أشرف غريب يكتب: سلام لفيروز في عامها التسعين
تاريخ النشر: 24th, November 2024 GMT
أتمت جارة القمر فيروز عامها التسعين، كرست من ذلك العمر المديد ما يقرب من خمسة وسبعين عاماً كى تمتعنا ببديع فنها وجميل عطائها، فكانت الصوت العربى الأطول عمراً، والأكثر قدرة على لم شمل الفرقاء.. فى زمن الحرب الأهلية اللبنانية، الذى أخذ من لبنان خمسة عشر عاماً، وقت أن كان اللبنانى يشهر سلاحه فى وجه شقيقه الفعلى ابن أمه وأبيه، والخلافات الطائفية والمذهبية والحزبية تعصف ببلاد الأرز.
كان صوت فيروز الوحيد تقريباً الذى يجمع ولا يفرق، يوحد ولا يشتت، يحفز على الانتماء للوطن ولا ينتصر لفئة دون أخرى، غنت فيروز للبنان الوطن، ولم يثبت يوماً أنها انحازت غنائياً لفصيل دون آخر، فعشقها اللبنانيون دون تحزُّب، واحترمها الجميع دون استثناء، حتى حينما جهرت ذات مرة بدعمها لحزب الله، وهى المسيحية الأرثوذكسية، سارعت وأكدت أنها تؤيد فيه روح المقاومة ضد إسرائيل والدفاع عن الكرامة اللبنانية ولا شىء آخر.
ومن لبنان، تتسع دائرة محبة فيروز لتشمل جميع أرجاء الوطن العربى، فيروز هى أكثر المطربين والمطربات العرب التى لها فى كل مدينة عربية كبرى أغنية وذكرى، حتى مدينة مكة، قلب الإسلام ومهبط الوحى، غنت لها فيروز المسيحية بذات القدسية والإجلال التى رتلت بها ترانيمها الكنسية الشهيرة، فهى حينما تقف لتغنى أمام الميكروفون تنزع عن نفسها كل ميل وهوى، وتطلق لصوتها عنان المحبة الإنسانية فى أبهى صورها وتجلياتها.
أما عن القضية الفلسطينية، فإن صوت فيروز كان الحاضر دائماً فى كل مناسبة وحدث، هى التى ناصرت الشعب والهوية، وبثت الأمل فى العودة والقضاء على آثار القدم الهمجية، هى التى حملت على كتفيها وعبر صوتها الهمَّ الفلسطينى وطافت به العالم شرقاً وغرباً لتغنى: زهرة المدائن، القدس العتيقة، سيف فليشهر، الغرباء، جسر العودة، غاب نهار آخر، يافا، بيسان، وعشرات الأغنيات الأخرى.
هى التى غنت القدس فى البال، وعنونت بها ألبومها الصادر عام 1971 يحمل بعضاً مما غنته للقضية، فيروز كانت صوت فلسطين الهادر أكثر من الفلسطينيين أنفسهم مثلما قال شاعر المقاومة الفلسطينية الأكبر محمود درويش فى أحد مقالاته الشهيرة عام 1986، ولذلك قدرها الفلسطينيون وأجلوا لها عظيم مواقفها تجاه القضية، ومنحوها دون غيرها من المطربين العرب مفتاح مدينة القدس وصينية من الصدف صنعتها نسوة مدينة بيت لحم، مهد السيد المسيح، فى احتفال مهيب بالعاصمة اللبنانية بيروت فى أغسطس عام 1968 بعد أربعة عشر شهراً من ضياع بقية المدينة المقدسة فى حرب يونيو 1967، يومها ألقى منصور رحبانى، رفيق سلاحها الغنائى مع شقيقه عاصى، كلمة معبرة تلخص موقف ثلاثتهم وإصرارهم على المضى قدماً فى طريق النضال الغنائى من أجل فلسطين حيث قال:
«تكون المفاتيح من حديد، غير أن مفتاح المدينة المقدسة من خشب الزيتون، من خشب السلام، من جذوع صلى عليها خادم السلام، وتفيأ ظلالها الأنبياء، فيا أبناء القدس إخوتنا، ويا أيها السادة الذين تحملوا مشقة السفر: باسم فيروز ومنصور وعاصى وكل من أسهم معنا أقول لكم شكراً.. إن كل ما أعطيناه واجب، بل هو أقل من واجب، إن هو إلا شعور داخلى، شعور ينبع من هول المأساة التى زلزلتنا، ولو أن الغناء يكون صامتاً لكان أجدر بنا أن نغنى صامتين، لكنه صراخ الحق تفجر غناء، إن لقاءنا بكم اليوم عهد نجدده بأننا لن نتوقف عن الغناء.
نغنى للذين يقاومون بالداخل، فتمتزج جراحنا بجراحهم، نغنى للأطفال الذين ولدوا فى الغربة ليتذكروا أنهم دائماً على سفر، وأن العودة إلى هناك آتية، لكل ضمير فى الدنيا، لكل إنسان نعلن نشيد الحق ونجرح سماء العالم بصراخنا، نحن نؤمن بالعودة، نتلوها فى كل صلاة، نؤمن بها فعلاً وإيماناً، نرددها كما فى ذكر أسمائه الحسنى، وإنه لفرح عظيم أن يختارنا المفتاح الرمز، أن نعلقه بركة فى بيتنا، أمانة فى أعناقنا، ووعداً فى قلوبنا، أما الفرح العميم فيوم أن تتدافع الأيادى السمر عائدة حاملة مفاتيح بيوتها، ذلك أن هناك أبواباً وجدراناً وبقية من ظلال تنتظر، تعرف أهلها وتحن إليهم، يومنا الكبير يوم انتصار الحق، يوم عودة أصحاب المفاتيح».
وفى يقينى أن فيروز والرحابنة ظلوا أوفياء لهذا العهد الذى قطعوه على أنفسهم يوم أن تسلموا مفتاح مدينة القدس، فيروز التى قالت وهى تمر بشوارع القدس العتيقة: «البيت لنا، والقدس لنا، وبأيدينا سنعيد بهاء القدس، للقدس سلام»، نقول لها وهى فى التسعين: سلام عليكِ يوم ولدتِ، ويوم غنيتِ، ويوم أتممتِ عِقدك التاسع.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: المطربة فيروز الفن والطرب
إقرأ أيضاً:
مجهود صادق.. مصطفى شعبان يحتفل بفركش مونتاج آخر حلقات حكيم باشا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كشف النجم الكبير مصطفى شعبان عبر صفحته الرسمية بموقع "فيس بوك" عن آخر يوم مونتاج من مسلسل «حكيم باشا» بظهور عدد كبير من صناعه.
وأعرب الفنان مصطفى شعبان عن سعادته بالتعاون مع فريق العمل قائلاً: “فركش آخر يوم فى مونتاج حكيم باشا شكرًا جزيلًا على الضيافة و الفطار واللمة الحلوة و المجهود الكبير، شكرًا شركة سينرجي المنتج تامر مرسي و الشركة المتحدة شكرًا الأخ و الفنان العزيز و قائد العمل الأستاذ عمرو درديرى المشرف العام على المشروع”.
وتابع مصطفى شعبان: “شكرًا للمخرج أحمد خالد أمين و مدير التصوير محمد خالد و المونتير الرائع محمد بكر ومهندس الديكور خالد أمين و ستايلست غادة وفيق و مهندس سلطان السمان و مهندس الصوت أشرف نجم و الاكسسوار و طاقم الإنتاج المحترف بقيادة أشرف عبد المعبود و الأستاذ طارق زهران و كل نجوم العمل خلف الكواليس”.
واختتم مصطفى شعبان منشوره قائلًا: “شكرًا لكل زملائي النجوم على هذا المجهود الصادق و الكواليس الرائعة و توجها ربنا سبحانه بهذا النجاح الكبير و الغير مسبوق في مصر و العالم العربي، شكرًا لكل الجمهور الكبير من كل مكان على المتابعة و الرسائل من كل البلاد و تعليقاتكم الرائعة كل عام وأنتم بخير و عيد سعيد عليكم جميعًا”.