كوالالمبور- تتطلع أنظار أبناء عرقية الروهينغا في ميانمار والمهجر إلى رابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان" لتحريك قضيتهم بعد تسلّم ماليزيا رئاستها لعام 2025، لا سيما أن الأخيرة كانت قد تبنّت القضية في المحافل الدولية، وسعت للوصول إلى إجماع قادة الرابطة على 5 نقاط اعتبرتها المنظمة في قمة جاكرتا عام 2022 مفتاحا لحل الأزمة.

وهذه النقاط هي:

وقف فوري للعنف. والدخول في حوار بنّاء يشمل جميع الأطراف. وتعيين موفد للمنظمة لتسهيل الحوار. والسماح للمساعدات الإنسانية برعاية "آسيان" بالوصول إلى جميع المناطق. وتسهيل مهمة المبعوث الآسياني لزيارة ميانمار وإجراء مشاورات مع جميع الأطراف.

وأبدت منظمات روهينغية تفاؤلا حذرا من احتمال نجاح رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم في إقناع السلطات العسكرية في ميانمار بالاعتراف بحقوقهم، أو تغيير نهج "آسيان" القائم على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء.

وخلص ممثلو الروهينغا إلى أن الأزمة المتواصلة لهذه القومية تمثّل فشل المجتمع الدولي وغياب الإرادة الدولية في إحداث التغيير، بما يشمل "آسيان" والأمم والمتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرها من المنظمات الإقليمية والدولية.

الجزيرة نت التقت ممثلين عن منظمات روهينغية من مختلف أنحاء العالم، وناقشت معهم الدور المرتقب لآسيان بعد أن اجتمعت قيادتها في ماليزيا.

إحباط

رأى ناي سان لوين، وهو عضو مؤسس في تحالف الحرية الروهينغي ومقره ألمانيا، أن سياسة عدم التدخل في شؤون الدول الأعضاء تمثل أبرز عائق أمامها لحل النزاعات، وأن الوقت قد حان لتعديل المنظمة ميثاقها، ذلك أن الظروف تغيرت عما كان عليه الواقع عند تأسيسها عام 1967.

ويضيف أنه لا يمكن اعتبار قضية الروهينغا داخلية نظرا لتخطّيها الحدود بتدفق اللاجئين إلى جميع الدول المجاورة، وإصرار النظام العسكري الحاكم في ميانمار على استمرار تجريد الروهينغا من حقوق المواطنة وتصنيفهم مهاجرين غير نظاميين.

من ناحيته، وصف رئيس جمعية الروهينغا في كندا أنور أراكاني رفض حكومة ميانمار تعاملها مع دول آسيان الأخرى بأنه مثل "مَن ينكل بزوجته وأولاده بما يزعج جميع جيرانه، ثم يقول لهم لا تتدخلوا لأن الأمر يخص بيتي".

ويتفق أنور أراكاني مع غيره في أن ميثاق آسيان يقف عائقا أمام قيامها بأي دور لحل المشكلات السياسية والأمنية، بل إنه سبب الإخفاق في القيام بواجبها الإنساني.

تون خين رئيس منظمة روهينغا بورما: عجز آسيان منح حصانة لمرتكبي الجرائم بحقنا (الجزيرة)  الإجماع والحصانة

من ناحيته، يؤكد تون خين، رئيس "منظمة روهينغا بورما" في بريطانيا، أن فشل آسيان وغيرها من المنظمات الدولية شجع حكومة ميانمار على الاستمرار في عمليات التطهير العرقي، ومنح مرتكبي الجرائم حصانة.

وانتقد خين ما وصفه بعجز آسيان عن تنفيذ النقاط الخمس التي أجمعت عليها في قمة جاكرتا عام 2022، ودعاها إلى اتخاذ إجراءات عملية من أجل تنفيذ قراراتها، "مثل تجميد عضوية ميانمار، إن لم يكن طردها من المجموعة وفرض عقوبات اقتصادية عليها".

أنور إبراهيم والصين

وبينما يعترف ممثلو منظمات الروهينغا، الذين التقوا بمسؤولين ماليزيين، أن ماليزيا لا يمكنها التصرف منفردة، يؤكدون على قدرتها على التحرك باعتبارها رئيسة آسيان، خاصة بالتنسيق مع دول كبرى مثل الصين التي يرون أن علاقاتها الوطيدة مع حكومة ميانمار يجعلها في وضع أفضل إضافة إلى العوامل المشتركة بين البلدين.

ويضيف تون خين "إذا تمكنت آسيان بزعامة أنور إبراهيم من توظيف نفوذها لدى الصين فإنهما يستطيعان إحداث التغيير المطلوب، وهو منع استمرار حرب الإبادة والاضطهاد في جميع أنحاء ميانمار، وفتح حوار لإحلال السلام".

واقترح رئيس جمعية الروهينغا في كندا على أنور إبراهيم التواصل مباشرة مع نظام ميانمار العسكري وإقناعه بقبول النقاط الخمس، خاصة أنها لا تمس السيادة، وأن يتعاون مع قيادة بنغلاديش الجديدة ممثلة في المستشار محمد يونس باعتبارها الدولة الأكثر استيعابا للاجئي الروهينغا، والحفاظ على حياة من تبقى منهم في ميانمار، الذين يُقدّر عددهم بين 600 إلى 800 ألف شخص.

أنور أراكاني: قضية الروهينغا تجاوزت الحدود وتتطلب علاجا دوليا (الجزيرة)

وإذا لم تفلح الجهود الثنائية والثلاثية، حسب أراكاني، فيمكن لرئيس الوزراء الماليزي البحث عن أساليب أخرى مثل العقوبات، وإعلان مناطق آمنة للروهينغا، والطلب من الأمم المتحدة إرسال قوات حفظ سلام دولية.

وبما يتعلق بالعقوبات في إطار آسيان، يرى ناي سان لوين أن ذلك يتطلب تعديل ميثاق المنظمة، خاصة أن الإجماع على النقاط الخمس قوبل بتعنت النظام العسكري. ويقول إن وجود ميانمار مضطربة لا يصب في مصلحة أحد من جيرانها بمن فيهم الصين، وأن عدم الاستقرار فيها يؤثر سلبا على مبادرة الحزام والطريق الصينية وعلى خططها لأن تصبح دولة كبرى تقود شرق آسيا.

ويستبعد أراكاني أن يكون دافع الاضطهاد في ميانمار دينيا، لا سيما أن تايلند ذات غالبية بوذية، وتتسامح مع مهاجري الروهينغا، ويعتقد بأنها الأقدر على إقناع النظام العسكري بوقف العنف، ويمكنها الاضطلاع بدور محوري للمساعدة في إعادة الهدوء لجارتها ميانمار.

لوين يدعو لتغيير ميثاق آسيان بما يسمح بالتدخل لحل النزاعات وفرض عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان (الجزيرة) عودة الحرب الباردة

يؤكد رئيس "منظمة روهينغا بورما" في بريطانيا على تراجع قضية الروهينغا في جدول أعمال الأوروبيين بعد ظهور قضايا يرونها أكثر أهمية، مثل الحرب في أوكرانيا، وقد ظهر ذلك بعد مقتل أكثر من 6 آلاف شخص من هذه الأقلية منذ انقلاب فبراير/شباط في بورما عام 2021، ولم يتحرك العالم لدعم الثورة الشعبية، بل إن زخم عملية السلام برعاية النرويج تراجع إلى حد كبير، على حد تقديره.

ويشترط هذا المسؤول لنجاح أي عملية سلام مستقبلية أن تراعي عدم استغلالها من قبل النظام لاستمرار حرب الإبادة.

وتشير تقارير دولية إلى أن النظام العسكري في ميانمار يتلقى دعما من الهند وروسيا والصين، بينما يدعم الغرب الثورة الشعبية ضده، بما يعني أن هذا البلد أصبح حلبة تنافس بين الشرق والغرب.

ووصف ناي سان لوين، من ألمانيا، الموقف الغربي بالسلبي نظرا لأنه لم يتحول إلى فعل عملي مثل فرض عقوبات اقتصادية أو دعم مباشر للثورة الشعبية، ورأى أن التعويل يجب أن ينصب على تغيير موقف الصين.

من ناحيته، قارن أراكاني، بين الدعم الأميركي الكامل لتايوان في مقابل الصين، والتردد والانتظار في حالة ميانمار، ورغم أن كندا أول دولة اعتبرت ما يجري في ميانمار حرب إبادة، فإنها والولايات المتحدة لم تقدما شيئا عمليا لوقف إبادة الروهينغا.

وانتقد أراكاني الموقفين الأميركي والكندي تجاه قضية الروهينغا. وقال إن الكونغرس الأميركي أدان الإبادة الجماعية والتطهير العرقي للروهينغا، وأن القانون الدولي يفرض على الدول التي تصنف الإبادة الجماعية التحرك لوقفها، وأن كندا لم تتجاوب مع توصيات مبعوثها إلى ميانمار.

أما خين، فقارن ما يجري في ميانمار بالحالة الأوكرانية، وقال إن 48 دولة تقدمت بطلبات لمحاكمة روسيا وأصدرت المحكمة الدولية قرارا باعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رغم أن أوكرانيا ليست موقعة على ميثاق روما وعضوية المحكمة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات النظام العسکری أنور إبراهیم الروهینغا فی فی میانمار

إقرأ أيضاً:

غزة.. منظمات دولية تحذّر من عواقب تعليق المساعدات

قالت وكالات إغاثة، اليوم الإثنين، إن مخزونات الغذاء والدواء والمأوى في غزة محدودة، وإن المساعدات الموجهة للفلسطينيين، الذين هم في أمس الحاجة إليها، ربما تفسد بعد تعليق إسرائيل تسليمها إلى القطاع.

ومنعت إسرائيل دخول شاحنات المساعدات إلى غزة، الأحد، مع تصاعد المواجهة بشأن الهدنة، التي أوقفت القتال خلال الأسابيع الستة الماضية.

وقال مسؤول بالأمم المتحدة في غزة: "الكثير مما وصل خلال الأسابيع القليلة الماضية تم توزيعه بالفعل، والآن بدأنا نشهد بالفعل زيادات في الأسعار".

تواصل #الأونروا تقديم خدمات الدعم النفسي والاجتماعي المنقذة للحياة في قطاع #غزة.

في مدينة غزة، نفذ فريق الصحة النفسية التابع للأونروا فعالية لصناعة فوانيس #رمضان يدويًا باستخدام الورق، بمشاركة الأطفال.

تهدف الفعالية إلى تعزيز الإبداع والتعبير الفني لدى الأطفال، إضافةً إلى توفير… pic.twitter.com/DTbkcvM3GR

— الأونروا (@UNRWAarabic) March 3, 2025

وحذرت منظمة أطباء بلا حدود من أن تعليق المساعدات سيضيف ضغوطاً كبيرة على مليوني فلسطيني في القطاع، ما زالوا يعانون من نقص في السلع الأساسية بعد 16 شهراً من الحرب. واتهمت إسرائيل في السابق حركة حماس بسرقة المساعدات، وهو ما نفته الحركة.

وقالت كارولين سيغوين، منسقة الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود في غزة،: "أي تحديات أخرى أمام وصول الغذاء والمياه النظيفة ربما يكون لها عواقب مدمرة. إن ارتفاع أسعار الغذاء والسلع يثير إحساساً بالخوف وعدم اليقين".

وقال سلامة معروف، رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن هناك ما يكفي من الغذاء في الأسواق لمدة أسبوعين على الأقل، وحث سكان غزة على عدم الذعر.

وقال الاتحاد الدولي للصليب الأحمر إن أكثر من 300 شاحنة محملة بالمساعدات مُنعت من عبور الحدود من مصر، الأحد.

وتعمل مستودعات الاتحاد الـ5 في مصر، التي تخزن المواد الغذائية والماء والأدوية حالياً، بنسبة 50% من طاقتها، ويجري فحص تواريخ انتهاء صلاحية المخزون.

وقال يورغن هوغل، منسق العمليات في الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر في مصر،: "لدينا سعة للتخزين في الوقت الحالي، لكن لا يمكننا التأكد من المدة التي سيستمر فيها ذلك".

ولمنظمة أطباء بلا حدود 14 شاحنة من شحنات المساعدات في مصر والأردن، معظمها إمدادات طبية في انتظار شحنها إلى غزة.

وقالت سيغوين: "نشعر بقلق من أنه إذا تم إبقاء إمدادات الأدوية في الشاحنات لأشهر متتالية مع تعرضها للشمس، فقد يؤدي هذا إلى تقليل فترة صلاحية الأدوية، وتقليل فعاليتها".

إسرائيل تحسم مصير اتفاق غزة خلال أيام - موقع 24أكد مسؤولون إسرائيليون، الأحد، أن تل أبيب ستنتظر لـ"بضعة أيام" فقط من أجل البت في مصير المقترح الجديد، الذي نسبته لمبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول استمرار الاتفاق بين إسرائيل وحماس، بدلاً من المضي في المرحلة الثانية من الاتفاق، وفق ما كان مخططاً في اتفاق التهدئة ووقف إطلاق النار.

وحذر المجلس النرويجي للاجئين من أن الأمر يصل إلى حد أن توقف وكالات الإغاثة شحنات المساعدات تماماً، كما كان الحال عندما تم تقييد المساعدات في بداية الحرب.

وقالت المتحدثة باسم المجلس النرويجي للاجئين شاينا لو: "من المكلف بالنسبة لنا الاحتفاظ بالمساعدات في مستودعات، أو في شاحنات منتظرة في طوابير".

ولم تكد تبدأ محادثات المرحلة الثانية للتفاوض على إنهاء الحرب حتى قالت إسرائيل، خلال إعلانها وقف دخول المساعدات إلى غزة، إنها لن تسمح بوقف إطلاق النار دون الإفراج عن جميع الرهائن المتبقين.
ونددت حماس بخطوة إسرائيل ووصفتها بأنها "ابتزاز"، و"انقلاب صارخ على الاتفاق".

مقالات مشابهة

  • الصين تدعو واشنطن لحل النزاع التجاري بالحوار
  • تصاعد التوتر التجاري بين الصين وأمريكا .. بكين تدعو للحوار وتحذر من إجراءات مضادة | تقرير
  • غزة.. منظمات دولية تحذّر من عواقب تعليق المساعدات
  • نائبة مستقبل وطن تدعو لتحرك دولي عاجل لفرض عقوبات رادعة على إسرائيل
  • وقفة احتجاجية لموظفي صندوق صيانة الطرق أمام وزارة المالية لتغيير المدير المالي
  • هكذا عاش العمال في مراكز الاحتيال على الحدود بين ميانمار وتايلاند
  • المنصات ترفض تهديد إسرائيل لسوريا والتدخل من بوابة أزمة جرمانا
  • توقيع ميثاق شرف سياسي بالغابون قبيل الانتخابات الرئاسية
  • “البعثة” تدعو لوقف التحريض الإعلامي وتناقش مع لجنة 5+5 خطر خطاب الكراهية
  • بالإجماع.. "الإيسيسكو" توافق على ميثاق الرياض للذكاء الاصطناعي