«ماما غنيمة».. وحلول الدراما السريعة
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
من الأعمال الدرامية الخفيفة التي عرضتها منصَّة شاهد، المسلسل الخليجي (ماما غنيمة) من تأليف علياء الكاظمي، للمنتج جمال سنان، وإخراج عبدالرحمن السلمان، وإنتاج (إيجل فيلمز).
المسلسل يتكون من ثماني حلقات، وتستغرق مدة الحلقة تقريبا ثلاثين دقيقة. حفل المسلسل ببطولة النجمة القديرة أسمهان توفيق في دور شخصية الجدّة، وهي من الفنانات اللواتي يمتهنَّ التمثيل في التلفزيون والمسرح، كما تتمتع بحرفة الكتابة الدرامية والإخراج.
تدور الأحداث حول الجَّدة غنيمة، أم (فيصل) التي تقرر أن تمنح ثروتها لإحدى بنات ابنها المتوفى. كان ولدها بحكم عمله الدبلوماسي وتنقله من بلد لآخر يتزوج ويطلق ويغادر. فتزوج من السعودية ومصر والكويت. أنجب بناته الثلاث وتخلى عنهن لتعيش كل واحدة منهن مع أمها. يتضح من الأحداث أن الجدة غنيمة لا تعرف شيئا عن حفيداتها، لكنها تقرر أن تكتب ثروتها لإحداهن، ما يدفع المُشاهد إلى التساؤل: لماذا تفعل ذلك؟ وما مبرراتها؟ هل لأنها وحيدة فقط؟ ألم يكن في تفكيرها كسيدة أعمال ولديها خبرة في الحياة توجيه ثروتها اتجاهات مختلفة؟ لكننا نقول غالبا إنها حرة في توجيه ثروتها، وهذا ما حصل فعلا.
يفتتح المشهد الأول برسالة تكتبها الجدة غنيمة لحفيداتها الثلاث تدعوهن إلى الإقامة معها لمدة سنة في بيتها العامر والكائن في الكويت، ليتسنى لها اختيار من تستحق أن تحصل على ثروتها. لا يخلو الأمر هنا من مغامرة وتشويق، فالمُشاهد للمسلسل كالجدة غنيمة سوف يتعرّف على أخوات ثلاث لم يلتقين في حياتهن، إلا في اسم الأب فقط. والأمر كذلك ينطبق على جدتهن الثرية التي تجهل عنهن كل شيء.
وهذا العنصر الأول من عناصر التشويق، عليه أن يظل متصاعدا ولا يخفت، حتى يظل المُشاهد مندمجا في اللعبة الدرامية. ولكي يبقى ذلك الانشداد إلى القصة، فعلى الجدة الثرية أن تضع شروطا، وهو ما سيوجهها ومغامرتها إلى أشياء غير متوقعة. يسأل المُشاهد: هل يُعقل أن يتخلى المرء عن ثروته بهذه البساطة؟ ما الهدف المتوخى تحقيقه؟ ما القضية المركزية الواجب تتبعها؟ لاح في الأفق وأنا أطرح السؤال، استمداد مصادر الإلهام والتأثير من كلاسيكيات المسرح، فأتذكر الملك لير الذي في صفاقة وحماقة غير مبررتين، يوزع مملكته على بناته الثلاث. لكن لير غير ماما غنيمة بالضرورة.
كان الشرطان اللذان وضعتهما الجدة منطقيين في حدود السيناريو وفكرته ورسائله. فعلى الحفيدة التي ستحصل على الثروة أن تبحث لها عن عمل، حتى تُقدّر قيمة المال والفِلس. وعليها بعد الحصول على العمل أن تتزوج رجلا مناسبًا. ما يدعو إلى التساؤل: ما الذي كانت ستستفيده الجدة إذا عرفت مَن سوف يتزوج حفيدتها ويتنعم في الخير؟ ماذا وراء الدراما؟
ننتقل مع السيناريو سريعا (بحكم حلقاته الثمان)، لنشاهد الأخوات وهنّ يبحثن عن العمل. تستطيع الممرضة (لمياء) الحصول على وظيفة في مستشفى، و(سارة) مصممة الأزياء التي تغادر السعودية تاركة خلفها اسمها التجاري الذي بنته في سوق التصميم وشاب ارتبطت معه في علاقة حب، فلا تجد صعوبات كثيرة، هي الأخرى، الحصول على عمل تُحبه، أما (مناهل) فتجد عملا كبائعة في مطعم للوجبات السريعة.
إنّ فكرة التنافس على الثروة بين العائلات بوجه عام ليست فكرة جديدة على الدراما والسرد، وبناؤها في هذا العمل وحصر التنافس أو الصراع بين الأخوات الثلاث هو ما يرفع من نسبة مشاهدة العمل. فالسيناريو اعتمد تقديم وجبة درامية خفيفة جدا. فشاهدنا طوَافا عابرا لهواجس نفسية بسيطة جدًا؛ من ذلك مثلا حينما تتمنى لمياء في داخلها أن تكون هي الفائزة بالثروة، وكذلك سارة التي تُسابق الزمن ليأتي حبيبها (خالد) ويتعرّف على جدتها ليخطبها، لكنه يفشل في الاختبار، وأيضا مناهل التي تحلف لأمها في مكالمة هاتفية أنها لن تتزوج (عبيدان) ومحاولة مدير مكتب جدتها وصديقته الإيقاع بها وسرقتها.
كان على الصراع أن يتطور وعلى التنافس أن يزداد وتنكشف خيوط القصة، فيسارع السيناريو إلى فضح خطيب سارة الطمّاع وغير المناسب عبر حيلة ذكية من الجّدة، ومن جانب آخر عزز السيناريو من طموح الخادمة (نشمية) التي شاهدناها في مشهد خاطف تقرأ الفنجان لتبصر من خطوطه أن لمياء هي التي ستكون الثروة من نصيبها، فتسارع الخادمة إلى تدبير اتفاق مع ابنها (محمود) الذي يؤدي دوره الفنان (أحمد العوضي) ليقترب من الحفيدة لمياء وينصَب شباكه حولها، لكنه وأمه يقعان في شرّ عملهما وخططهما الدنيئة عندما تتعب الخادمة فجأة وتُنقل إلى المستشفى وهناك تُكشف حقيقة الخادمة وخيانتها وخستها وابنها معها أمام لمياء البريئة، لكن السيناريو يأبى، إلاّ أن يكافئهما لتنتهي قصتهما مكللة بالزواج!
من جميل اللقطات في المسلسل، كانت لقاءات الأخوات معا، وتجمعهّن وتجاذب أطراف الحديث فيما بينهن، الأمر الذي أضفى أجواءً لطيفة وعزز قيمة وجود العائلة. وقد وزع السيناريو اللقاءات بأريحية وهدوء وضحك، تارة مع الجدة غنيمة وهي تُخبر حفيداتها عن شخصية والدهن وطِباعه، وتارة أخرى في أثناء مراقبة الخادمة خلسة لهن، ويُضاف إليها اختبارات الجدة لحفيداتها.
ما الذي أراه نقصًا في المسلسل؟ رغم سلاسة أداء التمثيل (ينبغي الإشادة هنا بالبطلات جميعهن) ومحاولة إلقاء العمل الضوء على بعض مشكلات المجتمعات العربية، لكن الحلول جاءت بشكل سريع وفقير. قدم السيناريو حلوله الخاصة لأغلب الشخصيات بهدف الوصول -على ما يبدو- إلى نهايات سعيدة، وتبين ذلك في معالجة بعض الأحداث بلا منطقية، كأن تُغير ماما غنيمة بنود العقد بنفسها لتوظف (دعاء)، انطلاقا من محبتها لخادمتها التي تخون الأمانة والعشرة! وتصير (دعاء) من موظفة بدالة إلى سكرتيرة خاصة للجدة! (في مشهد غاضب، ادعت دعاء أنها مديرة مكتبها، والفرق كبير بين السكرتيرة والمديرة!) وكذلك اندهاشها من شخصية (سعود) الذي تثق فيه الجدة، فتصفه منذ أول لقاء لهما أنه بلا أخلاق! وهو الموظف الخبرة الذي ائتمنته الجدة ليكشف لها عن نظرة الطمع في أعين حفيداتها لحظة زيارتهن للشركة ومعرض السيارات، فلا نرى كيف كشف لها ذلك، لكننا نشاهد فجأة انقلاب السحر على الساحر ليقع سعود في شرّ نواياه وخططه.
إن قُدرة المُشاهد على التنبؤ بمآل توزيع الثروة على الحفيدات الثلاث بالتساوي كان واضحا جدا، وقد اتضح من مسار الأحداث. ويظهر أن هدف الدراما في المسلسل كان إسعاد المُشاهد وإرباكه معا، إسعاده بمناظر الثراء والبيوت النظيفة وأناقة الجميع بلا استثناء، وإرباكه بجملة المعالجات السريعة التي جرى تقديمها. فهل كانت الجدة تُخطط لتكشف نوايا الجميع؛ حفيداتها الثلاث، وخالد وسعود، وقصة عادل الذي ظل يُراكم في تأخير إيصال المبالغ للبنوك واختفائه ثم ظهوره بعد تأدية تلك التمثيلية على الوجه الأكمل! من الجميل أن تختبر الجَّدة نفوس الحفيدات لمعرفة معدن كل واحدة منهن، ومن المفيد أن تكون هناك عائلة تجمع أفرادها المحبة الخالصة لا الأنانية، ومن الأجمل أن يكون الحبّ بابا لتغيير الشخصيات من داخلها، ومن الأحسن للنفوس أن تتصافى وتعفو، فالمال يُغير النفوس، لكن كما قال أرسطو في معرض تعريفه للكوميديا معتبرا إياها فنا مسرحيا يناقض التراجيديا، فإن سيناريو الحلول السريعة مناقض ليس للواقع (الذي نأمل أن يكون سعيدا وجميلا) بل مناقض للدراما.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ماما غنیمة الم شاهد التی ت
إقرأ أيضاً:
محافظ البحر الأحمر: دعم مستمر لمجمع الصناعات بالغردقة وحلول جذرية للتحديات
عقد اللواء عمرو حنفي، محافظ البحر الأحمر، اجتماعًا مع ملاك المصانع بمجمع الصناعات في الغردقة، لمناقشة التحديات التي تواجههم والعمل على تقديم حلول عملية تسهم في دعم الصناعة المحلية. حضر الاجتماع الأستاذة ماجدة حنا، نائب المحافظ، واللواء تامر سمير، رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب المحافظ.
إجراءات داعمة لحل المشكلاتاستعرض المحافظ أبرز المشكلات التي تم طرحها خلال اللقاء، وأعلن عن حزمة من الإجراءات لدعم مجمع الصناعات وتعزيز الإنتاجية، شملت:
تمهيد الطرق وربط المجمع بالطريق الدائري لتسهيل حركة النقل والشحن.تفعيل خط مواصلات يربط المجمع بالمدينة لنقل العمالة بكفاءة.توفير سيارة إسعاف مجهزة أمام المجمع لضمان الاستجابة السريعة للحالات الطارئة.إنشاء منافذ بيع دائمة لمنتجات المصانع في الغردقة ومدن المحافظة، بجانب السماح بعربات متنقلة لبيع المنتجات في المناطق الحيوية.ضمان توفير المياه اللازمة للمصانع بالتنسيق مع شركة المياه لتلبية احتياجات المصانع الحيوية.تسهيل الحصول على المواد الخام بالتعاون مع شركات القطاع العام لتأمين توريد الخامات الضرورية.دعم مستدام للصناعةأكد المحافظ خلال اللقاء على أن مجمع الصناعات بالغردقة يعد محورًا أساسيًا لدعم الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل للشباب، مشددًا على أهمية التنسيق المستمر مع ملاك المصانع من خلال لقاءات دورية لضمان معالجة المشكلات الطارئة. وأعرب عن تقديره لجهود المصانع في إنتاج منتجات ذات جودة عالية تسهم في تنمية القطاع الصناعي بالمحافظة.
إشادة من ملاك المصانععبّر أصحاب المصانع عن امتنانهم للمحافظ على جهوده الحثيثة واهتمامه المباشر بمشكلاتهم، مؤكدين أن المجمع يمثل نقلة نوعية في دعم الصناعة المحلية، وخلق فرص عمل جديدة للشباب والمستثمرين بتسهيلات غير مسبوقة.
توطين الصناعة لتحقيق التنمية المستدامةاختتم المحافظ اللقاء بالتأكيد على التزام المحافظة بتنفيذ توجيهات القيادة السياسية لتوطين الصناعة في البحر الأحمر، مشيرًا إلى أن تعزيز قطاع الصناعة هو خطوة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاقتصاد القومي.