حكم الإقامة للصلاة بصيغة الأذان.. دار الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 24th, November 2024 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم الإقامة للصلاة بصيغة الأذان؟ فقد سافر رجلٌ إلى دولة معينة في مهمة عمل، وعند ذهابه إلى المسجد لأداء الصلاة وجد المؤذن يقيم للصلاة بنفس صيغة الأذان، حيث كرر الألفاظ ولَم يُفردها، مع زيادة "قد قامت الصلاة"، ويسأل: ما حكم هذه الإقامة للصلاة؟ وهل هذه الصيغة واردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
وقالت دار الإفتاء إن صيغة الإقامة المسؤول عنها صحيحةٌ شرعًا، وهي إحدى صيغ الإقامة للصلاة المكتوبة، بحيث تكون الإقامةُ شفعًا، أي: مَثْنَى مَثْنَى كالأذان، مع إضافةِ كلمةِ "قد قامت الصلاة" مرتين بعد قول: "حيَّ على الفلاح"، وهي واردة عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
واستشهدت بما ورد عن عبد اللهِ بن زيدٍ رضي الله عنه قال: «كَانَ أَذَانُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ شَفْعًا شَفْعًا فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ» أخرجه الإمامان: الترمذي والدارقطني في "السنن".
وأَجْمَعَ الفقهاءُ على أنَّ الإقامَةَ مشروعةٌ للصلوات الخمس المكتوبة والجمعة، وهي شعيرةٌ مِن شعائر الإسلام الظاهرة، اختلف الفقهاء في صِفَتِهَا، ويرجع سبب هذا الاختلاف إلى تعدد الآثار الواردة في صفة الأذان والإقامة وما عليه العمل في كل مصرٍ مِن الأمصار التي يلتزم أهلُ كلِّ واحدٍ منها بصيغة معينةٍ للأذان والإقامة.
وأشارت دار الإفتاء إلى أن صيغة الإقامة المسؤول عنها هي إحدى صيغ الإقامة للصلاة المكتوبة، بحيث تكون الإقامةُ شفعًا، أي: مَثْنَى مَثْنَى كالأذان، مع إضافةِ كلمةِ "قد قامت الصلاة" مرتين بعد قول: "حيَّ على الفلاح"، وهي واردة عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك بأن يقول الذي يُقيم للصلاة: "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، حيَّ على الفلاح، قد قامَت الصلاة، قد قامَت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله".
فَعَن أَبِي مَحْذُورَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُ الأَذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَالإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً»، وفيه: «وَالْإِقَامَةُ مَثْنَى مَثْنَى» أخرجه الأئمة: ابن ماجه في "السنن"، وأحمد في "المسند"، والطبراني في "المعجم الكبير".
وذكرت أن الإقامة للصلاة المكتوبة بهذه الصيغة هي مذهب الحنفية، وهي المروية عن أمير المؤمنين الإمام عليٍّ وعبد الله بن مسعود وأصحابهما، وجماعة من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الإقامة للصلاة الأذان المسجد المؤذن صيغة الاذان الإقامة للصلاة دار الإفتاء ا رسول الله على الفلاح الله علیه الله أکبر ت الصلاة ى الله الله ع
إقرأ أيضاً:
حكم صلاة المرأة كاشفة شعرها بالإسلام
قالت دار الإفتاء المصرية إنه يجب على المرأة تغطية شَعْر رأسها أثناء الصلاة ولو كانت في مكانٍ لا يراها فيه أحد من الناس، وينبغي عليها إن كَشفت شعرها في الصلاة أن تعيد صلاتها إن كان وقت الفريضة باقيًا، وإن خرج وقتها فلا تجب عليها الإعادة؛ تقليدًا لمذهب المالكية.
الصلاة في الإسلاموأكدت الإفتاء أن الصلاة ركنٌ من أركان الدين، وفريضةٌ من الفرائض، والأصل فيها؛ قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا﴾ [النساء: 103].
قال الإمام الرازي في "مفاتيح الغيب" (11/ 208، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا﴾، أي: فرضًا موقتًا، والمراد بالكتاب هاهنا المكتوب؛ كأنه قيل: مكتوبة موقوتة، ثم حذف الهاء من الموقوت كما جعل المصدر موضع المفعول والمصدر مذكر، ومعنى الموقوت: أنها كتبت عليهم في أوقات موقتة.. واعلم أنَّه تعالى بيَّن في هذه الآية أن وجوب الصلاة مُقدَّر بأوقات مخصوصة] اهـ.
ومن السنة: ما جاء في الحديث "المتفق عليه" -واللفظ للبخاري- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بُنِي الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ».
قال العلامة ابن رجب في "فتح الباري" (1/ 22، ط. مكتبة الغرباء الأثرية): [وهذا الحديث دل على أن الإسلام مبني على خمس أركان.. ومعنى قوله صلي الله عليه وآله وسلم «بُنِي الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ»: أنَّ الإسلام مثله كبنيان، وهذه الخمس: دعائم البنيان وأركانه التي يثبت عليها البنيان] اهـ.
وأما الإجماع: فمنعقدٌ على وجوب الصلاة من لدن عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى يومنا هذا دون نكيرٍ يعتدّ به. ينظر: "بدائع الصنائع للكاساني" (1/ 89، ط. دار الكتب العلمية)، و"حاشية العدوي" (1/ 240، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (1/ 297، ط. دار الكتب العلمية)، و"كشاف القناع" للبهوتي (1/ 222، ط. دار الكتب العلمية).
حكم ستر العورة في الصلاة
وأضافت الإفتاء أن الفقهاء اتفقوا على أن ستر العورة من شروط صحة الصلاة عند القدرة عليه. ينظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (1/ 116)، و"الشرح الكبير" للدردير (1/ 211، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" للخطيب الشربيني (1/ 396)، و"كشاف القناع" للبهوتي (1/ 263).
والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿يا بني آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ [الأعراف: 31].
قال العلامة الزجاج في "معاني القرآن وإعرابه" (2/ 332، ط. عالم الكتب): [وقوله: ﴿يا بني آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾؛ هذا أمرٌ بالاسْتِتَارِ في الصلوات] اهـ.
شرط ستر العورة للرجال والنساء في الصلاة
ولا تختلف شَرطيَّة سَتْر العورة -للرجال أو للنساء- سواء أكانت الصلاة بحضرةٍ الناس أم في خلوةٍ؛ لأنَّ النصوص وردت بالستر مطلقًا، ولأنَّ الله تعالى أحق أن يستحيا منه، وهو ما تواردت عليه عبارات الفقهاء من الحنفية في الصحيح، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وذلك عند تعدادهم لشروط الصلاة.
قال العلامة الحصكفي الحنفي في "الدر المختار" (1/ 404، ط. دار الفكر، ومعه "حاشية رد المحتار"): [الرابع: (ستر عورته)، ووجوبه عام ولو في الخلوة على الصحيح إلا لغرض صحيح] اهـ.
قال العلامة ابن عابدين مُحَشِّيًا عليه: [قوله: (والرابع ستر عورته) أي: ولو بما لا يحل لبسه، كثوب حريرٍ، وإن أَثِم بلا عذر، كالصلاة في الأرض المغصوبة، وسيذكر شروط الستر والساتر. قوله: (ووجوبه عام) أي: في الصلاة وخارجها. قوله: (ولو في الخلوة)، أي: إذا كان خارج الصلاة يجب الستر بحضرة الناس إجماعًا، وفي الخلوة على الصحيح. وأَمَّا لو صلى في الخلوة عريانًا، ولو في بيت مظلم، وله ثوب طاهر لا يجوز إجماعا كما في "البحر".. قوله: (على الصحيح)؛ لأنه تعالى وإن كان يرى المستور كما يرى المكشوف، لكنه يرى المكشوف تاركًا للأدب والمستور متأدبًا، وهذا الأدب واجب مراعاته عند القدرة عليه. هذا، وما ذكره الزيلعي من أن عامتهم لم يشترطوا الستر عن نفسه فذاك في الصلاة كما يأتي بيانه عند ذكر المصنف له، فليس فيه تصحيح لخلاف ما هنا، فافهم] اهـ.
وقال العلامة الزيلعي في "تبيين الحقائق" (1/ 95، ط. الأميرية): [وشرط بعض المشايخ ستر عورته عن نفسه حتى لو رأى فرجه من زيقه أو كان بحيث يراه لو نظر إليه لم تجز صلاته ما لم يلتصق بصدره، ومنهم من قال إن كان كثيف اللحية وستر بها يجوز صلاته لوجود الستر بها، ومنهم من قال لا تجوز، وعامتهم لم يشترطوا الستر عن نفسه؛ لأنها ليست بعورة في حق نفسه؛ لأنه يحل له مسها والنظر إليها] اهـ.