لجريدة عمان:
2024-12-25@16:31:03 GMT

الوجهات القصيرة وتصميم الوجهات السياحية

تاريخ النشر: 23rd, November 2024 GMT

تحتمل عملية تكوين الجذب السياحي تداخل العديد من العوامل المؤثرة فـيها، بعضها يتعلق بطبيعة السائح وبعضها يتعلق بطبيعة الموسم، وبعضها يتعلق بطبيعة المعروض السياحي، وبعضها يرتبط بطريقة تصميم الوجهة السياحية؛ والطريقة التي تصمم بها الوجهة السياحية تعد من العوامل الأكثر حسمًا حينما يتأتى الحديث عن مجتمعاتنا الخليجية والعربية عمومًا؛ ونقصد بها مجموعة من الأسئلة التي تحدد طبيعة هذه الوجهة: من تناسب؟ كيف يتم تحديد مستوى ما يمكن أن يصرفه/ يستهلكه السائح فـيها؟ ما القيم التي تؤسس عليها؟ ما طبيعة الوصول إليها؟ وهل تراعي طبيعة المحاذير/ التوقعات التي تتوقعها الفئة المستهدفة بهذه الوجهة؟ هذه أسئلة أولية فـي تصميم مقاصد الوجهات السياحية، ومن خلالها يمكن أن تتطور أسئلة أخرى أكثر تفصيلًا لتحقيق جدوى الجذب السياحي الحقيقي.

فـي تقديرنا فإن دراسة عناصر الجذب السياحي ومسائل اتجاهات السياح، وآليات تصميم الوجهات السياحية هي مسألة دراسة اجتماعية فـي المقام الأول، قبل أن تكون ذات أبعاد اقتصادية خالصة؛ فهناك عدة محكات تتحكم فـي مسائل الجذب السياحي منها: طبيعة التركيب العائلي فـي المجتمعات، المفاهيم المرتبطة بحدود الترفـيه داخل بنية الثقافة فـي هذه المجتمعات، التجارب السابقة للأفراد والمجموعات الاجتماعية، حدود التوقعات الاجتماعية من وجهات الجذب السياحي، الأطر العامة التي تحكم عملية التحرك إلى وجهة سياحية محددة من ناحية الخدمات وتكاملها، مستويات الإنفاق التي تحددها الأسر أو الأفراد على عناصر الترفـيه والسياحة، مستوى أولوية الترفـيه والسياحة بالنسبة للأسرة أو الفرد، هذه بعض العوامل الاجتماعية الأساسية التي يستوجب بطبيعة الحال بحثها (باستمرار) لفهم المشهد المتغير لاتجاهات السياح، خاصة حين تتعلق المسألة بجذب السياح من الداخل (السياحة المحلية).

تتيح مواسم الإجازات القصيرة (الأعياد والمناسبات الوطنية..) فرصة مناسبة لفهم التغيرات التي تطرأ على مشهد السياحة المحلية، وخلال إجازة العيد الوطني المنقضية شهدنا توزعًا واضحًا لمناطق الجذب السياحي على وجهات بعينها، استطاعت بطريقة أو بأخرى إجادة تصميم وجهة الجذب بما يتناسب مع تغيرات السياحة المحلية، قد تكون الوجهات فـي محافظة الداخلية دلالة واضحة على ذلك حيث حظيت -حسبما شهدنا- بتوافد واسع من السياح المحليين على الوجهات السياحية المطورة فـيها، فـي الوقت الذي بدأت فـيه بعض المحافظات وتزامنًا مع العيد الوطني من ناحية، واعتدال الأجواء من ناحية أخرى فـي تنشيط بعض الفعاليات المرتبطة بالمهرجانات الترفـيهية سواء القصيرة منها أو الممتدة كموسم، مما يوفر خيارات جيدة للأفراد والأسر لاستغلال مثل هذه الإجازات وتنشيط السياحة الداخلية. تبقى هناك بعض التحديات أو العتبات التي يتوجب الانتباه إليها مثل استكمال سلسلة القيمة بالنسبة للوجهة السياحية، مثل ضرورة توافر خيارات متنوعة للسكنى والإقامة تتناسب مع مستويات الدخول المختلفة والاتجاهات المتنوعة للسياح، كذلك تنشيط حركة متكاملة حول مناطق الجذب السياحي من خيارات الطعام، عوضًا عن التنبه لاستكمال خدمات البنى السياحية الأساسية، إضافة إلى ضرورة ربط الوجهات السياحية داخل الحيز الجغرافـي المتقارب ببعضها بعضًا لصنع ما يُعرف بالتجمعات السياحية المتكاملة.

إن أمام المحافظات اليوم فرصة مواتية لخلق التجمعات السياحية المتكاملة وفقًا لما تتميز به كل محافظة من عناصر جذب، ومقومات إما طبيعية أو بنائية، أو ثقافـية، ويبقى العمل على الآلية التي يمكن من خلالها توليف كل هذه المقومات لخلق تجربة السائح ضمن إطار سياحي متكامل، فـيتاح أمام من يزور محافظة شمال الباطنة على سبيل المثال تجربة عيش الحياة البحرية والأنشطة المتصلة بها فـي إحدى ولايتها بالإضافة للاستمتاع بالفنون الشعبية والأنشطة التراثية فـي ولاية أخرى، والاستمتاع بتجربة إقامة وطعام ملائمة فـي ولاية أخرى بإطلالات مميزة ومناسبة، أو عيش تجربة الشواء فـي نطاق ولاية أخرى. بحيث تعزز المدة التي يمكن أن يقضيها السائح فـي إطار جغرافـي قريب، وبكلفة معقولة، وخيارات متعددة، وبتجربة كافة أشكال الجذب المتاحة. وبهذه الطريقة يخلق إنفاق محلي مستدام ومضاف يغذي القطاع السياحي من ناحية، ويساهم فـي تقويم تجربة التنمية السياحية فـي المحافظات من ناحية أخرى. وفـي تقديرنا يجب أن تركز فـي هذه المرحلة الاستراتيجيات الوطنية (المركزية) على تعزيز مثل هذه المفاهيم وتنميتها ثم تمكين المحافظات من إسقاطها فـي برامجها وخططها اللامركزية على حد سواء.

يبقى السؤال: ما الذي يجذب السائح العُماني إلى وجهة سياحية معينة؟ تتيح دراساتنا المسبقة فـي حقل الاجتماع حول هذه المسألة عدد من النتائج المهمة، والتي يمكن أن تساعد فـي تصميم الوجهات السياحية المستهدفة للجذب المحلي، يمكن الحديث عن 5 عناصر أساسية تحدد هوية الجذب المحلي للسياح؛ أولها وجهة سياحية ملائمة للعائلة من ناحية (الثقافة/ المرافق/ الخصوصية/ التكلفة)، ثانيها: وجود أنشطة ترفـيهية تتسم بالسلامة والأمان خاصة لفئة الأطفال، ثالثها: وجود خدمات تكميلية قريبة مكانيًّا وذات جودة، رابعها: سهولة الوصول للوجهة من قبل كافة مكونات العائلة، خامسها: اتساع الوجهة وتفضيل إمكانية كونها وجهة طبيعية. هذه عناصر أساسية استخلصناها من دراساتنا المسبقة حول الموضوع، وبالتأكيد فإن هناك تفضيلات وعناصر فرعية تختلف باختلاف العوامل والمحددات الاجتماعية للأفراد والأسر، سواء من ناحية الدخل، أو تركيب الأسرة وعدد أفرادها وطبيعتها، وكذلك التجارب المعاشة السابقة للأفراد والأسر. وفـي كل الأحوال فإننا ندعو إلى تشخيص مستمر للواقع المتغير للتفضيلات السياحية، فإذا كان المشهد فـي المحافظات اليوم يحمل العديد من الفعاليات والمهرجانات والمواسم المستمرة فإنها فـي الوقت نفسه تشكل إطارًا خصبًا للتقييم ولفهم المجتمع والحالة السياحية العامة، فلا يكتفى فقط بمؤشرات أعداد الزوار وأوقات الزيارة، وإنما ينبغي فهم الأبعاد والمحكات الأخرى التي تساعد فـي تطوير مثل هذه التجارب، وفـي الوقت نفسه تصميم وجهات أكثر مناسبة لاتجاهات السياحة المحلية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الوجهات السیاحیة السیاحة المحلیة الجذب السیاحی من ناحیة یمکن أن

إقرأ أيضاً:

إدمان الفيديوهات القصيرة خطر يهدد التركيز والإدراك العقلي| فيديو

عرضت قناة القاهرة الإخبارية تقريرا تحت عنوان "إدمان الفيديوهات القصيرة.. خطر يهدد التركيز والإدراك العقلي"، أُثيرت قضية تأثير هذا الإدمان على الصحة النفسية والعقلية.

جريئة ومميزة .. نوال الزغبي تشعل السوشيال ميديا بالهودي الموف6:30 . أزهري: العبادة في زمن السوشيال ميديا مغشوشة والحسد قد يؤديان الى الانتحار

وأضح التقرير أن ملايين الأشخاص حول العالم يقضون ساعات طويلة يوميًا يتابعون المحتوى المرئي الذي يتم بثه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، دون اكتراث بفحوى المحتوى أو هدفه. ورغم ذلك، يظل الهدف الأساسي لدى الكثيرين هو الهروب من واقعهم المليء بالمشكلات والمشاغل.

وأوضح التقرير أن الدراسات الحديثة كشفت أن قضاء ساعات طويلة أمام الإنترنت، خاصة في متابعة المحتوى الرديء وغير الهادف، يؤدي مع مرور الوقت إلى نتائج سلبية على الصحة النفسية والعقلية، لا سيما لدى المراهقين والأطفال.

وأشار التقرير إلى أن أبرز الأعراض الناتجة عن التعرض المفرط للمحتوى غير الهادف تشمل: تدهور القدرات المعرفية، ضبابية التفكير، وقصر فترة الانتباه.

وأضاف أن الإفراط في مشاهدة محتوى الإنترنت قد يؤدي إلى أعراض أكثر حدة، مثل الاكتئاب لدى المراهقين، إلى جانب مشكلات اجتماعية مثل الانطواء وصعوبة التفاعل مع العالم الخارجي.

مقالات مشابهة

  • الصندوق السياحي يقود يوم غد جولة “اكتشف بُعد حائل” لتعزيز استثمارات القطاع السياحي بالمنطقة
  • إدمان الفيديوهات القصيرة يهدد عقول المراهقين.. فيديو
  • إدمان الفيديوهات القصيرة خطر يهدد التركيز والإدراك العقلي| فيديو
  • دراسة حديثة: إدمان الفيديوهات القصيرة يهدد عقول المراهقين
  • استقبلوا العام الجديد بأروع الاحتفالات في أرقى الوجهات بالإمارات
  • بناءً على توجيهات معالي وزير العدل د.خالد شواني .. دائرة التسجيل العقاري تفتتح مبنى جديد لملاحظيتها في ناحية الخيرات التابعة لمحافظة كربلاء المقدسة
  • معاناة الفلسطينيين في القائمة القصيرة للأوسكار
  • رئيس الوزراء يؤكد ضرورة العمل على تذليل التحديات التي تواجه القطاع السياحي
  • نتنياهو: سيتم التحرك بقوة وتصميم ضد الحوثيين
  • بعد ضربة تل أبيب.. نتنياهو يتوعد بالتحرك ضد الحوثيين بقوة وتصميم