النائب علاء عابد يكتب: قانون اللجوء.. القول الفصل
تاريخ النشر: 23rd, November 2024 GMT
حسب بيان للحكومة، فإن التقديرات الأولية تشير إلى وجود 9 ملايين مقيم ولاجئ فى مصر من نحو 133 دولة يمثلون 8.7% من حجم السكان البالغ عددهم نحو 106 ملايين نسمة.
وتُقدّر المنظمة الدولية للهجرة فى تقرير صدر أغسطس 2022، أعداد المهاجرين الذين يعيشون فى مصر بـ9 ملايين شخص من 133 دولة.
فى المقابل، تقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين فى تقرير صدر عنها يناير الماضى، إن مصر تستضيف نحو 840 ألف لاجئ وطالب لجوء من 62 دولة فى عام 2023 بزيادة 64 بالمائة عن عام 2022.
استضافة 9 ملايين لاجئ ومقيم تمثل ضغطاً كبيراً على البنية التحتية للبلاد وحصولهم على الامتيازات نفسها التى يحصل عليها المواطن المصرى، سواء بتوفير المياه أو الكهرباء بسعر مدعم، أو حتى الاستفادة من أسعار العيش والمحروقات المدعومة، وكذلك خدمات التعليم والرعاية الصحية والإسكان، ومن هنا فإن تحديد التكلفة المالية المرتبطة بتلك الخدمات، خطوة مهمة لتحسين توجيه الموارد وتحقيق التوازن المطلوب فى تلبية احتياجات اللاجئين والشعب المصرى.
وقد ازدادت أعباء الحكومة المالية فى توفير الخدمات الأساسية للأجانب على أراضيها، مع تفاقم الأزمة الاقتصادية التى تمرّ بها البلاد، فى ظل ارتفاع معدلات التضخّم، وتراجع إيراد قناة السويس والسياحة، بسبب تداعيات حرب غزة.
ومن هنا يجب العمل فوراً على تقييم كامل لحجم ما تتكفّل به البلاد، لزيادة الدعم المقدّم من المانحين الأوروبيين والدول المستقبلة للهجرة، وهو ما تؤيده مسئولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين فى القاهرة كريستين بشاى، بضرورة زيادة الدعم الدولى المقدّم، وأن المفوضية تقدّم دعماً محدوداً للحكومة المصرية، فى ضوء الإمكانات التى تمتلكها، وفى ضوء ضعف التمويل المتاح لها.
فى الوقت ذاته الذى نجد فيه الاتحاد الأوروبى يقدّم مساعدات تفوق الـ20 مليار يورو لتركيا مقابل استقبالها عدداً لا يتجاوز 3 ملايين من اللاجئين، طبقاً للمعاهدة الموقّعة بين أنقرة وبروكسل فى 2016 بشأن المهاجرين، مع منعهم من دخول المدينة، وأغلبهم فى مخيمات على الحدود، مصر تحتضن الجميع ليس من اليوم، ولكن منذ أكثر من 100 عام، فحينما نُقلّب صفحات التاريخ، نجد لجوء الروس وهجرتهم إلى الخارج كسبب من أسباب قيام الثورة البلشفية عام 1917 فى روسيا القيصرية، التى أسفرت عن سقوط ضحايا، فضلاً عن نزوح جماعى من الإمبراطورية الروسية إلى الكثير من الدول الأخرى، منها مصر، حيث بلغ عددهم فى مصر قرابة 5 آلاف لاجئ روسى، وحدّده المستشرق الروسى فلاديمير بيلياكوف بنحو 4350 مهاجراً بحلول عام 1920.
ولمصر نهج متفرد فى التعامل مع هذه الأعداد الكبيرة جداً من اللاجئين، فلم تحتجزهم فى مخيمات كما فعلت كل الدول المستضيفة للاجئين، بل سمحت لهم بالعيش بحرية فى المجتمع المصرى، ووفّرت لهم جميع الخدمات على قدم المساواة مع المصريين.
وتكبّدت مصر تكاليف اقتصادية ضخمة نتيجة استضافة هذا العدد الضخم من اللاجئين، وبالاعتماد على تقرير صادر من منظمة التعاون والتنمية Migration Policy Debates، فوفقاً لقاعدة البيانات تكلفت ألمانيا 17.3 مليار دولار لاستضافة نحو 900 ألف لاجئ، مما يعنى أن اللاجئ يكلّف ألمانيا نحو 19.2 ألف دولار سنوياً، وتكلفة اللاجئ فى الولايات المتحدة الأمريكية نحو 22.3 ألف دولار سنوياً، وترتفع فى السويد إلى نحو 24 ألف دولار سنوياً، وفى فرنسا صرّحت وزارة الداخلية أن تكاليف استضافة 100 ألف لاجئ تقدّر بنحو 500 مليون يورو، مما يعنى أن تكلفة استضافة مليون لاجئ تقدّر بنحو 5 مليارات يورو فى العام.
ولأن هذه الدول تصنّف كدول متقدّمة، وبالتالى مستوى المعيشة فيها مرتفع عن الدول النامية التى تنتمى إليها مصر، ولذلك يتم الاستعانة بمؤشر بيج ماك، وهو الساندوتش الأشهر عالمياً الذى يُباع فى متاجر ماكدونالدز، ويعكس سعره الفروقات بين مستويات المعيشة وتكلفة إنتاجه بكل دولة، ومتوسط سعر الساندوتش فى الدول المذكورة فى عينة الدراسة هو 5.19 دولار أمريكى، بينما يبلغ السعر فى مصر نحو 2.43 دولار أمريكى، وبذلك تبلغ تكلفة اللاجئ فى مصر 12.3 ألف دولار، ووفقاً للبيانات المصرية ومستويات المعيشة، فإن مصر تتحمّل سنوياً ما يقرب من 147 مليار دولار أمريكى، وهو ما يمثل 35.6% من الناتج القومى الإجمالى لمصر البالغ 420 مليار دولار.
من خلال مقارنة نصيب كل من الدول مرتفعة الدخل بالدول منخفضة ومتوسطة الدخل من حيث استيعاب اللاجئين، يظهر لنا وجود فجوة كبيرة بين الفريقين، حيث تحتضن الدول مرتفعة الدخل 10 ملايين لاجئ فقط، بينما تستوعب الدول منخفضة ومتوسطة الدخل 27 مليون لاجئ، مما يشكل عبئاً اقتصادياً عليها.
وأخيراً.. يجب أن ننظر إلى قضية اللاجئين من خلال ما تقدّمه من إيجابيات للدول المضيفة، وما تفرضه من أعباء على الموازنة العامة للدولة وتضييق على المواطنين فى خدماتهم ومعيشتهم، وهنا يجب أن يكون لنا وقفة.
وليس من العيب أن نوضح هذه الحقائق التى تشير إلى أن مصر كدولة تحمّلت الكثير من الضغوط الاقتصادية الفترات الماضية من أجل شعبها العظيم.
ولكن يبقى السؤال: أين دور المجتمع الدولى، خاصة الاتحاد الأوروبى من دعم اللاجئين فى مصر، وتقديم يد العون التى يحتاجها اللاجئون، ولتخفيف تلك الأعباء الاقتصادية عليهم.
مصر تتّسع للجميع، ولكن بشرط تطبيق المعايير العالمية للاجئين وتطبيق القانون وتكاتف جميع المنظمات والدول الأوروبية مع مصر.
* رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: المفوضية السامية للأمم المتحدة البنية التحتية للبلاد ألف دولار فى مصر
إقرأ أيضاً:
حلول برلمانية عاجلة لتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر
أكد النائب إيهاب منصور، وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب ورئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصري الديمقراطي، دعمه الكامل لتحركات مجلس النواب برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، بشأن إحالة مشروع تعديل قانون الإيجار القديم، المقدم من الحكومة، إلى لجنة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة لدراسته وإعداد تقرير شامل يتضمن توصيات اللجنة حول التعديلات المقترحة.
وفي تصريح خاص لـ "صدى البلد"، أوضح "منصور" أنه تلقى عشرات الآلاف من الشكاوى من ملاك الشقق السكنية المؤجرة بنظام الإيجار القديم، مشيرًا إلى أن هذه الشكاوى تؤكد تعرض الملاك لظلم كبير بسبب القوانين الحالية التي تؤدي إلى الإضرار بمصالحهم، مؤكدًا علي ضرورة فتح ملف الإيجار القديم بشكل جاد لوضع حلول عملية لهذه القضية المعقدة.
وأشار منصور إلى أن هناك العديد من الوحدات السكنية المؤجرة بموجب قانون الإيجار القديم والتي ظلت مغلقة لسنوات طويلة، مشيرًا إلى أنه "لا المالك قادر على الاستفادة من تلك الوحدات، ولا المستأجر في حاجة إليها، وهو ما يتطلب تحركًا عاجلًا".
وفيما يتعلق بحل الأزمة، اقترح النائب أن تقوم الحكومة بحصر جميع الوحدات السكنية المؤجرة بنظام الإيجار القديم لتحديد الأفراد غير القادرين على دفع الإيجارات المرتفعة، مع التأكد من قدرتهم المالية قبل اتخاذ أي قرارات بشأنها.
كما شدد النائب على ضرورة دعم فئات غير القادرين، مثل أصحاب معاشات تكافل وكرامة، والعمالة غير المنتظمة، والمستأجرين من محدودي الدخل الذين يعيشون في وحدات سكنية تخضع لقانون الإيجار القديم، مقترحا منح مساعدات مادية أو توفير وحدات سكنية اجتماعية لهم، ما يساعدهم على دفع قيمة الإيجار.
وتابع منصور حديثه مطالبًا بتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر بشكل كامل، مع ضرورة دعم غير القادرين في أسرع وقت من أجل حل الأزمة الحالية التي تسببت فيها التشريعات القديمة، مؤكدًا أن هناك العديد من الوحدات السكنية التي تقدر بمليارات الجنيهات ويتم تأجيرها بأسعار زهيدة.
وفي ختام حديثه، شدد النائب منصور على ضرورة إصدار قانون جديد يحرر العلاقة بين المالك والمستأجر، مع إعطاء فترة انتقالية لتطبيق التعديلات بشكل تدريجي، وإلغاء قانون الإيجار القديم بشكل نهائي، بما يضمن تحقيق العدالة بين جميع الأطراف.
وكان مجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، احال مشروع تعديل قانون الإيجار القديم، المقدم من الحكومة، إلى لجنة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة.
جاء هذا القرار لدراسة المشروع وإعداد تقرير شامل يتضمن توصيات اللجنة بشأن التعديلات المقترحة.