23 نوفمبر، 2024

بغداد/المسلة: تتصاعد النقاشات حول مساعي إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية، وهي خطوة تعكس تغيرات جوهرية في المشهد السياسي والإقليمي منذ عودة بنيامين نتنياهو إلى السلطة. فمنذ توليه رئاسة الحكومة اليمينية المتطرفة، شهدت الضفة الغربية توسعاً غير مسبوق في الاستيطان.

هذا التوجه زاد من مخاوف الفلسطينيين حيال إمكانية القضاء على حلم إقامة دولتهم المستقبلية.

خلال العامين الماضيين، شهدت الضفة الغربية تحولاً في ملامحها الجغرافية والديموغرافية بفعل النشاط المكثف للمستوطنين، والذي غالباً ما ترافق مع تصاعد العنف. وتركز الاهتمام مؤخراً على وادي الأردن، حيث رفع مستوطنون أعلام إسرائيل وأقاموا صلوات على قمم التلال، في إشارة رمزية لرغبتهم في فرض السيادة الإسرائيلية على تلك المناطق.

يترقب أنصار الضم دونالد ترامب كفرصة لتحقيق هذا الهدف. فخلال ولايته السابقة، نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وألغى الموقف الأمريكي التقليدي الذي يعتبر المستوطنات غير قانونية. كما دعا إلى خطة سلام تضمنت احتمال إقامة دولة فلسطينية، لكنها لم تلق قبولاً من القيادة الإسرائيلية أو الفلسطينية.

في السياق ذاته، أعرب مستوطنون ومسؤولون إسرائيليون عن تفاؤلهم بإمكانية الحصول على دعم إدارة ترامب المقبلة لخطط الضم. وبرزت تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش كدليل على هذا التوجه، حيث أعرب عن أمله في أن تتمكن الحكومة من فرض سيادتها على الضفة خلال العام المقبل بدعم أمريكي.

لكن هذه الخطوة تواجه تعقيدات كبيرة. إذ إن السعودية، التي تعد عنصراً رئيسياً في جهود تطبيع العلاقات مع إسرائيل بموجب اتفاقيات إبراهيم، تعارض الضم بشدة. ويُعتقد أن أي تحرك إسرائيلي في هذا الاتجاه قد يعرقل تلك الاتفاقيات ويهدد الطموحات الأمريكية للتوصل إلى اتفاق إقليمي أوسع.

من ناحية أخرى، يرى الفلسطينيون في هذه التحركات تهديداً وجودياً لطموحاتهم الوطنية. فقد أكد واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن أي ضم إسرائيلي لن يغير من حقيقة أن الأراضي المحتلة فلسطينية بموجب القانون الدولي.

على الأرض، يُظهر وادي الأردن مدى التوتر المحيط بالقضية. فقد قاد مستوطنون، بمن فيهم يسرائيل جانتس، صلوات لدعم فوز ترامب، ما يعكس الاعتماد الإسرائيلي على التغيرات السياسية الأمريكية لتحقيق أهدافهم.

ورغم أن ترامب لم يكشف عن خططه المستقبلية، إلا أن التحركات الإسرائيلية تتسارع استعداداً لأي فرصة سياسية سانحة. في المقابل، يواجه الفلسطينيون واقعاً سياسياً معقداً، إذ يطالبون المجتمع الدولي بالتصدي لمخططات الضم التي تهدد بتفجير الأوضاع مجدداً.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

صفقة الكبار وعاصفة ترامب

توترت المنطقة فجأة من جديد، بدءًا من اليمن وصولًا إلى قطاع غزة، فيما يشهد لبنان سقوفًا سياسية عالية داخل الحكومة الوليدة منذ أسابيع.

وعلى عكس مرحلة الإدارة الديمقراطية في عهد الرئيس جو بايدن، فإن إدارة دونالد ترامب أعلنت بدء حملة جوية مباغتة على الحوثيين؛ بهدف تدمير إمكاناتهم الهجومية، وجاهرت بدعمها المباشر لتجديد إسرائيل حربها على غزة. وعليه فإن بدء حملة الضغوط القصوى تتزامن مع ظروف دولية تعتقد الإدارة الأميركية أنها مناسبة في الضغط على طهران.

مع هذه التطورات اللافتة، فإن العلاقات بين واشنطن وموسكو دخلت فعليًا وعمليًا في مرحلة جديدة. والاتصال الطويل بين الرئيسين؛ الأميركي والروسي، والذي دام نحو ساعتين ونصف ساعة، يوحي بأنه لم يقتصر على الوضع الأوكراني فقط، بل إنه طال الوضع الأوروبي والمطالب العسكرية والأمنية والاقتصادية الروسية، إضافة إلى وضع إيران والشرق الأوسط.

وبعد الاتصال ظهرت إشارات إيجابية من واشنطن وموسكو، وتزامن ذلك مع تسريبات أميركية حول نية واشنطن التنازل عن رئاسة حلف الناتو لصالح دولة أوروبية، وهو ما يدفع إلى الاستنتاج بوجود صفقة مشتركة بدأت بوادرها بالظهور.

والأهم ما خرج عن ترامب بحديثه عن إمكانية حصول تبادل اقتصادي في حال جرى إحلال السلام في أوكرانيا، وهذا الأمر سيمنح بوتين انتعاشًا اقتصاديًا بعد أن رزحت موسكو تحت وطأة العقوبات الأميركية والأوروبية، إضافة إلى افتقاده للأسواق الأوروبية أمام صادراته من الغاز، وهو ما حرمه من مردود مالي مهم كان يمول كل الطموح الروسي.

إعلان

يؤشر ذلك إلى استعجال ترامب في ترتيب الساحة الدولية للتفرغ لتطبيق خطة الإمساك بالاندفاعة الصينية في العالم، ويتزامن ذلك مع مواصلة الجيش الأميركي تدريباته العسكرية في المحيط الهادئ، وهي المنطقة الأكثر حساسية وأهمية لمواجهة النفوذ الصيني. وتشمل مناورات إشراك طائرات مقاتلة متطورة كالشبح، والتي لا تستطيع الرادارات الصينية أو غيرها رصدها، إضافة إلى أسلحة صاروخية حديثة كالفرط صوتية التي تعتبر درة التاج الأميركي في السلاح الصاروخي.

الأكيد أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وفريقه يدركون بما لا يدع مجالًا للشك أن إنهاء الحرب الأوكرانية ليس كافيًا للتفرغ لمواجهة الصين واندفاعتها في أسواق العالم، بدليل أن الواقع الإيراني والذي يشكل ثغرة كبيرة في الخطة الأميركية لمحاصرة التمدد الصيني لم يجرِ حله؛ لأن الأمر يحتاج لإعادة توزيع النفوذ الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، وهنالك ما يتعلق بالصادرات النفطية الإيرانية إلى الأسواق الصينية، والتي تحتاجها بشدة القطاعات الصناعية والزراعية الصينية.

وإذا كان التواصل المباشر بين البيت الأبيض والكرملين يوحي بمقايضات وتفاهمات ستشمل الملف الإيراني بطريقة أو بأخرى وسيدفع بها لخسارة سند دولي مهم، فثمة مؤشرات أخرى على المستوى الإقليمي قد لا تكون في مصلحة النظام الإيراني. بدليل أن الواقع التركي يزداد قوة في المنطقة، وبدا الأمر جليًا بالصمت الدولي عن اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، والذي لم يواجه حملة دولية رافضة له.

وهو ما يعني بشكل من الأشكال وجود تفاهمات وأدوار تم إيكالها إلى تركيا ستمنع حصول موجة انتقادات ضد أنقرة، وترجمة الأمر يبدو من خلال الدور الجديد الذي باشرته تركيا في سوريا على سبيل المثال، والذي يرتكز على معادلة جديدة لا تقوم فقط على مبدأ التوازن مع النفوذ الإيراني، بل أيضًا على مبدأ السد المنيع لتمدده في سوريا ودول المنطقة.

إعلان

بالمقابل فإن المحيط الآخر لإيران يشهد تفاهمات عسكرية واقتصادية، عبر الاتفاقية المنتظرة مطلع الشهر القادم بين إسرائيل وأذربيجان والتي ستسمح بالتنقيب عن الغاز الطبيعي في ساحل فلسطين المحتلة.

والعلاقة التي نجحت إسرائيل في ترسيخها مع أذربيجان "الجار المقلق" لإيران، أنتجت بناء مقر استخباراتي إسرائيلي عند منطقة قريبة من الحدود مع إيران، حيث جرى تجهيزها بأحدث معدات الرصد والتجسس والاختراق.

فيما خرجت اتهامات سابقة من مسؤولين إيرانيين تتحدث عن انطلاق كل الأنشطة العسكرية الإسرائيلية ضد إيران من هذه القاعدة، ما يعني أن كل تلك المؤشرات قد تكون شجعت إدارة ترامب على بدء مرحلة الضغوط القصوى على إيران لدفعها إلى الموافقة على التفاوض مع واشنطن وفق الشروط التي تطرحها إدارة ترامب والتي تشمل الملف النووي، وتحديد مدى الصواريخ الباليستية والفرط صوتية، والانسحاب من الساحات المعروفة بساحات نفوذ إيران في المنطقة، وتحديدًا سوريا ولبنان، والبحر الأحمر، والأهم أن لهجة الوسطاء مع إيران اختلفت والتي باتت تلوح بشكل مباشر باستخدام أميركي محتمل للقوة مع رغبة نتنياهو الجامحة في ذلك.

من هذا السياق، يمكن ربط التصعيد ضد الحوثيين في اليمن وبين استعادة نتنياهو مسار الحرب على سكان قطاع غزة بطرق وحشية تفوق كل التخيلات، وأيضًا تصاعد التوتر في لبنان عبر عودة الاستهداف في جنوب لبنان والبقاع.

والرابط هنا ليس بالتوقيت فقط، بل أيضًا بالأهداف الموضوعة بين تل أبيب وواشنطن. ورغم أن المطلوب في اليمن إزالة قدرة الحوثيين على تهديد الممرات البحرية، فإن الهدف الأساس هو النفوذ الإقليمي الإيراني.

الأكيد أن نتنياهو يريد استئناف الحرب على غزة لتحقيق مشروع اليمين الإسرائيلي والقاضي بتهجير الغزيين من أرضهم، لكن المطلوب أيضًا حصول فك ارتباط بين طهران والمقاومة الفلسطينية، ولا شك في أن لنتنياهو أسبابه الداخلية أيضًا، لذلك استبق الحرب بإعلانه عن نيته إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي المناهض له، واستعادَ في الوقت نفسه مشاركة اليمين المتطرف في حكومته، لجعلها محصنة داخليًا.

إعلان

لكن العنوان الأميركي العريض يبقى في تقليم أظفار إيران الإقليمية. لذلك هنالك من يتوقع أن تتدرج الحملة العسكرية الإسرائيلية صعودًا في موازاة تدرج الحملة الجوية الأميركية ضد الحوثيين.

وتخشى القوى الفاعلة على خط الوساطة في غزة أن تتطور الحرب الإسرائيلية لتصبح هجومًا بريًا، خصوصًا أن إسرائيل طلبت إخلاء المناطق السكنية المجاورة لحدود قطاع غزة مثل رفح، وخان يونس، ومدينة غزة.

لبنانيًا تستمر إسرائيل في اختراقها كل الأجواء، وتصعد الأمور عبر استهداف كوادر حزب الله، مع إصرارها على البقاء في النقاط الخمسة التي تحتلها في الجنوب، فيما ذهب حزب الله للمناورة عبر العبث بالساحة السورية بدفع العشائر للهجوم على الجيش السوري وقوات الأمن العام عند نقاط حدودية محددة، وقد تكون أعمال التهريب هي التي أشعلت فتيل المواجهات الأخيرة، لكن استثمارها جاء كبيرًا وبخلفيات أبعد، وسط همسات حول وجود تشجيع لإحدى الدول الإقليمية المتضررة من سقوط الأسد.

والهدف السوري المدعوم إقليميًا ودوليًا هو إقفال مسارب التهريب الموجودة في المنطقة، والتي تم بناؤها خلال المراحل السابقة ولا تزال تعمل ولو بوتيرة أضعف، لتأمين الترابط بين حزب الله وإيران بأشكال صعبة.

من هنا يمكن تفسير الرد الإيراني الرسمي تعليقًا على الاشتباكات التي دارت، خصوصًا أن الحل المنطقي المطروح هو أن يمسك الجيش اللبناني بالحدود والمعابر غير الشرعية، وأن يضبط الوضع ويمنع أي احتكاكات أو اشتباكات يمكن أن تتطور وتنزلق في اتجاهات خطيرة، كون اللعبة هنا لها علاقة بالنزاع الكبير في المنطقة، وليست فقط بين عشائر تعمل في التهريب.

وعليه، فالقلق هو من احتمال تطور الضغوط لتأخذ أشكالًا أمنية في حال لم يؤدِ الواقع العسكري المطلوب منه. مع وجود أصوات داخل الإدارة الأميركية تعتبر أن الاستهدافات الأمنية التي اعتمدتها إسرائيل، عبر الاغتيالات السياسية لرموز المقاومة، قد أدت إلى النتائج المطلوبة، فمن  جهة تمّ اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصرالله وقادة الرضوان، ومن جهة أخرى حملة الاغتيالات والتصفيات الإيرانية في سوريا، ويعتبر أصحاب هذا التوجه في إدارة ترامب أن استهداف القادة التاريخيين في لبنان أو في إيران أو اليمن قد يؤدي إلى قلب المعادلة نهائيًا في الشرق الأوسط.

إعلان

وهنا مكمن الخطورة، خصوصًا أنّ هؤلاء يعتبرون أنّ نجاح ترامب في اغتيال قاسم سليماني أدى إلى توجيه ضربة قوية لهذا المشروع حينها. أضف إلى ذلك، إن الظروف الدولية وحتى الإقليمية تسمح بالذهاب في هذا الاتجاه.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • وسط مخاوف الفلسطينيين من الضم.. ازدياد المواقع الاستيطانية الإسرائيلية في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر
  • صفقة الكبار وعاصفة ترامب
  • خبيران: إسرائيل تريد استسلام العرب وهذا المطلوب لوقف تمددها
  • كيف استقبل سكان غزة عودة حرب لا تريد أن تضع أوزارها؟
  • ترامب: هناك المزيد من الدول تريد الانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم
  • عالية نصيف ترفع دعوى قضائية ضد سياسي كردي لفّق خبر زيارتها الى “اسرائيل”
  • صواريخ مجهولة ترفع وتيرة التصعيد.. هل تريد إسرائيل العودة للحرب؟!
  • ترامب يلجأ لقانون من القرن الـ 18 لترحيل المهاجرين
  • المستشارة القضائية الإسرائيلية: حكومة نتنياهو تريد أن تكون فوق القانون
  • هل اقتربت نهاية حكم الرئيس عباس؟ .. إسرائيل تُنفذ أخطر مخططاتها وتبدأ بالتحرك نحو حل السلطة الفلسطينية