وليّ عهد الفُجيرة يتسلم وسام الشَرف من جامعةِ "باري ألدو مورو" الإيطالية
تاريخ النشر: 23rd, November 2024 GMT
تسلَّم الشيخ محمد بن حمد الشرقي، وليّ عهد الفُجيرة، وسامَ الشَّرف من جامعةِ باري ألدو مورو الإيطالية قدمه البروفيسور باولو بونزيو، عميدُ كليّة العلوم الإنسانية والفلسفة في الجامعة، وهو أعلى وسامٍ أكاديميّ للجامعة يُمنح لشخصياتٍ متميزةٍ بشكلٍ خاصٍّ حقّقت إنجازات تاريخيّة في مجالاتِ العُلوم والفُنون والعلوم الإنسانية.
وجرَت مراسمُ تسليمِ الوسام في قَصر الرّميلة بالفُجيرة بحضور الشيخ الدكتور راشد بن حمد الشرقي رئيس هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، ولوكا ماريا سكارانتينو، رئيس الاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية وذلك على هامش ختام أعمال الدّورة الرابعة لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة الذي أقيم تحت رعاية سمو ولي عهد الفجيرة ونظمه بيت الفلسفة بالفجيرة.
تعزيز مكانة الفلسفةجاء منح الوسامُ للشيخ محمد بن حمد الشرقي تقديرًا لرؤيته بشأن تعزيز مكانة الفلسفة والتّنمية الثقافية في المنطقة، وإسهامات في مشاريعها الهادفة إلى نشر المعرفة والتنوير والفِكر.
ويُعبّر الوسامُ عن الإعجاب الكبير للمجتمع الأكاديمي بأكمله في جامعةِ باري ألدو مورو بإنشاءِ بيت الفلسفة بالفجيرة، ومُبادراته العربيّة والدولية المتواصلة ويعد بمثابةِ علامةٍ على الصداقة الدائمة ووسام للشَّراكة بين المجتمعِ الفلسفيّ الإيطالي والمجتمعِ الفلسفيّ في الفجيرة.
وأكّد الشيخ محمد بن حمد الشرقي، أنَّ هذا التكريم يجسّدُ الأهداف السّامية التي ترتكزُ عليها المشاريع الثقافية في إمارة الفُجيرة، ورؤية الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، الهادفة إلى تحقيق التواصل الفكري والمعرفيّ بين إمارة الفجيرة ودُول العالم، وفتح آفاق الحوار والتواصل الحضاري، ومواصلة العمل الثقافي والتنويري الذي يخدم البشرية والفكر الإنساني بين شعوب العالم.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الإمارات بن حمد الشرقی حمد بن
إقرأ أيضاً:
الفلسفة وشهر رمضان
لا شك أن شهر رمضان هو شهر الصوم والعبادة والتقرُّب إلى الله بكثرة قراءة القرآن وبالنوافل إلى جانب الصيام. وهنا يأتي السؤال؟ هل هذا يعني ألا مجال للفلسفة في شهر رمضان؟ أليس لها أي دور يمكن للمسلم أن يحتاجه في شهر رمضان؟ هل نكتفي بممارسة شعائر الدين الإسلامي ونضع ممارسة التفلسف جانبًا؟
الحقيقة أن الإنسان بطبعه لا يكف عن التفكير. منذ بدء الخليقة وقبل نزول الأديان السماوية أعمل الإنسان فكره وعقله في التفكير في أصل الخلق والكون وطبيعته، وما إذا كان هذا الكون الفيزيقي هو فقط ما يوجد أم أن هناك وجودًا ذا طبيعة مختلفة لا نراه. وما طبيعة معرفتنا له وكيف نتحقق من وجوده؟ وما الموت؟ ما الذي يحدث عندما يموت الفرد؟ أين تذهب الروح؟ لم يقتنع الإنسان -قبل الأديان- بأن الروح تفنى بفناء الجسد. فتساءل هل سيكون هناك بعث بعد الموت؟ وهل يكون البعث بالروح أم بالروح والجسد؟
جاء الدين الإسلامي مجيبًا عن هذه الأسئلة الميتافيزيقية بأن الله واحد أحد، خالق هذا الكون، وأن هناك عالمًا آخر سماويًّا، وأن هناك بعثًا بعد الموت إلخ. هل هذا يعني أن دور الفلسفة قد انتهى؟
لا شك أنه لم ينتهِ بالنسبة لغير المسلم أو غير المتديّن الذي سيظل يبحث عن إجابات عقلانية صرفة لهذه الأسئلة تشبع رغبته في الفهم والمعرفة، وقد تنتهي به إلى الإيمان بوجود الخالق أو تنتهي به إلى الإلحاد. ولكن ما الأمر بالنسبة للمؤمن؟
الرأي لدينا أن المؤمن يظل في حاجة إلى جوهر الفلسفة وهو التفكير وذلك في أمرين: الأول هو التفكير في إجابات حسمها الدين ولكن يستحسن وضع مبررات عقلية لها تمثل أساسًا عقليًّا لإيمانه يعضد إيمانه القلبي، والثاني تفكير في أمور مستجدة لم ينص الدين صراحة على إجابات لها لأنها لم تكن قد جدت بعد بحكم تطور الحياة. وربما هذه الأمور المستجدة هي ما لسببه جعل الله التفكير هو جوهر العبادة وحث عليه على الدوام.
من أمثلة النوع الأول وهو التفكير في إجابات تمثل الأساس العقلي للإيمان التفكير في أدلة وجود الله. عندما ناقش الفلاسفة المسلمون في العصور الوسطى كالكندي والفارابي والغزالي وفخر الدين الرازي أدلة وجود الله وتنافسوا في وضعها، لم يكن ذلك انطلاقًا من عدم كفاية قناعتهم بوجود الله، ولكنهم وضعوا هذه الأدلة كأساس عقلي على وجود الله قد يقنع غير المتديّن أو الملحد بأن الله موجود، كما أنها تمثل بالنسبة للمؤمن الأساس العقلي للإيمان ليكون ركيزة إلى جانب الأساس القلبي له.
أما الأمور المستجدة التي يحتاج المسلم بالضرورة إلى التفكير فيها فمن أمثلتها ما نشعر به منذ بدء الثورة الصناعية والمتمثل في غربة الإنسانية في عصر العلم الذي لا يقوم على أخلاق محددة. لقد تحوَّل الإنسان ذلك الذي كرَّمه الله وجعله خليفته على الأرض إلى «شيء» قيمته تساوي قيمة أي موجود آخر. هنا يحتاج المسلم المؤمن للتفكير في كيفية مجاراة ركب الحياة الحديثة التي قوامها ثورة إلكترونية تتطور بتسارع شديد مع الحفاظ على النظر للإنسان من حيث هو إنسان لا من حيث هو سلعة تتمثل قيمتها في منفعتها. المؤمن في حاجة إلى التفكير في كيفية التوفيق بين هذا وذاك.
نحيا الآن بسبب التسارع في الإنتاج الإلكتروني عصر ما بعد الإنسانية. ما نعنيه بما بعد الإنسانية هو عصر الإنسان الجديد أو الكيان الذي سيتأثر بأعضاء تُزرَع فيه من كائنات حية أخرى أو رقائق معدنية تُزرَع فيه إما للعلاج أو لتُطوِّر من إمكانياته الإدراكية وبالتالي يختلف عن الكائن البشري الذي نعرفه الآن. هنا علينا كمسلمين التفكير في مدى وكيفية قبول هذا الأمر قبولًا يتّسق مع عقيدتنا وشريعتنا وأخلاقنا ولا يتعارض معها.
أضف إلى هذا أن الانتشار المتزايد للتكنولوجيات قد أثّر في تغيّر صور العلاقات الاجتماعية بشكل متزايد مثل علاقات التعارف والصداقة والحب والزواج. هذه العلاقات أصبحت تقوم في الفضاء الإلكتروني. قد تبدأ وتنتهي هناك- في الفضاء الإلكتروني، وقد تبدأ هناك ثم تقوى في الواقع المتجسد. هنا سنحتاج إلى مراجعة نسقنا القيمي الأخلاقي الإسلامي وتحديثه كنسق يحدد لنا أي هذه العلاقات يمكن قبولها قبولًا يتّسق وعقيدتنا وأخلاقنا الإسلامية.
الإرهاب يحيط بنا من كل جانب وديننا دين وسطي أهله «أمة وسطا» بنص القرآن الكريم. هنا نحتاج إلى تحديد معنى الإرهاب المرفوض دينًا وشرعًا وهو ما يقدمه لنا الفلسفة والدين: الفلسفة بوضعها قواعد التعريف تساعدنا على «تعريف» الإرهاب، والدين بتحديده الدين الوسطي والتطرف والإرهاب يعيننا على تحديد ما نقبل وما نرفض. الفلسفة على هذا النحو تعيننا على أن نحيا مسلمين كما أرادنا الله: مسلمين بثوابت الإسلام مع تحديدها لما يمكن قبوله من مجريات التطور حيث لا يرفضه الإسلام لكونه لا يتعارض مع هذه الثوابت وما يجب رفضه لكونه مستهجنًا من الإسلام.
بالإضافة إلى ما تقدَّم، تقدِّم الفلسفة مهمة جلية نحتاجها أثناء ممارسة التفكير وهي قواعد التفكير الصحيح. جميعنا يفكر، ولكن ما ضمان أننا نمارس التفكير بشكل صحيح؟ وضعت الفلسفة -أو بالأحرى المنطق الصوري القديم قبل أن يتطور إلى منطق رمزي ويستقل عن الفلسفة- أسسًا للتمييز بين التفكير الصحيح وغير الصحيح وهي القواعد التي عُرِفت بقواعد الاستدلال. بتعلم هذه القواعد وتعلم كيفية ممارستها، نضمن أن يكون تفكيرنا تفكيرًا صحيحًا ونستطيع التمييز بين الحجج السليمة وغير السليمة، أيًّا كان موضوع التفكير.
هل هذا التفكير تفكير يختص به شهر رمضان فقط؟ بالطبع لا، ولكن لما كان شهر رمضان هو شهر العبادة، والتفكير هو جوهر العبادة، فالفرصة فيه أكبر من أي شهر آخر، أن نفكر في كيفية التمسك بالدين الصحيح من خلال التذكير بالثوابت وممارسة الشعائر التي يذكرنا بها التفكير ويكشف لنا عن قيمتها وفائدتها في السمو الأخلاقي والروحي بالفرد وبالتالي البعد بها عن كونها مجرد طقوس اعتدنا على تكرارها حتى أنسانا تكرارها معناها ومغزاها وفائدتها للمؤمن، ثم التفكير في الأمور التي تستجد باستمرار وكيفية التنسيق بينها وبين ثوابت الإسلام.
مما سبق يتبين لنا أن المسلم في حاجة للفلسفة على الدوام ولكن بما أن شهر رمضان هو شهر العبادة، والتفكير جزء أصيل من العبادة، فممارسة التفكير مطلوبة في هذا الشهر أكثر منها في غيره.
د. بهاء درويش كاتب مهتم بالفلسفة والعلوم