هل مشروع القرار البريطاني فيه أي مكاسب استراتيجية لسيادة الدولة؟!
تاريخ النشر: 23rd, November 2024 GMT
حقه ما نغرق في شبر موية .. أو هل مشروع القرار البريطاني فيه أي مكاسب استراتيجية لسيادة الدولة؟!
خلال ما بفكر وبكتب في البوست حصل الڤيتو الأميركي ضد قرار وقف إطلاق النار في غزة .. وهو مشروع زي كل السبق مدبّج بالتسليم بحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها وانه هجمات ٧ أكتوبر كانت إرهابية..الخ، ورغم دة رفضته لأنه بيدعوا للوقف الفوري للحرب بدون ما يدعوا لاطلاق سراح الرهائن/الأسرى.
نرجع للسودان .. مشروع القرار البريطاني المرفوض في ناس بتقول انه عموماً كويس، فالسؤال ليه السودان رفضه رغم انه أولاً، بيذكر مجلس السيادة اللي في ناس اعتبروا مجرد ذكره اعتراف بالسيادة، ثانياً، أدان الدعم السريع، ثالثاً، طالب “الطرفين” بالتوقف عن الهجوم على المدنيين في الفاشر والجزيرة وغيرها، رابعاً، طالب بتنفيذ جدة، وأخيرا أدان دعم الدول للحرب؟
الإجابة قبل تناول بنود المشروع ببساطة إنو في فرق كبير جداً بين مخاطبة السلطة القائمة بالبلاد بصفة سيادية وبين الاعتراف بالسيادة دي عمليا ومراعاتها. وهنا في السياسة لازم نفرّق بين المكاسب الهشة البدوك ليها بالشمال عشان يشغلوك عن خسائرك الاستراتيجية البشيلوها منك باليمين. قبولك بي قرار بينتهك السيادة لأنك مخاطب فيو بي صفتك مممثل للصفة دي هو قبول بي مكسب هش مقابل انك تتنازل عن مكسب صلب أو قبول خسارة استراتيجية، لأنه أولاً وين مصلحة بريطانيا حليفة أبوظبي في الاعتراف بالسيادة؟! وثانياً الاعتراف بالسيادة كمعنى سياسي وليس أكروبات لغوية، دة نتيجته العملية هو الخروج مباشرة من سردية “الطرفين” أو “الجنرالين” وطوالي يكون القرار بتكلم عن المليشيا كمتمردين، مش يكون إمعان في استخدام السردية في بقية النص.
طيب وين بالضبط مشروع القرار البريطاني دة بينتهك السيادة عملياً وبيهددها وبيمهّد لنشر قوات دولية عكس توصيات الأمين العام؟
– الفقرة الأولى من القرار البقول الناس انها بتدين الدعم السريع، هي حقيقة تراجع عن النص الفي القرار ٢٧٣٦ حول الفاشر الاتمرر في يونيو الماضي والكان بطالب برفع الحصار عن الفاشر -طبعاً ما اتنفذ منه غير حتة فتح معبر أدري من الحكومة- بينما مشروع القرار البريطاني تحدث عن توقف الهجوم على المدنيين فقط مش حتى المُدن، أي معترف بالشرعية السياسية لحرب المليشيا ضد الدولة.
– النقاط ٢،٣،٤ في مشروع القرار هي ردّة كبيرة لأنها بتساوي بين الطرفين مش بس سياسياً، بل في الانتهاكات البتقوم بيها المليشيا ضد السودانيين مثلاً مناشدة مشروع القرار “الطرفين” للتخلي عن اتخاذ المدنيين دروع بشرية، وعدم مهاجمة منشآت الأمم المتحدة، للحد اللي بلغ الصلف بحامل القلم يطالب “الطرفين” بالامتناع عن اتخاذ العنف الجنسي والاغتصاب كسلاح في الحرب!! ودة في تناقض واضح حتى مع تقارير الأمم المتحدة الما قدرت ولا مرة إنها تساوي بين أخطاء جيش الدولة وفظائع المليشيا الواصلة حد الاستعباد الجنسي والتطهير العرقي والاختطاف والإبادة، وحتى تقارير لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان الخرقت تفويضها ما عملت كدة، وهي اللجنة المتخذنها أذرع أبوظبي كمرجعية للحشد للقرار في وقت كانوا غضبانين من توصيات الأمين العام بعدم توفر ظروف نشر قوات أجنبية.
– البند الخامس في مشروع قرار بريطانيا ومن ورائها أبوظبي هي المدخل غير المباشر الأوضح لهدم السيادة، فبدل ما يكون آلية تطبيق إعلان جدة وفق خطة الحكومة المُعلنة منذ ديسمبر، أو في الحد الأدنى خاضعة “للتفاوض في جدة” حصل تغيير بحيث توكل عملية التوصل لآلية الإمتثال وظيفة الأمين العام للأمم المتحدة بالتشاور مع “مجلس السيادة وأي أطراف أخرى حسب ما يراه ملائم”، يعني الأمين العام غير إنه تشاوره مع مجلس السيادة غير ملزم بل إرشادي في التوصل للآلية، بل يستطيع يسترشد بآراء غير “الطرفين”، يعني عادي الأمين العام يتشاور مع توابع أبوظبي في المنظمات الاقليمية والقوى السياسية المُستتبعة، وفي الحالة دي بريطانيا رفضت مجرد تضمين صيغة توصية الأمين العام القال فيها انه “لا توجد ظروف لنشر قوات في السودان”!
– مجرد ذكر “مجلس السيادة” في مشروع القرار زي ما قلنا فوق لا يعني إنه بريطانيا أو حلفائها الغربيين قرروا فجأة مفارقة السردية البتخدم محور رُعاة الجنجاقحت، فالسيادة ليست فقط الاعتراف بحكومة الأمر الواقع، بل هي الاعتراف بحق الدولة في حماية سلامة إقليمها الجغرافي وحماية مواطنيها وبسط سيادتها، وإنه المؤسسات الدولية يجب تعاونها في ممارسة الحقوق دي، ودة بكون في حالة مشروع القرار بالحديث صراحة عن من يقوم بتسليح المليشيا وتطالبه بالتوقف، وفي العموم يكون بالتوقف عن تهديدها وابتزازها ووضع قضايا المعاناة الإنسانية لأهلنا في سياقها السياسي الصحيح باعتبار الوضع الإنساني المأزوم الكارثي نتيجة لجرائم المليشيا المتعمدة، والعمل لإيقافها بتوقف داعميها! وعدم مساواة سعي الدولة لامتلاك أدوات الدفاع عن بقائها بدعم من شعبها، بمجموعات مرتزقة مستوردين لخدمة أجندة الأمن القومي الإماراتي.
في قفزة غير منطقية بعملوها عدد من المعلقين في الشأن العام، وهو إنهم بقوموا بتعريف ما هو “كويس” للمصلحة الوطنية بس بإنه خصمهم ما نجح في تمرير كل العاوزه، في الحالة دي حظر الطيران والتدخل العسكري ومنع السلاح والمناطق الآمنة، فبفتكروا انه هزيمة الخصم هو مش بس انتصار ليهم، بل بيقفزوا ويقولوا انه دة انتصار للمصلحة الوطنية، ودة كلام بودي الناس في اتجاهات ما مفيدة.
القاعدة بتقول إنه أي وثيقة سياسية ما بتقيمها بالمكتوب فيها بل بالسكتت عن ذكره. مجرد وصف مجلس السلطة في البلاد بي صفة سيادية وإدانة الدعم السريع هو ما مفارقة كلية للسردية البتروج ليها المحاور الخايضة الحرب ضد السودان. مرة تانية دا مكسب هش. نتذكر إنه لما كان وزير الخارجية الأميركي بيستخدم سياسة العصا والجزرة مع الحكومة السودانية عشان تمشي جنيف المخصص لتبرئة أبوظبي من وزر حرب العدوان والغزو، وبعد ما كان من أول الحرب بلينكن بيتكلم مع البرهان كقائد للجيش، في اخر مكالمتين قبل المنبر ينعقد غيّر لمخاطبته كرئيس مجلس السيادة، وبرضه ظلّت الدعوة للمنبر موجهة للجيش وليس الحكومة، للحد اللي لما وفد الحكومة مشى يلاقي بيريللو في القاهرة كتب المبعوث قال انه “بورتسودان خرقت البروتوكول”. وقتها كان واضح إنه أمريكا ما غيّرت نظرتها للحرب لمجرد ذكر صفة البرهان السيادية، ولا تبنّت سردية مُغايرة للبتنشره أذرع أبوظبي، ولا أسي بريطانيا ومن ورائها موقفهم اتغيّر عشان جابوا سيرة مجلس السيادة، الموضوع أكبر وأعقد من كدة.
وحنرجع في بوست تاني عن الڤيتو الروسي!
#الدولة_باقية
#السيادة_الوطنية
Ahmad Shomokh
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: مشروع القرار البریطانی مجلس السیادة الأمین العام
إقرأ أيضاً:
رئيس مجلس السيادة في جمهورية السودان يستقبل نائب وزير الخارجية في بورتسودان
استقبل الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة بجمهورية السودان الشقيقة اليوم في بورتسودان نائب وزير الخارجية المهندس وليد بن عبدالكريم الخريجي.
وفي بداية الاستقبال نقل نائب وزير الخارجية لفخامته تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظهما الله -.
اقرأ أيضاًالمملكةالمملكة تستضيف الاجتماع الرابع لجمعية النواب العموم العرب
وأكد الخريجي خلال الاستقبال حرص القيادة في المملكة على عودة الأمن والاستقرار للسودان. وبحث الجانبان الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
حضر الاستقبال وزير خارجية جمهورية السودان المكلف علي يوسف الشريف، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى السودان علي جعفر.