نصيحة الأطباء لفتيات مصر.. طريقة واحدة لإبطال مفعول مخدر الاغتصاب
تاريخ النشر: 23rd, November 2024 GMT
فى الفترة الأخيرة، تصدرت الأخبار قضية الإعلامية داليا فؤاد التى تم ضبطها وبحوزتها عقار GHB المعروف بـ «عقار الاغتصاب»، ما آثار موجة من الجدل حول الاستخدام المتزايد لهذا العقار.
يعتبر GHB، الذى بدأ كعقار طبى يستخدم فى المستشفيات لعلاج اضطرابات النوم وبعض الحالات العصبية، من المخدرات التى تُثير قلقًا شديدًا فى الأوساط الطبية والأمنية، وفقًا للدكتور أيمن ثروت استشارى التخدير، يُعرف هذا المخدر بقدرته الفائقة على التأثير فى الجهاز العصبى المركزى، حيث يبدأ تأثيره بعد دقائق قليلة من تناوله، مما يؤدى إلى فقدان الوعى الكامل، شلل الحركة، وعجز الضحية عن المقاومة.
المثير فى الأمر أن هذا العقار عديم الطعم والرائحة، مما يجعله سهل الإضافة إلى المشروبات دون أن يُكتشف، الأمر الذى حوله إلى أداة تُستخدم فى الجرائم الجنسية، وبالإضافة إلى GHB، هناك مادة أخرى تُستخدم فى تهريب المخدرات وهى ١٫٤-بيوتان دايول (BDO)، وهى مادة صناعية تُستخدم فى الصناعات الكيميائية، لكنها تتحول داخل الجسم إلى GHB بمجرد تناولها.
حسب الدكتور على عبد الله، مدير المركز المصرى للدراسات الدوائية، تعتبر هذه المادة أخطر من GHB بسبب أنها ليست مصممة للاستخدام البشرى، وعند تناولها يمكن أن تؤدى إلى آثار جانبية مدمرة، مثل توقف التنفس، الغثيان الشديد، وحتى الوفاة بسبب الجرعات الزائدة.
لا يقتصر استخدام GHB وBDO على أوساط الحفلات والمجتمع الشبابى فقط، بل أصبحت هاتان المادتان جزءًا من الأسلحة المستخدمة فى الجرائم المنظمة. ففى العديد من الحوادث الموثقة، حيث تم استخدام GHB لإسقاط الضحايا فى حالة من الغيبوبة أو فقدان الوعى التام، مما يُتيح للمجرمين ارتكاب الجرائم الجنسية والسرقة دون أن يكون للضحية أى ذاكرة تُذكر عن الحادثة.
ما يزيد من خطورة هذا الوضع هو أن هذه المواد يمكن أن تظل فى الجسم لمدة ٢٤ ساعة تقريبًا، مما يصعب اكتشافها أو إثبات استخدامها فى الجرائم.
قضية داليا فؤاد كانت بمثابة جرس إنذار حول انتشار هذه المواد بشكل غير قانونى. فقد أظهرت التحقيقات أنها لم تكن أول من يمتلك هذا العقار لأغراض غير مشروعة، وهو ما يعكس تزايد استخدام GHB وBDO فى أوساط المجرمين، وهذا ما دفع العديد من الخبراء إلى المطالبة بتشديد الرقابة على هذه المواد وتشريع قوانين أكثر صرامة لمكافحة تهريبها.
فى ظل خطر انتشار هذه المخدرات، أشار مدير المركز المصرى للدراسات الدوائية إلى ضرورة تعزيز الوعى العام حول كيفية التعامل مع هذه المواد، وأوضح أنه من أبرز النصائح الوقائية التى يجب على أى فتاة تجنبها هو عدم قبول مشروبات من الغرباء مع التأكد من أن المشروبات لا تُترك دون مراقبة واستخدام أغطية خاصة للأكواب خاصة فى الأماكن العامة والمزدحمة.
وأشار إلى أن أى فتاة كانت عرضة لمؤامرة من أى شخص وتناولت أى مشروب مضاف له هذا العقار يجب عليها الوعى بالأعراض المبكرة مثل الدوار أو فقدان التوازن، قائلًا: «أى بنت شكت أنها شربت تلك المادة عليها شرب كمية كبيرة من المياه تجعلها تتقئ أو تدخل الحمام وهذا الأمر هيأخر ظهور الأعراض عليها وتطلع على أقرب مستشفى».
وأضاف أنه يجب على الحكومات اتخاذ إجراءات أكثر صرامة للحد من تهريب المخدرات مثل BDO، والتى تُصنف ضمن المواد المخدرة الصعبة المراقبة بسبب استخدامها فى الصناعات الكيميائية، مؤكدًا على ضرورة التعاون الدولى بين الدول لوضع أنظمة رقابة أكثر فاعلية لتتبع ومكافحة تهريب هذه المواد قبل أن تُصبح جزءًا من المخاطر اليومية التى تهدد الأفراد.
وأشار إلى أن فهم خطورة هذه المواد وطرق الوقاية منها قد يساعد فى حماية الأفراد والمجتمع من مخاطرها، لذلك، يجب على السلطات المختصة تعزيز الرقابة على هذه المواد المخدرة، وكذلك تكثيف التوعية العامة حول طرق الحماية من الاعتداءات الجنسية التى قد تُستخدم فيها هذه المواد.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: داليا فؤاد عقار GHB عقار الاغتصاب الجرائم الجنسية المطالب أمر تهريب المخدرات شلل الحركة الجرعات الزائدة الجرائم المنظمة الجرائم ضد النساء حماية الأفراد التوعية العامة تعزيز الرقابة مكافحة تهريب المخدرات الجرائم الأمنية الجرائم الخطرة التعاون الدولي هذا العقار هذه المواد ت ستخدم التى ت
إقرأ أيضاً:
الاغتصاب سلاح حرب بالسودان.. حالات انتحار واسترقاق وضحايا يعانين في صمت
"الموت أحسن من الاغتصاب".. صرخة ضحية عنف جنسي في الحرب الدائرة في السودان وصلت إلى الأسماع بخلاف صرخات أخرى تقدر منظمات أنها أكبر بكثير من المعلن لم تجد منقذين من أيدي المغتصبين ولا أياد رحيمة تعتني بها بعد الفاجعة لتواجه معاناتها في صمت يضجّ أحيانا بكوابيس تصل حد التفكير في الانتحار للتخلص من الآلام والهروب من الوصم الاجتماعي لضحايا الاغتصاب.
وتحول الاغتصاب إلى سلاح حرب منذ بدء الاشتباكات بالسودان في أبريل/نيسان 2023. ولا يتوقف العنف الجنسي في حرب السودان على الاغتصاب، بل يشمل كذلك الاستعباد الجنسي والاتجار في البشر والحمل القسري على غرار 331 حالة وثقتها وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل في السودان، بحسب ما أكدته رئيسة الوحدة سليمى إسحاق لـ"عربي21".
ورغم صعوبات الرصد والتوثيق في ظل استمرار الحرب، فقد وثقت المبادرة الاستراتيجية للمرأة في القرن الأفريقي ما لا يقل عن 300 حالة حتى الآن.
وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة، هالة الكارب، في تصريح خاص لـ"عربي21"، إن 33 من هذه الحالات الموثقة سجلت في ولاية الجزيرة خلال الفترة الممتدة من الأسبوع الثالث من شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى بداية نوفمبر/تشرين الثاني الجاري "عقب الحملات الانتقامية الأخيرة لـ"قوات الدعم السريع" في الولاية.
المأساة أكبر من المعلن
ورغم أن وزارة الخارجية السودانية أكدت، في بيان أصدرته يوم الأحد الماضي، توثيق "ما لا يقل عن 500 حالة اغتصاب بواسطة الجهات الرسمية والمنظمات المختصة ومنظمات حقوقية"، إلا أنها نبهت إلى أن هذه الأرقام لا تعبر عن الواقع، بل "تقتصر على الناجيات من المناطق التي غزتها مليشيا قوات الدعم السريع"، منبهة إلى أن هناك أعدادا كبيرة من الحالات غير موثقة، ومنها " مئات من المختطفات والمحتجزات كرهائن ومستعبدات جنسيا وعمالة منزلية قسرية، مع تقارير عن تهريب الفتيات خارج مناطق ذويهن وخارج السودان للاتجار بهن"، وفقا للخارجية السودانية.
وعن أسباب عدم رصد هذه الجرائم وسط استمرار الحرب، تتحدث سليمى إسحاق، في تصريحها الخاص لـ"عربي21" عن "معيقات كثيرة للإحاطة بحالات العنف والاغتصاب منها عدم التبليغ من طرف الضحايا، وضعف خدمات الدعم والمتابعة وتشتتها بين الولايات بسبب النزوح". كما أن خبراء كثيرين وناشطين سودانيين نبهوا إلى أن التطورات في السودان، بما في ذلك الانتهاكات التي تطاول الفئات الأكثر هشاشة، وفي مقدمتها النساء، لا تحظى بتغطية إعلامية كافية رغم زيادة ملموسة في الاهتمام في بعض المناسبات على غرار اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد النساء الذي يحل في 25 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام.
وقد أكد المحامي السوداني معز حضرة، في تصريح لـ"عربي 21"، أن أعداد حالات العنف الجنسي التي رُصدت أقل بكثير من الأعداد الحقيقية، مسلطاً الضوء على سبب رئيسي يعوق الرصد والتوثيق على غرار ظروف الحرب وتدهور أوضاع البلاد. ويتمثل هذا السبب في "الطبيعة المحافظة للمجتمع السوداني" التي لا تسهل طريق الضحايا نحو البوح بما تعرضن له من جرائم وانتهاكات، ما يدفع حضرة للقول "إننا نعتقد بأن الحالات المسكوت عنها أكبر بكثير مما جرى رصده".
سلاح حرب
تتهم السلطات السودانية "قوات الدعم السريع" بشكل صريح باستخدام الاغتصاب كسلاح في الحرب بهدف "إجبار المواطنين على إخلاء قراهم ومنازلهم لتوطين مرتزقتها"، وهو ما جدد الخارجية السودانية التعبير عنه في بيان سالف الذكر. وفي هذا الإطارـ، تؤكد رئيسة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل في السودان أن "العنف الجنسي المتصل بالنزاع يُوظّف من أجل التطهير العرقي والتهجير القسري من مختلف المناطق".
ومن المؤشرات على استخدام قوات الدعم السريع الاغتصاب سلاحا في الحرب أن "هذه الانتهاكات تستهدف مجموعات إثنية بعينها، حيث تقتل كل الذكور من تلك المجموعات وتغتصب النساء والفتيات بغرض إنجاب أطفال يمكن إلحاقهم بالقبائل التي ينتمي إليها عناصر المليشيا"، وفقا لبيان الخارجية السودانية الذي أوضح أن "تلك الفظائع تشمل جرائم الاغتصاب، والاختطاف، والاسترقاق الجنسي، والتهريب، والزواج بالإكراه، وأشكال أخرى من العنف والمعاملة غير الإنسانية والمهينة والقاسية والحاطّة للكرامة للنساء وأسرهن ومجتمعاتهن".
غير أن الحالات الموثقة من العنف الجنسي لا تحمل بصمات عناصر "الدعم السريع" فقط، بل تكشف كذلك عن تورط أطراف أخرى في هذه الانتهاكات. وفي هذا الصدد، يؤكد المحامي السوداني معز حضرة "أن العدد الكبير من جرائم العنف الجنسي التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، لا يعني أن الأطراف الأخرى غير متورطة في هذا النوع من الجرائم.
ويتحدث عن "رصد ارتكاب جرائم اغتصاب وعنف جنسي من أطراف أخرى، بما فيها أفراد من القوات المسلحة السودانية، وبعض الحركات المسلحة والقبائل التي تدعم الطرفين".
أكثر من ذلك، "تم توثيق حالات استغلال في ظروف الحرب والمجاعة والنزوح من أجل ابتزاز النساء وتقديم الطعام مقابل الجنس"، بحسب المحامي حضرة، الذي نبه إلى أن استخدام الاغتصاب سلاح حرب من جرائم الحرب ومخالف للقوانين الجنائية السودانية والقانون الدولي الإنساني، وكذلك "نظام روما الأساسي" الذي أُنشئت بموجبه المحكمة الجنائية الدولية.
وتواصلت "عربي21" مع الخارجية السودانية، ولم تتلقى ردا، حتى وقت نشر هذا التقرير.
ضحايا من مختلف الأعمار
دقت الأمم المتحدة جرس الإنذار في عدة تقارير من أن "حوالي سبعة مليون امرأة وفتاة في السودان تواجه خطر الاغتصاب والعنف الجنسي". ورغم أن الحالات الموثقة تعد بالمئات، إلا أن سليمى إسحاق تنبه إلى أن "حالات العنف الجنسي التي تم توثيقها بشعة جدا" بعضها طاول طفلات دون الست سنوات. أما كبر الناجيات الموثقة حالتها فيناهز عمرها 76 عاما".
وقد رصدت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل التي ترأسها سليمى أن "النساء الكبيرات في السن رفضن الخدمات والمتابعة بعد تعرضهن للعنف، إذ كان ذلك ثقيلا عليهن نفسيا بشكل كبير".
حالات الاغتصاب لا تنسى بحسب سليمى إسحاق، ومنها جريمة تتذكرها بحزن ضحيتها فتاة من العاصمة الخرطوم، اقتحمت قوات الدعم السريع منزل أسرتها، واستفراد أحد العناصر بها محاولا اغتصابها، فكان "مغتصبها" يزيد من تعنيفها وضربها كلما لهجت بالدعاء ومناجاة الله، مبديا امتعاضه من رفضها بدعوى أنها فتاة من العاصمة حيث "التحرر" يفترض أن ترحب بما يحدث لها، ثم نهرها بقوله: "ما في لطيف في بس أنا"، ثم تناوب سبعة عناصر على اغتصابها.
وما زالت "هذه الفتاة مازالت تعاني من آثار هذه الجريمة" حتى الآن وقد لا تتعافى منها قريبا لأن "التعافي النفسي منها صعب خاصة أن الاغتصاب داخل المنزل يحوّله من مصدر أمان وذكريات الطفولة إلى ذكرى أليمة تركت ندوبا عميقة في نفسية الضحية"، وفقا لسليمى إسحاق.
كما روت هالة الكارب حكايات "جدّات" من جنوب أم درمان تتراوح أعمارهن بين 70 و80 سنة، كنّ قبل الحرب يعملن في وخدمة المجتمع تحت إشراف المبادرة التي ترأسها الكارب، وبعد الحرب تعرضن لـ"الاسترقاق"، حيث "أجبرن على القيام بأعمال التنظيف والطبخ وحمل آليات وأسلحة لقوات الدعم السريع"، ويرافق ذلك "تعرضهن للسخرية والحط من كرامتهن وتهديدهن بالسلاح". وقد وثقت الكارب قصة ناجية من هؤلاء الجدات استطاعت أن تبوح بجانب من مأساتها قبل أن تتوفى بعد وقت قصير من تحريرها. ومن ذلك، أن محتجزي النساء كانوا يطلبون منهن الرقص وهم سكارى ويطلقون النار عشوائيا في الهواء، إضافة إلى انتهاكات أخرى جعلت الكارب تقول إنها "لا تستطيع تصور درجة القسوة وانعدام الإنسانية هذه تجاه الجدات التي نسميهن في السودان الحبوبات".
مغتصبات ينتحرن هروبا من الوصم
تستمر المعاناة والندوب الناجمة عن الاغتصاب طويلا، وقد لا تزول أبدا حتى إن الحياة تضيق ببعض الضحايا إلى حد التفكير في وضع حد لحياتهن. واقع وثقه صندوق الأمم المتحدة للسكان عبر ممثله في السودان، محمد الأمين، الذي صرح في يوليو/تموز الماضي أن "بعض النساء وصلن إلى مرحلة من اليأس دفعتهن إلى محاولة الانتحار". وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، جرى توثيق "انتحار 3 نساء في ولاية الجزيرة وحدها"، بحسب ما كشفت عنه هالة الكارب في تصريحات صحافية.
كما أن أغلب حالات الانتحار كانت لضحايا جرائم الاغتصاب الجماعي، بحسب هالة الكارب. إذ تتعرض الضحايا من النساء والفتيات الصغيرات للتعذيب والاحتجاز ونتيجة لذلك يقررن إنهاء حياتهن. كذلك ترتفع مخاطر محاولة الانتحار في صفوف ضحايا الاغتصاب أمام أفراد الأسرة لما له من آثار عميقة على الضحية ومحيطها. وفي هذا السياق، قال المحامي السوداني معز حضرة، لـ"عربي 21"، إن الانتحار لم يطاول فقط ضحايا الاغتصاب، "بل تم توثيق انتحار أفراد من أسر الضحايا خاصة ممن شهدوا جريمة الاغتصاب". وهنا، تشير هالة الكارب إلى ضحايا توفين قهراً بعد عودتهن إلى أسرهن لتُدفن معهن تفاصيل معاناتهن، خصوصا أن من بينهن من تعجز عن البوح بمأساتها حيث تعانين في صمت بلا علاج إلى أن يلفظن أنفاسهن. وتستحضر هالة الكارب من الحالات قصة فتاة أكد أهلها أنها تعرضت للاختطاف والاغتصاب الجماعي لشهور من قبل "الدعم السريع"، وقد توفيت قهرا بعد بضعة أيام من عودتها إلى أسرتها.
ورغم أن وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل في السودان لم توثق من جهتها حالات انتحار لضحايا الاغتصاب، إلا أن رئيستها سليمى إسحاق لا تستبعد لجوء بعض ضحايا العنف الجنسي للانتحار، خاصة مع "حالة الوصم ولوم الضحية التي تلاحق النساء دائما"، منبهة في هذا الصدد إلى أن آثار الاغتصاب على تتوقف عند الضحايا فقط، بل إنه يسبب ندوبا عميقا في المجتمع كله. ووضعت سليمى إسحاق إصبعها هنا على قصور في معالجة هذه الجرائم وكبح تداعياتها يتمثل في أن "أن الاهتمام غالبا ما ينصب على السياسة والأرقام دون الالتفات إلى نتائج هذه الانتهاكات التي ستؤثر على أجيال كاملة"، ومنها منها الآثار النفسية، ومخاطر انتشار الأمراض الجنسية، وولادة أطفال نتيجة الاغتصاب، وغيرها من التداعيات الخطيرة التي تستمر طويلا ويتجاوز تأثيرها الضحايا إلى محيطهن.
حالات حمل جراء الاغتصاب
يعتبر الحمل نتيجة التعرض للاغتصاب إحدى النتائج الخطيرة، التي تعرض الضحايا لآثار جسدية ونفسية واجتماعية وخيمة. فقد شددت "هيومن راتس ووتش في مايو/أيار 2023 على أن "الندوب الجسدية والعاطفية والاجتماعية والنفسية التي تعرضت لها الضحايا هائلة".
قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن قوات الدعم السريع متهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين في ولاية الجزيرة وسط #السودان، شملت القــتل والاحتجاز التعسفي واغتـصاب النساء والفتيات، مؤكدة على أن تصاعد هذه الهجمات الشنيعة مؤخرا ينهي الآمال المتبقية بإيقاف جـرائم الدعم السريع بدون رد… pic.twitter.com/26dgMuJYco — عربي21 (@Arabi21News) November 11, 2024
ورصدت المنظمة حالات الوصم الاجتماعي، منها لإحدى الضحايا "طردها زوجها وأخذ أطفالهما منها، وتُركت في الشوارع" حين اكتشف حملها نتيجة تعرضها للاغتصاب.
كما أكدت سليمى إسحاق لـ"عربي 21" توثيق 31 حالة ولادة من حمل ناتج عن الاغتصاب.
هذا إجمالي الحالات التي امتلكت ا لشجاعة وتوفر لها الدعم والسند للوصول إلى الوحدة، إذ تؤكد رئيسة الوحدة أن عددا أكبر من الضحايا لا يبلغن بسبب ظروف الحرب والسكن في الأرياف البعيدة، قبل أن تخلص مجددا إلى أن " الأرقام الحقيقية أكبر مما هو موثق بكثير".
وفي حين تستمر معاناة النساء اللواتي يضعن أولادا جراء الاغتصاب، يُسلّم مواليدهن في الغالب إلى مؤسسات ترعى الأطفال فاقدي السند في مختلف ولايات السودان. وأحيانا لا تلتقي الأم طفلها بعد ذلك، إذ تفضل معظم الأمهات عدم التواصل مع أطفالهن بسبب "الوصم وتجريم النساء" الذي يشكل عبأ ثقيل علي الضحايا، على حد تعبير هالة الكارب، ما يضاعف معاناة النساء في صمت جراء ندوب العنف الجنسي وانقطاع الاتصال بفلذات أكبادهن، ما يجعلهن في أمسّ الحاجة إلى الدعم والمساعدة.
غير أن الضحايا لا يحصلن على الرعاية والدعم اللازمين في ظل معاناة السوداني عموما من ضعف كبير في الخدمات الصحية زاده الحرب والنزوح الكثيف تفاقما. وفي هذا الإطار، تتحدث هالة الكارب عن "قصور في الاستجابة وتوفير بروتوكول التعامل مع حالات العنف الجنسي"، بالإضافة إلى انعدام الدعم النفسي والخدمات الصحية المجانية، ولا سيما ضحايا الاغتصاب الجماعي اللواتي يحتجن أحيانا إلى تدخل جراحي لا يكون متاحاً ظل انهيار المنظومة الصحية. كما تحتاج العديد من الناجيات للعون المادي لمواصلة حياتهن وفي الغالب لا يحصلن على أي نوع من الدعم، بحسب الكارب.
وكان خبراء أمميون قد حذروا، في أغسطس/ آب الماضي، من نقص كبير للرعاية والخدمات الصحية والدعم النفسي، وخدمات ما قبل الولادة التي "أصبحت نادرة وغير آمنة أو غير متاحة على الإطلاق بالنسبة للناجيات اللاتي أكملن حملهن حتى نهايته".
ومع ذلك، تقول سليمى إسحاق إن هناك رعاية، لكن جودتها سيئة بسبب الحرب والنزوح، حيث يتم توفير الدعم النفسي للضحايا عن بعد، وكن صعوبات الاتصال وانقطاع خدماته، تؤثر على وصول النساء إلى الدعم النفسي. وفي السياق نفسه، أشادت إسحاق "بمبادرات شجاعة أنشأت غرف طوارئ لتقديم المساعدة والدعم النفسي رغم أنها لا تستطيع الوصول إلى الجميع". كما أن خدمات الرعاية تختلف من ولاية إلى أخرى. فقد أدى اجتياح "الدعم السريع" ولاية الجزيرة إلى انهيار كبير في المنظومة الصحية ليحرم الأهالي من الخدمات الطبية.
لا غنى عن الدعم الدولي
طالبت سليمى إسحاق بضرورة بذل المجتمع الدولي جهودا من أجل وقف هذه الانتهاكات، وتحسين أوضاع النساء وتسهيل وصولهن إلى العدالة، وتمكينهن نفسيا وجسديا واقتصاديا، لأن سلامة النساء من صميم سلامة المجتمع كله. وفي هذا الإطار، أطلقت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل عن "مبادرة 16 يومًا من النشاط النضاليّ ضد العنف الجنسانيّ" برسالة مفادها أن "نساء السودان وفتياته بأنهن لسن وحدهن". وقد صارت الحملة حدثا سنويا، إذ تنطلق في 25 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، وتستمر حتى اليوم العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر/كانون الأول.
غير أن نسخة هذا العام من المبادرة تأتي "في خضم أوضاع مأساوية تعاني فيها النساء والفتيات في السودان جراء الحرب والانتهاكات المروّعة التي ارتكبتها –وما تزال ترتكبها– عناصر "الدعم السريع" في الجزيرة ودارفور والخرطوم ومناطق أخرى في البلاد"، بحسب بيان للوحدة شددت فيه كذلك على ضرورة "حماية النساء في معسكرات النزوح ومراكز الإيواء من مختلف الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها".
ومن هذا المنطلق، شددت المديرة التنفيذية في المبادرة الاستراتيجية للمرأة في القرن الأفريقي، في تصريحاتها لـ"عربي21"، على الحاجة إلى "قوانين داخلية صارمة تتصدي لكافة أشكال العنف، بالإضافة إلى التعاون مع المحكمة الجنائية ومنظومة حقوق الانسان الدولية وتسليم الجناة للعدالة"، مع "تبني وتفعيل القوانيين الدولية والإقليمية لمكافحة العنف ضد النساء"، لأن ما يحدث في السودان وفقا لهالة الكارب "ليس وليد اللحظة، بل نتاج أربعة عقود أو أكثر من الحصانة والإفلات من العقاب".
أما المحامي معز حضرة فقد لفت النظر إلى أهمية الجهود الداخلية من أطراف الحرب جميعها، وأول هذه الجهود السماح بدخول أعضاء لجنة تقصي الحقائق التي شكلتها جنيف، وتسهيل وصولهم إلى المواقع من كل الأطراف المتحاربة، من أجل كشف الحقيقة والوصول إلى الضحايا. وفي انتظار ذلك ستبقى البيانات التي تصدرها أطراف الصراع، بحسب حضرة، غير ذات جدوى ما لم تقترن بجهود حقيقية لإنهاء النزاع "لأن الحرب هي أكبر جريمة".