ترجمة: أحمد شافعي

ذهبت مقالتي فـي نهاية الأسبوع الماضي إلى بعض المزاعم التاريخية الكاسحة، فمنها أن إعادة انتخاب دونالد ترامب أثبتت أننا خرجنا نهائيا من حقبة ما بعد الحرب الباردة، وأن المرحلة التاريخية التي بدأت فـي عام 1989 قد انتهت فـي نقطة ما بين أولى أيام الوباء وغزو بوتين لأوكرانيا، وأن ما نحن ذاهبون إليه الآن مهما يكن هو ما نحن ذاهبون إليه قطعا، فنحن لا نبحر فـي دوائر أو نجري ثابتين فـي المكان.

ولأضف الآن إلى هذه المزاعم الصارخة تعليقين إضافـيين يحددان حجم التحول الذي أتكلم عنه وطبيعته.

أولا: لا تعني نهاية حقبة ما بعد 1989 نهاية الليبرالية. لقد كتب الكاتب البريطاني جون جاري، وهو المتنبئ المبهر بأفول الليبرالية، مقالة فـي ذي نيوستيتسمان يذهب فـيها إلى أن الانتقال من حقبة إلى أخرى سوف يكون أيضا خروجا من الليبرالية بالكلية، وأن ترامب وربما من بعده جيه دي فانس قد يضعان «ديمقراطية غير ليبرالية ممنهجة البنيان عميقة الجذور» فـي حين تنهار أوروبا وقد تخلت عنها الولايات المتحدة فتغدو حساء «مريعا» من القومية ومعاداة السامية، وتكتسح الاستبدادية العالم الأوسع.

حسنا، هذا وارد. ولكن قبل أن نقطع كل هذا الطريق إلى هذه النتيجة، علينا أن نأخذ فـي الاعتبار كل أولئك الذين ينتمون إلى ائتلاف ترامب وفانس ولا يزالون يعدون أنفسهم أنصارا للقيم الليبرالية ـ أي مدافعين عن حرية التعبير وغيرها من الحريات التي يرونها مهددة بشدة من اليسار لا من اليمين. ولنأخذ فـي الاعتبار حجة طرحها حديثا زميل جاري فـي انتقاد تجاوزات الليبرالية وهو آريس روسينوس إذ أشار إلى أن نسخة النظام الليبرالي التي سادت العالم بعد 1989 تختلف بشدة عن النظام الليبرالي الذي سبقها منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، فهي نسخة أكثر طوباوية فـي طموحاتها، وأكثر شمولا ثقافـيا فـي مطالبها، وأكثر استبدادا وإمبريالية وغطرسة ومن ثم جنوحا إلى الهاوية.

فـي حين أن رؤية العالم التي حكمت أوروبا وأمريكا بعد عام 1945 كانت أشد برجماتية وبرودا، وأقل طموحا وثورية، وبقيت برغم ذلك ليبرالية بلا شك. فقد كان دوايت أيزنهاور وليندن جونسن ورونالد ريجان جميعا، وبطرق مختلفة، يفتقرون إلى مُثُل ما بعد 1989 لكيفـية حكم أمريكا و«النظام الدولي الليبرالي». ومع ذلك لم يكن أي منهم غير ليبرالي بالمعنى الذي قد يستعمله الشخص العادي للمصطلح، إذ كانوا يعملون فقط داخل سياق أكثر محدودية من خلفائهم فـي ما بعد الحرب الباردة، وكانت لديهم ميول غير ليبرالية وميول سابقة على الليبرالية مختلطة مع التزاماتهم الليبرالية ومتصلة عموما بالعالم على نحو أقل كمالا أيديولوحيا من نخبة ما بعد الحرب الباردة.

فـي ضوء هذا الماضي زعم روسينوس أن الليبراليين فـي مطلع القرن الحادي والعشرين قد يكونون أفضل حالا على المدى البعيد بدخول مستقبل أكثر محدودية لا يعودون فـيه يبدون وكأنهم رؤساء للعالم لا شريك لهم فـيه:

كما أن النظام ذا القطبين فـي عالم الحرب الباردة، بتقييده الميول الكامنة فـي الليبرالية إلى الراديكالية والغطرسة، قد جعل العالم الغربي آمنا لليبرالية منضبطة معتدلة، فقد ينقذ العالم متعدد الأقطاب الذي دخلناه الليبراليين من غلوائهم. وفـي ظل حصار المنافسين الراسخين فـي الخارج، وفـي ظل خيبة رجاء الناخبين فـيهم بالداخل، سوف يتعين على الليبراليين مرة أخرى أن يتعلموا ضبط النفس. لقد ثبت أن نظام ما بعد الحرب الباردة أخيرا وبال على الليبرالية الأمريكية، وقد يثبت الرجوع إلى نظام 1945 القائم فعليا أنه أكثر مودة تجاهها. وسوف أضيف إلى نظرية الاستمرار الجزئي هذه بدلا من القطيعة التامة ملاحظتي الثانية: وهي أنه حتى فـي ظل تغير النظام العالمي، تبدو الديمقراطية الأمريكية قوية على نحو معقول.

طالما كانت لدي شكوك عميقة فـي سيناريوهات الاستبدادية الكاملة فـي أمريكا، لأسباب قدم لها جوليان وولر شرحا نافعا فـي مقالة له سنة 2022 فـي «أمريكان أفـيرز». لكن بعد انتخابات 2016، ظهر بين التقدميين الأمريكيين شكل معتدل ومعقول من التشاؤمية الديمقراطية فرأوا أن المؤسسات الدستورية العتيقة فـي البلد قد تسمح للشعبوية اليمينية بتجسيد حكم الأقلية لفترة طويلة. وبالجمع بين التفوق الترامبي فـي المجمع الانتخابي وتفوق الدولة الصغيرة والدولة الريفـية فـي مجلس الشيوخ، يمكنك أن تتخيل بلدا تسمه أغلبية محبطة يحكمه الجمهوريون بثبات دونما الاقتراب من الحصول على 50% من الدعم الشعبي، ويفقد فـيه الدستور أو الديمقراطية كل أشكال الشرعية تدريجيا. فـي الوقت نفسه كان ثمة مخاوف من اليمين ولكنها متصلة، سواء من النوع الذي كتبت عنه فـي هذا العمود قبل الانتخابات ـ أي المخاوف من «كاتدرائية» تقدمية توحد القوة العامة والخاصة لتكميم المناقشة الحرة وإضعاف الديمقراطية ـ والمخاوف القديمة من أن تجعل الهجرة الجماعية والتغير الديمغرافـي من الانتخابات الوطنية انتخابات غير قابلة لفوز الحزب الجمهوري شأن الانتخابات على مستوى الولاية فـي كاليفورنيا اليوم على سبيل المثال. ولكن بمجرد حصوله على حوالي 50٪ من الأصوات الشعبية فـي عام 2024، قوض ترامب هذه المناظير بشكل كبير ـ إذ قوض الغرور الليبرالي القائل إن أسلوبه الشعبوي لا يمكن أن يفوز بأصوات كافـية للمطالبة بالشرعية الديمقراطية وقوض قلق المحافظين من أن تواطؤ المؤسسات النخبوية من شأنه أن يستبعد اليمين الشعبوي من السلطة.

وأكثر من ذلك، أظهرت طبيعة ائتلافه الفائز أن النظام الانتخابي الأميركي يميل إلى إعادة التوازن مع الوقت والمنافسة، بطرق ليست دائما متأثرة بالأغلبية ولكنها تجعل سيناريوهات حكم الأقلية الدائم أو دولة الحزب الواحد تبدو غير معقولة تماما. وفـي هذه الحالة، جلبت إعادة التوازن حصصا أكبر من ناخبي الأقليات ـ الأمريكيين ذوي الأصول اللاتينية والأمريكيين الآسيويين، على وجه الخصوص - إلى الائتلاف الجمهوري. فلم يثبت هذا فقط أن الحزب الجمهوري قادر على أن يظل تنافسيا فـي خضم التغيير الديموغرافـي، خلافا لمخاوف اليمين، فقد أدى أيضا إلى تحويل الخريطة الانتخابية بطرق من شأنها أن تقوض مخاوف اليسار من أن الجمهوريين يمكنهم ادعاء امتلاكهم قوة دائمة مضادة للأغلبية.

وذلك لأنه فـي حين أن الأصوات التي فاز بها ترامب فـي عام 2016 تركزت بطرق جعلت ائتلافه قابلا للنجاح فـي المجمع الانتخابي، فإن الأصوات التي حصل عليها منذ ذلك الحين توزعت بشكل مختلف تماما. ولهذا السبب وغيره، تضاءل تفوق الحزب الجمهوري فـي المجمع الانتخابي. وتقلص كذلك تفوقه فـي مجلس الشيوخ. ولكن فـي مجلس النواب، يفوز الجمهوريون الآن بأغلبيات أقل مما يبشر به تفوقهم فـي إجمالي التصويت الشعبي فـي مجلس النواب ــ وهو ما يشير إلى مستقبل معقول تكون فـيه الأغلبية الديمقراطية التالية فـي مجلس النواب مضادة للأغلبية عمليا، مع أغلبية طفـيفة من المقاعد تستند إلى أقلية من الأصوات.

ولا يبشر هذا بالضرورة بخير للحكم الأمريكي، لأنه على الرغم من كل الوضوح المفـيد لفوز ترامب، إلا أنه كان لا يزال فوزا ضيقا بما يكفـي لوصف هذه الدولة بأنها دولة الـ50-50 وإعدادنا لعودة محتملة إلى الجمود فـي غضون عامين فقط. ولكن دولة الـ50-50 التي يكون فـيها مجلس النواب ومجلس الشيوخ والرئاسة جميعا فـي متناول اليد باستمرار ليست دولة تتأرجح على شفا حكم الأقلية فـي الأمد البعيد، أو دولة على وشك أن تصبح ديمقراطية زائفة ذات حزب واحد.

لعل أربع سنوات أخرى من حكم ترامب تغير هذه الحقائق. ولكننا لم نعرف بعد جوابا للسؤال حول مصير ترامب وإرثه الكامل ــ سواء أكان بوسعه أن يكون أكثر من مجرد مدمر للنظام القديم، أو إذا كانت أغلبيته الهشة الجديدة قادرة على التوسع إلى ائتلاف حاكم. وسوف تخبرنا ولايته الثانية بالمزيد عما إذا كانت عجلة التاريخ تقودنا إلى عصر تحدده توليفة قومية أو شعبوية على النحو الذي حدد به عالم ما بعد عام 1989 الليبرالية المنتصرة ــ أو ما إذا كنا ندخل للتو نوعا من فترة الفراغ الأيديولوجي، أو فترة الدول المتحاربة فليس لليبرالية ما بعد الحرب الباردة وريث واضح أو مؤكد.

ولكن فـي الوقت الراهن، لا يزال المستقبل الغريب الذي ندخله الآن يبدو وكأنه مستقبل ديمقراطي، مع تقارب المنافسات على السلطة برغم اتساع مجال الجدال الأيديولوجي، حيث ستظل انتخابات أمريكا أوضح الأحبار التي كتبت بها العناية الإلهية نواياها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ما بعد الحرب الباردة مجلس النواب فـی مجلس

إقرأ أيضاً:

يقود جهود الوساطة.. هل يكون ستارمر الصوت الذي يكسر عناد ترامب؟

لندن- يبدو أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قد أضحى خيار الأوروبيين الأمثل لقيادة وساطة تجسر الهوّة المتسعة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ويتضح ذلك بعد النقاشات التي دارت في القمة الأوروبية في العاصمة لندن، وانتهت إلى إدراك أوروبي، أن الطريق لإبرام اتفاق سلام دائم ينهي الحرب في أوكرانيا لا بد أن يمر بواشنطن وأن يحظى بدعم أميركي واضح.

ففي القمة التي عقدت الأحد بمشاركة 15 دولة أوروبية، حاول الأوروبيون الوقوف صفا واحدا خلف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد لقائه العاصف بالرئيس ترامب في البيت الأبيض والذي نسف جهودا أوروبية لرأب الصدع بين الجانبين.

وأعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، أنه وبتنسيق مع فرنسا وشركاء آخرين سيعكفون على الترتيبات اللازمة لإنضاج اتفاق سلام بضمانات أمنية كافية لأوكرانيا وعبر الإعلان عن "تحالف للراغبين" لنشر قوات حفظ سلام على الأراضي الأوكرانية، وزيادة الدعم العسكري والمالي المقدم لكييف، فضلا عن مواصلة الضغط على موسكو.

لكن، يُجمع كثير من القادة الأوروبيين على أن صيغة الاتفاق التي سيحاولون إرسالها إلى الرئيس الأميركي، يجب أن تنجح في إرضاء واشنطن وتغيير موقفها المتصلب إزاء سحب المظلة العسكرية والدفاعية التي توفرها لأوروبا عن طريق قيادتها حلف "الناتو".

إعلان

قادة الوساطة

وعلى هامش القمة، أجرى رئيس الوزراء البريطاني سلسلة لقاءات ثنائية مع عدد من القادة الأوروبيين الذين يبدو أنهم في تصوره يمثلون حجر الزاوية في إدارة المفاوضات الصعبة مع الأميركيين خلال المرحلة المقبلة، ومن هؤلاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، التي شددت على ضرورة تجنب حدوث صدع في التحالف الغربي بين ضفتي الأطلسي.

في المقابل، دارت نقاشات بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني، ووصفت زيارتهما إلى واشنطن الأسبوع الماضي بالناجحة، وتخللتها اتصالات بإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وتحدث رئيس الوزراء البريطاني عن تأكيده للرئيس الأميركي أن الأوروبيين يجتمعون في لندن لإيجاد حلولٍ للعُقد بينهم وبين واشنطن، لكنهم ينظرون إلى الولايات المتحدة كشريك حيوي لا يمكن التخلي عنه، وليس كخصم يتحالفون عليه.

لكن في الوقت الذي يدرك الأوروبيون أنهم أمام لحظة تاريخية فارقة، أجّلوا التفكير في تداعياتها الجيوسياسية لوقت طويل، في ظل غياب حلف دفاعي أوروبي مستقل عن واشنطن.

وحتى الآن، من غير المعروف إنْ كانت جهود كير ستارمر و"المكانة الخاصة" التي تحظى بها المملكة المتحدة لدى واشنطن كافية لإنجاح الوساطة مع إدارة أميركية يصعب التنبؤ بقراراتها، وعازمة على طي صفحة الحرب الأوكرانية.

كير ستارمر (يسار) يستقبل فولوديمير زيلينسكي (يمين) خلال القمة الأوروبية بلندن (الأناضول) خيارات صعبة

يقول شاشنك جوشي، محرر الشؤون العسكرية والإستراتيجية في مجلة إيكونوميست البريطانية، للجزيرة نت، إن بريطانيا ولعقود تنظر لنفسها باعتبارها صلة الوصل التاريخية بين ضفتي الأطلسي، والقادرة على إدارة الوساطة مع واشنطن في لحظات التوتر بينها وبين الأوروبيين.

لكن هذا الدور، كما يرى جوشي، أصبح منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي عام 2016، أكثر تعقيدا؛ حيث بدأت مرحلة الانكفاء على الذات وبناء علاقات أكثر متانة مع الأميركيين وبمعزل عن الأوروبيين.

إعلان

رغم ذلك، يضيف جوشي أن خطورة المرحلة، وتداعيات فك الارتباط بين واشنطن وأوروبا دفعتا البريطانيين للعودة بالتنسيق مع فرنسا للانخراط في وساطة لتخفيف حدة المواقف الأميركية، حيث نجح ستارمر في أن يجد لنفسه مكانا في المنتصف بين الأوروبيين وعلى مقربة أيضا من الإدارة الأميركية والعمل لبناء جسور الثقة معها.

في المقابل، يحذر جوشي من أن هذا الوضع الإستراتيجي الخاص الذي تحظى به بريطانيا، سيكون محل اختبار، في حال فشل مقترح السلام الذي يعتزمون تقديمه إلى واشنطن لإقناعها بمواصلة دعم أوكرانيا وتوفير الحماية العسكرية لأوروبا، وفي حال اختار الأوروبيون انتهاج سياسة أكثر عدائية اتجاه واشنطن التي لم تعد تكتفي بإرسال إشارات عدم رضا ولكن باتخاذ خطوات مفاجئة تمس الأمن القومي الأوروبي.

العلاقات الثنائية أولا

وقوبلت الأجواء التي دار فيها اللقاء في البيت الأبيض بين رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأميركي ترامب بارتياح واسع في أوساط الطبقة السياسية البريطانية، حيث استطاع رئيس الوزراء البريطاني انتزاع وعد من الإدارة الأميركية باستثناء بريطانيا من فرض رسوم جمركية يتوقع أن تصل إلى 25% على واردات السيارات والموصلات والأدوية الأجنبية.

في المقابل أعلن ستارمر رفع حجم الإنفاق العسكري ليصل إلى 2.5% قبل عام 2027؛ في استجابة للإلحاح الأميركي بضرورة تحمل الأوروبيين عبء حماية أمنهم الجماعي وتوفير تمويل إضافي لحلف "الناتو".

وتدفع أصوات في الداخل البريطاني بضرورة تركيز ستارمر على تحسين العلاقات الثنائية مع واشنطن، لكن يعتقد آخرون أن الجغرافيا السياسية تجعل بريطانيا في قلب التحولات الجارية بالجوار الأوروبي وتدفعها للانخراط في إيجاد صيغة للحل.

مراقبون يعتقدون أن الصف الأوروبي غير موحد من التوجهات نحو واشنطن وكييف (رويترز) صف غير موحد

ويشير أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لندن جليبرت الأشقر، في حديث للجزيرة نت، أن الاستثمار في العلاقات الخاصة بين واشنطن ولندن لإنضاج اتفاق سلام لا يستثني الأوروبيين والأوكرانيين، قد لا يكفي لإقناع الإدارة الأميركية التي تبدو الهوة بينها وبين الحكومات الديمقراطية الليبرالية شاسعة، وفي ظل عقيدة أيديولوجية يجاهر بها الرئيس الأميركي ولا تخفي قربه من حكومات اليمين الشعبوي، وراغبة في تحسين العلاقة مع موسكو ولو على حساب التحالف التاريخي مع أوروبا الغربية.

إعلان

لكن يرى الأشقر أن الأوروبيين يختارون مسالك مختلفة في التعامل مع ترامب، ففي الوقت الذي تبدو بعض الحكومات المحسوبة على اليمين الشعبوي كالمجر وإيطاليا على علاقة جيدة وأكثر قربا أيديولوجيا من إدارة الرئيس الأميركي، قد ينشأ عن هذا الاختلاف تباينات وفروقات تحاول بريطانيا وفرنسا بالأساس تجازوها، فضلا عن ألمانيا التي ظلت مترددة لمدة قبل أن تنضم للجهود الأوروبية مع انتخاب مستشار جديد.

ويشدد الأشقر على أن الخروج بقرار لبناء هيكل دفاعي موحّد قد لا يبدو سهلا، على الرغم من الجهود الذي تبذلها بريطانيا وفرنسا لتوحيد الرؤى، حيث تحفّظ ستارمر عن ذكر الدول الراغبة في المشاركة في حلف قوات حفظ السلام التي يَعِد الأوروبيون بإرسالها إلى أوكرانيا، تاركا قرار الإعلان لحكومات تلك الدول.

وغابت دول البلطيق عن القمة الأوروبية في لندن وهي كل من إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، وتعد من الدول الأكثر إنفاقا في ميزانية حلف شمال الأطلسي بالمقارنة مع ناتجها الداخلي الخام، والواقعة على تماس مع الحدود الروسية. لكن رئيس الوزراء البريطاني أوضح أنه على اتصال بقادة هذه البلدان لإدراج مقترحاتها في أي اتفاق سلام مرتقب.

وفي هذا السياق، يوضح الأشقر أنه في الوقت الذي ترغب فيه بعض الدول الأوروبية في زيادة الإنفاق العسكري وتحقيق الاستقلالية الدفاعية، تميل أخرى إلى تقديم تنازلات للولايات المتحدة مقابل الاحتفاظ بمظلتها العسكرية مدركة حجم الفراغ الذي سيخلفه الانسحاب الأميركي من المنطقة.

ويتوقع الأشقر أن تفشل الوساطة التي يقودها رئيس الوزراء البريطاني بسبب حدة المطالب التي ترفعها الإدارة الأميركية، مشيرا إلى أن الأوروبيين تنقصهم الجرأة السياسية لاعتماد بدائل أخرى أكثر راديكالية وفي مقدمتها التوجه إلى الصين لتوفير الدعم العسكري والإستراتيجي، مستفيدين من العلاقات الاقتصادية المتقدمة التي تربط الجانبين.

مقالات مشابهة

  • ميرتس.. ترامب ألمانيا الذي تُعوّل عليه أوروبا لمواجهة ترامب أميركا
  • حملة على المخابز انتهت بضبط 34 طن دقيق مدعم خلال 24 ساعة
  • 3 أيام من الخسائر.. ما الذي يدفع أسعار النفط للانخفاض؟
  • تفاصيل مقترح السلام الذي عرضه زيلينسكي على روسيا وترامب
  • محاولة عبور انتهت بفاجعة.. حادث سير يودي بحياة شاب في الكورة!
  • ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
  • توجه العراق نحو الليبرالية الجديدة – 3 – شكل الصراع القادم
  • أيهما يصل للشيخوخة مبكرًا: سكان المناطق الحارة أم الباردة.. دراسة تحسم الجدل
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • يقود جهود الوساطة.. هل يكون ستارمر الصوت الذي يكسر عناد ترامب؟