كم من الأرواح البريئة كان يمكن إنقاذها لو وافق الجيش على حضور مباحثات جنيف؟
تاريخ النشر: 24th, November 2024 GMT
أحمد الملك
معلوم أن الجيش واقع تحت اسر الحركة الإسلامية، يقوده رجل يحترف المراوغة، حين قفز الى المنصب في غفلة زمان، ذهب الى مصر وأدى التحية العسكرية أمام رئيسها، لم يكن تصرفه نابعا فقط من فرحه بوصوله للمنصب الذي حلم به والده، لكنه كان يعي تماما أنه يفتقد لأية شرعية وأنه يجب عليه وهو سيواجه حتما الثورة التي ركب على ظهرها، يجب عليه البحث عن ما يدعم شرعيته من خارج الحدود، فذهب والتقي نتنياهو، أملا في رضاء أمريكا، فالتنظيم الذي يدعمه لم يشأ تكرار تجربة عداء أمريكا له، أمريكا التي سعى التنظيم لاسترضائها طوال ثلاثة عقود دون جدوى رغم انبطاحهم وتسليمهم كل ملفات الحركات الإسلامية التي ربطتهم بها أواصر علاقات قوية في بادئ عهدهم.
ولاحقا حين يئسوا من استمالة قلب الامريكان أعلن رئيس نظامهم انّ الأمريكان خدعونا، ففصلنا الجنوب ولم نحصل منهم على شيء ولم يلتزموا حتى بوعدهم في رفع العقوبات! إن لم تكن تلك الخيانة فكيف تكون؟ ورغم ذلك يوزعون اتهامات الخيانة على كل المدنيين المحسوبين على الثورة ويعلنون في الوقت نفسه استعدادهم للصلح مع المليشيا التي صنعوها لإرهاب شعبنا، وصنعوا منها عدوا في حربهم على شعبنا وثورته.
كم من الأرواح كان يمكن انقاذها لو تنازل الرجل وأعلن لتنظيمه (مخالف يا شيخنا) وأرسل وفدا الى جنيف! يحترف الرجل اهدار كل الفرص التي تنفتح له لدخول التاريخ، يركلها بقدمه ويثابر على رفض كل اتجاه لحقن دماء الابرياء، والغريب انه رغم الخراب ورغم هروبه من عاصمته الى البحر، لكنه لا يزال يعيش وهم تحقُق حلم والده، يترك مواطنيه غرقى في السيول ويطير لحضور احتفالات تنصيب الرؤساء، يترك المواطنين موتى ومرضى تحصدهم الانتهاكات والدانات وقنابل الطائرات والكوليرا، ويطير لحضور قمة المناخ! وكل ذلك لإثبات شرعية مستحيلة سقطت يوم بدأ تآمره على الثورة من لحظة وصوله للمنصب، بدعمه لكل جهود دولة الكيزان العميقة لإفشال جهود الحكومة الانتقالية، مرورا بإغلاقه للميناء (في واقعة لم يشهد لها التاريخ مثلا) تمهيدا لانقلابه مع شريكه قائد الدعم السريع وشركائه في الحركة اسلامية.
الحرب التي يدفع اثمان تكلفتها الباهظة مواطن برئ، هي حرب الحركة الإسلامية للعودة الى السلطة. حزب حكم ثلاثة عقود ارتكب فيها من الجرائم ما يندي له جبين البشرية، قتل الناس وعذبهم في بيوت اشباحه، شن الحرب في الجنوب ودفع أهلنا هناك دفعا لخيار الانفصال، حرم المواطن من حقوقه في دعم الدولة للصحة والتعليم في بلد غالب اهله من الفقراء ووجه الدعم لجيوب منسوبيه ولمجهوده في إشاعة الحروب والفتن، أيقظ نعرات القبيلة، رغم علمه ان اللعب بنار العصبيات لن يقود الا الى تفتيت الوطن! (من قال ان بقاء ووحدة الوطن تقع ضمن اهتمامات التنظيم الاسلاموي) نهب المال العام وباع كل مؤسسات الدولة الى منسوبيه، حتى الهواء قاموا ببيعه، حين أقدموا على بيع خط هيثرو الذي كانت تمتلكه الدولة، ودمروا معه الناقل الوطني، وباعوا ممتلكات وطننا في لندن وغيرها ووضعوا الأموال في جيوبهم، مؤسسات الدولة التي ضحى شعبنا لإنشائها وتأهيل العاملين فيها، باعوها الى أنفسهم بتراب المال وحولوها الى شركات محسوبة على منسوبي الحزب اللصوصي. وحين جاءت لجنة التفكيك بعد الثورة لتكشف الغطاء عن جرائم نهب ونصب واحتيال لم يشهد لها التاريخ مثيلا، اوعزوا الى لجنتهم الأمنية للقيام بالانقلاب!
ما لم تتكاتف الجهود لوقف الحرب ومحاسبة من سعى لشنها، ومن ارتكب الجرائم ضد المدنيين اثناء هذه الحرب، وإعادة هيكلة الجيش وحل جميع المليشيات والقوات الموازية، ووقف نزيف تماسك نسيج هذه البلاد المجتمعي. فإن مصير هذه البلاد سيكون الفوضى الشاملة وتنفرط وحدتها وتصبح نهبا لكل طامع في مواردها وثرواتها.
#لا_للحرب
ortoot@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
يوم التأسيس السعودي.. جذور التاريخ ومسيرة المجد
تحتفل المملكة العربية السعودية في 22 فبراير من كل عام بـ يوم التأسيس، الذي يمثل ذكرى انطلاق الدولة السعودية الأولى عام 1727م على يد الإمام محمد بن سعود في الدرعية. هذا اليوم الوطني يعكس العمق التاريخي للمملكة ويجسد القيم الراسخة التي قامت عليها الدولة منذ نشأتها، مثل الوحدة، والاستقرار، والتنمية. كما يعد مناسبة لإحياء ذكرى الإنجازات التي شكلت الأساس القوي للمملكة اليوم، وتعزيز الشعور بالانتماء والفخر بالهوية الوطنية.
بدايات الدولة السعودية.. رحلة البناء والتوحيد
مع بداية القرن الثامن عشر، كانت الجزيرة العربية تمر بمرحلة من التشتت السياسي والاجتماعي، لكن الدرعية برزت كمركز قوي للاستقرار بفضل رؤية الإمام محمد بن سعود، الذي وضع أسس دولة قائمة على الحكم الرشيد، والعدالة، والتنمية. توسعت الدولة السعودية الأولى لتشمل مناطق واسعة من الجزيرة العربية، مما عزز الأمن والاستقرار، قبل أن تواجه تحديات كبيرة أدت إلى سقوطها عام 1818م.
بعد ذلك، أعاد الإمام تركي بن عبدالله تأسيس الدولة السعودية الثانية عام 1824م، مستكملًا المسيرة، لكن الظروف السياسية أدت إلى انهيارها عام 1891م. ومع بداية القرن العشرين، وحد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود البلاد، مؤسسًا المملكة العربية السعودية عام 1932م، لتصبح اليوم من أبرز الدول تأثيرًا في العالم العربي والإسلامي.
يوم التأسيس واليوم الوطني.. اختلاف في المعنى
يخلط البعض بين يوم التأسيس واليوم الوطني، لكن لكل منهما دلالة تاريخية مختلفة. يوم التأسيس يعبر عن بداية تأسيس الدولة السعودية الأولى عام 1727م، وهو احتفاء بالجذور العميقة للمملكة وتاريخها الممتد لثلاثة قرون. أما اليوم الوطني، الذي يوافق 23 سبتمبر، فهو مناسبة تحتفي بتوحيد المملكة عام 1932م على يد الملك عبدالعزيز. الفارق بين اليومين يؤكد أن المملكة ليست دولة حديثة فحسب، بل امتداد تاريخي لدولة قامت على أسس قوية منذ قرون.
قيم يوم التأسيس.. معاني الفخر والاعتزاز
يمثل يوم التأسيس فرصة لاستلهام القيم التي قامت عليها الدولة السعودية، مثل الاستقرار، والتلاحم الوطني، والتنمية المستدامة. كما يعزز الهوية الوطنية لدى الأجيال الجديدة، ويذكرهم بالمراحل التي مرت بها الدولة حتى أصبحت على ما هي عليه اليوم. في هذا اليوم، تشهد المملكة احتفالات وفعاليات تعكس الموروث الثقافي والتاريخي، من عروض تراثية، وأزياء تقليدية، وأنشطة تسلط الضوء على الحياة في الدولة السعودية الأولى.
رؤية 2030.. امتداد لمسيرة التأسيس
لا يمكن الحديث عن يوم التأسيس دون الإشارة إلى رؤية 2030، التي تمثل امتدادًا للرؤية التي قامت عليها الدولة السعودية الأولى. فكما سعى الإمام محمد بن سعود إلى تحقيق الأمن والازدهار، تسعى المملكة اليوم إلى تحقيق الريادة في مختلف المجالات، عبر خطط تنموية تهدف إلى تنويع الاقتصاد، وتعزيز الهوية الوطنية، وتحقيق التنمية المستدامة. هذه الرؤية تؤكد أن مسيرة البناء والتطوير مستمرة، وأن المملكة تستلهم تاريخها المجيد لتحقيق مستقبل أكثر إشراقًا.
ختامًا
يوم التأسيس ليس مجرد مناسبة وطنية، بل هو شهادة على صمود الدولة السعودية عبر القرون، واحتفاء بجذورها الراسخة الممتدة منذ 1727م. وهو يوم يعزز روح الانتماء، ويذكر السعوديين بأن تاريخهم مليء بالإنجازات والتحديات التي صنعت مجد المملكة اليوم. وكما انطلقت الدولة السعودية الأولى من الدرعية، تواصل المملكة اليوم مسيرتها نحو مستقبل مزدهر، مستندة إلى إرثها التاريخي العريق وقيمها الراسخة.