الوطن:
2024-12-25@01:58:40 GMT

أشرف غريب يكتب: سلام لفيروز في عامها التسعين

تاريخ النشر: 24th, November 2024 GMT

أشرف غريب يكتب: سلام لفيروز في عامها التسعين

أتمت جارة القمر فيروز عامها التسعين، كرست من ذلك العمر المديد ما يقرب من خمسة وسبعين عاماً كى تمتعنا ببديع فنها وجميل عطائها، فكانت الصوت العربى الأطول عمراً، والأكثر قدرة على لم شمل الفرقاء.. فى زمن الحرب الأهلية اللبنانية، الذى أخذ من لبنان خمسة عشر عاماً، وقت أن كان اللبنانى يشهر سلاحه فى وجه شقيقه الفعلى ابن أمه وأبيه، والخلافات الطائفية والمذهبية والحزبية تعصف ببلاد الأرز.

كان صوت فيروز الوحيد تقريباً الذى يجمع ولا يفرق، يوحد ولا يشتت، يحفز على الانتماء للوطن ولا ينتصر لفئة دون أخرى، غنت فيروز للبنان الوطن، ولم يثبت يوماً أنها انحازت غنائياً لفصيل دون آخر، فعشقها اللبنانيون دون تحزُّب، واحترمها الجميع دون استثناء، حتى حينما جهرت ذات مرة بدعمها لحزب الله، وهى المسيحية الأرثوذكسية، سارعت وأكدت أنها تؤيد فيه روح المقاومة ضد إسرائيل والدفاع عن الكرامة اللبنانية ولا شىء آخر.

ومن لبنان، تتسع دائرة محبة فيروز لتشمل جميع أرجاء الوطن العربى، فيروز هى أكثر المطربين والمطربات العرب التى لها فى كل مدينة عربية كبرى أغنية وذكرى، حتى مدينة مكة، قلب الإسلام ومهبط الوحى، غنت لها فيروز المسيحية بذات القدسية والإجلال التى رتلت بها ترانيمها الكنسية الشهيرة، فهى حينما تقف لتغنى أمام الميكروفون تنزع عن نفسها كل ميل وهوى، وتطلق لصوتها عنان المحبة الإنسانية فى أبهى صورها وتجلياتها.

أما عن القضية الفلسطينية، فإن صوت فيروز كان الحاضر دائماً فى كل مناسبة وحدث، هى التى ناصرت الشعب والهوية، وبثت الأمل فى العودة والقضاء على آثار القدم الهمجية، هى التى حملت على كتفيها وعبر صوتها الهمَّ الفلسطينى وطافت به العالم شرقاً وغرباً لتغنى: زهرة المدائن، القدس العتيقة، سيف فليشهر، الغرباء، جسر العودة، غاب نهار آخر، يافا، بيسان، وعشرات الأغنيات الأخرى.

هى التى غنت القدس فى البال، وعنونت بها ألبومها الصادر عام 1971 يحمل بعضاً مما غنته للقضية، فيروز كانت صوت فلسطين الهادر أكثر من الفلسطينيين أنفسهم مثلما قال شاعر المقاومة الفلسطينية الأكبر محمود درويش فى أحد مقالاته الشهيرة عام 1986، ولذلك قدرها الفلسطينيون وأجلوا لها عظيم مواقفها تجاه القضية، ومنحوها دون غيرها من المطربين العرب مفتاح مدينة القدس وصينية من الصدف صنعتها نسوة مدينة بيت لحم، مهد السيد المسيح، فى احتفال مهيب بالعاصمة اللبنانية بيروت فى أغسطس عام 1968 بعد أربعة عشر شهراً من ضياع بقية المدينة المقدسة فى حرب يونيو 1967، يومها ألقى منصور رحبانى، رفيق سلاحها الغنائى مع شقيقه عاصى، كلمة معبرة تلخص موقف ثلاثتهم وإصرارهم على المضى قدماً فى طريق النضال الغنائى من أجل فلسطين حيث قال:

«تكون المفاتيح من حديد، غير أن مفتاح المدينة المقدسة من خشب الزيتون، من خشب السلام، من جذوع صلى عليها خادم السلام، وتفيأ ظلالها الأنبياء، فيا أبناء القدس إخوتنا، ويا أيها السادة الذين تحملوا مشقة السفر: باسم فيروز ومنصور وعاصى وكل من أسهم معنا أقول لكم شكراً.. إن كل ما أعطيناه واجب، بل هو أقل من واجب، إن هو إلا شعور داخلى، شعور ينبع من هول المأساة التى زلزلتنا، ولو أن الغناء يكون صامتاً لكان أجدر بنا أن نغنى صامتين، لكنه صراخ الحق تفجر غناء، إن لقاءنا بكم اليوم عهد نجدده بأننا لن نتوقف عن الغناء.

نغنى للذين يقاومون بالداخل، فتمتزج جراحنا بجراحهم، نغنى للأطفال الذين ولدوا فى الغربة ليتذكروا أنهم دائماً على سفر، وأن العودة إلى هناك آتية، لكل ضمير فى الدنيا، لكل إنسان نعلن نشيد الحق ونجرح سماء العالم بصراخنا، نحن نؤمن بالعودة، نتلوها فى كل صلاة، نؤمن بها فعلاً وإيماناً، نرددها كما فى ذكر أسمائه الحسنى، وإنه لفرح عظيم أن يختارنا المفتاح الرمز، أن نعلقه بركة فى بيتنا، أمانة فى أعناقنا، ووعداً فى قلوبنا، أما الفرح العميم فيوم أن تتدافع الأيادى السمر عائدة حاملة مفاتيح بيوتها، ذلك أن هناك أبواباً وجدراناً وبقية من ظلال تنتظر، تعرف أهلها وتحن إليهم، يومنا الكبير يوم انتصار الحق، يوم عودة أصحاب المفاتيح».

وفى يقينى أن فيروز والرحابنة ظلوا أوفياء لهذا العهد الذى قطعوه على أنفسهم يوم أن تسلموا مفتاح مدينة القدس، فيروز التى قالت وهى تمر بشوارع القدس العتيقة: «البيت لنا، والقدس لنا، وبأيدينا سنعيد بهاء القدس، للقدس سلام»، نقول لها وهى فى التسعين: سلام عليكِ يوم ولدتِ، ويوم غنيتِ، ويوم أتممتِ عِقدك التاسع.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: المطربة فيروز الفن والطرب

إقرأ أيضاً:

عاجل - شبح التعثر يخيم على شركات صينية مع دخول أزمة العقارات عامها الخامس

يبدو أن الصين تواجه أزمة متفاقمة تهدد استقرار  قطاعها العقاري الذي يدخل عامه الخامس في دوامة من التحديات، إذ بدأت الأزمة بتعثر شركات عملاقة مثل شركة "إيفر جراند" الصينية والتي تعد واحدة من أكبر شركات التطوير العقاري في العالم، وتفاقمت مع تزايد مخاطر تخلف الشركات الأخرى عن سداد ديونها الهائلة التي تجاوزت تريليونات الدولارات.

وعرضت قناة القاهرة الإخبارية، تقريرا تلفزيونيا بعنوان "شبح التعثر يخيم على شركات صينية مع دخول أزمة العقارات عامها الخامس".

القطاع العقاري يعد العمود الفقري للاقتصاد الصيني

وأفاد التقرير: "القطاع العقاري يعد العمود الفقري للاقتصاد الصيني، حيث يشكل ربع الناتج المحلي الإجمالي لكن الانكماش المستمر ألقى بظلاله على النمو الاقتصادي بفعل انخفاض الطلب وتراجع الاستثمارات وتصاعد القلق بين المستثمرين الدوليين والمحليين على حدا سواء".

أزمة ديون العقارات في الصين 

وأضاف: "ومع استمرار أزمة ديون العقارات في الصين لا تزال شركات التطوير العقاري المتعثرة غير قادرة على سداد الديون مع استمرار الركود في مبيعات المنازل، ولا تزال سنداتها الدولارية تتداول عند مستويات متدنية للغاية، ورغم استمرار تعثر الشركات العقارية في الصين، فإن الأسوأ لم يأت بعد بالنسبة لقطاع الإسكان في ثان أكبر اقتصاد في العالم، والذي كان ذات يوما محركا قويا للنمو".

مقالات مشابهة

  • عاجل - شبح التعثر يخيم على شركات صينية مع دخول أزمة العقارات عامها الخامس
  • شبح التعثر يخيم على شركات صينية مع دخول أزمة العقارات عامها الخامس
  • أزمة العقارات في الصين تدخل عامها الخامس بلا حلول واضحة
  • د.حماد عبدالله يكتب: " تراجع " حركة التجارة الدولية !!
  • منير أديب يكتب: دولة تحت عباءة الفصائل.. سوريا بين الواقع الميليشياوى ومستقبل الدولة الوطنية
  • د.حماد عبدالله يكتب: تحديث البنية الثقافية
  • دياموند أبو عبود لصدى البلد: أتمنى تجسيد السيرة الذاتية لفيروز.. فيديو
  • تيراهابتكس النيجيرية لصناعة الدرون تكسب مليوني دولار في عامها الأول
  • أشرف غريب يكتب: هكذا يكون الكبار
  • د.حماد عبدالله يكتب: " بلطجة " التعليم الخاص !!