في مدينة بيالي الأوغندية، بعيدًا عن ضجيج الحرب وضياع الأحلام في السودان، يروي آلاف اللاجئين السودانيين قصصهم التي تتأرجح بين المعاناة والنجاح في المنافي القسرية. من بين هؤلاء، تبرز حكاية الموسيقار سعود، الذي كان يسكن منطقة الخوجلاب بمدينة بحري قبل أن تدفعه الحرب إلى مغادرة وطنه، تاركًا خلفه ذكريات عمر كامل، ليبدأ رحلة جديدة في معسكرات اللجوء.

 

كمبالا: التغيير

الحرب التي تجاوزت عامًا ونصف أجبرت آلاف الأسر السودانية على النزوح القسري، حيث بحثوا عن الأمان داخل البلاد وخارجها. يعيش معظمهم في ظروف إنسانية صعبة، تعكس حجم المعاناة التي فرضها النزاع على حياتهم اليومية.

سعود، المتخصص في العزف على البيانو والجيتار والكمنجة، يصف مسيرته الفنية بأنها رحلة امتدت لأكثر من ثلاثة عقود، بدأت منذ طفولته في الحفلات المدرسية، واستمرت بالدراسة في معهد الموسيقى والمسرح، الذي أصبح لاحقًا كلية الموسيقى والدراما بجامعة السودان.

لحظة قاسية

يقول سعود: “الموسيقى كانت جزءًا من حياتي حتى قبل الحرب، لكن النزوح أضاف لها أبعادًا جديدة. رغم أصوات الرصاص التي أحاطت بنا، كانت الموسيقى دائمًا بداخلي؛ المعاناة كانت مصدر إلهام، وبدل أن تقيدني، فتحت لي آفاقًا للإبداع”.

عبر سعود مع أسرته الحدود إلى أوغندا، متجهًا إلى معسكر نيومانزي عبر منطقة اليقوا بجنوب السودان. يصف لحظة وصوله بأنها كانت قاسية: “كنا في حالة مزرية، وكانت ذكريات الوطن تطاردني. تركنا خلفنا كل شيء، ووجدنا أنفسنا أمام واقع جديد تمامًا”.

وسط هذه الظروف، كانت الموسيقى طوق النجاة. أطلق سعود مبادرة لدعم اللاجئين نفسيًا عبر الموسيقى، حيث شكّل فرقًا صغيرة من الأطفال والشباب لتقديم جلسات غنائية ودعم نفسي. يروي سعود: “في أول حفل نظمته، رأيت الدموع في عيون الناس، خاصة النساء. قالوا لي إن الأغاني أعادتهم إلى السودان، فبكيت معهم”.

تدريب الأطفال

رغم التحديات، استمر سعود في تقديم تدريبات موسيقية للأطفال والشباب، على الرغم من انعدام الكهرباء وضيق المساحات في المعسكر. أنتج ست مقطوعات موسيقية خلال إقامته، لكنه لم يتمكن من تدوينها لعدم توفر النوتات الموسيقية.

يعاني اللاجئون السودانيون من أوضاع نفسية صعبة، حيث تلاحقهم ذكريات الفقد والنزوح القسري. ورغم ذلك، يواصل الكثيرون، مثل سعود، صناعة الأمل وسط الألم.

يقول سعود: “الموسيقى ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل هي رسالة أمل وسلام. سأستمر في استخدامها لتوحيد السودانيين وإعادة بناء الوطن”. في معسكرات اللجوء، تبقى أصوات الفنانين السودانيين شاهدًا على قدرة الإنسان على تحويل الألم إلى إبداع، وعلى قوة الموسيقى في خلق حياة جديدة حتى وسط أقسى الظروف.

الوسومآثار الحرب في السودان اللاجئين السودانيين في يوغندا معسكر بيالي للأجئين يوغندا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان يوغندا

إقرأ أيضاً:

سعود بن صقر يبحث مع وزير اقتصاد أرمينيا تعزيز علاقات التعاون

استقبل صاحب السموّ الشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم رأس الخيمة، في قصره بمدينة صقر بن محمد، الخميس، كيفورك بابويان، وزير الاقتصاد في جمهورية أرمينيا، والوفد المرافق، بحضور كارين كريكوريان، سفير جمهورية أرمينيا لدى الدولة.
جرى خلال اللقاء بحث سبل تعزيز علاقات التعاون مع جمهورية أرمينيا في مختلف المجالات، لا سيما الاقتصادية، والتجارية، والاستثمارية، بما يُسهم في دعم مسيرة التنمية المستدامة ودفع عجلة التقدّم والازدهار في البلدين.
وأشاد سموّه بمتانة العلاقات وروابط الصداقة بين دولة الإمارات وجمهورية أرمينيا، وما تشهده من تطور ملحوظ في عددٍ من القطاعات الحيوية.
كما بحث مع الوزير فعاليات الملتقى الأرميني، الذي تستضيفه رأس الخيمة للمرة الأولى، بدعم من غرفة تجارة وصناعة رأس الخيمة، تحت عنوان «صُنع في أرمينيا 2025». ويشهد الملتقى مشاركة 50 شركة أرمينية متخصصة في مختلف القطاعات، ويستمر حتى 22 فبراير/شباط.
وأعرب بابويان عن شكره لصاحب السموّ حاكم رأس الخيمة، على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال. وأكد حرص بلاده على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية مع دولة الإمارات، مشيداً بالنهضة الحضارية التي تشهدها رأس الخيمة ومكانتها المتنامية إقليمياً وعالمياً. (وام)

مقالات مشابهة

  • المليشيا الإرهابية تركب التونسية!
  • السودان: الأمل الضائع في مواجهة الأزمات المستمرة والحروب المتجددة
  • جابر يلتقي وفد رجال الأعمال وأصحاب المصانع بالمنطقة الصناعية بالخرطوم بحري
  • جائحة مؤامرونا التي تجتاح السودانيين
  • بعد حظر قناة الشرق للأخبار.. نقابة الصحفيين السودانيين تحذر من الإستهداف
  • خبير استراتيجي: واشنطن لو كانت تعلم مكان الأسرى لأنهت الحرب من بدايتها
  • حكومة السودان تدخل تعديلات دستورية والدعم السريع يبحث تشكيل حكومة موازية
  • سعود بن صقر يبحث مع وزير اقتصاد أرمينيا تعزيز علاقات التعاون
  • وزير التعليم يبحث دمج برنامج متكامل لتعليم الموسيقى في المدارس الحكومية
  • العائلة كانت تخطط لنظام حكم متوارث، يكون فيه القوني ولي العهد رقم أربعة، حاكما جنجويدياً متسلطاً