لجريدة عمان:
2025-05-01@15:01:55 GMT

«الرحماني» تفك الحصار عن البصرة

تاريخ النشر: 24th, November 2024 GMT

«الرحماني» تفك الحصار عن البصرة

في عام 1775م شهدت مدينة البصرة حصارًا فرضته القوات الفارسية بقيادة صادق خان، شقيق كريم خان زند، الذي أرسل جيشًا قوامه 50.000 مقاتل بهدف السيطرة على المدينة. جاء هذا الهجوم بعد أن عانت البصرة من وباء الطاعون الذي أودى بحياة العديد من سكانها، مما جعلها ضعيفة أمام التهديدات الخارجية.

تذرع كريم خان بأن الفرس يتعرضون لسوء معاملة وضرائب باهظة أثناء زيارتهم للأماكن المقدسة في النجف وكربلاء، مطالبًا الباب العالي في إسطنبول برأس والي بغداد عمر باشا، مهددًا بغزو العراق إذا لم تُلبَّ مطالبه.

رفضت الدولة العثمانية هذه الشروط، مما دفع كريم خان إلى تنفيذ تهديده.

عند وصول القوات الفارسية إلى مشارف البصرة، اجتمعت القوات العثمانية وأهالي المدينة للدفاع عنها، لكن المواجهة الحاسمة لم تحدث، واستمر الحصار لأكثر من عام، تعرضت خلاله المدينة لقصف مكثف، مما زاد من معاناة سكانها.

في تلك الفترة، كانت بغداد تعاني من اضطرابات سياسية وصراعات داخلية، بالإضافة إلى انتشار وباء الطاعون، مما جعلها عاجزة عن تقديم الدعم للبصرة. أمام هذا الوضع، استنجدت القبائل العربية في البصرة بالإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي الذي كان قد خاض حروبا كبيرة مع الفرس وأخرجهم من السواحل العمانية.

استجاب الإمام أحمد بن سعيد لنداء الاستغاثة، وأمر بتجهيز أسطول بحري كبير يتألف من عدة قطع بحرية تتقدمها السفينة الحربية «الرحماني»، بقيادة ابنه هلال بن أحمد. كان الأسطول مزودًا بمدافع وقوات قوامها حوالي 10.000 رجل، مستعدًا لفك الحصار عن البصرة.

عند وصول الأسطول العُماني إلى مصب شط العرب، واجه سلسلة حديدية ضخمة نصبها الفرس على جانبي النهر لمنع أي إمدادات من الوصول إلى المدينة المحاصرة. بعد دراسة الموقف ووضع الخطط العسكرية، تمكنت السفينة «الرحماني» من تحطيم السلسلة الحديدية، مما أتاح للأسطول العُماني دخول شط العرب ومواجهة القوات الفارسية.

اندلعت معارك ضارية بين القوات العُمانية والفارسية، أظهرت فيها القوات العُمانية شجاعة وبسالة كبيرة. استمرت الاشتباكات لعدة أشهر، تمكن خلالها الأسطول العُماني من تأمين المساعدات القادمة إلى البصرة، مما ساهم في فك الحصار تدريجيًا.

شكل تدخل الأسطول العماني حسما واضحا للمعركة وفي تغيير موازين القوى وإفشال الحصار على مدينة البصرة التي عادت إلى السيادة العثمانية وأمر السلطان العثماني عبد الحميد الأول بصرف مكافأة سنوية لعُمان تقديرًا لدورها في الدفاع عن المدينة، وهي ممارسة استمرت حتى عهد السيد سعيد بن سلطان. وقويت الروابط بين الإمام أحمد بن سعيد والسلطان العثماني عبد الحميد الأول الذي خصص مكافأة سنوية للإمام ظلت تدفع حتى عهد السيد سعيد بن سلطان كما سمح للتجار العُمانيين بالمتاجرة في العراق، وأمر برفع الرسوم التي كانت تفرض على تجارة البن، مما أدى إلى ازدهار التجارة العُمانية في البصرة، حيث وصل عدد السفن العُمانية التي كانت ترتاد البصرة سنويا إلى ما يقارب الخمسين سفينة، وعادت الرحلات السنوية لأسطول البن العُماني للبصرة.

هذا التدخل العُماني في البصرة يعكس العلاقات الوثيقة بين عُمان والدولة العثمانية، ويبرز دور الإمام أحمد بن سعيد في تعزيز مكانة عُمان الإقليمية، وتأكيد قدراتها العسكرية والبحرية في تلك الفترة التاريخية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أحمد بن سعید الع مانیة الع مانی

إقرأ أيضاً:

سرد بصري للتاريخ العُماني في السينما الوثائقية

شهد معرض مسقط الدولي للكتاب جلسة حوارية بعنوان "سلطنة عمان بعدسة صناع الأفلام - تجارب عالمية"، أدارها اطلال الشحري، واستضافت الكاتبة والمخرجة البريطانية بتني هيوز، والمخرج الألماني فريدرش كلوتشه، وسط حضور من المهتمين بالتاريخ والسينما والثقافة العُمانية.

واستعرضت بتني هيوز تجربتها في إنتاج سلسلة "كنوز عالم الإنسان"، مؤكدة أن سلطنة عمان كانت محطة محورية في هذه السلسلة، لما تحمله من إرث حضاري عريق. وتطرقت إلى زيارتها لمواقع أثرية تعود لآلاف السنين، كمقابر أقدم من الأهرامات، وأنظمة الري القديمة، ومسارات تجارة اللبان ، كما تحدثت عن كتابها الصادر مؤخرًا والذي تصدّر قائمة الكتب الأكثر مبيعًا في المملكة المتحدة، مؤكدة أن تجربتها في عمان ألهمتها كثيرًا لما لمسته من عمق التاريخ والحضارة.

وأكدت هيوز أن الشعور بالدهشة هو حاجة إنسانية أساسية، لا تقل أهمية عن الطعام أو المأوى، وهو ما دفعها لتأليف كتابها عن عجائب الدنيا السبع، موضحة أن الكتابة عنها تنبع من قناعة بأن الإنسان بطبيعته يسعى إلى الإبداع والتعاون وتحقيق المستحيل، مشيرةً إلى أن صناعة الأفلام تمثل نموذجًا لهذا التعاون البشري، حيث تُخلق المعرفة والجمال بتضافر الجهود.

ولفتت إلى أن الحاجة إلى "الدهشة" تتجلى أكثر في أوقات الأزمات، كما حدث خلال جائحة كورونا، حين لجأ الناس إلى مشاركة الفنون والقصائد وصور العجائب، بما في ذلك مشاهد من تاريخ سلطنة عمان، تعبيرًا عن البحث عما يغذي الروح. وكشفت هيوز أنها زارت مواقع جميع عجائب الدنيا السبع القديمة باستثناء حدائق بابل المعلقة، مؤكدة وجود صلة بينها وبين تقنيات الري العُمانية، مثل نظام "الفلج"، الذي يُعتقد أنه ألهم طرق الري في بابل، وهو ما ذكرته في كتابها.

وأضافت أن فهم "الإرث الرمزي" لعجائب الدنيا يسهم في فهم الإنسان لذاته، وأن أبحاثًا حديثة في علم الأعصاب تشير إلى أن البشر يولدون بذاكرة رمزية، وأن الدهشة تخلق تفاعلًا يؤدي إلى الفهم، ومن ثم الحب، مشيرة إلى أن خلق الدهشة هو "فعل حب".

وتحدثت هيوز عن بداية اهتمامها بعُمان منذ الطفولة، حين ارتبط في ذهنها اللبان الذي قُدِّم مع الذهب للطفل يسوع، مما دفعها لاحقًا للبحث عن مصدره، وأضافت عند دراستها للجغرافيين القدماء مثل بطليموس، اكتشفت أن "الميناء الخفي" الذي أشار إليه كان ميناء مسقط، الذي وُصف قبل أكثر من 2000 عام.

وأشارت إلى أنها زارت عُمان بهدف توثيق الاكتشافات الأثرية من خلال الفيلم الوثائقي Treasures of Oman، مؤكدة أن الهدف من الفيلم هو تعريف الجمهور العالمي بتاريخ عمان المدهش، مبينةً أن اختيار القصص لم يكن سهلاً نظرًا لغنى التاريخ العُماني وتعدد رواياته، لكن الفريق ركّز على القصص ذات الصدى الإنساني والبصري، والتي تتعلق بالطبيعة والشعر، وتحمل قيمة عالمية.

وأكدت أن الحوار مع العُمانيين ساعد الفريق على اختيار القصص الأنسب للفيلم، مشيرة إلى أن الفيلم شاهده أكثر من 450 مليون مشاهد حول العالم، ما يعكس أهميته في تسليط الضوء على تاريخ عمان، كما عبّرت عن رغبتها في ترجمة كتابها إلى اللغة العربية، داعية المترجمين المهتمين إلى التواصل معها.

تاريخ حيّ على جدران المنازل

من جانبه، استعرض المخرج الألماني فريدرش كلوتشه تجربته في إنتاج الفيلم الوثائقي "بيت العجائب"، الذي يوثق الحضور العُماني في زنجبار وشرق أفريقيا. وذكر أن اهتمامه بعمان بدأ بعد أن شاهد أحد المهتمين في سلطنة عمان أحد أفلامه عن المحيط الهندي، وتلقى بعدها دعوة من عبدالله بن محمد السالمي عضو مجلس إدارة الجامعة الألمانية في سلطنة عمان لإنتاج فيلم عن محطات بارزة في التاريخ العُماني، وانه في تلك الفترة تجوّل في أرجاء عمان وبدأ يكتشف عمق القصص التاريخية، وذكر تجربة شخصية تركت فيه أثرًا، حين زار ولاية إبراء في الداخل العماني، واكتشف منازل تجار عمانيين كبار بُنيت على بعد 300 كيلومتر من الساحل، ومع ذلك كانت مرتبطة بالتجارة البحرية، على عكس ما اعتاده في ألمانيا حيث يقطن التجار المدن الساحلية.

وأشار الى انه صعد الدرج في أحد تلك البيوت شبه المهدّمة، ووجد رسومًا قديمة على الجدران في الأعلى ، إحداها لسفينة شراعية ، ربما رسمت قبل 200 أو 300 عام، مؤكداً ان هذا ما جعله يدرك أن التاريخ حي هنا، وأنه ينتظر من يكتشفه.

وتحدث كلوتشه عن فيلم "بيت العجائب" الذي تم عرضه خلال الجلسة، مشيرًا إلى أن المبنى، الواقع في قلب زنجبار، يعكس مزيجًا من التقنيات الغربية والتأثيرات الهندية والرموز المعمارية العُمانية. وقال إن "بيت العجائب" مكّن فريق العمل من ربط قرون من التاريخ في محور سردي واحد.وأوضح أن الفكرة في جعل المبنى نفسه راويًا للفيلم وُلدت خلال جائحة كورونا، حين أتاح توقف التصوير وقتًا إضافيًا للمونتاج، حيث استُخدمت تقنية LiDAR لمسح المبنى ثلاثي الأبعاد بالتعاون مع اليونسكو، وعند مشاهدة النموذج الرقمي، تقرر منحه "صوتًا" لرواية القصة.

وأشار إلى أن الفيلم مكوّن من ثلاثة أجزاء، تناولت الحضور العُماني في زنجبار وشرق أفريقيا، وأُنتجت بثلاث لغات هي العربية والإنجليزية والسواحيلية، وسلطت الضوء على إسهامات العُمانيين في السياسة والتجارة والثقافة. وتصدّر الجزء الأول سعيد بن سلطان، بينما تناول الثاني شخصية "تيبوتيب"، وجسد الثالث شخصية يؤديها مبارك الهنائي.

وأوضح أن التصوير جرى في مواقع متعددة حول العالم، من بينها زنجبار، ودول أفريقية وآسيوية، وأوروبا، والولايات المتحدة، وسلطنة عُمان، مؤكدًا أن الهدف من الفيلم هو استعادة قصة عُمانية كبرى طواها النسيان بعد أحداث عام 1964.

وأضاف كلوتشه أن الفريق قرر تحويل المواد التي لم تُدرج في الفيلم إلى كتاب شامل يوثق كل ما جمعوه خلال البحث، مشيرًا إلى أن العمل على الفيلم بدأ عام 2019 واستغرق سنوات من البحث والإنتاج والترجمة.

شهدت الجلسة عرض مقتطفات مرئية من أعمال الضيفين، ونقاشات حول الحساسية الثقافية، والنية الإبداعية، والبعد البصري في توثيق التاريخ العُماني، ودور التكنولوجيا الحديثة، مثل استخدام LiDAR في تصوير المباني الأثرية.

مقالات مشابهة

  • انخفاض أسعار خامي البصرة
  • قائد الحرس السلطاني العُماني يكرم عددًا من المجيدين
  • سرد بصري للتاريخ العُماني في السينما الوثائقية
  • أحمد سعيد: الأهلي هو بطل دوري أبطال آسيا للنخبة.. فيديو
  • حادثا سير مروّعان في البصرة يسفران عن مصرع شخص وإصابة آخرين (فيديو)
  • منتدى الأعمال العُماني التنزاني يستعرض الفرص الاستثمارية
  • مساحات بصرية تحتفي بالإبداع العُماني في «ردهة الفنون»
  • الفريق أحمد خليفة يتفقد المنظومة التعليمية بمعهد ضباط الصف المعلمين
  • أحمد بن سعيد يفتتح فعاليات «سوق السفر العربي 2025»
  • الطيران العُماني والاستدامة المالية