كتب محمد شقير في "الشرق الأوسط": تتعاطى القوى السياسية على اختلافها مع تأكيد أمين عام "حزب الله"، الشيخ نعيم قاسم، بتموضعه مجدداً تحت سقف "اتفاق الطائف"، على أنه أراد أن يستبق الوعود الأميركية بالتوصل إلى وقف إطلاق النار، بتحديد العناوين الرئيسية لخريطة الطريق في مقاربته لمرحلة ما بعد عودة الهدوء إلى جنوب لبنان، بانسحاب إسرائيل من المناطق التي توغلت فيها تمهيداً لتطبيق القرار الدولي "1701"، وتعد بأنها تأتي في سياق استعداد الحزب للعبور من الإقليم -أي الميدان- إلى الداخل اللبناني عبر بوابة الطائف.
فالبنود التي حددها قاسم في مقاربته لمرحلة ما بعد وقف إطلاق
النار تنم، كما تقول مصادر سياسية لـ"الشرق الأوسط"، عن رغبته في إضفاء اللبننة على توجهات الحزب وصولاً إلى انخراطه في الحراك السياسي، في مقابل خفض منسوب اهتمامه بما يدور في الإقليم في ضوء تقويمه لردود الفعل المترتبة على تفرُّده في قرار إسناده لغزة
الذي أحدث انقساماً بين اللبنانيين. وتعدّ المصادر أنه ليس في إمكان الحزب أن يتجاهل الوقائع التي فرضها قرار إسناده لغزة، وأبرزها افتقاده لتأييد حلفائه في "محور الممانعة"، وكاد يكون وحيداً في المواجهة، وتؤكد أن تفويضه لرئيس المجلس النيابي، نبيه بري، للتفاوض مع الوسيط الأميركي، آموس هوكستين، وتوصلهما إلى التوافق على مسوّدة لعودة الهدوء إلى الجنوب، يعني حكماً أنه لا مكان في المسوّدة للربط بين جبهتي غزة والجنوب وإسناده لـ"حماس". وتلفت المصادر نفسها إلى أن عدم اعتراض الحزب على المسوّدة يعني موافقته الضمنية على إخلاء منطقة الانتشار في جنوب الليطاني والانسحاب منها، إضافة إلى أن قواعد الاشتباك المعمول بها منذ صدور القرار "1701"، في آب 2006، أصبحت بحكم الملغاة، أسوة بإنهاء مفعول توازن الرعب الذي كان قد أبقى على التراشق بينهما وتقول المصادر نفسها إنه لا خيار أمام الحزب سوى الانكفاء إلى الداخل، وإن ما تحقق حتى الساعة بقي محصوراً في التوصل إلى وقف إطلاق النار العالق سريان مفعوله على الوعود الأميركية، فيما لم تبقَ الحدود اللبنانية - السورية مشرّعة لإيصال السلاح إلى الحزب، بعدما تقرر ضبطها على غرار النموذج الذي طبقه الجيش على مطار رفيق الحريري الدولي، ومنع كل أشكال التهريب من وإلى لبنان، إضافة إلى أن وحدة الساحات كادت تغيب كلياً عن المواجهة، ولم يكن من حضور فاعل لـ"محور الممانعة" بانكفاء النظام السوري عنه، رغبة منه بتصويب علاقاته بالمجتمع الدولي، وصولاً إلى رفع الحصار المفروض عليه أميركياً بموجب قانون قيصر. وفي هذا السياق، تتوقف المصادر أمام ما قاله كبير مستشاري المرشد الإيراني، علي لاريجاني، لوفد من "محور الممانعة" كان التقاه خلال زيارته إلى بيروت: "إيران ترغب في إيصال المساعدات إلى
لبنان لكن الحصار المفروض علينا براً وبحراً وجواً يمنعنا من إرسالها، ولم يعد أمامنا سوى التأكيد بأننا شركاء في إعادة الإعمار". وتسأل ما إذا كان التحاق الحزب بركب "اتفاق الطائف"، الذي هو بمثابة ملاذ آمن للجميع للعبور بلبنان إلى بر الأمان، يأتي في سياق إجراء مراجعة نقدية تحت عنوان تصويبه للعلاقات اللبنانية - العربية التي تصدّعت بسبب انحيازه إلى "محور الممانعة"، وجعل من لبنان منصة لتوجيه الرسائل بدلاً من تحييده عن الصراعات المشتعلة في المنطقة؟ وهل بات على قناعة بأنه لا خيار أمامه سوى التوصل إلى وقف إطلاق النار، رغم أن إسرائيل تتمهل في الموافقة عليه ريثما تواصل تدميرها لمناطق واسعة، وهذا ما يفتح الباب للسؤال عن مصير الوعود الأميركية، وهل توكل لتل أبيب اختيار الوقت المناسب للإعلان عن انتهاء الحرب؟ ولم تستبعد الدور الذي يعود لبري في إسداء نصيحته للحزب بضرورة الالتفات إلى الداخل، والتموضع تحت سقف "اتفاق الطائف"، خصوصاً أن المجتمع الدولي بكل مكوناته ينصح المعارضة بمد اليد للتعاون معه لإخراج لبنان من أزماته المتراكمة. وتقول إن الحزب يتهيب التطورات التي تلازمت مع إسناده لغزة، وتسأل هل قرر إعادة النظر في حساباته في ضوء أن رهانه على تدخل إيران لم يكن في محله؛ لأن ما يهمها الحفاظ على النظام وتوفير الحماية له، آخذة بالاعتبار احتمال ضعف موقفها في الإقليم؟ لذلك فإن قرار الحزب بأن يعيد الاعتبار للطائف، يعني أنه يبدي استعداداً للانخراط في الحراك السياسي بحثاً عن حلول لإنقاذ لبنان بعد أن أيقن، بحسب المصادر، بأن فائض القوة الذي يتمتع به لن يُصرف في المعادلة السياسية، وأن هناك ضرورة للبحث عن القنوات المؤدية للتواصل مع شركائه في البلد، وأولهم المعارضة، مع استعداد البلد للدخول في مرحلة سياسية جديدة فور التوصل إلى وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يعطي الأولوية لانتخاب الرئيس، ليأخذ على عاتقه تنفيذ ما اتُّفق عليه لتطبيق الـ"1701". وعليه لا بد من التريث إفساحاً في المجال أمام ردود الفعل، أكانت من المعارضة أو الوسطيين، على خريطة الطريق التي رسمها قاسم استعداداً للانتقال بالحزب إلى مرحلة سياسية جديدة، وهذا يتطلب منه عدم الاستقواء على خصومه والانفتاح والتعاطي بمرونة وواقعية لإخراج انتخاب الرئيس من المراوحة، واستكمال تطبيق "الطائف"، في مقابل معاملته بالمثل وعدم التصرف على نحو يوحي بأنهم يريدون إضعافه في إعادة مؤسسات البلد، بذريعة أن قوته اليوم لم تعد كما كانت في السابق، قبل تفرده في إسناده لغزة..
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية:
إلى وقف إطلاق النار
محور الممانعة
إقرأ أيضاً:
«للصبر حدود».. لبنان يحذّر من الخروقات الإسرائيلية
يواصل الجيش الإسرائيلي خرق اتفاق وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه مع “حزب الله” في 27 نوفمبر الماضي، حيث فجّر عددا من المنازل في منطقة حانين في قضاء بنت جبيل في جنوب لبنان.
وتعليقا على الخروقات الإسرائيلية، قال عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب إبراهيم الموسوي: “نعطي فرصة، لكن للصبر حدود، وبعد انتهاء المهلة (تنفيذ قرار وقف إطلاق النار) المطلوب أن يكون هناك موقف واضح”.
وأضاف: “نحن ما زلنا نؤمن أن ثبات المقاومة مع الجيش هو الذي يقدم الحماية، وهناك فرصة واختبار أمام اللبنانيين جميعا، وهم مدعوون أن يكون هناك ادانة لما يحصل من ارتكابات واعتداءات”.
وبحسب موقع “ليبانون فايلز”، تساءل عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب علي خريس: “أين الدول الراعية ولجنة المراقبة والولايات المتحدة وفرنسا، لوضع حد للعدوان والخروقات الإسرائيلية اليومية في جنوب”.
في السياق، شدد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، “على أنه يجب على لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701 وتقوم بدورها الكامل والضغط على العدو الاسرائيلي لوقف كل الخروقات”.
وفي تصريح من ساحة مدينة الخيام في إطار جولة تفقدية مع قائد الجيش العماد جوزيف عون على القطاع الشرقي وانتشار الجيش جنوب لبنان، قال ميقاتي إنه “يجب على اللجنة أيضا أن تضمن الانسحاب الفوري من الأراضي اللبنانية التي توغل فيها الجيش الإسرائيلي”.
وكشف أنه “طلب عقد اجتماع يو يوم غد (الثلاثاء) في السراي الحكومي مع لجنة مراقبة تنفيذ الاتفاق وسيكون حاضرا الضابط الأمريكي والفرنسي وبحضور قائد الجيش و”ممنوع أن يكون هناك أي عائق أمام الجيش اللبناني لكي يقوم بواجبه كاملا”، مشيرا إلى أن “هناك مماطلة بتنفيذ الاتفاق من الجانب الإسرائيلي وسنراجع من رعى هذا الاتفاق من الجانب الأمريكي والفرنسي لوضع حد لهذا الموضوع والإسراع بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من جنوب لبنان”.
وأضاف: “أنا أصر على حل كل الخلافات المتعلقة بالخط الأزرق لكي لا يكون هناك أي مبرر للعدو الإسرائيلي للبقاء في أي نقطة على الأراضي اللبنانية”.
من جهة أخرى، أكد أنه “سيكون هناك خطة لإعادة الإعمار ونحن ندرس هذا الموضوع ضمن السرعة والشفافية”، مبينا أن الحكومة تسعى “مع البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والدول العربية والدول الصديقة للقيام بإنشاء صندوق ائتمان يشارك به الجميع من أجل إعادة إعمار لبنان”.