مذكرات الاعتقال لحظة تاريخية مهمة
تاريخ النشر: 23rd, November 2024 GMT
يتساءل الكثيرون فـي وسائل الإعلام حول أهمية إصدار الجناية الدولية مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف جالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فـي قطاع غزة. ومرد التساؤل أن هناك دولا غربية فـي مقدمتها الولايات المتحدة ودولا عربية أخرى لن تقوم بتطبيق قرار الجنائية الدولية.
لعقود طويلة من الزمن كان الاحتلال يرتكب جرائم فظيعة فـي حق الشعب الفلسطيني كل يوم دون أن تكون هناك أي إدانة حقيقية من قبل الغرب ومؤسسات النظام العالمي وكانت السرديات الإسرائيلية حول القضية الفلسطينية هي الأقوى حضورا فـي العالم الغربي. وكشفت الحرب الأخيرة عن تحولات كبرى سواء فـي بناء السرديات أو فـي قدرتها على تشكيل رأي عام عالمي، وكان واضحا منذ الشهر الأول حجم تعاطف الجماهير العالمية مع الشعب الفلسطيني الذي كان يباد بشكل لا يقبل أي جدل. ومع استمرار مجازر الإبادة التي ارتكبها الاحتلال فـي مختلف المدن الفلسطينية فـي قطاع غزة واستعمال التجويع سلاحا استراتيجيا فـي الحرب ومنع دخول المساعدات الطبية والغذائية وقصف طواقم الإسعاف وموظفـي الإغاثة الدوليين كانت الحقيقة تبدو واضحة أمام العالم أجمع: ما يفعله الاحتلال تجاوز العتبات الأولى لجرائم الحرب وللإبادة الممنهجة وهذا الأمر أحرج حلفاء الاحتلال كما أحرج الكثير من مؤسسات المجتمع الدولي.
يستند قرار المحكمة الجنائية الدولية إلى عدد هائل من الأدلة، التي وثقها الصحفـيون ومنظمات حقوق الإنسان والمراقبون الدوليون بدقة كبيرة كشفت عن نمط من السلوك تجاوز جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والتي كان جيش الاحتلال والمسؤولون المدنيون يحتفلون بها علنًا.
ويزعم المنتقدون للقرار أن نطاق المحكمة الجنائية الدولية محدود، نظرًا لأن الدول الرئيسية، بما فـي ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل نفسها، ليست من الدول الموقعة على نظام روما الأساسي، ورغم دقة هذا الطرح إلا أنه لا ينظر إلى الآثار الكبيرة لصدور مثل هذه المذكرات سواء فـي النظرة العامة لمثل هذه الحرب أو تلطيخ سمعة هؤلاء المتورطين ودولهم أمام المجتمع الدولي وتقييد قدرتهم على السفر بحرية وهذا يعوق قدرتهم على المشاركات السياسية والدبلوماسية فـيما يمكن أن يوصف بالعزلة السياسية التامة.
لكن لا بد من التأكيد أن إحجام بعض القوى الغربية عن دعم قرار المحكمة الجنائية الدولية يعيد طرح خطاب ازدواجية المعايير فـي التزام هذه الدول بقوانين النظام العالمي وأيضا بمسارات العدالة الدولية؛ لذلك فإن استمرار المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل، إلى جانب حق النقض ضد قرارات وقف إطلاق النار فـي الأمم المتحدة، يؤكد وجود موافقة ضمنية على استمرار الحرب وما تنطوي عليه من مجازر دموية. ومثل هذا الأمر يكشف عن حجم تآكل القانون الدولي والسلطة الأخلاقية للدولة المصرة على دعم الكيان الصهيوني المحتل.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
مذكرات امرأة
وداد الإسطنبولي
ظاهرة صحية تتجسد في الأشخاص الذين لا يستطيعون ذكرك إلا بطريقة لاذعة أو يختارون طرقاً متعرجة ليبثوا ما في دواخلهم بطريقة عكسية يكاد يتأثر بها الآخرون، ويحلِّقون حولك وكأنك طفلٌ صغيرٌ تحتاج إلى الرعاية أو كمن يقف بجانبك دون أن تدري إن كان سيقف معك أو ضدك.. لا أدري لماذا الشكر أصبح من طرف اللسان دون أن تشعر بمذاق حلاوته؟ أو يلمس شيئاً بداخلك! ولماذا لا يعبِّر الآخرون بصدق عن فرحتهم لك وهم يعلمون أن الخطوة لا تأتي هكذا "باردة مبردة" كما يقولون وإنما بعد جهد جهيد، لا أدري لماذا نتفاجأ بالأشخاص الذين نكن لهم أثرا طيبا في أرواحنا حين يتركون أثرا سيئاً لا يُمحى في أرواحنا!
ماذا نقول لهم؟
مسيرة حياتنا متقلبة وخطواتنا وإن كانت صغيرة فهي تُحاول العبور كما عبرت سلفا، والنهوض كما نهضتم، وتحلق للتحقيق والتحليق كما كنتم محلقين في سماء الإبهار، لا أحد يشبه أحدا ولا نُخفي أنَّ الاختلاف يصنع التجديد؛ فلماذا نضم كفوفنا ولا نبسطها للآخرين لتُنير دربهم ونأخذ بيدهم ونكون بجوار بعض لتتفانى تلك الروح العطشى في نفوسهم للوصول إلى القمم.
ولنرجع بكم للوراء لتتذكروا دروبكم التي لم تفرش بالورد فلا بد أن الأشواك أحاطت بكم أيضاً وجاهدتم للصمود.
فهل نعيد ترتيب أولوياتنا؟ فهذه الرسائل ربما مؤشرات لترتيب مساراتنا؛ فلا شيء يأتي صدفة أو هباء، وإنما صفحات مكتوبة ومعلومة ليحيكها القدر؛ ليعلمنا شيئا لم نكن ندركه.
الحياة صغيرة، نهايتها حفرة عميقة، فهل تريد أن تختفي فيها دون أثر! لماذا لا تملأها حبورا، وتكمل تلك الفراغات بومضات لامعة؟
كلما زادت تلك الظاهرة الصحية تأكد لن تكون إلا مرآة عاكسة لنهوض الطموح، تشعل روح التحدي في دواخل نفسٍ لن تخمد، وستفك القيود للركض بسرعة نحو المبتغى، وسيكون الآخر ممتناً لك دائماً، فاستعد لتلقي تلك الرسائل التي لا تهاجم إلا الشجرة المُثمرة، فالتجارب تُعلم النضج؛ لكي لا يكون الآخر تلميذًا لأحد، فنحن لا نُخلد، ولكن نبحث عن الأثر الخالد.
رابط مختصر