تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تحاول عدة شخصيات من الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا التشكيك في إعادة انتخاب المستشار أولاف شولتز.

وفي عالم السياسة الألمانية المهذب، رأى البعض فى ذلك باعتباره محاولة "انقلاب". وتحديدًا، تحدث شخصان من الحزب الديمقراطي الاشتراكي  حول جدوى إعادة انتخاب أولاف شولتز، بينما كان المستشار يشارك في قمة مجموعة العشرين في ريو، على بعد ١٠ آلاف كيلومتر من برلين.

وقال ديرك فيزه وفيبكي إسدار، نائبا الحزب الاشتراكي الديمقراطي في البوندستاج عن شمال الراين وستفاليا: "إن سمعة أولاف شولتز الحالية مرتبطة بقوة بالائتلاف. ومع القليل من الإدراك، سيتم بالتأكيد الحكم على عمله وقراراته من أجل بلادنا بشكل أكثر إيجابية.. باختصار: لنترك للتاريخ الحكم على سجل المتقاعد المستقبلي  شولتز، الذي قاد حكومته إلى الحائط، ولنجد بديلًا له بشكل عاجل، وهو في هذه الحالة وزير الدفاع بوريس بيستوريوس". 

حالة اضطراب

في السابق، اتخذ العديد من ديناصورات الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بما في ذلك وزير الاقتصاد السابق زيجمار جابرييل والمستشار السابق جيرهارد شرودر، موقفًا أيضًا: الأول من خلال دعوة رفاقه إلى اتخاذ القرار بترشيح بديل عن شولتز، والثاني من خلال المطالبة باستمراره. لكن كلام النائبين من شمال الراين وستفاليا، وهي منطقة رئيسية في ألمانيا، وضع الحزب في حالة من الاضطراب. ومنذ ذلك الحين، يخشى الناشطون أن يكون الوقت قد فات، قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات، لتغيير مواقفهم. 

وكانت إقالة أولاف شولتز لوزير المالية زعيم الحزب الليبرالي كريستيان ليندنر، سببًا في قرار البوندستاج بالدعوة لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في ٢٣ فبراير. وكان المستشار نفسه مبتهجًا بقراره، واعتبره علامة على  إضفاء الشرعية الإضافية على ترشيحه،  وإلغاء الفوضى التي ولدتها السنوات الثلاث التي قضاها في منصبه.

كما اعتقد كبار الشخصيات في الحزب، بما في ذلك زعيم كتلة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في البوندستاج، وممثل الجناح اليساري، رولف موتزينيتش، أنهم قادرون على التغلب على هذه الحلقة، من خلال الدعوة إلى استمرار الوضع الراهن. وقال "أنا على قناعة راسخة بأن أولاف شولتز قد فعل الخير لهذا البلد خلال السنوات الثلاث الماضية. وأنا شخصيًا مقتنع بذلك أيضًا".. على عكس الألمان أنفسهم حيث يقول ١٥٪ منهم فقط إنهم على استعداد للتصويت لصالح الحزب الاشتراكي الديمقراطي، في حين تراجع شولتز إلى المركز العشرين في تصنيف السياسيين المفضلين، فيما يأتى وزير الدفاع بوريس بيستوريوس في المقدمة.

الانزعاج منتشر

يجسد وزير الدفاع خطًا أكثر يمينية  في مواجهة التقليد السلمي للحزب الذي لا يروق للعديد من المتعاطفين مع القضية الأوكرانية، إلا أن بوريس بيستوريوس لا يتمتع ببنية رجل دولة، كما يتردد داخل الحزب، وقد يواجه ترشيحه نفس مصير كامالا هاريس في الولايات المتحدة.

ويوضح الناشطون أن الحزب يجنى ثمار عدم شعبية شولتز، دون أن يتحمل قادته عناء مواجهة هذه الحالة المزاجية. وكانت هذه الأمور واضحة خلال الانتخابات الأوروبية، وتعززت خلال الانتخابات الإقليمية في ولايات جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة.  وحرص ديتمار فويدكي، رئيس قائمة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في براندنبورج، حيث ينتمي شولتز، فى دائرته الانتخابية على عدم الظهور أبدًا برفقة المستشار خلال الحملة الانتخابية. وقد أعيد انتخابه.

ومنذ ذلك الحين، استمر الإحباط في التصاعد. وقال نائب برلماني من ولاية راينلاند المنتهية ولايته، مستهدفًا "الأفيال" بالحزب بشرط عدم الكشف عن هويته: "يجب على قيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي أن تُظهر للبلاد كيفية النقاش بشكل مفتوح وعادل والتوقف عن الرغبة في فرض ترشيحها بأوامر عليا كما لو كانت واجبة النفاذ"، فيما يتوقع البافاري باتريك ليتل أن "الرفاق  سوف يتساءلون عما إذا كان الأمر يستحق توزيع منشورات في منتصف الشتاء تكرر أن شولتز هو الأفضل".. وعلى أية حال، الأيام المقبلة حبلى بما ينتظر الحزب الاشتراكى الديمقراطى من تطورات تنعكس على مستقبل الحكومة الألمانية القادمة وشكل تكوينها. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: المستشار الألماني أولاف شولتز الحزب الاشتراکی الدیمقراطی فی أولاف شولتز

إقرأ أيضاً:

علاقة فى مهب الريح.. ألمانيا فى حالة صدمة بسبب فقدان «صديقها الأمريكى»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

لقد أصبح تحالف البلاد مع الولايات المتحدة، الذي شكل أساس إعادة إعمار ألمانيا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، عنصراً فى مهب الريح بالنسبة للعديد من الألمان، الذين يعتبرون الانتكاسات الجيوسياسية لإدارة ترامب بمثابة زلزال. 

على أراضي مطار تمبلهوف السابق في برلين، تحيي طائرة مروحية قديمة ذكرى لحظة حاسمة في التاريخ الألماني. وتذكر بالجسر الجوي (١٩٤٨-١٩٤٩)، الذي استمر أحد عشر شهراً قامت خلالها الطائرات الأمريكية من هذا النوع بتزويد جيب برلين الغربية، التي قطع السوفييت طرق الاتصالات فيها، بالمواد اللازمة. وأطلق سكان برلين على هذه الآلات لقب (قاذفات الزبيب) لأنها أسقطت آلاف الحلويات للأطفال فوق المدينة حتى رفع الحصار. وبالنسبة للعديد من الألمان، تعتبر هذه الطائرات رمزاً للصداقة والحرية التي تضمنها الولايات المتحدة ضد الدكتاتورية.

ذكريات قديمة

هل تذكر كبار السن هذا الحدث العاطفي عندما سمعوا خطاب جي دي فانس في مؤتمر ميونيخ للأمن في ١٤ فبراير، قبل تسعة أيام من الانتخابات العامة التي من المتوقع أن يحصل فيها حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف على ٢٠٪ من الأصوات؟.. ببضع جمل فقط، داس نائب الرئيس الأمريكي على إحدى الركائز المؤسسة لجمهورية ألمانيا الاتحادية، والتى تتمثل فى العلاقات عبر الأطلسي. لقد دعا جي دي فانس إلى التخلي عن أي حاجز ضد الجماعات اليمينية المتطرفة. وفي ميونيخ، لم يلتق نائب ترامب بالمستشار أولاف شولتز، بل التقى برئيسة حزب البديل من أجل ألمانيا أليس فايدل، التي كان مستشار دونالد ترامب الملياردير إيلون ماسك قد أيدها في يناير. وكان الهجوم العنيف الذي شنه الرئيس الأمريكي على نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يوم الأربعاء الماضى، بمثابة قمة القطيعة.

بالنسبة لألمانيا، فإن هذه نقطة تحول أكثر عمقاً من الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير ٢٠٢٢، والذي مثل عودة الحرب إلى أوروبا ودمر مفهومها للتجارة الدولية كضامن للاستقرار. أما العلاقة مع الولايات المتحدة فهي ذات طبيعة مختلفة. 

إنها علامة أساسية لألمانيا الحديثة، وهي التي فرضت الديمقراطية والقانون ضد رعب النازية. يتعين على أي سياسي بارز، وخاصة داخل الحزب الديمقراطي المسيحي، أن يكرر تأكيد تمسكه بالرابط عبر الأطلسي. وربما كان أيضًا قريبًا من إحدى الجمعيات التي تجسدها، مثل جمعية "جسر الأطلسي"، التي تأسست في عام ١٩٥٢ وترأسها بين عامي ٢٠٠٩ و٢٠١٩ فريدريش ميرز، المرشح المفضل لمنصب المستشار بعد الانتخابات.

لقد لعب الأمريكيون دوراً رئيسياً في إعادة بناء ألمانيا سياسياً واقتصادياً ومؤسسياً بعد الحرب العالمية الثانية. قاموا بتنظيم عملية نزع النازية من المؤسسات وفرضوا انضمام البلاد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). 

وقد ألهموا المبادئ المهمة للقانون الأساسي (١٩٤٩)، مثل احترام حقوق الإنسان التي تحميها المحكمة العليا، وفصل السلطات وتوازنها، والفيدرالية. 

ساهموا بشكل كبير في الإصلاح النقدي عام ١٩٤٨، والذي أدى إلى إدخال المارك الألماني. إن "المعجزة الاقتصادية" الألمانية لا يمكن تصورها من دون الاستقرار النقدي الذي استندت إليه خطة مارشال. ومع فقدان القوة العسكرية لمصداقيتها، أصبحت الهوية الألمانية الغربية مبنية إلى حد كبير على القوة الاقتصادية والنقدية الناتجة عن هذه التحولات.

لا صديق ولا قدوة

وهذه الهوية مليئة بالذكريات والروابط الثنائية القوية للغاية. تحيي لوحة تذكارية على قاعة المدينة في منطقة شونيبيرج في برلين ذكرى اليوم الذي صرخ فيه الرئيس جون كينيدي "أنا برليني" في يونيو ١٩٦٣ دعماً للسكان. 

كما تردد هذه الكلمات صدى خطاب رونالد ريجان عام ١٩٨٧ إلى الزعيم السوفييتي ميخائيل جورباتشوف: "اهدم هذا الجدار!" والذى كان يُنظر إليه باعتباره لحظة تنذر بنهاية الحرب الباردة وإعادة التوحيد.

إن التأثير الفكري الأمريكي على النظرية الاقتصادية، وخاصة في تسعينيات القرن العشرين، كان كبيراً. لقد تطورت جامعة بون المرموقة وجامعة برلين الحرة وجامعات ميونيخ على غرار الجامعات الكبرى في الولايات المتحدة، حيث أصبح المرور عبرها إلزامياً للعديد من المهن الرفيعة المستوى في مجال البحث والتعليم العالي في جميع أنحاء نهر الراين.

ويقول الخبير الاقتصادي ينس سوديكوم، الأستاذ بجامعة دوسلدورف: "إن ما نعيشه الآن هو قطيعة مطلقة. لقد أصبح النظام الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية بأكمله في طي النسيان".. وجاء في عنوان صحيفة "دي تسايت" الأسبوعية على الصفحة الأولى يوم الخميس ٢٠ فبراير "ألمانيا بدون أمريكا؟"، وكتب أحد مديري صحيفة فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج، أكبر صحيفة يومية في فرانكفورت، افتتاحية بعنوان "الانقسام في الغرب"، في نفس اليوم.

خطوات مطلوبة

إن ألمانيا، التي فوضت واشنطن بالدفاع عنها واستفادت كثيراً من "عائدات السلام" بعد عام ١٩٩٠، تعيش الآن وضعاً صعباً للغاية. 

إن تحفظ المستشار شولتز بشأن القضية الأوكرانية، المبرر باحترام الأسبقية الأمريكية في القضايا الأمنية في حلف شمال الأطلسي، لم يعد مقبولاً. ويتعين على الحكومة في برلين أن تتصرف بسرعة كبيرة. ويبدو أن "كبح الديون"، وهو قاعدة دستورية تحد من العجز العام إلى ٠.٣٥٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، والتي سُحق بسببها الائتلاف المنتهية ولايته، قد أصبحت من عصر آخر، نظراً لضخامة الإنفاق المخصص للأمن.

ولكن التحول الأكبر ربما يكون ثقافياً: فلأول مرة منذ ثمانين عاماً، لم يعد من الممكن النظر إلى أمريكا باعتبارها صديقاً أو نموذجاً. 

وسوف يتعين على برلين أن تعيد بشكل عاجل، مع شركائها الأوروبيين الذين يريدون ذلك، وفي مقدمتهم فرنسا، تحديد أسس استقلاليتها الاستراتيجية.

مقالات مشابهة

  • نواب "المصري الديمقراطي" يشاركون في مائدة مستديرة حول الحد من مخاطر الإيدز
  • تعرف على زعيمة اليمين الألماني المتشدد المليئة بالتناقضات
  • علاقة فى مهب الريح.. ألمانيا فى حالة صدمة بسبب فقدان «صديقها الأمريكى»
  • المستشار الألماني يعرب عن ثقته في الفوز بدائرته الانتخابية
  • الانتخابات الألمانية تقترب: معركة حاسمة بين شولتز وميرتس وهابيك في سباق المستشار
  • ألمانيا تدخل اليوم الأخير من الحملة الانتخابية
  • أكبر أحزاب المعارضة في تركيا يواجه مزاعم بالفساد وصراعا على الزعامة
  • عاجل: حكم قضائي يقفل الباب أمام أبو الغالي للعودة إلى قيادة "الجرار" بعد خسارته دعوى ضد المنصوري
  • ديسمبر كانت ثورة للغباء السياسي وسيادة روح القطيع.. لا نريد تكرار التجربة
  • الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل يرفض حكومة المليشيا واجتماع نيروبي مؤامرة ضد وحدة السودان