ماذا بقي من المعارضة في تونس بعد إعادة انتخاب قيس سعيد؟
تاريخ النشر: 22nd, November 2024 GMT
سلطت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، الضوء على غياب تأثير المعارضة التونسية في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ما يفرض عليها إعادة ترتيب أوراقها في حال أرادت التعبير عن صوت الناخبين المعارضين لرئاسة قيس سعيد.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الانتخابات الرئاسية التونسية التي جرت في بداية تشرين الأول/ أكتوبر، والتي فاز فيها قيس سعيد بأغلبية عريضة، شهدت عزوفا واضحا للناخبين عن المشاركة في العملية الانتخابية.
وأضافت المجلة أن انخفاض معدل التصويت الذي ناهز 29 بالمئة، فتح الباب للتساؤل عما إذا الـ71 بالمئة من الناخبين التونسيين الذين لم يدلوا بأصواتهم يشكلّون معارضة حقيقية، مؤكدة أنه في ظل غياب أدلة قاطعة تفسر هذا العزوف من الصعب الخروج من دائرة التكهنات.
واعتبر الباحث الجامعي بكار غريب، أن الامتناع عن التصويت لا يعبر بالضرورة عن موقف سياسي، مشيرا إلى انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات التي نُظّمت بين عامي 2021 و2024، والتي تراوحت بين 27.5 و11.4 بالمئة، وهو يعتقد أنها تعكس بشكل أكبر عدم اهتمام التونسيين بالشأن السياسي.
ونقلت المجلة عن مهندس كمبيوتر تونسي ينتمي إلى الحزب الجمهوري، أن عدم مبالاة التونسيين تجاه الشأن العام سببه عدم قدرتهم على التأثير عليه، مضيفا أنه قرر التخلي عن التزامه الحزبي بعد الانتخابات التشريعية عام 2019،
وأضاف: "لم أستطع تقديم وعود كنت أعلم أنها غير قابلة للتحقيق لأن النظام السياسي لم يكن يسمح بظهور أغلبية تفرض خطًا سياسيًا أو برنامجًا، أو حتى معارضة يمكنها أداء دورها".
اندثار عدة أحزاب سياسية
حسب المجلة، تعود الفوضى السياسية التي يشير إليها مهندس الكمبيوتر التونسي إلى سنوات عديدة مضت. فمنذ سنة 2014، انقسم المشهد الحزبي التونسي ووصل عدد الأحزاب إلى 209، ولم تستطع أي كتلة أن تتحد لتشكيل أغلبية لها تأثير ملحوظ في المعارضة.
ثم جاء دستور 2022، الذي صاغه قيس سعيد، ووضع به حدا للنموذج شبه البرلماني الذي كان قائماً في البلاد مع تعزيز صلاحيات الرئاسة وفرض انتخاب النواب عبر قوائم فردية بدلاً من الانتماءات الحزبية.
ومن خلال إلغاء دور الأحزاب السياسية في تعيين النواب، ساهم الدستور الجديد في إقصاء العديد منها. وفي حين بقيت بعض الأحزاب مثل "المسار" و"الجمهوري" موجودة على الساحة، اختفت أحزاب أخرى كان مصيرها مرتبطًا بشكل وثيق بزعمائها أو مؤسسيها، مثل حزب "تحيا تونس"، الذي أسسه يوسف الشاهد من أجل خوض انتخابات 2019، و"نداء تونس" الذي تفكك بعد وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي، وكذلك "قلب تونس"، حزب رجل الأعمال والمرشح الرئاسي في 2019 نبيل القروي.
كما اندثر "تيار المحبة" الذي يرأسه الهاشمي الحامدي و حزب "الائتلاف الوطني التونسي" الذي أسسه ناجي جلول.
استهداف المعارضين
أوردت المجلة أنه أمام هذا التفكّك الحزبي، حاول بعض المعارضين أن يقفوا في وجه الرئيس سعيد من خلال إنشاء جبهة الإنقاذ، التي جمعت بين التقدميين والإسلاميين وغيرهم من التيارات السياسية المختلفة.
لكن بسبب نقص التمويل وغياب القاعدة النضالية ورفض فئة واسعة من الشعب عودة الإسلاميين إلى الحياة السياسية، فضلا عن الانقسامات الداخلية، وجدت الحركة نفسها أما طريق مسدود خاصة في ظل اعتقال العديد من قادتها، حسب التقرير.
في 17 نيسان/ أبريل 2023، اعتُقل راشد الغنوشي مؤسس حركة النهضة، وعدد من أعضاء مكتبه التنفيذي. وفي تشرين الأول/ أكتوبر، لقيت عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر المصير ذاته.
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية 2024، تم اعتقال لطفي المرايحي والعياشي زمال، بينما انطلقت حملة ملاحقات ضد عدة شخصيات معارضة أخرى، من بينها عبد اللطيف المكي وعماد الدايمي ونزار الشعري ومنذر الزنايدي، الذين عبّر معظمهم عن نيتهم الترشح للانتخابات المقررة في السادس من تشرين الأول/ أكتوبر.
وأضافت المجلة أن الشخصيات المعارضة البارزة لم تدعُ رغم كل ما حدث لانتخاب مرشح منافس لقيس سعيد، رغم أنه كان من الممكن دعم زهير المغزاوي، كشخصية تُجسد معارضة يسارية قومية، أو العياشي زمال الذي استطاع رغم وجوده في السجن الوصول إلى نهاية السباق الانتخابي.
وبدلا من ذلك، فضّلت بعض الأطراف الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات، ولم تطرح فكرة تشكيل جبهة موحدة، مما أخمد روح الحماس لدى قسم كبير من الناخبين، وساعد سعيد على الفوز في الانتخابات من الجولة الأولى، حسب المجلة.
وتابعت المجلة أن التيار الديمقراطي كان من بين الأحزاب القليلة التي رفعت صوت المعارضة في هذه الظروف الصعبة، بينما فضل آخرون، مثل حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد أو حركة "تونس إلى الأمام" بقيادة النقابي السابق عبيد البريكي، الانضمام إلى صفوف مؤيدي الرئيس، كما ساهمت التطورات الأيديولوجية داخل بعض الأحزاب السياسية التقليدية نحو المواقف الوسطية في إضعاف المعارضة.
"فشل" المعارضة بعد 2011
نقلت المجلة عن ناشط سياسي سابق قوله إن المعارضة التونسية دفعت ثمن قلة خبرتها، فبعد تكميم أفواهها واضطرارها إلى العمل السري في عهد بورقيبة، ومن ثم في عهد بن علي، لم تتمكن من رفع صوتها فعلياً إلا بعد 2011.
ويضيف: "لم نعمل قط على بناء قاعدة مشتركة من القيم التي نؤمن بها. نحن نختلف بشأن القيم الأساسية للعيش المشترك مثل احترام الآخر ومكانة الدين وتكريس الحريات الفردية. هذه البنية ليست سهلة ولم يكن من الممكن تحقيقها دون تنازلات. بالنسبة لمعارضي الإسلاميين، كان ينبغي عليهم الاعتراف بأن الإسلام السياسي جزء من المجتمع التونسي، وأنه رغم كونه أقلية، ينبغي قبوله وإيجاد سبل للتعايش معه".
ويقول الباحث في علم الاجتماع ماهر حنين، إن المعارضة اليسارية كانت حاضرة بشكل كبير منذ 2011، مضيفا أن "النواة الصلبة للفكر اليساري في طور التجديد من خلال القضية الفلسطينية ومعاداة الصهيونية ومعاداة الغرب".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية التونسية قيس سعيد المعارضة التونسية تونس المعارضة التونسية قيس سعيد سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجلة أن قیس سعید
إقرأ أيضاً:
تحالف الأحزاب يدعو لاصطفاف المصريين وتوحيد الجهود خلف القيادة السياسية
اجتمع تحالف الأحزاب المصرية، الذي ينضوي تحت لوائه 42 حزبًا سياسيًا، مساء اليوم، الأربعاء، بحضور رؤساء أحزاب التحالف، متضمنًا جدول أعمال يتماشى وطبيعة التطورات الأخيرة التي تمر بها المنطقة، والتحديات التي تواجه الدولة المصرية، وكيفية مواجهة الآلة الكاذبة التي تروجها جماعات أهل الشر ضد مصر ومكتسباتها، كما احتفى التحالف، كذلك، بمرور 8 سنوات على إنشائه.
وبدأ النائب تيسير مطر، الأمين العام لتحالف الأحزاب المصرية ورئيس حزب "إرادة جيل"، الاجتماع بتهنئة أعضاء التحالف بمرور 8 سنوات على التحالف، مؤكدًا أنه لم يشهد على مدار التاريخ أن يجتمع هذا العدد من الأحزاب من كل الأطياف السياسية داخل كيان واحد طيلة هذه السنوات، بل ويزداد عدد الأحزاب الراغبة في الانضمام للتحالف الذي يتحول بمرور الوقت إلى تحالف أسري أكثر منه تحالفًا سياسيًا.
وأكد أن التحالف يستهدف خدمة الدولة ومساندة القيادة السياسية وكافة مؤسسات الدولة المصرية.
وأضاف النائب تيسير مطر أن هذه الفترة تقتضي بذل كل الجهد من كافة المنشغلين بالعمل العام والعمل السياسي، ومن كافة المصريين، لمساندة الدولة ودعمها لتجاوز التحديات التي تواجهها وكذلك المخاطر التي تتعرض لها مصر، على وقع المتغيرات العالمية والإقليمية.
وقال أمين عام تحالف الأحزاب المصرية: إن الأزمة تظهر معادن الرجال، وعلينا جميعًا في هذا التوقيت أن يظهر المعدن المصري الأصيل بمختلف فئاته، موجهًا حديثه إلى رؤساء الأحزاب قائلاً: "الفترة المقبلة لا تحتمل السكون أو السكوت والمشاهدة، بل لا بد أن يكون لنا رد فعل واضح وصريح، ولنسمع العالم كله أننا خلف دولتنا وداعمون لقيادتنا، ولا حياد في هذه المواقف."
كما أكد كمال حسانين، رئيس حزب الريادة، أمين تنظيم تحالف الأحزاب المصرية، أن التحالف جزء هام من المكون السياسي المصري، وتوجهه واضح وأجندته الوطنية لدعم الدولة بكافة أحزابه لا يختلف عليها اثنان، وسنستكمل دورنا الوطني بالدفاع عن هذا الوطن ضد كافة المخططات التي تحاك ضده.
بدوره، دعا المستشار جمال التهامي، رئيس حزب حقوق الإنسان والمواطنة، أحزاب التحالف بضرورة انتشار الحملات التوعوية والوصول إلى المواطن في كل بقعة من بقاع مصر لتوضيح الحقائق والرد على الشائعات التي تثار داخل الدولة المصرية وتستهدف النيل منها.
من جانبه، أشار الدكتور محمد أبو العلا، رئيس الحزب العربي الديمقراطي الناصري، إلى أن الفوضى التي تحدث على مواقع التواصل الاجتماعي لابد من مواجهتها، واستخدام كافة الوسائل الحديثة لشل كل التحركات التي تقوم بها كافة الكتائب الإلكترونية لجماعة الإخوان، في وقت يترصدون فيه لمصر في ظل وجود قيادة سياسية قوية تبني دولة وتعالج أزمات عقود.
في سياق متصل، رحب المهندس أسامة الشاهد، رئيس حزب الحركة الوطنية، الذي يشارك للمرة الأولى عقب فوزه بالتزكية رئيسًا للحزب، بالجهود الوطنية التي يقودها تحالف الأحزاب المصرية بقيادة النائب تيسير مطر، مؤكدًا دعم كافة تلك الجهود واستكمال الدور الوطني الداعم للقيادة السياسية والدولة المصرية وبذل الغالي والنفيس سبيلًا ليظل هذا الوطن شامخًا ودحض تلك الادعاءات الكاذبة التي يشنها المغرضون.
كما أكد الكاتب الصحفي طارق درويش، رئيس حزب الأحرار الاشتراكيين، على ضرورة توحيد الجهود الحزبية، وحان الوقت أن ينهض الجميع انتصارًا لمصر الكبيرة، الدولة الأكبر والأقوى في المنطقة، في وقت تحاول الجماعة الإرهابية الخروج برأسها العفن على حساب الوطن والشعب المصري. فهذه الجماعة لا تستهدف فقط تشويه صورة الإنجازات التي تحققت في عهد الرئيس السيسي، وإنما تستهدف النيل من المصريين أنفسهم كما استهدفتهم سابقًا عبر استهداف أبناء الوطن.
واستطرد: رأينا كيف ضحى المصريون بأبنائهم الذين راحوا ضحية الغدر والإرهاب، ومع ذلك فشلوا في ردع المصريين أو محاولة تحقيق فجوة ثقة بين الشعب وقيادته، لكنهم فشلوا أيضًا.
كما حذر المستشار خالد فؤاد، رئيس حزب الشعب الديمقراطي، الشباب المصري من الانسياق وراء تلك الشائعات التي تستهدف استقطابهم بهدف انخفاض نسب الوعي بين الشباب، استغلالًا لصغر سنهم، مطالبًا جميع الأحزاب بضرورة تنظيم دورات تدريبية خلال الفترة المقبلة لزيادة نسب الوعي بين الفئة الأكبر من المصريين، التي تبلغ نحو 65%.