يوم مشرق في تاريخ المجتمع الإنساني الدولي
تاريخ النشر: 23rd, November 2024 GMT
زلزال هز الكيان الفاشي بعد أكثر من 400 يوم تُرتكب فيها الإبادة الجماعية، أم الجرائم وأخطرها بحق السكان المدنيين في قطاع غزة نساءً وأطفالاً وشيوخاً. لقد ظن ساسة هذا الكيان أنهم بمنأى عن الملاحقة القضائية بفعل الدعم غير المحدود من الغرب الاستعماري بقيادة الولايات المتحدة.
قرار الغرف التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية الذي صدر بالإجماع ويقضي بالمصادقة على مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت مثل ضربة قوية هزت الكيان والعواصم الداعمة منهم أعضاء في المحكمة، فقد أُسقط في يد هذه الدول التي قدمت الدعم لجرائم الكيان على كافة المستويات العسكرية والسياسية والاقتصادية.
إنه بحق يوم أسود في تاريخ الكيان ويوم مشرق في تاريخ المجتمع الإنساني الدولي أعطى بصيص أمل في إمكانية ملاحقة ومحاسبة من عدّوا أنفسهم لعقود طويلة أنهم فوق القانون فارتكبوا أفظع الجرائم وتجاهلوا حتى اللحظة كافة القرارات الأممية والدعوات لوقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة.لعل أهمية القرار الأولى أنه صادر من أعلى هيئة قضائية دولية وبالإجماع وهو عنوان الحقيقة أسقط الرواية الغربية في حق الكيان في الدفاع عن النفس وكأن عمليات القتل اليومية والتدمير على طريق الإبادة الشاملة أمر عادي. فالتشكيك الذي اعتاده داعمو الكيان وإعلامهم بارتكاب نتنياهو وجالانت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية أصبح بالضربة القضائية في مزبلة التاريخ، ومن الأفضل لهؤلاء الذين قدموا الدعم لجرائم نتنياهو أن يتحسسوا رؤوسهم ويحسبوا خطواتهم في علاقتهم مع الكيان مستقبلاً.
صانع القرار الوحيد في العالم، الولايات المتحدة الأمريكية، وهي ليست عضواً في المحكمة الجنائية الدولية تقف وحيدة وبكل وقاحة ضد هذا القرار، معتبرة أن إصدار المذكرات لم يسلك الإجراءات المعتادة في المحكمة على أساس أن الكيان لديه أدوات للملاحقة والمحاسبة والتحقيق في الجرائم المزعومة! هذا الموقف ليس غريباً على دولة أُسست على أول إبادة في التاريخ بحق السكان الأصليين وارتكبت أفظع الجرائم حول العالم.
أما الدول الأخرى، وفي مقدمتها الأوروبية وبريطانيا، وهي في معظمها داعمة لجرائم الاحتلال، تقف اليوم عاجزة أمام هذا القرار. فقبله كان الساسة ينفون ارتكاب الكيان لأي جرائم ويؤكدون على حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، اليوم وبعد صدوره يعلنون أنهم يحترمون القرار وأن من صدرت بحقهم مذكرات اعتقال سيتم اعتقالهم إن وطأت أقدامهم أراضي هذه الدول.
ليس هذا فحسب، فإن 124 دولة هم أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية ملزمون بتنفيذ هذا القرار ولا يمكنهم تجاهله بأي حال من الأحوال إن تجرأ وأقدم المطلوبون على زيارة إحداها. وحتى الدول غير العضو في المحكمة ملزمة أخلاقياً وقانونياً باعتقالهم. وعلى هؤلاء في وطننا العربي الذين طبعوا مع الكيان أن يعيدوا النظر في علاقتهم معه، فمن العار تجاهل قرار صدر من أعلى مستوى قضائي دولي.
ما يدور من أحاديث أن الدول الأطراف في المحكمة فقط ملزمة بتنفيذ القرار خاطئ تماماً. فكافة الدول الأعضاء في منظمة الشرطة الدولية “الإنتربول” أيضاً، وعددها 195 دولة، ملزمة قانوناً بتنفيذ القرار.
ففي عام 2004 وقع مكتب الادعاء العام في المحكمة الجنائية الدولية اتفاقية مع الإنتربول تنص على التعاون الشامل في ملاحقة الجرائم المنصوص عليها في اتفاقية روما. والأهم من ذلك أنه في المادة الرابعة من الاتفاقية، الإنتربول ملزم بتعميم نشرات حمراء بأسماء المطلوبين بناءً على طلب المدعي العام.
وأكثر من ذلك، لقد جعلت منظمة الإنتربول ملاحقة الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في اتفاقية روما من صميم عملها. فأنشأت في عام 2014 وحدة خاصة لملاحقة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية بالتعاون مع الدول الأعضاء والمحاكم الدولية المعنية في هذه الجرائم.
صحيح أننا على أعتاب حقبة تاريخية جديدة على طريق القضاء على وباء الإفلات من العقاب لكن الحقيقة المرة أنه رغم صدور مذكرات الاعتقال لا زالت الإبادة مستمرة بمختلف صورها البشعة.لقد اكتنف صدور هذه المذكرات مخاضاً عسيراً غير مسبوق، عمليات تجسس على موظفي المحكمة وتهديدات بالقتل طالت المدعي العام والقضاة وأسرهم لكنها لم تفلح في منع صدور المذكرات التي أنعشت القانون الدولي الإنساني بعد أن دخل في حالة موت سريري بفعل الضربات التي تلقاها على مدى أكثر من عام من عمر الإبادة.
أمام مكتب الادعاء العام عمل طويل لملاحقة الكثير من الجرائم المرتكبة قديمها وحديثها منذ أن خضعت فلسطين في يونيو 2014 لولاية المحكمة. وفي مقدمة هذه الجرائم الاستيطان، فالضفة الغربية مقبلة على عملية ضم كما بشر بذلك سموتريتش. فقائمة مرتكبي الجرائم في فلسطين المحتلة طويلة. فإن شمر المدعي العام عن ساعديه وتحرر أكثر من التهديدات والضغوط وسار في الإجراءات المطلوبة سيحطم الكيان الرقم القياسي في مذكرات القبض وسيكرس ككيان مارق.
إنه بحق يوم أسود في تاريخ الكيان ويوم مشرق في تاريخ المجتمع الإنساني الدولي أعطى بصيص أمل في إمكانية ملاحقة ومحاسبة من عدّوا أنفسهم لعقود طويلة أنهم فوق القانون فارتكبوا أفظع الجرائم وتجاهلوا حتى اللحظة كافة القرارات الأممية والدعوات لوقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
صحيح أننا على أعتاب حقبة تاريخية جديدة على طريق القضاء على وباء الإفلات من العقاب لكن الحقيقة المرة أنه رغم صدور مذكرات الاعتقال لا زالت الإبادة مستمرة بمختلف صورها البشعة. فالمطلوب هو أن تعظم هذه المذكرات الجهود السياسية لاتخاذ إجراءات عملية رادعة تشل بشكل كامل آلة القتل والتدمير.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة حرب الجنائية الدولية فلسطين فلسطين غزة الجنائية الدولية رأي حرب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المحکمة الجنائیة الدولیة الإبادة الجماعیة فی تاریخ
إقرأ أيضاً:
تعليقات نارية من دول ومنظمات على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو وجالانت
في خطوة غير مسبوقة أصدرت أمس الخميس المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.
هذا القرار أثار ردود فعل متباينة على المستوى الدولي، حيث شهدت الساحة السياسية العالمية توترات بين مؤيدين لقرار المحكمة ومعارضين له.
الدعم الدولي لقرار المحكمة
هولنداكانت هولندا من أوائل الدول التي أعلنت تأييدها الكامل لقرار المحكمة الجنائية الدولية، حيث عبر وزير الخارجية الهولندي، كاسبر فيلدكامب، عن استعداد بلاده لتنفيذ أوامر الاعتقال بحق المسؤولين الإسرائيليين.
وأكد في تصريحات رسمية أن هولندا تتمسك بمبدأ احترام العدالة الدولية باعتبارها من ركائز النظام الدولي القائم على القانون.
بلجيكاكما أيدت بلجيكا المذكرة الصادرة من المحكمة، حيث اعتبر نائب رئيس الوزراء البلجيكي، بيترا دي سوتر، أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يتخذ موقفًا موحدًا بشأن قرار المحكمة.
وأشارت إلى ضرورة فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل، وتجميد الاتفاقات التجارية معها، بما يتماشى مع تنفيذ هذا القرار التاريخي.
فرنسارغم الدعم الذي أبدته بعض الدول الأوروبية، جاء الموقف الفرنسي أكثر تحفظًا، فقد أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية أن بلاده تحترم استقلالية المحكمة الجنائية الدولية، لكنه أشار إلى أن الحكومة الفرنسية ستُدرس الموقف بعناية قبل اتخاذ أي خطوات تنفيذية.
ورغم ذلك، لم يوضح ما إذا كانت فرنسا ستعتقل نتنياهو إذا وصل إلى أراضيها، مكتفيًا بالإشارة إلى أن الموقف الفرنسي يرتكز على الناحية القانونية المعقدة لهذه القضية.
أيرلنداأعربت الحكومة الأيرلندية عن تأييدها القوي لاستقلالية المحكمة، حيث أكد نائب رئيس الوزراء، مايكل مارتن، ضرورة احترام قرارات المحكمة الجنائية الدولية في سبيل الحفاظ على نزاهتها وحيادها، ودعا إلى تعاون دولي لضمان تنفيذ العدالة في قضايا جرائم الحرب.
المملكة المتحدةمن جانبه، شدد المتحدث باسم الحكومة البريطانية على ضرورة احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية، مشيرًا إلى أن المملكة المتحدة تقف إلى جانب حقوق الإنسان والعدالة الدولية.
وأضاف أن بلاده ستتعاون مع المجتمع الدولي في تنفيذ قرار المحكمة.
السويدأكدت وزيرة الخارجية السويدية، ماريا مالمر ستينرغارد، في تصريحاتها دعمها لمواقف المحكمة الجنائية الدولية.
وقالت إن السويد بصفتها دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، تلتزم بتطبيق مبدأ العدالة الدولية، وأشارت إلى أن السلطات السويدية ستكون مسؤولة عن تنفيذ القرارات القانونية الصادرة من المحكمة.
النرويجقال وزير الخارجية النرويجي، إسبن بارث إيدي، أن بلاده تأخذ موقفًا محايدًا، وأنها تقدر عمل المحكمة الجنائية الدولية في تحقيق العدالة.
كما أكد أن النرويج تدعم متابعة القضية وفقًا للقوانين الدولية المقرّة، مع التشديد على ضمان المحاكمة العادلة.
إيطالياشدد وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، على أهمية التعاون الدولي لمتابعة هذا القرار، مع دعوة الاتحاد الأوروبي إلى تبني موقف مشترك.
وأوضح أنه في الوقت الذي يجب احترام قرارات المحكمة، من المهم أيضًا أن تكون الردود الأوروبية مدروسة ومبنية على أسس قانونية واضحة.
الاتحاد الأوروبيفي سياق متصل، دعا الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، جوزيب بوريل، إلى ضرورة احترام قرار المحكمة الجنائية الدولية.
وأضاف أن الاتحاد الأوروبي سيواصل دعمه للعمل الجنائي الدولي في تحقيق العدالة، مشيرًا إلى أن القرار يجب أن يُنفذ بحسن نية من جميع الأطراف المعنية.
كندارحب رئيس وزراء كندا، جاستن ترودو، بدوره بالقرار معبرًا عن دعم كندا القوي لمبادئ العدالة الدولية وحقوق الإنسان.
وأكد أن كندا ستواصل دعم جهود المحكمة الجنائية الدولية في تحقيق العدالة ومحاسبة جميع الأطراف المتورطة في انتهاكات القانون الدولي.
الأمم المتحدةفي حين كانت ردود الفعل الدولية متباينة، دعت المقررة الخاصة للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، جميع الدول الأعضاء في نظام روما إلى احترام وتطبيق قرار المحكمة الجنائية الدولية.
وأضافت أن المحكمة الجنائية مسؤولة عن ضمان العدالة، وأن هذا القرار يعد خطوة حاسمة في مكافحة الإفلات من العقاب.
ردود الفعل الإسرائيليةفي المقابل، كان الموقف الإسرائيلي شديد الانتقاد لهذا القرار، حيث اعتبرت الحكومة الإسرائيلية أن مذكرات الاعتقال هي مجرد محاولة لتشويه سمعة إسرائيل على الساحة الدولية.
ووصف مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، القرار بأنه مؤامرة سياسية، مشيرًا إلى أن المحكمة الجنائية الدولية قد أظهرت تحيزًا ضد إسرائيل.
الرئيس الإسرائيليمن جهته، وصف رئيس الاحتلال الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ القرار بأنه يوم مظلم للعدالة الإنسانية، قائلًا إن المحكمة اختارت دعم الإرهاب على حساب قيم الديمقراطية والحرية.
وتابع هرتسوغ قائلًا إن الملاحقات القضائية ضد قادة إسرائيل تهدد الأمن الإقليمي والعالمي.
وزير الخارجية الإسرائيليوصف غدعون ساعر، وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، القرار بأنه فقدان للشرعية، داعيًا الدول الأوروبية والدول الصديقة لإسرائيل إلى عدم الامتثال لهذه الأوامر.
وأكد أن إسرائيل ستظل تدافع عن نفسها ضد أي تهديدات، وأنها لن تقبل أي محاكمة سياسية تستهدف قياداتها.