الخليج الجديد:
2025-04-22@17:06:46 GMT

استقطاب الكفاءات أو قرصنة الغرب الجديدة!

تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT

استقطاب الكفاءات أو قرصنة الغرب الجديدة!

استقطاب الكفاءات أو قرصنة الغرب الجديدة

يأتي الغرب ويستقطب أطباء ومهندسين وخبرات رفيعة التكوين مجانا، دون مقابل. إنها عملية قرصنة بكل ما تحمله الكلمة من معنى!

ينبغي البحث عن آليات وقف هذه الهجرة النوعية، لأنها تعني عرقلة التنمية في دول كثيرة تبحث عن الخروج من مأزق الفقر والتخلف.

التهميش الأكبر في الحديث عن الهجرة هو عدم التركيز الكبير على هجرة الكفاءات واليد العاملة ذات التكوين العالي من العالم الثالث الى الغرب

يعلن الغرب محاربة الهجرة غير النظامية في حين يستنزف بدرجة خطيرة للغاية كفاءات وخبرات دول فقيرة استثمرت الكثير من الأموال في تكوينها.

استعمر الغرب معظم العالم الثالث، وسرق موارده وخيراته الطبيعية، والآن يستقطب الكفاءات في عملية سرقة بحلة جديدة، مدمرا بذلك نموه الطبيعي.

تمارس دول الغرب إغراء كبيرا لجلب الكفاءات من مهندسين وأطباء وعلماء وأكاديميين، برواتب تكون أضعاف المرات مقارنة بالرواتب في الوطن الأم.

تحتاج نخب الكفاءات ذات التكوين العالي والرفيع إلى الحرية لتبدع لكن دول العالم الثالث تفتقد الحرية وتراجعت فيها الديمقراطية خاصة بعد جائحة كورونا.

* * *

يعلن الغرب محاربة الهجرة غير النظامية، وفي الوقت نفسه يقوم باستنزاف الكفاءات والخبرات من الدول الصاعدة والدول التي تصنف ضمن العالم الثالث إلى مستوى خطير للغاية، لاسيما وأن الدول الفقيرة استثمرت الكثير من الأموال في تكوين هذه الكفاءات، بما فيها أموال مصدرها قروض من المؤسسات الدولية. وهذا الوضع المقلق يتطلب إجراءات لمواجهة هذه الظاهرة مثل التعويض.

وعمليا، وطيلة الثلاثين سنة الأخيرة، يحضر موضوع الهجرة، خاصة في شقه غير النظامي، أو غير القانوني أو السري في مختلف وسائل الإعلام الدولية.

وتطالعنا الصحافة الأوروبية والعربية بشكل يومي بمآسي الهجرة في البحر الأبيض المتوسط، أو معاناة الافارقة في الحدود بين الساحل ودول المغرب العربي، كما يحدث حاليا في تونس وقبلها في المغرب والجزائر، وانتقلت هذه المآسي إلى بحر المانش بغرق قوارب انطلقت من سواحل فرنسا نحو بريطانيا.

وفي الطرف الآخر من العالم، يجري الحديث يوميا عن قوافل الهجرة من دول أمريكا اللاتينية نحو الولايات المتحدة، علاوة على الهجرة من جنوب شرق آسيا إلى أستراليا.

ساهمت الهجرة في تغيير سياسي كبير في الدول الغربية، إذ لا يمكن فهم ظهور اليمين القومي المتطرف في مختلف الدول الأوروبية بعيدا عن توظيف ما يجري تصنيفه «خطر الهجرة» على هوية البلدان الأوروبية.

كما لا يمكن فهم ظاهرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعيدا عن الرؤية السلبية للقوميين البيض الأمريكيين للهجرة اللاتينية وأساسا المكسيكية.

ويستلهم ترامب وأنصاره أطروحتهم حول الهجرة اللاتينية من كتاب «من نحن» وهو آخر كتاب للمفكر الجيوسياسي صامويل هنتنغتون الذي حذّر من المخاطر الاجتماعية والسياسية في حالة بلوغ الهجرة اللاتينية 25% من سكان الولايات المتحدة.

وعلاقة بالهجرة، هناك تهميش لهجرة من نوع آخر وهي، هجرة ونزوح مواطني دول العالم الثالث بينهم، إذ يشتكي الأوروبيون من نازحي العراق وأفغانستان وسوريا ضمن دول أخرى، في حين دول مثل تركيا ولبنان استقبلت ملايين المهاجرين والنازحين.

يبقى التهميش الأكبر في الحديث عن الهجرة هو عدم التركيز الكبير على هجرة الكفاءات واليد العاملة ذات التكوين العالي من العالم الثالث الى الغرب ونتائجها السلبية الكبيرة على الدول الأم. وفي الواقع يتعلق الأمر بعملية استقطاب وتهجير تكاد تكون قسرية لسببين، وهما:

في المقام الأول، تمارس الدول الغربية إغراء كبيرا لجلب الكفاءات من مهندسين وأطباء وعلماء وأكاديميين، حيث تقدم رواتب تكون أضعاف المرات مقارنة بالرواتب في الوطن الأم.

في المقام الثاني، تنتمي الكفاءات واليد العاملة ذات التكوين العالي والرفيع إلى النخبة. وتحتاج النخبة إلى الحرية لكي تبدع في وطنها، علما بأن العديد من دول العالم الثالث تفتقد للحرية، أو تراجعت فيها الديمقراطية خلال السنوات الأخيرة وبالخصوص بعد الجائحة.

كما تكون للنخبة تطلعات في مجال اختصاصها، بينما مفهوم الكفاءة في الرقي في العمل يغيب كثيرا لصالح الزبونية والقرابة العائلية والقرب من السلطة، أو التحول إلى بوق للحاكم. وعديدة هي الأمثلة في هذا الشأن، ومنها في دول المغرب العربي.

معالجة الخلل المذكور الوارد في السبب، أي غياب الحرية، يتطلب الكثير من الوقت، وهو رهين بنضالات الشعوب. بينما يختلف الأمر في حالة السبب الأول، رغم أنه أقل تأثيرا من السبب الثاني. لقد نجحت دول غير ديمقراطية في التقدم مثل حالة إيران ودول شبه ديمقراطية مثل تركيا، وذلك بالحفاظ على أطرها وتفادي هجرتها.

وعلاقة بهذا، إن استقطاب الدول الغربية للأطر من العالم الثالث يعتبر عملا غير أخلاقي، سواء من الناحية السياسية أو المعنوية، لأنه استنزاف لقدرات دول العالم الثالث، ويترتب عنه مزيد من تدمير هذه الدول.

ومن ضمن الأمثلة، يعمل الغرب على استقطاب الأطباء، وينتج عن هذا العمل ترك مستشفيات العالم من دون أطباء، وأحيانا يؤدي هذا إلى موت الكثيرين بسبب نقص اليد العاملة في المجال الطبي.

ويمكن الاستشهاد بحالتي استقطاب فرنسا وكندا للأطباء من المغرب والجزائر، وخلال السنوات الأخيرة استقطاب مهندسي الحاسوب والبرمجيات.

في الوقت ذاته، قامت الدول الفقيرة بالاقتراض من المؤسسات المالية الدولية التي يسيطر عليها الغرب، مثل صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، لتكوين جيل من الكفاءات، وتثقل هذه الديون كاهل الدول الفقيرة.

وفي آخر المطاف، يأتي الغرب ويستقطب أطباء ومهندسين وخبرات رفيعة التكوين مجانا، ومن دون مقابل. إنها عملية قرصنة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

في الماضي، استعمر الغرب جزءا كبيرا من العالم الثالث، وقام بسرقة موارده وخيراته الطبيعية، وما زال يسيطر على نسبة منها بطرق مختلفة مثل حالة النفط والذهب واليورانيوم، وعرقل النمو الطبيعي لهذه الدول.

ويقوم الآن باستقطاب الكفاءات في عملية سرقة في حلة جديدة، مدمرا بذلك نمو هذه الدول الطبيعي. في هذا الصدد، وبراغماتيا، يجب على الدول الفقيرة مطالبة الغرب بالتعويض عن استقطابها لهذه الأطر، سواء من خلال الحصول على تعويضات مباشرة، أو إعادة النظر في نسبة فوائد القروض أو إلغاء بعض القروض برمتها مثل قروض التعليم.

في الوقت ذاته، ينبغي البحث عن آليات وقف هذه الهجرة النوعية، لأن هذه الهجرة تعني عرقلة التنمية في دول كثيرة تبحث عن الخروج من مأزق الفقر والتخلف.

*د. حسين مجدوبي كاتب وباحث مغربي

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الغرب استقطاب الكفاءات الخبرات العالم الثالث الهجرة غير الشرعية دول العالم الثالث الدول الفقیرة دول الغرب

إقرأ أيضاً:

حفيد مانديلا: اليمن أيقظ ضمير العالم في الدفاع عن فلسطين.. ونتعهد بتحقيق وعد التحرير

يمني برس |
أشاد البرلماني الجنوب إفريقي السابق “زويليفليل مانديلا”، حفيد الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، بالدور الريادي الذي يؤديه الشعب اليمني في مناصرة القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن موقف اليمن قد ألهم الشعوب الحرة في مختلف أرجاء العالم.

وفي تصريح له، اعتبر مانديلا أن “اليمنَ قد قدّم نموذجًا ملهمًا في مقاومة الظلم والعدوان، وأثبت أن الإرادة الشعبية أقوى من حسابات المصالح السياسية، من خلال دفاعه البطولي عن الفلسطينيين ونضاله المستمر من أجلهم”.

وأوضح مانديلا أن الكيان الصهيوني “يغرق في الغطرسة وينتهج سياساتٍ عنصرية تطهيرية تُجسد جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية”، داعيًا كافة الدول إلى دعم محور المقاومة والانخراط الفعلي في مؤازرة الشعب الفلسطيني ومحاسبة الكيان الغاصب.

وأشار إلى أن جنوب إفريقيا، بدعم من قواها الشعبية ومؤسساتها القضائية، نجحت في سحب الكيان الصهيوني إلى أروقة العدالة الدولية، سواء في المحكمة الجنائية الدولية أو محكمة العدل الدولية، كجزء من تحرك تاريخي لكشف جرائمه أمام العالم.

وفيما يخص التضامن الدولي، بيّن مانديلا أن “الانتفاضة الإلكترونية” نجحت في قلب ميزان الرواية، وفضح الدعاية الصهيونية المدعومة غربيًّا، مشيرًا إلى أن “أغلبية الشعوب باتت اليوم تدرك فداحة الجرائم الصهيونية وتستنكر التواطؤ الغربي”.

وحثَّ الدول العربية والإسلامية على استلهام تجربة الدول الإفريقية في دعم قضايا التحرر، داعيًا إلى رفض كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني والوقوف الصادق إلى جانب أهل غزة والضفة، قائلًا: “من المعيب أن تتخلف الأمة عن واجبها الأخلاقي والتاريخي”.

وأضاف مانديلا أن “المخطط الصهيوني يسعى لتوسيع نفوذه في المنطقة خدمة لمشروع (إسرائيل الكبرى)، وهو ما يستدعي تحركًا عربيًا وإسلاميًا جادًا لكبح هذا التوسع الذي لا يستهدف فلسطين وحدها بل استقرار المنطقة بأكملها”.

كما نبّه إلى خطورة التغلغل الصهيوني في القارة الإفريقية، مؤكدًا أن الكيان الصهيوني يستثمر في ملفات حساسة كندرة المياه للتأثير على القرار السياسي في الدول الإفريقية، ويستخدم أدوات استخباراتية للتدخل في الانتخابات وبث الفوضى.

وفي هذا السياق، أشاد مانديلا بالموقف الجماعي الإفريقي في الأمم المتحدة الذي ما زال يشكّل كتلة دعم صلبة للقضية الفلسطينية، مؤكدًا أن هذا الدعم تُوّج مؤخرًا بطرد الكيان الصهيوني من الاتحاد الإفريقي، بفضل جهود الدول الممانعة وعلى رأسها الجزائر.

وعن الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، استحضر حفيده زيارته التاريخية لغزة وتصريحه الشهير بأن “حرية جنوب إفريقيا لا تكتمل دون حرية فلسطين”، مستنكرًا محاولات الغرب لتشويه إرثه وتحويله إلى مجرد رمز سلام محلي، في حين كان رمزًا أمميًا للنضال التحرري.

واختتم مانديلا تصريحه بالتأكيد على أن الجيل الجديد في جنوب إفريقيا متمسك بوصية نيلسون مانديلا، ويؤمن بأن تحرير فلسطين ليس شعارًا بل التزامًا حقيقيًا ستشهده الأجيال القادمة في حياتها.

مقالات مشابهة

  • تيمور الشرقية.. ثاني أكثر دولة كاثوليكية في العالم تشارك للمرة الأولى بانتخاب البابا
  • حفيد مانديلا: اليمن أيقظ ضمير العالم في الدفاع عن فلسطين.. ونتعهد بتحقيق وعد التحرير
  • باتروشيف: الصين أصبحت الآن القوة الاقتصادية البحرية الأولى في العالم
  • الحزن يجتاح العالم المسيحي
  • الرئيس الأمريكي تهديد خطير للسلم العالمي
  • بروفيسور بريطاني: الحداثة ليست غربية والخبراء الدوليون أدوات استعمارية
  • زمن أمريكا أم زمن الصين؟
  • الكرة في ملعب موسكو.. وفي ميناء الدقم أيضا
  • 348 مليون مستخدم للإنترنت عربيًا ومصر تتصدر"السوشيال ميديا"
  • سلوفينيا: نعترف بفلسطين دولة مستقلة ونرفض الإبادة الجماعية في غزة