولة.
هو شقيقه الذي نسج من ذات الطينة، لكنه اختار أن يترك الخضرة جانبًا ليروي حكاية أخرى.
هو سردية لا تصفق لها الأغصان الغضة، ولا تحتفي بها الزهور المشرقة، لكنها سردية تهمس بما لا يُقال.
هناك، بين الأغصان اليابسة التي تحمل وطأة الفناء، وفي هسهسة الرياح التي تعبر دون وعد، يزهر الجمال همسًا.
هل رأيت الفراشات وهي تتراقص فوق خراب الأغصان؟
نسيم الجناح لا يحتاج خضرة ليحمل موسيقى الحياة، ولا همس الجناح يشترط اكتمال الأغصان ليخبرنا أن الجمال لا يُصنع من البهرج.
ضوء التنسيب المشرق الذي يتسلل من بين الأغصان الجافة لا يزيف الحقيقة، بل يكشفها.
القبح، في عمقه، هو تأويل آخر للجمال، فصلٌ ناقص من حكاية الكون، لكنه يحمل الحقيقة أكثر من سذاجة الزهور المتفتحة التي تخنق نفسها بالاكتمال.
القبح لا يصرخ، بل يهمس.
هو الهسيس الذي يمر عبر حطام الأغصان، الحفيف الذي لا ينسجم مع لحن المألوف، لكنه يحمل صمودًا صامتًا.
الجمال لا يزهر دائمًا في النضارة، بل أحيانًا في الأغصان التي انكسرت لكنها لم تسقط.
هناك، في فجوات الزمن التي تتركها الطبيعة بلا اكتمال، تكمن الحقيقة: حتى الموت أخضر، إذا أصغيت إليه بما يكفي.
وماذا عن الظلال؟
تلك التي تراقص الضوء وتتمايل معه في حوار لا ينتهي؟
الجمال يكمن في الظلال التي تمنح الضوء بُعده الآخر.
الظل ليس نقيضًا للضوء، بل شريكه الذي يعيد تعريف الأشياء، كما يُعيد الجفاف تعريف الخضرة.
أو كما قال كونديرا: الجمال ليس في ما يُرى، بل في ما يُحجب، في الفراغ الذي يتركه الظل لتملؤه العين بالخيال.
في الظلال يسكن الجمال البعيد عن الصخب، جمال يزهر في صمت ويكشف نفسه لأولئك الذين يرون ما وراء الضوء.
الأغصان التي تخنقها الخضرة لا تفهم سر الجفاف.
إنها تعتقد أن الحياة زهوٌ دائم، لكنها تجهل أن الجمال يزهر في الرماد كما يزهر في التراب.
حين يسقط الضوء على الأغصان الميتة، يكشف تأويلًا جديدًا: الجمال ليس في اكتمال الصورة، بل في هشاشتها.
هو في الرمزية التي تتسرب بين الشقوق، في الحكاية التي ترويها الريح وهي تعبر دون أن تنتظر تصفيقًا.
الجمال هو كأس ممتلئة حتى الحافة، لكنه ليس بالخمر الذي يسكر في لحظة، بل رشفة تتسلل إلى الوعي ببطء، تفتح أبواب الحقيقة وتجعلها أشبه بنشوة لا تنطفئ.
القبح هو الكأس التي نظنها فارغة، لكنها مليئة بالاحتمالات.
الضوء الذي يخترق الزجاج لا يَعد بالكمال، لكنه يعكس الحياة وهي تلمع في هشاشتها، في تأرجحها المستمر بين الكمال والانكسار.
حين تنزع الطبيعة زينتها وتبقى العظام العارية للأغصان، تبدأ في كتابة شعرها الأكثر صدقًا.
الهسيس الذي يلف هذا العراء ليس إلا موسيقى البدء، لحظة الخلق الأولى التي تنكرها الخضرة لكنها تحتضنها الحياة.
نسيم الجناح حين يمر على القبح لا يبحث عن عطر، بل عن حقيقته المتأرجحة بين الحي والميت.
الجمال ليس في الزهور المشرقة وحدها، ولا في الأغصان الغضة التي تنحني لتمدح الريح.
إنه يسكن القبح كما يسكن النضارة، يعيش في الظل كما يعيش في الضوء، ويتمايل بينهما كفراشة ثملة، لا تعرف حدود الرقص ولا تتوقف عن اختراق الخواء.
الجمال، في نهاية المطاف، لا يطلب الكمال، بل يعترف بهسيس الحياة وهمسها، بأن القبح ليس ضدًا للجمال، بل هو الجمال وقد نزع عن نفسه كل بهرج، وبقي خالصًا، كأسًا من الحقيقة التي لا تنتهي.
zoolsaay@yahoo.com