الثورة /متابعات
الشهادة كقيمة أخلاقية وإنسانية
الشهادة هي في جوهرها قيمة أخلاقية وإنسانية عظيمة، تمثل أسمى درجات الإيمان والشجاعة في سبيل الله. هذه القيمة تعبر عن استعداد المؤمن للتضحية بنفسه من أجل قضية عادلة، وتجعل الشهداء مثالًا يُحتذى به في قمة الأخلاق والتفاني. ومن خلال الشهادة، يضع الشهيد نفسه في أعلى مراتب العطاء، فالشهادة لا تُعطي فقط للمؤمن حياة خالدة، بل تجعل من تضحياته إرثًا خالدًا يساهم في بناء مجتمع قوي قائم على القيم الإيمانية والإنسانية.
التصدي للعدو وحماية الأمة.. يأتي على يد الشهداء وتضحياتهم
الشهادة في سبيل الله تمثل الدرع الذي يحمي الأمة ويعزز مكانتها أمام أعدائها. المؤمنون الذين يضحون بأنفسهم من أجل حماية أمتهم وتحريرها من الظلم ينالون بذلك أعلى درجات الإخلاص والتضحية. وقد ورد في القرآن الكريم تشجيع على مقاومة الأعداء والوقوف ضد الظلم، كما في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” فالآية تحث المؤمنين على الثبات وتذكر الله في مواجهة العدو، مما يعكس عظمة الصمود والشجاعة في سبيل الله.
اليوم المعركة هي معركة الأمة كلُّ الأمة، والاستهداف ليس جديدًا في واقع هذه الأمة؛ وإنما هو وفق مراحل مستمرة، ونحن في مرحلة مهمة وحساسة، ووجدنا أن ثمرة مفهوم الشهادة في سبيل الله وفق المفهوم الصحيح، التقديم الصحيح، أثمر نصرًا في واقع هذه الأمة، وأصبحت نماذجه قائمة في الساحة وحاضرة في الساحة بكل نجاحٍ ملموسٍ وواضح. التجربة في فلسطين تجربة الجهاد والاستشهاد أثمرت نصرًا، حريةً، عزةً، كرامةً، ما نراه في قطاع غزة هو نموذج حي، يشهد لصحة وإيجابية وأهمية وضرورة هذا المفهوم، عندما يقدَّم بشكل صحيح كيف يصنع في واقع الأمة متغيرات مهمة وإيجابية، يصنع الحرية بإرادة الله “سبحانه وتعالى”، والكرامة والعزة والاستقلال، يصنع النصر.
عندما نجد النموذج في لبنان أمامنا متجسدًا ومنذ سنوات عديدة، منذ بداية انطلاقة المقاومة الإسلامية في لبنان، ثم ما صنعته من انتصارات كبيرة في عام 2000م وفي عام 2006م، وما منَّ الله به -أيضًا- من انتصارات لاحقة في لبنان وسوريا وغيرها، وكذلك ما تقدمه المقاومة الإسلامية في لبنان اليوم من ثبات وتضحيات عظيمة رغم استشهاد قادتها و في المقدمة أمين الأمة وشهيدها السيد حسن نصر الله وكذلك الثبات الأسطوري للمقاومة الفلسطينية رغم همجية العدو وحجم التضحيات و الدمار في قطاع غزة ما تزال ثابته منذ أكثر من عام, كما نجد ما قبل ذلك نموذجًا عظيمًا وكبيرًا متمثلًا بالثورة الإسلامية في إيران، حررت إيران الإسلام من هيمنة أمريكا، ومن نفوذ إسرائيل، ومن الأداة التي كان يعتمد عليها الأمريكيون والإسرائيليون في السيطرة على الشعب الإيراني المسلم، متمثلةً بالنظام الملكي و(الشاه) آنذاك، ثم فتحت المجال أمام الجمهورية الإسلامية لتكون نموذجًا ورائدًا كبيرًا في الساحة الإسلامية، في الحرية والاستقلال، والتصدي للهيمنة الأمريكية، والتصدي للعدو الإسرائيلي.
النموذج القائم في سوريا والعراق، والنموذج القائم والمتجسد في التضحيات الكبيرة وفي العزم الذي لا يلين الذي يقدمه شعب البحرين، نماذج تاريخية كثيرة في مختلف الأقطار العربية والإسلامية، وفي مختلف المراحل لأمتنا.
إن كل ذكرى من العزة، وإن كل ذكرى للنصر هي مرتبطة بهذا المفهوم العظيم، وهذا كافٍ في أن ندرك مدى أهميته، ومدى قيمته، ومدى ما يترتب عليه في واقع هذه الحياة الدنيا والآخرة.
واجب الأمة تعزيز روح التضحية بين الأجيال
واجب الأمة تجاه شهدائها لا يتوقف عند إحياء ذكراهم، بل يتعدى ذلك إلى تعزيز روح التضحية في نفوس الأجيال المقبلة، يجب أن يُزرع في نفوس الشباب حب التضحية لأجل الله واستعدادهم لبذل أرواحهم في سبيل القيم والمبادئ النبيلة. فالحفاظ على إرث الشهداء يتمثل في إحياء هذا العطاء الخالد في قلوب المسلمين، ليصبحوا على أتم الاستعداد للذود عن حياض الأمة وقيمها.
ويأتي ذلك في إطار قوله تعالى: “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ” (الأنفال: 60)، فالآية تحث المسلمين على الاستعداد الدائم وتربية النفوس على الجهاد والصبر.
الاعتناء بأسر الشهداء
تقتضي مسؤولية الأمة نحو الشهداء الاعتناء بأسرهم، ومواساتهم والوقوف إلى جانبهم، لأنهم فقدوا أحب الناس إليهم من أجل رفعة الأمة، وهذا الوفاء لا يقل أهمية عن التضحية ذاتها، إذ يجسد تقدير المجتمع لذوي الشهداء ولتضحياتهم. ينبغي أن يكون لكل أسرة شهيد مكانة خاصة في المجتمع، وأن يكون هناك نظام كامل من الدعم والرعاية لهم، تعبيرًا عن تقدير الأمة لعطاء ذويهم وتكريمًا لما قدموه في سبيل الله.
ختامًا، يتبين لنا أن الشهادة ليست مجرد تضحيات عابرة، بل هي قمة العطاء في سبيل الله، هذا العطاء الخالد يزرع في الأمة الثبات، والعزيمة، والقوة لمواجهة كل الصعاب، ويحصنها من هيمنة الأعداء، من الطواغيت والمنافقين، كما أن عطاء الشهداء يخلق إرثًا من الإيمان والشجاعة يحافظ على بقاء الأمة، ويدفع بها نحو النصر.
أن واجبنا تجاه الشهداء في إحياء ذكراهم، وتعزيز روح التضحية في نفوس الأجيال، وتكريم أسرهم تقديرًا لما قدموه.
في كل شهادة نبض جديد لقلب الأمة، وفي كل تضحية تفتح أبواب العزة والكرامة، تحقيقًا لوعود الله لعباده المؤمنين بالنصر والثبات.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
"الشؤون الإسلامية" تناقش دور برنامج خادم الحرمين في إثراء تجربة المستضافين
نظمت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، يوم أمس الجمعة ندوة إعلامية لضيوف الدفعة الثالثة من برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة، والبالغ عددهم 250 معتمراً ومعتمرة من 18 دولة أفريقية بعنوان: "دور برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة في إثراء تجربة المستضافين عن جهود المملكة في خدمة الحرمين الشريفين ونشر قيم الوسطية والاعتدال ".
وذلك بحضور المدير التنفيذي لبرنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة الشيخ علي بن عبدالله الزغيبي، والمتحدث الرسمي لوزارة الشؤون الاسلامية عبدالله بن يتيم العنزي، وممثلي وسائل الإعلام المختلفة.خدمة ضيوف الرحمنوتضمنت الندوة 3 محاور وهي الأول دور المملكة في خدمة ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين، ثانيا؛ أهمية برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين في تعزيز التواصل بين القيادات لنشر منهج الوسطية والاعتدال ، ثالثا: دور البرنامج في تعزيز رسالة المملكة الإنسانية من خلال تمكين الالاف ممن لم يحجوا او يعتمروا من أداء عباداتهم في أجواء إيمانية وخدمات مميزة.
أخبار متعلقة وزير الخارجية يصل القاهرة للمشاركة باجتماع السداسية العربية التشاوريالأرصاد لـ "اليوم": طقس مستقر بمعظم المناطق مع برودة في الشمال والوسط .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } "الشؤون الإسلامية" تناقش دور برنامج خادم الحرمين في إثراء تجربة المستضافين
وبدأت الندوة الإعلامية بكلمة المدير التنفيذي لبرنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة الشيخ علي بن عبدالله الزغيبي، جدد خلالها الترحيب بالضيوف، مؤكدا أن البرنامج يأتي ضمن حرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ـ حفظهم الله ـ على التواصل مع المسلمين وبث روح الأخوة الإسلامية، مشيرا الي تاريخ هذا البرنامج منذ تأسيسه حتى الدفعة الحالية والخدمات المقدمة للمستضافين منذ وصولهم للأراضي المقدسة وحتى مغادرتهم.
عقب ذلك ألقى رئيس الشؤون الإعلامية المتحدث الرسمي بوزارة الشؤون الإسلامية عبدالله العنزي كلمة قال فيها: " إن البرنامج يحظى باهتمام كبير وعناية بالغة من معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد المشرف العام على البرنامج الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ الذي يوجه باستمرار على توفير كل سبل الراحة والخدمات التي يحتاجها المستضافين حتى يؤدوا مناسك العمرة بكل يسر وطمأنينة في المدينتين المقدستين تحقيقاً لتطلعات ورؤى القيادة الحكيمة-أيدها الله- التي سخرت كل إمكاناتها من أجل راحة هذا الضيف الكريم.
وبيّن العنزي، أن كل الجهود والإنجازات التي تقوم بها وزارة الشؤون الإسلامية والدعوية والإرشاد تأتي بفضل الله عزوجل ثم بفضل ودعم خادم الحرمين الحرمين الشريفين وبمتابعة دؤوبة من سمو ولي العهد الأمين ـ حفظهما الله ـ اللذَين يقدمان الغالي والنفيس من أجل خدمة الإسلام والمسلمين في العالم، داعيا الله أن يحفظ المملكة وأن يزيدها رفعةً وتقدماً وازدهارا في ظل قيادتنا المباركة.
ثم ألقى رئيس النادي الأدبي ومجلة الوسطية بالسنغال الدكتور فاضل غي، أشاد خلالها بجهود وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة الإرشاد في إيصال رسالة المملكة السامية في نشر الوسطية والاعتدال، وكذلك دور برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والحج والزيارة في تعزيز رسالة المملكة الإنسانية من خلال تمكين من لم يحج او يعتمر وتحقيق التواصل بين الشعوب والدول، مقدما شكره لقيادة المملكة الرشيدة لخدمة الإسلام والمسلمين ونشرها للوسطية والاعتدال، مشيدا بجهود وزارة الشؤون الإسلامية في تنظيم البرنامج بكل اقتدار.نموذج فريدبعد ذلك ألقى الأستاذ مختار شعيب مدير مكتب صحيفة الأهرام المصرية بالمملكة العربية السعودية، استعرض فيها جهود القيادة السعودية في خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما من الحجاج والمعتمرين والزوار وتسخيرهم كل الإمكانات حتى يؤدوا المناسك بيسر وسهولة، وفق رؤيتها العالمية 2030.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } "الشؤون الإسلامية" تناقش دور برنامج خادم الحرمين في إثراء تجربة المستضافين
وأضاف أن الحديث عن دور المملكة في خدمة الاسلام والمسلمين بحاجة الى جلسات كثيرة فهي تقدم نموذجاً فريدا في نصرة الشعوب في العالم علي المستويين الانساني والسياسي وكذلك دورها العظيم في نشر فكر الوسطية والاعتدال ، مشيرا الى ان دور المملكة الانساني والتنموي ليس فقط في الدول الإسلامية بل امتدت خيراتها للدول غير المسلمة فهي تقدم كل ما من شأنه خدمة البشرية في العالم ، داعيا في ختام مشاركته أن يحفظ الله المملكة وقيادتها وأن يجزيهم خير الجزاء على خدمتهم الإسلام والمسلمين.
وخلال الندوة أشاد عدد من القيادات الإسلامية والإعلامية بجهود المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- في خدمة الإسلام والمسلمين في العالم وعلى هذه الاستضافة المميزة لأداء العمرة وزيارة الحرمين الشريفين وإبراز المعالم الدينية سائلين الله أن يحزيهم خيرا الجزاء على هذه الجهود العظيمة.
وقال الضيوف : لقد اثري البرنامج تجربتنا وقدم لنا ماكنا نتوق اليه من زيارة الاماكن المقدسة ، ونحن سفراء لهذا البرنامج وللمملكة سنكتب ما شاهدناه وعايشناه لتعريف الراي العام بالدور العظيم انسانيا ودينيا الذي تقدمه المملكة لخدمة الاسلام والمسلمين.
ثم سلم مدير مكتب صحيفة الأهرام المصرية بالمملكة مختار شعيب العدد الأول من النسخة المطبوعة من جريدة الأهرام والتي يزيد عمرها أكثر من 150 عاما لمعالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد تكريما لبرنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة والوزارة علي جهودها في خدمة الاسلام والمسلمين واستلمها نيابة عنه المدير التنفيذي لبرنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة الشيخ علي بن عبدالله الزغيبي، وفي ختام الندوة تم التقاط الصورة التذكارية بهذه المناسبة.
جدير بالذكر أن الدفعة الثالثة من البرنامج تضم 250 معتمراً ومعتمرة من 18 دولة أفريقيا وهي (مصر، المغرب، تونس، الجزائر، مالي، السنغال، الكاميرون، تشاد، كينيا، نيجيريا، أوغندا، جنوب أفريقيا، مدغشقر، أثيوبيا، موريشيوس، غينيا، موزمبيق، موريتانيا).