شـواطئ.. سفيرة النجوم فيروز وسوسيولوجيا الإبداع (1)
تاريخ النشر: 23rd, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تأثرت أعمال الرحبانية بمظاهر الطبيعة والبيئة تأثرا بالغا، مما جعل هذه الأعمال أكثر إقناعا ومصداقية، وبشكل أو بأخر عززت مدركاتهم الحسية ودعمت أفكارهم الفنية، فالبيئة وما فيها من كل خصائص ومميزات أعطتهم تسليما بأن الثقافة والفن وليد البيئة والإنسان معا، وهذا ما يجعلهم يتميزون بأعمالهم وفقا للظروف الاجتماعية في الحقب الزمنية التالية لهم.
إن هذه العوامل البيئية بتعدد مفهومها وتنوع اختصاصاتها، تعد مصدرًا من مصادر التذوق الإجمالي انطلاقا من القيمة الأخلاقية في بيئة الرحبانية، وبالتالي اكتسبت ثقافة الرحبانية ديمومتها من خلال الصلة الوثيقة التي ربطتهم بكل مظاهر وظواهر المجتمع، وهذه الظواهر أعطت انعكاسات وتطورات حدثت نتيجة تحول اجتماعي في بيئتهم ارتبطت بواقع بلادهم بكاملها في ماضيها وحاضرها، ولذلك فقد فهموا واقعهم ركزوا فيه وأبرزوا مظاهره الإيجابية وانطلقوا من مبادئ حيوية جعلوها ضمن حالة التوازن مع متطلبات بيئتهم الاجتماعية الجديدة ومفاهيمها الحديثة.
وكذلك كان للثقافة أثر كبير في طرائق التعبير والتفكير الأكاديمي عند الرحبانية، فقد ساهمت في تطورهم الاجتماعي وانعكاسه من خلال المتغيرات والنزعات والميول الخيالية التي صادفتهم، وكانت سببا في الاتجاهات المتطورة في أساليبهم الفنية. وتأتى سوسيولوجيا الرحبانية في الإمعان بما تولده البيئة في أشعارهم من الحديث عن المكان والزمان وآثر ذلك على الفصول في ظل الإحساسات المتباينة بين الوحدة والتوحش والضجر، والفرح والضحك والتأمل والحب ومناجاة لكل ما في الطبيعة من تأثير مباشر. من هنا تأتى أهمية كتاب "فيروز وسوسيولوجيا الإبداع عند الرحبانية 1960 – 1980" للدكتور محمد الشيخ والصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
ولد الأخوان رحبانى عاصي 1923 ومنصور 1925 في ظل المكان الذي استأجره والد الطفلين (حنا الياس الرحبانى) والذي يقع في منطقة "الفوار" على تخوم بلدة انطلياس شمال لبنان، حيث الطبيعة الجبلية والمناخ اللبناني المعروف، مما جعله مكانا شعبيا لأولئك الذين يبحثون عن جلسة هادئة وسعيدة فى بيئة ريفية محاطة بمكونات الطبيعة الجميلة، من خلال تربيتهم في البيئة الجبلية المحاطة بجبال عالية خضراء ومناخ شهير بالجمال وهارمونية الألوان ومياه الجداول ومناطق خلابة ومزارع وأنهار وسواحل أضافت إليها أيادي البشر ما يزيد من متعة الالتصاق بها ومبادلتها المشاعر والاهتمام بمصداقية العطاء.
أما فيروز فقد ولدت فيروز لأب كاثوليكي سرياني من مدينة ماردين في تركيا حاليا، وأم مارونية، فى منطقة جبال الأرز، التي تعتبر أعلى قمة في بلاد الشام وتقع في شمال لبنان على سلسلة الجبال الغربية وتمتد على طولها بشكل يوازى البحر الأبيض المتوسط وهى أحد أبرز المناطق السياحية هناك حيث تشتهر بوجود شجر الأرز المُعمر الذي هو رمز لبنان وتسمى منطقة الدبية، وقد ولدت فيروز باسم نهاد حداد وهى المولودة الأولى لرزق وديع حداد ووالدتها ليزا البستاني، فى 21 نوفمبر 1935، أي في السن الذي ولد فيه عاصي رحبانى، كانت البنت الكبرى لوالدها لثلاثة أخوه هما (هدى وآمال وجوزيف) انتقلت بعد عامين إلى بيروت وسكنوا في زقاق البلاط الحي القديم المجاور لبيروت، حيث كان يعيش الناس من جميع الطوائف من زمن بعيد ولأجيال في حياة مشتركة وآمنة، ويعتبر هذا الحي التي سكنته فيروز وعائلتها من الأحياء المهمة في تاريخ لبنان.
عاشت فيروز في منزل متواضع مكون من غرفة واحدة، وكانوا يتشاركون في المطبخ والأدوات الأخرى، وكان وديع حداد متواضع الحال، يعمل عاملا في مطبعة وكان هادئًا، حسن الأخلاق مُحب لجيرانه ومحبوب منهم.
نشأت في معاناة معيشية ربما لم تشعر بها لوجود الجيرة التي انتسبت بها وتبادلا معزة خاصة، كما أن التركيبة الإنسانية لديها مسقوفة بالرضا والبساطة وهى لم تتطلع إلى مستويات عالية لم ترها أو تشعر بها ربما لانشغالها بشئون المنزل وبتربية أخواتها وبهوايتها اليومية، فكانت تقضى حياتها راضية غير قنوطة، بل العكس كانت تصف هذه الأيام أنها أيام سعيدة، والواقع أن هذه المعاناة لها معادل داخل النفس، فقد تركت نوعًا من الآسي والخنوع لشدة الحال، وأشعلت الشعور بالوحدة الداخلية والاستسلام كنوع من الرضا، ولكن هذه المشاعر أضاءت لها طريق العصامية، فأصبحت تُقدر معنى المعاناة وأصبح عندها حٍس معنوي وحٍس صوتي للتعبير عن كافة أنواع المشاعر، كما خلق بداخلها دوافع الجلد والإيثار، وأصبحت قدراتها الصوتية مُسلحة بهذه المعاني، وهذا هو المعنى الحقيقي لمعاناة الفنان المبدع أن تكون ظروف الحياة وملابساتها في ظل حياة كادحة بسيطة دافعًا قويًا في تكوينه الداخلي، حيث أنه لمس بحسه كل المشاعر إن كانت مادية أو معنوية. إن العلامات السوسيولوجية في حياة فيروز شكلت بداخلها نوعًا من المعاناة الإيجابية أثقلت مفهومها الإبداعي الصوتي في طرح الغناء بتلوين بسيط وسلس دون تكلف حتى في الحالات التي كانت تستدعى غناء تطريبيًا.
وللحديث بقية
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: شواطئ
إقرأ أيضاً:
أحد عجائب الطبيعة.. صخرة عملاقة سحرت العالم بقصصها الأسطورية في وسط أستراليا
صخرة عملاقة تتوسط الأراضي الحمراء في الإقليم الشمالي لأستراليا، صنفها العلماء والباحثين أحد أكثر المعالم الطبيعية سحر وجمال في العالم، تُعرف باسم أولورو أو آيرز روك، فهي تُعتبر أيقونة ثقافية وروحية في أستراليا لما تحمله من الكثير من الأسرار.. فما قصة هذه الصخرة؟.
لم تكن صخرة آيرز روك مجرد تكوين جيولوجي عملاق في استراليا فقط، لكن ربطها العلماء بالكثير من القصص التي تعكس جمال الطبيعة و روح السكان الأصليين، وفق ما ذكره موقع السياحة الأسترالي الرسمي، ولذلك نستعرض أبرز المعلومات والحقائق حولها:
تتباين ألوانها على مدار اليوم صخرة أولورو هي صخرة عملاقة من الحجر الرملي تقع في قلب أستراليا، يبلغ ارتفاعها حوالي 348 مترًا فوق سطح الأرض، وتمتد لأسفل الأرض لمسافة 3.6 كيلومترات، ما يجعلها معلمًا متميزًا يمكن رؤيته من مسافات بعيدة. تمتلك صخرة أولورو العملاقة القدرة على تغيير ألوانها طوال اليوم، وهي من الأسرار التي تجعلها مثار إعجاب واهتمام عاشقين الطبيعية، إذ تتحول من اللون البرتقالي الساطع إلى الأحمر الداكن مع انعكاس أشعة الشمس، بينما تظهر الصخرة في وقت الشروق والغروب بألوان ذهبية مذهلة تجعلها أشبه بلوحة فنية طبيعية. يُعتقد أن الصخرة تكونت قبل حوالي 550 مليون سنة، وتم تصنيفها كموقع تراث عالمي من قبل اليونسكو. تمثل أولورو مصدر قوة عظمى للسكان الأصليين الذين يؤمنون أنها مركز الكون وموطن الأرض الأم، لذا فهي تحمل أسرار روحية عميقة وتحيط بها العديد من الأساطير والقصص حول قدسيتها. عدد لا يُحصى من النقوش تحوي الكهوف والشقوق الصخرية عند صخرة أولورو على عدد لا يحصى من النقوش الصخرية ترتسم لوحات تحكي قصة القدماء في أستراليا. هناك تنوع بيئي كبير يحيط صخرة أولورو، إذ ينمو حولها العديد من النباتات والحيوانات التي تتكيف مع البيئة الصحراوية القاسية مثل الكنغر، والسحالي، الإيمو، والسحالي، وأشجار المالاكا، والزيتون البري. تأتي صخرة أولورو على رأس قائمة المواقع السياحية في أستراليا التي تجذب السياح من مختلف بلدان العالم، للاستمتاع بالمشي حولها والتقاط الصور الفوتوغرافية التي تسجل تباين ألوانها على مدار اليوم.