الجزيرة:
2024-09-19@00:04:26 GMT

10 قواعد مهمة حتى لا تكون لصا مؤدبا على فيسبوك

تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT

10 قواعد مهمة حتى لا تكون لصا مؤدبا على فيسبوك

تعد مشاركة المنشورات الطريفة أو المفيدة أو الغريبة إحدى النشاطات الأساسية التي نقوم بها على مواقع التواصل الاجتماعي.. ومن الملاحظ أن الأفراد يستخدمون طرقا مختلفة لمشاركة المنشورات، مثل الضغط على زر مشاركة، أو نسخ المنشور ووضعه على صفحاتهم الشخصية مع الإشارة إلى اسم صاحبه في نهاية المنشور… وفي أحيان كثيرة، يقوم بعض الأفراد بسرقة المنشورات ونسبتها إلى أنفسهم…

فما هي الطرق الصحيحة لمشاركة المنشورات؟ وهل مبدأ الأمانة العلمية هو الذي ينبغي أن ينظم المشاركة الصحيحة على مواقع التواصل الاجتماعي؟ أم أن طبيعة مواقع التواصل الاجتماعي تتطلب مبدأ آخر؟

أقترح عليكم في هذا المقال، عشر قواعد أساسية تمكننا من فهم الأسس التي ينبغي أن تؤطر التفكير في مسألة مشاركة منشورات الفيسبوك وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي، واقتراح الطرق الصحيحة لمشاركة تلك المنشورات:

القاعدة الأولى قد يجدها الكثير من الأفراد صادمة: حينما يعجبك منشور ما، فإن الطريقة الوحيدة الصحيحة لنشره على صفحتك هي بالضغط على زر المشاركة، أما نسخ النص ووضعه في صفحتك مع عبارة "منقول" أو اسم صاحب المنشور في آخر سطر، فهذا يجعلك أشبه بلص مؤدب، يشكر الناس بعد أخذ نقودهم! لا ينبغي لوم الناس، لأنه لا توجد قواعد واضحة، ومعلنة أمام الجميع، تحدد أغراض استخدام الفيسبوك، وقواعد ذلك الاستخدام، وهذه الفوضى مقصودة وهدفها تجاري، لأن أي تقييد أو تنظيم يضعف نشاط المنصة ويضر بها تجاريا؛ لذا فإنه لا يمكننا لوم الناس على الطرق التي يشاركون بها المنشورات، حيث تبقى اجتهادات فردية في مجالٍ قواعده غير واضحة.

ومعظم الناس يشاركون بحسن نية وفق ما يعتبرونه هم صوابا وأخلاقيا. يعتبر الكثير من مستخدمي مواقع التواصل أنه من المشروع نسخ أي تدوينة أعجبتك، ونشرها على صفحتك، مع وضع اسم صاحبها في نهاية التدوينة. ويعتقد هؤلاء أنهم حريصون على "الأمانة العلمية"، وهذا أمر محمود طبعا، لكنني أعتبره غير دقيق.. لأن هذه الطريقة تستند إلى افتراض غير صحيح مفاده أن مجال الإنتاج العلمي هو مماثل للنشر على الفيسبوك، وبالتالي فإنه يمكن سحب قواعد الإنتاج العلمي والأكاديمي وتطبيقها على النشر في مواقع التواصل الاجتماعي.. والأمر بخلاف ذلك، وذلك للأسباب التالية: في المجال الأكاديمي نتحدث عن الأمانة العلمية، وهي تعني ببساطة، إمكان الاعتماد على جهود من سبقك في معالجة نفس الموضوع، شرط الالتزام بمواصفات معينة في الاقتباس وطريقة إيراد النصوص وإثبات أسماء مؤلفيها وفق منهجية التوثيق العلمي.. وأقصى ما يسعد الباحث هو أن يجد أعماله مثبتة في قوائم المصادر والمراجع المعتمدة في الكتب والأطاريح. في الفيسبوك، نتحدث عن "حقوق الملكية الفكرية"، وهذا مجال مختلف، ينظم الاستخدام التجاري لإبداعات العقل من صور ونصوص واختراعات وغيرها… لأن "قيمة" الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي تتحدد بعدد المشاهدات والمشاركات والتفاعلات.. فإذا وصل عدد الذين يتابعون حسابي إلى رقم معين، وشوهدت فيديوهاتي مثلا بقدر معين، فيمكنني حينها التربح من الفيسبوك.. هذا بالإضافة إلى الخوارزميات التي تعمل وفقا لقدرة حسابي على جذب الانتباه.. وبالتالي، فإن مشاركة منشوراتي بأي طريقة أخرى غير الضغط على زر المشاركة، تنتقص مع الأسف من قوة المنشور، وتفقدني أصدقاء ومتفاعلين جددا محتملين، وتؤخر تقوية حسابي، مقابل فعل النقيض من ذلك مع الحساب الذي أورد الاقتباس، رغم أن صاحبه لم يبدع ولم يبذل مجهودا، ومع ذلك حصد من خلاله تفاعلات تجعل حسابه أقوى! بالعودة إلى الفيسبوك نفسه، والبحث عن أسلوب المشاركة الذي يقترحه، نجد أنه يقترح طريقة واحدة فقط، هي اعتماد خيار "المشاركة"، لأن إدارة الفيسبوك واعية بالبيئة التجارية التي تعمل من خلالها، وواعية بأن اقتباس تدوينة، قد لا يعني فقط اقتباس فكرة، بل يتعداه إلى جني ثمار مجهود الآخرين… وعموما من المنطقي أن نلتزم بقواعد الاستخدام التي تقترحها إدارة التطبيق الذي نستخدمه. بعض الأشخاص يقيدون من إمكان مشاركة منشوراتهم، وهذا من حقهم، ومهما أعجبتك منشوراتهم، فهي وليمة فكرية أو إبداعية عموما يدعون إليها من يرتضونه من أحبابهم وأصدقائهم، وطبعا لا يحق للضيف أن يجلب معه ضيوفا آخرين! لذا من الضروري أن نستأذن صاحب التدوينة الأصلية، فإذا أذِن بمشاركتها، فينبغي أن نبدأ باسمه أولا، كأن نقول: "هذه تدوينة مفيدة من حساب الصديق …، ونعود إلى السطر ونثبت نص التدوينة كاملا، أو مع التصرف، مع الإشارة إلى أنك تصرفت فيها… وبهذا يكون القارئ على وعي من السطر الأول بصاحب التدوينة، ويمكن له أن يرسل إليه طلب صداقة لمتابعة حسابه. هناك فرق كبير بين الإشارة إلى اسم صاحب التدوينة (أو النص المقتبس) في أولها وبين الإشارة إليه في نهايتها؛ فإثبات اسم المبدع الأصلي في نهاية التدوينة هم أمر خادع، إذ كثيرا ما استغربت وأنا أقرأ لبعض الأصدقاء، كيف تطور أسلوبهم وكيف أصبحوا يدونون بهذه الطريقة الرائعة، لأتفاجأ في نهاية النص بأن التدوينة منقولة؛ وحيث أن الكثير من مستخدمي مواقع التواصل لا يصبرون على قراءة النصوص الطويلة، فإنه من الوارد أن يحدث معهم أحد أمرين: إما أن يتوقفوا في منتصف النص وهم يتوهمون أن الذي شارك المنشور المنقول هو مدون بارع فتترسخ في أذهانهم صورة جذابة ووهمية عنه، وإما أن يضغطوا بشكل تلقائي على زر المشاركة في منتصف القراءة، فيدعمون حسابه ويساهمون في تعزيز صورته الوهمية الجذابة عند الآخرين.
لذا فحينما يتعذر علينا تقنيا استخدام خاصية المشاركة، فإنه من الواجب إثبات اسم المبدع الأصلي في بداية التدوينة، على أن يكون الاسم مكتوبا على شكل رابط إلى حسابه. وبالتالي لن نحرمه من حقه بالتعريف بحسابه أو الحصول على أصدقاء جدد. إذا أردنا استخدام جزء من تدوينة كاقتباس علمي في مقال أو دراسة، فالتوصيات الأكاديمية (APA و MLA مثلا) تجمع على ضرورة إثبات اسم المدون/ المستخدم ونص التدوينة… وفق مواصفات معينة للإحالة، يمكن للباحثين الاطلاع عليها في المواقع المختصة. إذا أردنا استخدام جزء من تدوينة كاقتباس في تدوينة أخرى، وكان الأمر فعلا اقتباسا وتفاعلا ذاتيا مع الفكرة (وليس ركوبا على مجهود الآخرين) فينبغي الإشارة في البداية أن هذه التدوينة هي تفاعل ما كتبه "فلان" … ونشير إلى حسابه وتدوينته -موضوع التفاعل- لمن أراد العودة إليها.. حينما تجد تدوينة جيدة، مذيلة في أسفلها بعبارة منقول، وتجد أنها جديرة بالمشاركة، فشارك تدوينة صاحبك من خلال الضغط على زر المشاركة، وبالتالي تحمله هو المسؤولية الأخلاقية عن "الاقتباس" بدل نسخ النص وإعادة مشاركته. من الصعب على معظم الناس التحرر من الإشباعات النفسية التي يقدمها الفيسبوك، وجميعنا نسعد حينما نحس أن منشوراتنا تعجب الآخرين، لذا فإننا نختار أحيانا ما "نقتبس" من منشورات، وفق توقعنا لكونها منشورات جيدة، وسوف تحقق لنا تفاعلا جيدا من أصدقائنا. بمعنى أن معظم "اقتباساتنا" واعية بالتأثير الإيجابي لبعض تدوينات الآخرين على حساباتنا، لذا من الضروري أن نتحرر من هذه الجرعة الخفية من الأنانية والتي قد تكون السبب في تحايل البعض من خلال نسخ النص، مع الإشارة إلى اسم صاحبه في نهايته.

وإذا كان ما سبق، مجموعة من المقترحات لتنظيم الطريقة التي نشارك بها المنشورات التي تروقنا على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن طبيعة المنشورات التي يمكننا مشاركتها، والمنشورات التي يستحسن تجنب مشاركتها، والمنشورات التي لا ينبغي مشاركتها، هي أيضا مسألة غير منظمة، وتحتاج منا إلى تأمل وتفكير.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مواقع التواصل الاجتماعی المنشورات التی الإشارة إلى فی نهایة

إقرأ أيضاً:

أكاديميون: مواقع التواصل الاجتماعي تهدد ثوابت وقيم المجتمع

العمانية: أكّد عدد من الباحثين والمختصين أنّ مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الاجتماعية أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، إلا أنها تُعدُّ سلاحا ذو حدين، إذ أفرزت عدّة تحدّيات، منها تأثيرات على السلوك الاجتماعي التي من شأنها أن تؤثر على تشكيل وتغيير علاقاتنا وهويتنا الاجتماعية.

وقال الدكتور رجب بن علي العويسي خبير الدراسات الاجتماعية والتعليمية بمجلس الدولة: إنّ منصات التواصل الاجتماعي أصبحت تؤدي دورا كبيرا في صناعة توجهات الشباب ورسم صورة المستقبل لديهم، والتأثير على الاتجاهات الاجتماعية والقيمية والأخلاقية، وتمجيد السلوكيات الاستهلاكية وتأثيرها على قناعاتهم الفكرية وطموحاتهم، بل في تقديرهم للواقع الاجتماعي، وقراءتهم للجوانب المتعلقة بالرغبات الشخصية والاحتياجات الذاتية.

وأضاف: إنّ التحولات التي ارتبطت بالمنصات الاجتماعية في ظل ظهور من يُسمَّون بالمشاهير والمؤثرين فيها، وحجم ما قدمته لهم الدعاية والإعلانات التجارية وبرامج التسويق والترويج من فرص اقتصادية وموارد مالية ومكاسب مادية بات يُلقي اليوم بظلاله على قناعات الشباب وتوجهاتهم الشخصية وقراءتهم للمستقبل بل وقناعاتهم حول التعليم والعمل والمهنة والوظيفة، والحريات الفكرية والاجتماعية ومفاهيم الاستقلالية الشخصية والعلاقات الأسرية والاجتماعية.

وذكر أنّ ما تتناوله منصات التواصل الاجتماعي باتت في أحيان كثيرة بصورة قد تتنافى مع الثوابت المجتمعية والأولويات، وبالتالي ظهرت طبيعة الصورة الذهنية التي بات يُسقطها الشباب على مشاهير هذه المنصات، والتباينات في المحتوى الرقمي المقدَّم واتجاهه نحو تمجيد الخروج على المبادئ والأخلاق وتعظيم ثقافة الاستهلاك والمنافسة المادية والاهتمام بالمظاهر الشخصية.

ولفت إلى ما يُثيره واقع منصات التواصل الاجتماعي من مشاهد وأحداث ومواقف -حتما تعبر عن ممارسات فردية وسلوكات شخصية- تدعو إلى المزيد من المراجعة والتأمل والبحث والتقصي في تبني سياسات وطنية تُعزز من المحتوى الرقمي المنتج في ظل ما يمنحه من تنوع في الخيارات والفرص والبدائل التي تمنح الشباب فرص الاختيار الكفء والأداء المتناغم مع الهوية والسمت العُماني.

وذكر أنّ ترهل الممارسة الفكرية عبر هذه المنصات وارتفاع سقف التأثير السلبي المعزز بصعود الهشاشة الفكرية والنفسية لدى الشباب في التعامل مع المعلبات الفكرية التي تُلقي سمومها هذه المنصات الاجتماعية -في أكثر الأحيان- باتت تُلقي بظلالها على النموذج الأخلاقي العماني وإعادة توجيهه بطرائق مختلفة في ظل تكرار الدعوات المبطنة أو المؤثرات الكونية والفضاءات المفتوحة التي تحاول رسم صورة ضدية لهذه الأخلاق في علاقتها بأولويات الإنسان المعيشية وضروراته الحياتية بالتقليل من مساحة الالتزام الأخلاقي.

وأكّد أهمية الالتزام الأخلاقي في استخدام منصات التواصل الاجتماعي باعتباره تعبيرا أصيلا عن فقه المجتمع العماني ومساحة أمان تحفظ المجتمع وتحافظ على كيانه، لتضع الأخلاق العمانية على المحك وتُشوّه صورة الشخصية العمانية التي غرفت من منابع العقيدة والقيم الأصيلة مع أهمية المحافظة على مستويات عالية من التوازن زادا يقيها من أي مشوهات لجماليات الصورة أو أي مُسببات للخدش في قيم الحياء.

ولفت إلى أنّ الرهان في هذا الجانب يقع على الإعلام والتعليم ومؤسسات التنشئة الاجتماعية والمسجد والخطاب الديني والضبط الأسري والتربية الوالدية والقانون والتشريع في إعادة إنتاج مسار المتابعة وتشخيص الحالات ورصدها وفهم العوامل الباعثة إليها، والأسباب التي تقف خلف هذا الاغتراب القيمي والأخلاقي من بعض مكونات المجتمع، وحالة عدم التورع أو البعد عن الشبهات التي بات الفرد يزج فيه لتوجيه الأنظار إليه، أو سلب فقه المبادئ منه، أو تغيير قناعاته والتأثير عليه بدوافع ذاتية.

وأكّد أهمية تعظيم البعد الإيجابي الذي توفره منصات التواصل الاجتماعي من بدائل لاحتواء الشباب وتعميق فرص الوعي وترسيخ ثقافات إيجابية تسهم في تغيير السلوك النمطي السائد في المجتمع وضبط انتشار الظواهر السلبية والفكرية بين الشباب.

وشدّد على أهمية الحاجة إلى إعادة هندسة السلوك الشبابي في المنصات الاجتماعية، وتقوية حضور الفضيلة والهدف والمنهج والمحتوى كموجهات أساسية تُخرج المنصات الاجتماعية من أيديولوجية التصرف وأنانية الذات وفوقية المصالح وكومة التراكمات السلبية التي غيبت الشباب عن مهمته وأولوياته إلى رُقي المنافسة وصقل الشخصية والتعامل مع الصدمات وردّة الفعل وتمكينه من إدارة واقعه وحوكمة ممارساته في إطار من الوعي والتحليل والريادة والمنافسة.

وقال معمّر بن علي التوبي أكاديمي وباحث متخصّص في الذّكاء الاصطناعي: إنّه إلى جانب ما يمكن أن نراه من تطور رقمي في عالم الاتصالات والتواصل الاجتماعي نتيجة انبثاق منصات التواصل الاجتماعي، فإننا نرى جانبا سلبيا يُهدّد السلوك الاجتماعي للإنسان وقيمه المجتمعية بسبب ما يمكن أن تُحدثه منصات التواصل الاجتماعي عبر التفاعل غير المحكم والواعي من قبل أفراد المجتمع، فنجد أنّ هذه المنصات الرقمية أحدثت تغييرات في السلوك الفردي والجمعي للأفراد من حيث التعبئة الثقافية المفتوحة على مصراعيها التي تُعدُّ جزءا من منظومة "العولمة الرقمية".

وأضاف: إنّ أبرز السلبيات التي يمكن أن نلحظها في هذا التفاعل الرقمي ظاهرة الإدمان الرقمي الذي لم يعد حكرا على الألعاب الإلكترونية، بل شملت أيضا وسائل التواصل الاجتماعي واستعمالاتها غير المقننة والمحكومة، فتُحدث تغييبا للوعي السليم الذي يكون أسيرا لعالم رقمي تتباين فيه الأحداث بين الحقيقة والتزييف، فيغدو العقل البشري أسيرَ هذه الأحداث التي يمكن أن تكسبه حسا عاطفيا غير حقيقي يتبنّى بواسطته أفكارا وقيما تخالف نمطه الاجتماعي والديني، فيقع في فخ الانفصال عن الواقع المجتمعي الذي يعيشه، ليعيش واقعا لا ينتمي إليه بشكل مباشر.

وذكر أنّ مثل هذه الظواهر أدت إلى تفاقم ما يمكن أن نُطلق عليه بالقطيعة المعرفية التي تجعل من الإنسان متبنِّيا لصناعة معرفية مصدرها منصات التواصل الاجتماعي، فتضاعفت ساعات استهلاكه لهذه المنصات، وانعزاله عن البيئة الواقعية، وتراجعت مستويات القراءة والمطالعة، وتقلصّ الشغف المعرفي ليُستبدل بشغف التفاعل مع المنصات الرقمية، وأوجدتُ بعضا من الدراسات التي أكّدت تضاعف حالات الاكتئاب والقلق والتوتر النفسي الذي صاحب ظاهرة الإدمان الرقمي منها إدمان استعمال وسائل التواصل الاجتماعي.

وأشار إلى أنّ وسائل التواصل الاجتماعي ومنصاتها الرقمية أعادت تشكيل الإنسان من ناحية القيم التي بدورها تُؤثر على سلوكه الشخصي، فبات الإنسان الرقمي أكثر سطحية لا يتحرك بوعي عميق ذي بُعد مجتمعي متشرّب بالقيم الاجتماعية والدينية.

وبيّن أنّ هذا ما شكّل العقل الجمعي الجديد للمجتمع الذي يمكن أن يتأثر بأحداث لا تمس واقعه، فينقاد إليها دون وعي، فيسهل تحوّله إلى أداة بيد أصحاب الأيديولوجيات، ويخضع وفقَ هذه المعايير السطحية الواهمة إلى قانون القطيع الذي يجعل منه أداة عنف أو ترويج تجاري دون أن يكتشف وقوعه في هذا الفخ لافتا بأنّ الجيل الحالي الذي ولد في فترة العصر الرقمي سيكون أكثر عرضة لتلك المخاطر.

وذكر أنّ من بين المظاهر السلبية التي تولّدت من التفاعل المجتمعي مع منصات التواصل الاجتماعي ظاهرة "الشهرة" المرتبطة بصناعة ما يُطلق عليهم بـ"المشاهير" التي تحوّلت عند الجيل الحديث -خصوصا- إلى تعلق غير مبرر برموز محطات التواصل الاجتماعي، وهذا ما قاد إلى تفاقم أزمة السطحية المجتمعية التي وصفها المفكر الكندي "آلان دونو" بـ"نظام التفاهة" الذي يُوحي بتفكك القيم المجتمعية العميقة واستبدالها بقيم تفاهة تُهمّش الإنسان ونظامه الذاتي والاجتماعي.

وأفاد بأنه أصبح من السهل أن نستشرف شيئا من المظاهر المستقبلية التي ترتبط بخط سير المجتمع وأفراده مع المنظومة الرقمية المتمثلة في منصات التواصل الاجتماعي، ونرى تفاقم أزمتها نظير ما تكسبه من فراغ فكري ومعرفي في العقل البشري دون الادعاء أن هذه قاعدة عامة، فثمّة عدّة أشكال مرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن نتوقع وجودها مستقبلا تأخذ منحنى التطوير من المظاهر الحالية بعضها يصب في جوانب إيجابية.

ورأى أنّ من بين هذه الجوانب الإيجابية، نمو النشاط الاقتصادي الرقمي الذي سيتخذ من المنصات الرقمية وسائل للترويج التجاري نظرا لقوة تأثيرها، وهذا ما سيكسر نظام الاحتكار التسويقي الذي كان بيد كبرى المؤسسات التجارية التي يمكن أن تصل بصوتها إلى المستهلكين بوسائل إعلانية مدفوعة، ولكن سيُتاح للجميع بما فيهم صغار المستثمرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى جمع غفير من الجمهور دون تكاليف باهظة.

وأشار إلى أنّ من بين الجوانب السلبية للمنصات الاجتماعية مضاعفة مظاهر التفاهة والهشاشة الفكرية والمعرفية التي ينبغي أن تعالج وفقَ أطر ثقافية متوازنة ومتوازية مع النمو الرقمي دون الإخلال بالحركة التقنية وتطويراتها.

ويرى الباحث الاجتماعي مبارك بن خميس الحمداني أنّ هناك ثلاثة تحولات رئيسة للمختصين في علم الاجتماع أفرزتها وسائل التواصل الاجتماعي في البنية الثقافية للمجتمعات، وخاصة فيما يتصل بالبنى الثقافية للأسر إذ تُسهم في توسيع الفجوة الثقافية بين الأجيال، ويرتبط الثاني بـ"تنسيب القيم"، فيما يرتبط الثالث بإعادة تشكيل المفاهيم المرتبطة بالأسرة والثقافة الاجتماعية بشكل عام.

‏وقال إنه في الجانب الأول المرتبط بتوسيع الفجوة الثقافية أصبحت هناك أجيال متفاوتة، إذ أسهمت وسائل التواصل الاجتماعي كمحرك في إضفاء طابع لكل جيل، ووسعت اختلاف القيم الثقافية لكل جيل، إضافة إلى طبيعة التوقّعات والتفضيلات والممارسات والسلوكيات.

وأضاف إنه أصبح ما يعرف بالجيل الصامت وجيل الطفرات السكانية وجيل السبعينات وجيل الألفية وجيل التقانة، ويرمز لها عادة بالحروف X & Y & Z، مضيفا إنه عندما ننظر للخصائص التي أضفتها مواقع التواصل الاجتماعي تحديدا للجيل الأخير فنجدها تتمثل في خمس خصائص أساسية، وهي: السرعة والاجتزاء، والحرية الافتراضية، والآنية واللحظية، والانتماء والهويات العالمية، والرؤية الأحادية للواقع.

ووضّح أنّ هذه الخصائص لا يمكن الحكم المطلق بكونها سلبية تماما ولكنها تعتمد على مستويات النضج في التعامل مع وسائل التواصل، ومدى انخراط الفرد في الفضاءات الواقعية مقابل الفضاءات الافتراضية ومدى وجود آليات ثقافية لدى المجتمع لتحييد التأثيرات السلبية لهذه المواقع بالإضافة إلى قوة منظومة الثقافة المجتمعية.

‏وذكر أنه في جانب تنسيب القيم فإن هذه المواقع، ومن خلالها انخراط الأفراد خلالها في فضاء من القيم العالمية، أعطت الكثير من الأسئلة لدى طيف واسع من الجيل حول حقيقة القيم وجذبت بعض الأفراد للانخراط في قيم عالمية بعضها قيم إيجابية وبعضها قيم سلبية، لافتا إلى أنّ مكامن الخطوة في هذه الجزئية تكمن فيما إذا كانت منظومة القيم لدى الأفراد مؤسسة بطريقة هشة، ومنها تحدث الانكسارات الثقافية والقيمية.

‏وبيّن أنه في جانب إعادة تشكيل المفاهيم المرتبطة بالأسرة والثقافة الاجتماعية بشكل عام، فقد وفّرت مواقع التواصل الاجتماعي نمطا من التفضيلات والتوقعات المختلفة لدى الأفراد المنخرطين فيها خاصة فيما يرتبط بتفضيلات الأسرة والزواج والممارسات الاجتماعية وكذلك التفضيلات المتصلة بالجوانب الثقافية الأخرى.

‏ويؤكد أنه في المجمل العام تبقى المنصات الاجتماعية مجرد أدوات تُحرّكها المضامين المعرفية والاتصالية التي تحمُلها ويعتمد تأثيرها سلبا وإيجابا على مدى وجود منظومة قيمية وثقافية راسخة لدى المجتمع وعلى دور المؤسسات الاجتماعية في حفظ هذه المنظومة ونقلها عبر الأجيال سواء عبر العمليات الأسرية أو التعليمية أو الدينية أو نشاط الأنساق الاجتماعية الأخرى.

مقالات مشابهة

  • عاجل| من هو صلاح الدين التجاني؟.. 8 معلومات عن الشيخ المتحرش
  • من خادمة الدوكة إلى تيك توك رحلة حضور النساء السودانيات عبر مواقع التواصل
  • السعد: نأمل أن تكون الدماء التي سقطت اليوم مدخلا لتمتين الوحدة الوطنية
  • بالفيديو...سياسي بريطاني يصل إلى مؤتمر على متن دراجة مائية
  • شاهد بالصورة والفيديو.. أصغر عرسان في السودان يخطفان الأضواء في ليلة زفافهما بفاصل من الرقص الهستيري بــ(الرقبة) وساخرون: (لمن كنا قدرهم هدفنا كان نشيل تلفون فيهو فيسبوك)
  • سحر و أعمال شعوذة.. دجال العطارين في قبضة مباحث الآداب
  • ضريبة على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق
  • الحكومة العراقية تتجه لفرض ضرائب على مواقع التواصل الاجتماعي
  • أكاديميون: مواقع التواصل الاجتماعي تهدد ثوابت وقيم المجتمع
  • مخاطر عمليات السمنة ومتى تكون الحل الأخير؟.. نصائح مهمة قبل دخول غرفة العمليات