«الرحماني» تفك الحصار عن البصرة
تاريخ النشر: 24th, November 2024 GMT
في عام 1775م شهدت مدينة البصرة حصارًا فرضته القوات الفارسية بقيادة صادق خان، شقيق كريم خان زند، الذي أرسل جيشًا قوامه 50.000 مقاتل بهدف السيطرة على المدينة. جاء هذا الهجوم بعد أن عانت البصرة من وباء الطاعون الذي أودى بحياة العديد من سكانها، مما جعلها ضعيفة أمام التهديدات الخارجية.
تذرع كريم خان بأن الفرس يتعرضون لسوء معاملة وضرائب باهظة أثناء زيارتهم للأماكن المقدسة في النجف وكربلاء، مطالبًا الباب العالي في إسطنبول برأس والي بغداد عمر باشا، مهددًا بغزو العراق إذا لم تُلبَّ مطالبه.
عند وصول القوات الفارسية إلى مشارف البصرة، اجتمعت القوات العثمانية وأهالي المدينة للدفاع عنها، لكن المواجهة الحاسمة لم تحدث، واستمر الحصار لأكثر من عام، تعرضت خلاله المدينة لقصف مكثف، مما زاد من معاناة سكانها.
في تلك الفترة، كانت بغداد تعاني من اضطرابات سياسية وصراعات داخلية، بالإضافة إلى انتشار وباء الطاعون، مما جعلها عاجزة عن تقديم الدعم للبصرة. أمام هذا الوضع، استنجدت القبائل العربية في البصرة بالإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي الذي كان قد خاض حروبا كبيرة مع الفرس وأخرجهم من السواحل العمانية.
استجاب الإمام أحمد بن سعيد لنداء الاستغاثة، وأمر بتجهيز أسطول بحري كبير يتألف من عدة قطع بحرية تتقدمها السفينة الحربية «الرحماني»، بقيادة ابنه هلال بن أحمد. كان الأسطول مزودًا بمدافع وقوات قوامها حوالي 10.000 رجل، مستعدًا لفك الحصار عن البصرة.
عند وصول الأسطول العُماني إلى مصب شط العرب، واجه سلسلة حديدية ضخمة نصبها الفرس على جانبي النهر لمنع أي إمدادات من الوصول إلى المدينة المحاصرة. بعد دراسة الموقف ووضع الخطط العسكرية، تمكنت السفينة «الرحماني» من تحطيم السلسلة الحديدية، مما أتاح للأسطول العُماني دخول شط العرب ومواجهة القوات الفارسية.
اندلعت معارك ضارية بين القوات العُمانية والفارسية، أظهرت فيها القوات العُمانية شجاعة وبسالة كبيرة. استمرت الاشتباكات لعدة أشهر، تمكن خلالها الأسطول العُماني من تأمين المساعدات القادمة إلى البصرة، مما ساهم في فك الحصار تدريجيًا.
شكل تدخل الأسطول العماني حسما واضحا للمعركة وفي تغيير موازين القوى وإفشال الحصار على مدينة البصرة التي عادت إلى السيادة العثمانية وأمر السلطان العثماني عبد الحميد الأول بصرف مكافأة سنوية لعُمان تقديرًا لدورها في الدفاع عن المدينة، وهي ممارسة استمرت حتى عهد السيد سعيد بن سلطان. وقويت الروابط بين الإمام أحمد بن سعيد والسلطان العثماني عبد الحميد الأول الذي خصص مكافأة سنوية للإمام ظلت تدفع حتى عهد السيد سعيد بن سلطان كما سمح للتجار العُمانيين بالمتاجرة في العراق، وأمر برفع الرسوم التي كانت تفرض على تجارة البن، مما أدى إلى ازدهار التجارة العُمانية في البصرة، حيث وصل عدد السفن العُمانية التي كانت ترتاد البصرة سنويا إلى ما يقارب الخمسين سفينة، وعادت الرحلات السنوية لأسطول البن العُماني للبصرة.
هذا التدخل العُماني في البصرة يعكس العلاقات الوثيقة بين عُمان والدولة العثمانية، ويبرز دور الإمام أحمد بن سعيد في تعزيز مكانة عُمان الإقليمية، وتأكيد قدراتها العسكرية والبحرية في تلك الفترة التاريخية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أحمد بن سعید الع مانیة الع مانی
إقرأ أيضاً:
تقدم متسارع.. الجيش السوداني يفك الحصار عن مدينة الأبيّض بشمال كردفان
أعلن الجيش السوداني، وصول قواته إلى مدينة الأُبَيِّض عاصمة ولاية شمال كردفان (جنوب)، ليتمكن للمرة الأولى منذ أكثر من عام من فك الحصار الذي كانت تفرضه قوات الدعم السريع على المدينة.
وقال الجيش السوداني في بيان مقتضب أمس الأحد: "تمكنت قوات متحرك الصياد من فتح طريق الأبيض والالتحام مع قوات الهجانة (تابعة للجيش) في جبل كردفان".
ومصطلح "متحرك" يقصد به الجيش وحدات عسكرية مكونة من قوات تتبع له وأخرى مساندة له.
ومنذ أكثر من عام أنشأ الجيش "متحرك الشهيد الصياد" من قواته المتمركزة بولاية النيل الأبيض (جنوب) والقوة التي انسحبت من نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور (غرب) وقوات من "فرقة الهجانة" وهي الفرقة الخامسة مشاة التابعة للجيش السوداني في ولاية شمال كردفان، وقوات مكافحة الإرهاب في جهاز المخابرات.
وقوات "متحرك الشهيد الصياد" التي تحركت من مدينة كوستي حققت في الأيام الأخيرة اختراقات واسعة ضد دفاعات "الدعم السريع" بالسيطرة على مدينتي أم روابة والرهد ثاني وثالث أكبر مدينتين في ولاية شمال كردفان.
وبوصول الجيش إلى "الأبيض"، يصبح الطريق القومي بين مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض ومدينة الأبيض مفتوحا وتحت سيطرة الجيش، بعد أن قطعته قوات الدعم السريع منذ يوليو/ تموز 2023، كما يمهد ذلك الطريق لقوات الجيش نحو الهجوم على مواقع "الدعم السريع" في غرب إقليم دارفور.
ومنذ أيام وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة "الدعم السريع" لصالح الجيش بولايتي الوسط (الخرطوم والجزيرة) وولايتي الجنوب (النيل الأبيض وشمال كردفان) المتاخمة غربا لإقليم دارفور (5 ولايات) وتسيطر "الدعم السريع" على 4 ولايات فيه، بينما لم تمتد الحرب لشمال البلاد وشرقها.
وفي ولاية الخرطوم المكونة من 3 مدن، بات الجيش يسيطر على 90 بالمئة من "مدينة بحري" شمالا، ومعظم أنحاء "مدينة أم درمان" غربا، و60 بالمئة من عمق "مدينة الخرطوم" التي تتوسط الولاية وتحوي القصر الرئاسي والمطار الدولي وتكاد تحاصرهما قوات الجيش، بينما لا تزال "الدعم السريع" بأحياء شرقي المدينة وجنوبها.
ومنذ أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.