قال مقال نشرته صحيفة هآرتس إنه لا يجوز لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يلوم إلا نفسه على مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحقه هو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، ولكن مثلما كان متوقعا، أخذ "رجل المبادئ" يلوم معاداة السامية ويتذرع بها لتجنب مسؤولية أفعاله.

وأشار المقال إلى أن حكومة نتنياهو انتهجت إجراءات أضعفت من حصانة إسرائيل القانونية، فشنّت حملة لسنوات ضد النظام القضائي، وتصرفت من دون اعتبار للقانون الدولي في غزة، كما سمحت للمستوطنين بتوسيع عملياتهم.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تقرير في إندبندنت: خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة جدي وحقيقيlist 2 of 2صحف عالمية: إسرائيل ربما تكون عرضة لحظر غربي للأسلحةend of list

وأكد المقال -بقلم الصحفي الإسرائيلي يوسي فيرتر- أن تشكيل لجنة تحقيق حكومية في أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، حسب نصيحة المدعية العامة غالي بهاراف ميارا، "كان من الممكن أن يهيئ إسرائيل للتعامل مع تهديد" المحكمة أو حتى إزالته، ولكن نتنياهو "بعناده وتكبره" المعهود رفض النصيحة.

وبدلا من اتخاذ إجراءات من شأنها تحسين صورة القضاء الإسرائيلي، سخّر قدرات الحكومة والكنيست ووسائل التواصل الاجتماعي وأجزاء من وسائل الإعلام التابعة للمؤسسة الحاكمة لانتقاد المدعية وتشويه سمعتها، ووصف الكاتب حملة التشهير ضدها بأنها "من أحقر وأخطر الظواهر في تاريخ البلاد".

كما وصف المقال سلوك الحكومة على الساحة الدولية بأنه "هاوٍ وصادم"، مستشهدا بأمثلة مثل تشجيع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير للمليشيات على "إحراق الشاحنات التي تحمل المساعدات الإنسانية"، ويضيف المقال أن "المسؤول الأول هو رئيس الوزراء، فالسلطة بين يديه".

ووجه المقال انتقادات لاذعة لطريقة تعامل نتنياهو مع الأزمات الحالية في الشرق الأوسط، إذ تجاهل مطالبات بإدارة الوضع في غزة بشكل مختلف، كما لم يلقِ بالا لنداءات بتوسعة صلاحيات فرق مفاوضات الأسرى ودعمها، وأكد المقال أن الرأي العام في البلاد انقلب ضده.

ووفق المقال، كل هذه القضايا ضاعفت من توتر وضع نتنياهو في الداخل، لا سيما مع سعيه المستمر للتهرب من المساءلة عن أفعاله، خصوصا محاكمته في قضية الفساد.

واتهم المقال "الدكتاتور" الإسرائيلي بالتلاعب بعائلات الأسرى بتقديم "كلمات جوفاء" ووعود فارغة، وذكر تأكيده بأن "عشرات المختطفين" سيعودون قريبا، من دون وضع خطط ملموسة لذلك، مما سمح له لاحقا بإلقاء اللوم على "رفض حماس" التوصل لموافقة لإطلاق سراح الأسرى.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات

إقرأ أيضاً:

هنا والآن .. في بيـروت «1»

هنا والآن، أسجل أنني في بيروت. لأول مرة في العمر، لأول مرةٍ في التاريخ، تاريخي الشخصي على الأقل. دون أن تخلو دهشة اللقاء الأول من إحساس دخيلٍ بالعودة، وكأن المسافر الزائر قد عاد. هل عدتُ حقًا؟ زرقةُ الأبيض المتوسط من نافذة الطائرة ليست جديدة تمامًا عليّ، وهذه ملاحظة أولى.

تبهط السيارة في ليل ماطر بلا كهرباء، على الطريق المعتم من مطار رفيق الحريري إلى الحازمية. بنايات شبحية مهجورة، وأشباح بنايات لم تعد موجودة. ليل ومطر. ورائحة حرب طازجة. أستعين بصوت محمود درويش على أرق الانتظار: «يا فجر بيروت الطويلا/ عجِّل قليلا» حتى يولد الضوءُ الأول الذي سيغسل المدينةَ رويدًا رويدًا من بقايا الليل على زجاج نافذة الفندق. أريد أن أرى الهواء، كي أتحقق من بيروت المتخيلة التي حملتها معي لسنوات. هل تشبه هذه المدينة صورتها حقًا؟ آن لي أن أحرر هذه المدينة من مخيلتي. آن لي أن أتحرر منها داخلًا فيها هذا الصباح وهي تخرج لتوها من الحرب والمطر.

هدنة صغيرة كان صوت فيروز المنبعث مع رائحة القهوة، يعبر الأحزاب ويطوف الطوائف، ويدخل إليه الجميع سواسية في مقهى يدعى «تحت الشجرة»، مركون بأناقة كصدفة تنتظر من يعثر عليها في شارع الحمرا. دلفتُ إلى الداخل لاجئًا من البرد القارس في صباح مبلل بالمطر الخفيف. وبلا ميعاد سألتقي هناك بغسَّان أبو ستة، طبيب الجرح الفلسطيني كما وصفته الصحافة العربية خلال حرب الإبادة على غزة. أسحب كرسيًا وأشاركه الطاولة، فأفتح الحديث معه بسؤاله عن زيارته الأخيرة إلى مسقط. تكلمنا أكثر عن معنى الحرب حين تعاش عن قرب، عن لون الدم ورائحته، وعن ملمس الجروح والحروق. لم يفتني أن أسأله عن التهديد المهني الذي يتعرض له من قبل مؤسسات دولية تتهمه بدعم الإرهاب ومعاداة السامية. قال لي إنه يواجه كل ذلك بالعودة للمقارنة بين آلامه وآلام الناس، معتمدًا على بيت توفيق زيَّاد: «فمأساتي التي أحيا/ نصيبي من مآسيكم». ذكَّرته قبل أن أغادر بمقالٍ كتبته منذ مدةٍ عنه: «الجرح الفلسطيني.. بين غسَّان أبو ستة ومحمود درويش». أدهشَته هذه المقاربة، وطلب مني أن أبعث له بالمقال. ثم أوصاني ألا أغادر بيروت قبل أن أزور مقبرة الشهداء التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية قرب مخيم صبرا وشاتيلا.

في مقبرة الشهداء تعرَّفت إلى آدم، وكان آدم حكاية أخرى. شاب فلسطيني من مواليد مخيمات لبنان، ويعيش مع عائلته في غرفة حارس المقبرة. هنا كبر آدم، في غرفة صغيرة داخل المقبرة. عاش طفولته مع أبيه الموظف في حركة فتح حارسًا لقبور الشهداء. ينام آدم في الليل على بعد أمتار من ضريح شهداء مجزرة تل الزعتر، في المقبرة ذاتها التي ينام فيها غسان كنفاني إلى جوار ابنة أخته لميس، وقريبًا من قبور الشهداء الثلاثة أبو يوسف النجار وكمال ناصر وكمال عدوان، وقبر شفيق الحوت، ومؤخرًا قبر شهيد كتائب عز الدين القاسم، صالح العاروري، الذي دُفن هنا بعد أن اغتاله العدو الإسرائيلي في الضاحية مطلع يناير من العام الماضي. لا يكاد آدم يغادر المقبرة إلا في النهار الرسمي، حين يذهب للجامعة الأمريكية حيث يدرس الهندسة الميكانيكية. سألته بم تحلم في الليل؟ ما شعورك وأنت تقضي حياتك هنا حارسًا لقبور الشهداء؟ فردَّ لي ابتسامةً حائرة وحزينة: «عادي... شي حلو»! تركته في المقبرة ووعدته بزيارة أخرى حين أعود للبنان.

يغريني المشي على غير هدى في بيروت. صدفةٌ تقودني إلى صدفة أخرى فتخطفني قصة جديدة. يمشي الناس حاملين قصصهم معهم. لكن قصص الناس هنا وآلامهم تتباين على نحو صاعق. كل شخص يمشي على الرصيف يحمل قصة جديدة وغريبة لا تشبه قصص الآخرين. يفتح لك سيرته كمن يفتح سردابًا غير متوقع في هذه المدينة غير المتوقعة. عزيز، الشاب السوري حامل الجنسية الكندية، الذي تعرفت إليه صدفة في المطعم، أكد لي ذلك. قال: خذني أنا مثلًا. أعمل وأعيش في كندا، لكنني ولدتُ في إدلب. استقرت عائلتي هنا هربًا من الحرب. تعددت هويَّاتي لكنني أصرُّ: «بيروت مدينتي»!. وأخبرني صراحةً أنه يكره شعارات المقاومة ويتمنى أن تُطبِّع سوريا ولبنان قريبًا مع إسرائيل.

وأنا في بيروت، أحاول أن أتعلم شيئًا واحدًا فقط: أن أبقى على الحياد. ما أصعب أن أمشي في شوارعها وحيدًا على طريقة السوَّاح الأجانب العابرين وسط جدال الناس وحرب الشعارات فوق الجدران. ضدكم كلكم أنا- أنا معكم كلكم! لكن- عبثًا يحاول المرء البقاء على الحياد في هذه المدينة التي تغلي منذ تاريخها الحديث بالفتنة. وحده صوتُ فيروز المحايد والملكية العامة والبيان السياسي للبنانيين كلهم من أجل لبنان لا طائفي. هل صحيح أن بيروت مدينةٌ لا تعرف الحياد كما كتب أحد صحفييها المغدورين، سمير قصير، قبل أكثر من عشرين سنة، قبل اغتياله بقليل؟ يكفي فقط أن تكون موجودًا في بيروت، وفي هذا التوقيت بالذات، ليكون وجودك فيها بحد ذاته إعلان انحياز. فكيف إذا أخبرتَ سائق سيارة الأجرة بأنك تنزل في فندق بالحازمية، الواقعة على تخوم ضاحيتها الجنوبية؟!

سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت: يجب طرد نتنياهو
  • قطر تقدم مذكرة لمحكمة العدل الدولية بشأن إسرائيل
  • نائب: السوداني لم ينفذ برنامجه الحكومي الذي ألزم به نفسه
  • مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي يعترف: تلقينا تحذير من هجوم حماس ليلة 7 أكتوبر لكن نتنياهو ظل نائما
  • هنا والآن .. في بيـروت «1»
  • نتنياهو يجرى مشاورات مساء اليوم مع أجهزته الأمنية بشأن ملف الأسرى الإسرائيليين
  • مصادر إسرائيلية: مفاوضات القاهرة فشلت ونتنياهو يبحث استئناف القتال.. إسرائيل ترفض وقف الحرب في غزة
  • كان : الوسطاء وجهوا تحذيرا واضحا للوفد الإسرائيلي- ما هو؟
  • عاجل| محكمة العدل الدولية تستقبل مذكرة قطر ضد إسرائيل «تفاصيل»
  • رئيس الأركان الإسرائيلي تعليقا على تحقيق الجيش حول هزيمة 7 أكتوبر: أخطأنا وأنا أتحمل المسؤولية