بنك الجينات.. منظومة وطنية لحفظ الأصول الوراثية للحيوانات البرية ذات القيمة الاقتصادية
تاريخ النشر: 23rd, November 2024 GMT
تمثل سلطنة عمان إحدى أكثر الدول تفردا في المنطقة للحفاظ على تكاثر الحيوانات البرية في موائلها الطبيعية، إلا أن ذلك لم يُثنِها عن أخذ زمام المبادرة بتأسيس مشروع بنك الجينات لحفظ الأصول الوراثية للحيوانات البرية المعرّضة للانقراض من قبل هيئة البيئة بالتعاون مع مركز "موارد" التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وشؤون البلاط السلطاني، وجامعة الشرقية.
بنك الجينات
وقالت نوال بنت خلفان الشرجية، أخصائية نظم بيئية ورئيسة فريق عمل مشروع إنشاء بنك الجينات بهيئة البيئة: يعد إنشاء مشروع بنك الجينات لحفظ الأصول الوراثية للحيوانات البرية من المشاريع البيئية النوعية، إذ تمثل البنوك الجينية مصادر لثروة وطنية ذات قيمة عالية بسبب احتوائها على الموارد الوراثية التي تتضمن جينات فريدة ومتنوعة، حيث تُنشأ بنوك الجينات لتخزين وحفظ الموارد الوراثية الحيوانية، ويمكن لبنك الجينات استقبال أي مادة وراثية مجمدة من مختلف المؤسسات الوطنية ومراكز البحوث في سلطنة عمان ومن جميع الجهات الخارجية الموثوقة.
مرافق تخزين
وأشارت إلى أن بنوك الجينات الحيوانية هي بمثابة مرافق تخزين للموارد الوراثية بكافة أنواعها مثل الدم، الشعر والبويضات، بالإضافة إلى الأنسجة، والخلايا، وغيرها، ويعد الحفظ عن طريق التجميد (Cryopreservation) إحدى الطرق المثلى التي تساعد في الحفاظ على التنوع الوراثي لسلالات الحيوانات البرية لضمان استدامتها ومنعها من الانقراض، مشيرة إلى أن بنوك الجينات تُستخدم على نطاق واسع في العديد من البلدان للحفاظ على مواردها الوراثية بغرض حمايتها من التقلبات غير المتوقعة، وكذلك تُستخدم في إعادة توطين الحيوانات في الحياة البرية من خلال إعادة تشكيل العشائر الحيوانية من السلالات ذات الأهمية الاقتصادية أو المهددة بالانقراض، بالإضافة إلى الحفاظ على المادة الوراثية كنسخة احتياطية يمكن الاستفادة منها مستقبلا وإعادة استخدامها عند الحاجة.
ضمان استدامتها
وأوضحت أن هذا المشروع يمثل أداة حيوية لمواجهة التحديات والتأثيرات الناجمة عن تغير المناخ، حيث يسهم التغير المناخي في فقدان الموائل الطبيعية للأنواع مما يؤدي إلى تناقص أعدادها أو فقدانها، ومن هنا تأتي أهمية هذا المشروع الذي يهدف إلى حفظ الأصول الوراثية من الحيوانات البرية خاصة المهددة منها بالانقراض؛ لضمان استدامتها وإمكانية استعادتها في حالة فقد السلالات الحيوانية بسبب الأمراض أو الكوارث الطبيعية، كما أن المشروع يتيح الفرصة أمام الباحثين والطلبة المهتمين بإجراء الدراسات البحثية من خلال تسهيل إمكانية حصولهم على جزء من هذه الموارد لإجراء الأبحاث البيئية، مع الوضع في الاعتبار إنشاء قاعدة بيانات متخصصة للأنواع الحيوانية البرية وتوثيقها وربطها بقواعد البيانات الدولية.
آلية عمل المشروع
وتطرقت نوال الشرجية إلى آلية عمل المشروع قائلة: يتم تنفيذ هذا المشروع على مدى ثلاث سنوات بالتعاون بين هيئة البيئة ومركز عمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ومركز توليد الحيوانات البرية التابع لشؤون البلاط السلطاني وجامعة الشرقية، حيث تمثل هيئة البيئة الجهة الممولة للمشروع، إذ يقوم فريق المشروع بتطبيق أحدث الآليات المعتمدة دوليا في جمع وحفظ الموارد الوراثية من الحيوانات البرية الموجودة في كافة أرجاء سلطنة عمان مثل المحميات الطبيعية، ومراكز الإكثار والتوليد وغيرها، كما يعمل الفريق على تنظيم آلية تداول الموارد الوراثية التي تم حفظها في بنك الجينات وحوكمة اشتراطات الاستخدام بالإضافة إلى تخزين المعلومات المتعلقة بهذه الموارد في قواعد بيانات دقيقة ومتخصصة.
المراحل المنجزة
وقالت نوال الشرجية: لقد تم إعداد مختبر متكامل وتزويده بكافة الأجهزة والأدوات والمواد المختبرية لتنفيذ أهداف المشروع بحيث يحتوي على مرافق لتحليل العينات ومرافق أخرى لتخزين وحفظ الموارد الوراثية بالتجميد، مؤكدة أن جمع الموارد الوراثية لا يتعلق بالحيوانات البرية الحية فقط وإنما يشمل الحيوانات البرية النافقة، حيث تم تنفيذ 4 ورش عمل تستهدف التوعية بأهمية بنك الجينات وتسلط الضوء على آلية جمع الموارد الوراثية (الأنسجة والشعر) من الحيوانات البرية التي تتعرّض لحوادث الدهس في 4 محافظات مختلفة تضم مسقط، البريمي، شمال الباطنة وجنوب الباطنة، واستهدفت هذه الورش مشرفي النظم البيئية ومَن في حكمهم من العاملين في المحميات الطبيعية ووحدات الرقابة المختلفة، حيث تم توضيح آلية جمع الأنسجة من الأذن وجمع عينات الشعر حسب البروتوكول المُتَّبع وتم توزيع حقائب عدة لجمع العينات لكل محافظة.
وحول معايير اختيار الحيوانات قالت نوال الشرجية: توجد هناك معايير واشتراطات محددة يتم من خلالها اختيار الحيوانات البرية المناسبة لبنك الجينات، حيث يتم إعطاء الأولوية للأنواع المهددة بخطر الانقراض مثل الطهر العربي، والنمر العربي، والغزال العربي، كما تتم مراعاة الاختلافات في النوع الواحد؛ إذ لا بد أن تكون الحيوانات بصحة كاملة وتشتمل على الذكور والإناث وتمثل أعمارا متفاوتة.
جمع العينات
وقالت أصيلة الناعبية، رئيسة قسم البحث وصون الموارد الوراثية بمركز عمان للموارد الوراثية والحيوانية والنباتية "موارد" التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار: في إطار الجهود المبذولة في مركز عمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية (موارد) لحفظ وصون الموارد الوراثية، نعمل حاليا على تنفيذ مشروع بحثي بالتعاون مع هيئة البيئة، وشؤون البلاط السلطاني، وجامعة الشرقية وهو إنشاء بنك الجينات لحفظ الأصول الوراثية للحيوانات البرية بالتجميد خارج موقعها الأصلي، إذ يركز المشروع على حفظ عينات من الأصول الوراثية لأنواع مختلفة من الحيوانات البرية الموجودة في سلطنة عمان، وتشمل هذه العينات الدم والشعر والأنسجة وكذلك حفظ المادة الوراثية "الحمض النووي DNA" لضمان استدامة التنوع الأحيائي لهذه الأنواع من الحيوانات البرية خاصة المعرّضة والمهددة بالانقراض.
وأشارت إلى أنه تم تجميع حتى الآن 199 عينة دم، و126 عينة شعر من 14 نوعا من الحيوانات البرية الموجودة في سلطنة عمان، وتشمل هذه الأنواع: الغزال العربي، وغزال الريم، والمها العربية، والطهر العربي، والوعل النوبي، بالإضافة إلى النمر العربي، والثعلب الأحمر، والأرنب البري، كذلك تم تجميع العينات من الرباح، والنيص، والنمس، وغرير العسل، والضبع المخطط، مشيرة إلى أنه تم استخلاص المادة الوراثية (الحمض النووي) لعينات الدم المأخوذة من هذه الحيوانات باستخدام بروتوكول خاص، والآن نعمل على تحديد البصمة الوراثية ومعرفة التسلسل الجيني (DNA barcoding) لهذه الأنواع من الحيوانات البرية.
وأوضحت أن تحديد البصمة الوراثية يُعد خطوة أساسية في عملية إنشاء بنك الجينات، حيث تضمن هذه الطريقة حفظ المادة الوراثية الصحيحة لكل نوع، وكذلك يساعد في توثيق الأنواع البرية وخاصة المهددة منها بالانقراض أو الأنواع النادرة التي تتناقص أعدادها بشكل سريع، كذلك فإن تحديد البصمة الوراثية لكل نوع يساعد في معرفة الخطوات الأولية لدراسة واكتشاف الاختلافات الوراثية داخل النوع الواحد، كما يمكن استخدام هذه المعلومات لاختيار أفضل العينات لحفظها في البنك الجيني، مما يضمن تمثيلا شاملا للتنوع الجيني للأنواع.
خطوات الحفظ
وقال الوارث بن خالد الفارسي، مساعد باحث بهيئة البيئة: بعد استلام عينات الدم يتم نقلها إلى أنابيب مخصصة لحفظها في درجة حرارة "-80" درجة مئوية لحفظها من التلف، وبعد ذلك يتم أخذ كمية بسيطة من كل عينة لاستخلاص الحامض النووي "DNA" عن طريق بروتوكولات خاصة، وتتم بعد ذلك عملية الاستخلاص إذا تم التأكد من جودة وتركيز الحامض النووي لننتقل بعد ذلك إلى خطوة مضاعفة الحامض النووي للعينات عن طريق تفاعل البلمرة المتسلسل "PCR"، وفي النهاية نقوم بتحديد التسلسل الجيني لهذه الأنواع.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: من الحیوانات البریة الموارد الوراثیة للموارد الوراثیة المادة الوراثیة بالإضافة إلى هیئة البیئة هذا المشروع هذه الأنواع بنک الجینات سلطنة عمان إلى أن
إقرأ أيضاً:
برلمانيون: القطار فائق السرعة بين أبوظبي ودبي نقلة نوعية تعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية
أكد أعضاء المجلس الوطني الاتحادي أن مشروع القطار فائق السرعة الذي سيربط بين أبوظبي ودبي يُمثل نقلة نوعية في قطاع النقل والبنية التحتية، ويُعد خطوة استراتيجية تسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدولة الإمارات.
وأشاروا إلى أن هذا الإنجاز يعكس رؤية القيادة الرشيدة في تحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز مكانة الدولة كرائدة عالميًا في مجال الابتكار.
أكدت نضال محمد الطنيجي رئيس لجنة شؤون التقنية والطاقة والثروة المعدنية والمرافق العامة في المجلس الوطني الاتحادي، أن المشروع يعكس التزام دولة الإمارات بتحقيق رؤيتها الطموحة في التنمية المستدامة وتعزيز شبكة النقل المتقدمة.
وأوضحت: "هذا المشروع يمثل نقلة نوعية في قطاع النقل بالسكك الحديدية، فهو ليس مجرد وسيلة للتنقل بين المدينتين، بل ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد الوطني وتعزيز التنمية الاجتماعية والبيئية"، مضيفة أن القطار فائق السرعة يُعد خطوة استراتيجية نحو تحسين الترابط بين أبوظبي ودبي، بما يعزز مكانة الإمارات كرائدة في مجال الابتكار والبنية التحتية المتقدمة.
من جهتها، أشارت آمنة علي العديدي عضو المجلس الوطني الاتحادي، إلى أن المشروع يجسد رؤية الإمارات الطموحة في تطوير بنية تحتية مستدامة وحديثة، ولفتت إلى أن المشروع سيُسهم في تحسين جودة الحياة اليومية للمواطنين والمقيمين والزوار من خلال توفير وسيلة نقل سريعة وآمنة، وأكدت أن القطار سيدعم تنافسية الاقتصاد الوطني ويُعزز النمو المستدام بما يتماشى مع رؤية الإمارات 2071.
إنجاز وطني.. مواقع استراتيجية وسهلة الوصول لمحطات الأسطول الأول لقطار الركاب في #الإمارات#قطارات_الاتحاد
— 24.ae | الإمارات (@24emirates24) January 24, 2025 منظومة مبتكرةوفي السياق ذاته، وصف سعيد العابدي عضو المجلس الوطني الاتحادي، المشروع بأنه علامة فارقة في مسيرة التنمية المستدامة لدولة الإمارات، وأكد أن القطار سيُسهم في تعزيز كفاءة التنقل وجودته، مع تقليل الزمن المستغرق وزيادة الأمان.
وأضاف أن المشروع يعكس رؤية القيادة الرشيدة لبناء منظومة نقل مبتكرة ومستدامة تُسهم في دفع عجلة الاقتصاد الوطني، وترسخ ريادة الدولة في مجال السكك الحديدية والتكنولوجيا المتقدمة.