قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، انه في محاولة للبحث عن المخرج من الفتن التي تحيط بنا، والتي أرى أن سببها الأساسي البعد عن مراد الله في التلاعب بالألفاظ، والاستخفاف بأمر الطعام، ومعاجزة الله في آياته وكونه، وتقديم الإنجاز على الأخلاق.

 واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ان نبحث عن النخبة كمحاولة للخروج من الفتن، تلك النخبة التي أرشدنا الله للاستفادة من خبرتها فقال تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) , فالله تعالى أمرنا أن تكون لنا نخبة، فضيعنا النخبة، والنخبة قد تكون طاغية، وقد تكون صاغية.

أما الطاغية فالتي تأمر بالمنكر وتنهى عن المعروف وتتجبر في الأرض وتكفر بالله رب العالمين، وأما الصاغية فالتي صغت قلوبها لذكر الله لا تريد علوا في الأرض ولا فسادا، لقد استبدلنا بالصاغية الطاغية، أهلكنا الصاغية وأخرناهم عن القيادة وعن العمل في الحياة الدنيا وقدمنا الطاغية ثم بعد ذلك اختلط الحابل بالنابل، فلا الطاغية بقت ولا الصاغية حلت محلها وأصبح الناس شذر مذر لا ملأ لهم ولا أهل ذكر يرجعون إليهم ويلتقون حولهم.

كان هذا بدعوى الشعبية والديمقراطية، وأن العصر هو عصر تلك السماتالتي تخالف سنن الله في خلقه،  ولا يقوم بها المجتمع ولا تستقر بها نفس ، فالتساوي المطلق الذي تدعو إليه الديمقراطية، هو أحد إفرازات النسبية المطلقة، وهو أمر مرفوض.

وأن القضاء على النخبة والدعوة إلى التساوي المطلق، قد تتضمن في طياتها هلاك العالم، وهناك مجموعة من النصوص التي يمكن أن تكون أساسًا لهذا المعنى، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِى المَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) ، وقال تعالى : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ) ، وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِى الأَمْرِ مِنكُمْ) ، فجعل الله للناس رؤوسًا، وجعل ذلك طبقا لكفاءاتهم، ورغبتهم في الإصلاح دون الإفساد، ونعى على ذلك التصور الذي يكون فيه جميع الناس في تساو مطلق فقال : (لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا) ، وقال : (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ). 

وعدم التساوي لا يعني أبداً عدم المساواة، فربنا يقول : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً).

وقال النبي ﷺ : (الناس كأسنان المشط) [رواه القضاعي في مسند الشهاب، والديلمي في مسند الفردوس] وقال ﷺ : (يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى) [رواه أحمد والطبراني في الأوسط والكبير].

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الفتن التلاعب بالألفاظ الطاغية الله فی

إقرأ أيضاً:

حكم المرأة غير المحجبة في الإسلام.. هل يطلقها زوجها ويحرمها من حقوقها؟

أكدت دار الإفتاء المصرية، أن الحجاب فريضة على كل امرأة مسلمة عاقلة، ويتحقق بأن تلبس ما يستر كلَّ جسمها ما عدا وجهَها وكفيها؛ أيًّا ما كانت هذه الملابس؛ بحيث لا تصف ولا تكشف ولا تشف.

متى يطالب الأب والأم بناتهم بارتداء الحجاب؟.. عضو العالمي للفتوى يجيبعباس شومان يرد بالأدلة على فتوى سعد الدين الهلالي: الحجاب فرض على المرأةحكم الحجاب

واستدلت دار الإفتاء بقوله قوله تعالى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ [النور: 31].

كما استدلت دار الإفتاء بما روي عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا» وأشار إلى وجهه وَكَفَّيْهِ. أخرجه أبو داود في "سننه"، والطبراني في "مسند الشاميين"، وابن عدي في "الكامل"، والبيهقي في "السنن الكبرى" و"الآداب" و"شعب الإيمان".

المرأة غير المحجبة

وقالت دار الإفتاء: إن لم تكن الزوجة ترتدي الحجاب الشرعي فإن مسؤولية الأمر به والحث عليه داخلة في نطاق مسؤولية زوجها عنها في رعاية مصالحها الدينية، ويجب عليه حينئذ أمرُها به، أمرَ إرشادٍ وترغيب، لا أمرَ إجبارٍ وترهيب.

وتابعت: فإن قام الزوج بمسؤوليته في نصح زوجته وحثها على الحجاب، ولكنها مع ذلك لم تتحجب، فعليه أن يصبر عليها مع المداومة على النصح والترغيب؛ إذ نص الشرع على وجوب أمر الأهل بالصلاة والصبر عليهم في أدائها وإقامتها، مع كون الصلاة عماد الدين وأول ما يسأل عنه المرء يوم القيامة، فلأن يصبر الزوج على امرأته في الالتزام بفريضة الحجاب من باب أولى.

وقد نص الشرع الشريف على أن الأصل في الدعوة إلى الله تعالى أن تكون بالحكمة والموعظة الحسنة، فإذا كان ذلك لعموم الناس أو لأصحاب العداوات من المعارضين للحق؛ فلأن يكون بين الزوج وزوجته أولى.

حرمان غير المحجبة من حقوقها

وأكدت دار الإفتاء أن الإيذاء النفسي بحرمان الزوجة من حقوقها الأساسية كالنفقة، أو البدني كالتعدي بالضرب عليها؛ لأجل أن تتحجب: ليس من الحكمة في شيء، بل ربما أدى إلى نقيض المراد منه، وهو النفور مما كان سببًا لتعرضها للإيذاء النفسي أو البدني، كما جبل على ذلك البشر.

وقد نص الفقهاء على أنه ليس للزوج إيذاء زوجته بالضرب لإجبارها على الإتيان بحقوق الله تعالى، وإنه إنما يكتفي في ذلك بالوعظ والإرشاد، فإن لم يُفِدْ: جاز له زجرها بما لا يؤذيها إن غلب على ظنه إفادةُ ذلك؛ لأن منفعة قيامها بحقوق الله تعالى تعود إليها لا إليه.

فعلى الزوج أن يديم النصح لزوجته في كل ما فيه طاعة ربها، ومن ذلك: فريضة الحجاب؛ بأن تستر جسمها ما عدا وجهها وكفيها، ولكن لا علاقة لذلك بإنفاقه عليها ما دامت غير ناشر؛ فالمعصية لا تمنع النفقة، كما أن عدم لبسها الحجاب ليس مبررًا له أن يمنعها من ممارسة حياتها، إلّا إذا علم انحرافها فعليه حينئذٍ أن يمنعها بسلطته من الانحراف قدر ما يستطيع.

مقالات مشابهة

  • ما المقصود بقول الله تعالى كتب على نفسه الرحمة ؟.. علي جمعة بوضح
  • هل الدعاء يُزيد الرزق؟.. انسى الفقر نهائيًا بـ3 أعمال وآية
  • في زمن التيه.. الرجولة أن تكون من أنصار الله
  • الاختلاف الإنساني حكمةٌ إلهيَّة*
  • وزارة الداخلية تنفذ حكم القتل تعزيرًا بجانيين في منطقة مكة المكرمة
  • تنفيذ حكم القتل تعزيرًا بمواطنين لترويج الحشيش المخدر
  • حكم المرأة غير المحجبة في الإسلام.. هل يطلقها زوجها ويحرمها من حقوقها؟
  • تنفيذ حكم القتل تعزيرًا في باكستاني لتهريبه الهيروين إلى المملكة
  • مفاهيم إسلامية: الكتاب والقرآن
  • علي جمعة: كثير من الناس حينما يرون المتشددين يفسرون النصوص بعنفهم ينكرونها