«نحن نعيش في عصر ترامب». بعد عودة دونالد ترامب المذهلة والحاسمة إلى السلطة، تحولت هذه المقولة إلى واقع رسمي. كانت الأزمة المالية العالمية في عام 2008 نقطة تحول في التاريخ، ومن الواضح الآن أن ترامب هو الشخصية السياسية المهيمنة في فترة ما بعد الأزمة.
بدأ ترامب صعوده إلى السلطة في عام 2015 واعتلى أحداث العقد الحالي.
يشجع خصم «كامل النفقات» على هذا النحو مزيدا من الاستثمار من خلال زيادة العائدات. وتعمل تخفيضات ضريبة الأعمال لعام 2017 بالفعل على تعزيز الاستثمار وأجور العمال، فضلا عن دعم عمليات الشركات المتعددة الجنسيات المحلية. أثناء مفاوضات الضرائب في العام المقبل، ينبغي لترامب أن يجعل الإنفاق الكامل جزءا دائما من قانون الضرائب، كما فعل مع خفض معدل الشركات في عام 2017. وينبغي له أن يسعى إلى خفض معدل الشركات بدرجة أكبر وتعزيز حافز الشركات للمشاركة في البحث والتطوير. بطبيعة الحال، ستؤدي التخفيضات الضريبية الإضافية إلى زيادة العجز والديون، وهو ما سيعمل في الأمد الأبعد على تقليص الاستثمار وإضعاف التأثيرات الاقتصادية الإيجابية المترتبة على التخفيضات الضريبية. ومن الممكن أن يستفيد ترامب والكونجرس من ثلاثة مصادر للإيرادات لتعويض خسائر الإيرادات الناجمة عن خفض الضرائب على الشركات.
أولا، أنشأ قانون خفض التضخم لعام 2022 حوالي عشرين ائتمانا ضريبيا لتشجيع الابتكار والتصنيع في مجال الطاقة النظيفة المحلية، وهو يقدم ائتمانا بقيمة 7500 دولار للمشتريات الفردية من المركبات الكهربائية الجديدة التي تعمل بالبطاريات أو خلايا الوقود الهيدروجينية. ومن المرجح أن يكلف القانون أكثر من تريليون دولار في العقد الأول، وتريليونات أخرى بعد ذلك. ينبغي للكونجرس وترامب إلغاء قانون خفض التضخم واستخدام جزء من العائدات لخفض الضرائب المفروضة على الشركات. وحتى الإلغاء الجزئي لقانون خفض التضخم ــ مثل إعانات دعم شراء المركبات ــ من شأنه أن يوفر عائدات وفيرة للتعويض عن تكلفة التخفيضات الضريبية.
يتمثل الخيار الثاني في زيادة الإيرادات من الأسر. قد يسمح الكونجرس بانتهاء العمل ببعض التخفيضات الضريبية على الدخل الفردي من عام 2017، وقد يلغي تماما بعض الخصومات التفصيلية، بما في ذلك تلك المخصصة لفائدة الرهن العقاري ومدفوعات الضرائب على مستوى الولايات والحكومات المحلية. أخيرا، يستطيع المشرعون الأمريكيون ملاحقة إصلاحات ضريبية أكثر جوهرية. لقد أصبح نظام ضريبة الدخل في الولايات المتحدة معطلا. ويؤدي تعقيده المحير إلى إدخال تشوهات اقتصادية كبيرة تؤدي إلى إبطاء النمو وخفض الأجور.
إن فرض الضرائب على الدخل يثبط العمل والادخار والاستثمار. كان النظام السياسي في الولايات المتحدة عاجزا لفترة طويلة عن تغيير قانون الضرائب حتى يتمكن من جمع الإيرادات المطلوبة لتمويل الإنفاق الحكومي. الواقع أن الكونجرس وترامب لديهما فرصة كبيرة لإصلاح هذا النظام. فبدلا من فرض الضرائب على دخل الشركات، من الممكن تنفيذ ضريبة استهلاك وطنية وضريبة على التدفقات النقدية للشركات. ومع تحمل النفقات الكاملة للاستثمار، فإن الضريبة الأخيرة من شأنها أن تعمل على تسريع الإنتاجية ونمو الأجور. وعلى جانب الأسر، سوف تخضع الأجور للضريبة ولكن لن تخضع لها مكاسب رأس المال، وبالتالي يعمل هذا على تشجيع الادخار والاستثمار. وقد تضاهي الضريبة على الأجور تصاعدية نظام ضريبة الدخل الحالية. ولأن بعض السلع الاستهلاكية مستوردة وبعضها الآخر يُصدَّر (ولا يُستهلك محليا)، فإن هذا النظام يتطلب بند تعديل الحدود. وسوف تخضع الواردات للضريبة، ولن تخضع الصادرات للضريبة. تعديل الحدود ليس تعريفة جمركية؛ ولكن لأنه يشبه التعريفة الجمركية، فبوسع ترامب أن يروج لها على أنها تحقق وعده بدعم الإنتاج المحلي. إلى جانب إصلاح السياسات الضريبية الأمريكية، يستطيع ترامب أيضا تأمين إرثه الداعم للرخاء من خلال تحرير الاقتصاد من الضوابط التنظيمية. لتحقيق هذه الغاية، يتعين عليه أن يبدل لينا خان، رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية المثيرة للجدال، والتي عملت على تجميد إبرام الصفقات طوال فترة رئاسة جو بايدن. لسبب وجيه، قوبل فوز ترامب هذا الشهر بتنفس الصعداء جماعيا من قِبَل قادة الأعمال والمستثمرين وصانعي الصفقات، الذين اضطروا إلى تعليق عمليات الاندماج والاستحواذ. على نحو مماثل، من المتوقع أن يلغي ترامب الأمر التنفيذي الصادر عن بايدن بشأن تنظيم الذكاء الاصطناعي، والذي كان من شأنه أن يجعل الإبداع والنمو والازدهار في الأمد البعيد خاضعا للمخاوف بشأن المساواة العِـرقية والحد من تعطيل الوظائف.
الواقع أن نهج بايدن مضلل إلى حد كبير. فكما أوضحت في ورقة بحثية حديثة، ينبغي لنا أن نكون شاكرين لأن صناع السياسات في الماضي لم يحاولوا كبح أو تشكيل التكنولوجيات الجديدة، وسوف يكون أبناؤنا وأحفادنا ممتنين لنا إذا واصلنا هذا التقليد. ترامب لديه الفرصة الآن ليصبح الرئيس الذي يتذكره الناس لأنه فتح الباب أمام عصر الذكاء الاصطناعي. ولكن إذا لم يكن أي شيء ناجحا مثل النجاح ذاته، فلا شيء أكثر فشلا من الفشل. لم تحقق الحرب التجارية التي شنها ترامب أثناء ولايته الأولى هدفها المتمثل في إضعاف الروابط الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، بل تسببت في تقليص فرص العمل في قطاع التصنيع في الولايات المتحدة، وجعلت التصنيع المحلي أقل قدرة على المنافسة. ومن شأن حرب تجارية ثانية أن تهدد إرث ترامب باعتباره أحد الرؤساء العظماء المؤيدين للازدهار. على نحو مماثل، سيعمل ترحيل عدة ملايين من المهاجرين غير الشرعيين ــ وخاصة أولئك الذين لم يرتكبوا جرائم ــ على تعطيل العمليات التجارية ويتطلب من أجهزة إنفاذ القانون التدخل في الشركات والمجتمعات الخاصة بطرق ضارة. هل يريد ترامب أن يتذكره الناس باعتباره بطل الازدهار العظيم؟ أو بصفته الرئيس الذي فَـجَّـرَ العجز، وجمَّد استثمارات القطاع الخاص، وألحق الضرر بالأعمال التجارية؟ بعد عودته السياسية المذهلة، سنكتشف الإجابة قريبا.
مايكل ر. سترين، مدير دراسات السياسة الاقتصادية في معهد أميركان إنتربرايز، هو مؤلف كتاب «الحلم الأميركي لم يمت: لكن الشعبوية قد تقتله».
خدمة بروجيكت سنديكيت
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التخفیضات الضریبیة الولایات المتحدة الضرائب على فی عام عام 2017
إقرأ أيضاً:
ارتفاع المداخيل الضريبية للمملكة بنسبة 12.5 في المائة متجاوزة 243 مليار درهم
أفادت وزارة الاقتصاد والمالية بأن المداخيل الضريبة بلغت 243,75 مليار درهم عند متم أكتوبر 2024، لترتفع بنسبة 12,5 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية.
وأوضحت الوزارة في وثيقة حول وضعية تحملات وموارد الخزينة أن هذه المداخيل سجلت معدل إنجاز قدره 90 في المائة مقارنة بتوقعات قانون المالية، بتسجيل نمو مطرد بقيمة 27,1 مليار درهم (زائد 12,5 في المائة).
وأوضح المصدر ذاته أن التسديدات الصافية والتسويات والمبالغ الضريبية المستردة، بما فيها الجزء الذي تتحمله الجماعات الترابية، بلغت 19,6 مليار درهم، مقابل 13,6 مليار درهم متم أكتوبر 2023.
وبحسب طبيعة الجبايات والضرائب، أظهرت أبرز تطورات المداخيل الضريبية أن الضريبة على الشركات سجلت معدل إنجاز قدره 95,4 في المائة، وارتفاعا بواقع 6,5 مليارات درهم.
ويرجع هذا التطور بالأساس لتحسن المداخيل برسم الأقساط الثلاثة الأولى (زائد 3 مليارات درهم)، وتكملة التسوية (زائد 2,3 مليار درهم) والضريبة على الشركات المحجوزة في المنبع على ناتج التوظيفات ذات الدخل القار، والمكافآت المخولة للغير (زائد 0,9 مليار درهم).
ومن جهتها، سجلت مداخيل الضريبة على الدخل معدل إنجاز قدره 91,6 في المائة، وارتفاعا قدره 5,9 مليارات درهم، مما يعكس بالأساس تحسن المداخيل المتأتية من الضريبة على الدخل برسم الأجور (زائد 2 مليار درهم)، وبرسم الأرباح العقارية (زائد 0,5 مليار درهم)، وكذا الضريبة على الدخل المحجوزة في المنبع برسم ناتج التوظيفات ذات الدخل القار وأرباح تفويت القيم المنقولة (زائد 0,7 مليار درهم).
أما مداخيل الضريبة على القيمة المضافة فسجلت، من جهتها، ارتفاعا قدره 8,1 مليارات درهم، ومعدل إنجاز بنسبة 84 في المائة، وقد استفادت هذه المداخيل من ارتفاع الضريبة على القيمة المضافة عند الاستيراد (زائد 12,1 مليار درهم) وتلك المتعلقة بالضريبة على القيمة المضافة الداخلية (زائد 13,2 مليار درهم)، مما يعكس انتعاش الاستهلاك وأثر الإجراءات المتخذة في إطار قانون المالية 2024.
وعلاوة على ذلك، أشارت الوزارة إلى أن مداخيل الضرائب الداخلية على الاستهلاك سجلت معدل إنجاز قدره 91,3 في المائة وارتفاعا بمقدار 3,1 مليارات درهم، أساسا إثر تحسن الضريبة الداخلية على استهلاك المنتجات الطاقية (زائد 12,6 مليار درهم)، وتلك المتعلقة بالتبغ (زائد 7,3 مليارات درهم)، والمنتجات الأخرى (زائد 26,6 في المائة).
وفي ما يتعلق بمداخيل الرسوم الجمركية، بلغ معدل إنجازها 96,4 في المائة وارتفاع قدره 2 مليار درهم، بينما ارتفعت مداخيل رسوم التسجيل والتنبر بمقدار 1 مليار درهم بمعدل إنجاز نسبته 91 في المائة، لتعكس بذلك ارتفاع رسوم التسجيل (زائد 700 مليون درهم)، والضريبة على عقود التأمين (زائد 147 مليون درهم)، والضريبة الخاصة السنوية على السيارات (زائد 127 مليون درهم).
وتعتبر الوثيقة المتعلقة بوضعية تحملات وموارد الخزينة وثيقة إحصائية تقدم نتائج تنفيذ توقعات قانون المالية عن طريق اعتماد مقارنة مع الإنجازات المسجلة خلال الفترة نفسها من السنة الماضية.
ويذكر أنه في الوقت الذي تتسم فيه وثيقة الوضعية الصادرة عن الخزينة العامة للمملكة بطابع محاسبي، فإن وثيقة وضعية التحملات وموارد الخزينة تتطرق، كما تنص على ذلك المعايير الدولية في مجال إحصاءات المالية العمومية، إلى المعاملات الاقتصادية المنجزة خلال فترة الميزانية من خلال وصف تدفقات المداخيل العادية والنفقات العادية ونفقات الاستثمار وعجز الميزانية ومتطلبات التمويل والتمويل المعبأ لتغطية هذه الحاجيات.