انقلابيو النيجر يلعبون على الانقسام بين واشنطن وباريس
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
تدافع واشنطن عن موقف أكثر ليونة من باريس حيال الانقلابيين الذين احتجزوا الرئيس محمد بازوم منذ 26 يوليو (تموز) وتعارض التدخل العسكري لدول غرب إفريقيا.
اعتبر مسؤول فرنسي هذه المبادرات الأمريكية بمثابة "طعنات في الظهر"
وتقول صحيفة "لوموند" إن المجلس العسكري في النيجر يلعب على الانقسام بين واشنطن وباريس اللتين كانتا أقوى حلفاء رئيس الدولة المنتخب ديمقراطياً واللتين لم تستخدما نفس النبرة منذ الانقلاب الذي أطاح به.
وتطالب فرنسا ليس فقط بالإفراج عن محمد بازوم، الأسير لدى رجال الجنرال عبد الرحمن تياني، ولكن أيضاً بإعادته إلى المنصب الرئاسي الذي طرده الجيش منه. وهي تدعم بشكل أكثر صراحة الخيار العسكري الذي تدافع عنه بعض الدول الإفريقية، ولا سيما نيجيريا التي تتولى رئاسة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا وساحل العاج.
وبنفس المنطق، لا تنوي باريس التي لا تعترف بقرارات المجلس العسكري، سحب ما يقرب من 1500 جندي فرنسي منتشرين في النيجر، وكان بعضهم يتمركز في مالي وبوركينا فاسو، الدولتين الحدوديتين اللتين يقودهما حالياً ضباط لم يعودوا يقبلون بوجود الجيش الفرنسي على أراضيهم. واشنطن أكثر مرونة
وتلفت "لوموند" إلى أن واشنطن الأقل استهدافًا من باريس من العسكريين في السلطة، تبدو أكثر مرونة.
Au Niger, la junte joue la division entre la France et les Etats-Unis https://t.co/H8zuy5ZKtW
— Le Monde Afrique (@LeMonde_Afrique) August 15, 2023
ويلفت مايكل شوركين، مدير البرامج في" 14 نورث استراتيجيز"، وهي شركة استشارية متخصصة في الشؤون الإفريقية إلى أن "فرنسا والولايات المتحدة تشتركان في نفس التحليل حول الحاجة إلى احتواء انتشار الجماعات الجهادية في منطقة الساحل. كلاهما يدين الانقلابات ويعتبران أن المجالس العسكرية لا تقدم أي ضمانات أمنية ".
وفي واشنطن، لا إجماع بين أولئك الذين يعتبرون الدفاع عن القيم الديمقراطية أولوية وأولئك الذين يعتبرون أن استخدام القوة غير مفيد. لكن الغالبية تعتقد أن قناة النقاش مع المجلس العسكري يجب أن تظل مفتوحة، كما هو الحال في مالي، حتى لو كان هذا يعني الابتعاد عن فرنسا، بحسب هذا المتخصص في استراتيجيات الدفاع الأوروبية والأمريكية.
وبينما تتجنب باريس المجلس العسكري، أرسلت واشنطن، في 7 أغسطس (آب)، القائمة بأعمال وكيل وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند إلى نيامي حيث التقت ممثل الانقلابيين ، الجنرال موسى سلاو بارمو.
وكان هذا القائد السابق للقوات الخاصة، الذي تدرب في الولايات المتحدة، قد عين للتو رئيسا ًلأركان الجيوش النيجيرية. وفي اليوم التالي للانقلاب، أكدت واشنطن أيضاً وصول كاثلين فيتزجيبون الوشيك إلى نيامي كسفيرة، بعد عام ونصف عام من بقاء هذا المنصب شاغراً.
واعتبر مسؤول فرنسي هذه المبادرات الأمريكية بمثابة "طعنات في الظهر". ومع ذلك، لم تتوج زيارة فيكتوريا نولاند بالنجاح. ووصفت هي نفسها، بعبارات دبلوماسية للغاية، هذه التبادلات بأنها "صريحة للغاية وصعبة في بعض الأحيان".
????#Niger ????????????
La junte nigérienne joue la division entre la France et les Etats-Unis. Les deux pays ont de fortes divergences sur la solution à apporter à la crise.
Pendant ce temps, l'Union Africaine rejette toute intervention militaire au Niger. pic.twitter.com/bj5zE0PVES
ولم تتمكن من مقابلة الرئيس بازوم أو التحدث مع رئيس المجلس العسكري الجنرال عبد الرحمن تياني.
ومع ذلك، لا يرى الأمريكيون مجالاً لإرضاخ عسكريي النيجر بالقوة. وصرح وزير الخارجية أنتوني بلينكن بعدما أعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا عن تعبئة "قواتها الاحتياطية"، أن "لا حل عسكرياً مقبولاً". ويوم الثلاثاءـ أعاد تأكيد اعتقاده بوجود "مجال للدبلوماسية".
ومن جهته، يأسف مصدر الفرنسي مقرب من نفس الملف لوجود رفض صريح من الأمريكيين لأي عملية، قائلاً: "يحاولون لعب ورقتهم للحفاظ على قاعدتهم العسكرية في النيجر والاستمرار في امتلاك قدرات المراقبة في الساحل".
وفي المقابل، قلل مصدر دبلوماسي آخر أهميةالاختلافات في النهج، مشيراً إلى وجود "نقاشات أكثر من خلاف".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني المجلس العسکری
إقرأ أيضاً:
معركة قانونية جديدة تعمّق الانقسام السياسي في تركيا
أنقرة- تفاقمت حدة التوتر في المشهد السياسي التركي مع اندلاع مواجهة قضائية بين المؤسسة العسكرية وأكبر أحزاب المعارضة، بعد أن رفع وزير الدفاع التركي يشار غولر، ورئيس الأركان العامة وقائد القوات البرية وقائد القوات البحرية، دعاوى تعويض منفصلة ضد رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال، بسبب انتقاداته قرار فصل خمسة ملازمين من الجيش التركي.
والخطوة، التي تعد غير مسبوقة في العلاقة بين الجيش والسياسة، فجّرت سجالا واسعا؛ حيث اتهمت المعارضة الحكومة بتوظيف القضاء أداة للضغط على خصومها السياسيين، بينما رد الرئيس رجب طيب أردوغان بلهجة صارمة، محذرا المعارضة من تجاوز "الخطوط الحمراء".
بدأ الجدل بعد قرار المجلس الأعلى للانضباط العسكري بفصل خمسة ملازمين وثلاثة ضباط من صفوف الجيش، على خلفية ما يُعرف بـ"مظاهرة الضباط" خلال حفل التخرج العسكري من الأكاديمية العسكرية التابعة لجامعة الدفاع الوطني في أنقرة، في 30 أغسطس/آب الماضي.
وفي الحفل، نظم نحو 400 ملازم فعالية موازية عقب انتهاء القسم العسكري، إذ رفعوا سيوفهم ورددوا شعارات تمجد مصطفى كمال أتاتورك، في خطوة أثارت جدلا واسعا، واعتبرتها القيادة العسكرية "إخلالا بالانضباط العسكري"، مما دفع وزارة الدفاع إلى اتخاذ قرار الفصل مطلع فبراير/شباط الماضي، مشددة على أنها لن تتهاون مع أي تجاوزات داخل الجيش.
إعلانلكن القرار أثار غضب المعارضة، حيث اعتبره حزب الشعب الجمهوري استهدافا لضباط يعبرون عن هويتهم الأتاتوركية، متهما الحكومة بمحاولة إقصاء العناصر المؤمنة بمبادئ الجمهورية من المؤسسة العسكرية.
وفي تصعيد غير مسبوق، هاجم رئيس الحزب، أوزغور أوزال، قادة الجيش واتهمهم بالانصياع للضغوط السياسية، مشيرا إلى أن القرارات لم تكن قائمة على معايير مهنية، بل جاءت نتيجة "تدخلات لتصفية تيارات معينة داخل الجيش".
أردوغان يتدخلتصاعدت الأزمة مع رد فعل قوي من المؤسسة العسكرية، التي اعتبرت تصريحات رئيس حزب الشعب الجمهوري إساءة مباشرة لهيبة القوات المسلحة، مؤكدة أن الجيش يعمل وفق القوانين الدستورية ولن يسمح بأي تدخل سياسي في قراراته.
وفي خطوة غير مسبوقة، لجأ وزير الدفاع ورئيس الأركان وقادة القوات البرية والبحرية إلى القضاء، حيث رفعوا دعاوى قضائية على أوزغور أوزال، مطالبين بتعويضات مالية بدعوى "الإضرار بسمعة الجيش التركي".
وزاد دخول الرئيس رجب طيب أردوغان على خط المواجهة من حدة التوتر؛ إذ وجه تحذيرا مباشرا إلى أوزال في خطاب جماهيري، مؤكدا أن المؤسسة العسكرية ليست ساحة لتصفية الحسابات السياسية، ومشددا على أن أي تجاوز في هذا السياق لن يكون بلا رد.
كما أعلن أردوغان، أن الحكومة ستدعم القضايا المرفوعة على أوزال، مؤكدا أن القضاء سيحسم الأمر لصالح الجيش، حفاظا على هيبته واستقلاله عن التجاذبات السياسية.
اعتبرت نائبة رئيس الحزب، غامزة تاشجيير، القضايا المرفوعة بأنها "محاولة لاستخدام القضاء أداة لقمع المعارضة"، متهمة الحكومة بتسييس المؤسسة العسكرية لضرب خصومها.
وأضافت "هذه القضايا ليست سوى امتداد لسياسات الضغط التي تمارسها السلطة، وهي تهدف إلى ترهيب الأصوات المنتقدة داخل المجتمع".
إعلانوذهبت تاشجيير أبعد من ذلك، معتبرة أن الإجراءات ضد الضباط المفصولين تُضعف تماسك الجيش، قائلة إن "من يرفعون الدعاوى باسم الجيش هم من يضرون بسمعته وليس المعارضة".
من جانبه، يقول بدري أغاج، النائب في حزب الشعب الجمهوري، إن رفع قادة الجيش التركي دعاوى قضائية على أوزغور أوزال جاء بناء على تعليمات مباشرة من الرئيس رجب طيب أردوغان، معتبرا أن هذه الخطوة "تكشف بوضوح مدى تداخل السياسة بالمؤسسة العسكرية في تركيا، وهو ما أسفر في الماضي عن نتائج كارثية"، وفق تعبيره.
وأضاف أغاج في حديث للجزيرة نت، أن أردوغان الذي كان في التسعينيات من أشد المنتقدين لتدخل الجيش في السياسة، هو اليوم يفعل الشيء ذاته، لكن بأسلوب مختلف، عبر استغلال القضاء، مشددا على أن الجيش يجب أن يبقى بعيدا عن التجاذبات السياسية، تماما كما يجب أن يكون القضاء مستقلا عن الضغوط الحكومية.
وختم "الجيش التركي هو ملك الشعب، وليس لحزب أو شخص، وقادته يجب أن يتصرفوا وفقا لهذه الحقيقة، لا وفقا لحسابات سياسية ضيقة".
تحول طبيعيفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي جنك سراج أوغلو، أن لجوء قادة الجيش إلى القضاء ضد أوزغور أوزال يعكس تحولا طبيعيا في العلاقة بين المؤسسة العسكرية والسياسة في تركيا، مشيرا إلى أن هذه الخطوة لا تعني بالضرورة تسييس الجيش، بل هي محاولة للحفاظ على استقلاليته وهيبته في وجه اتهامات علنية تمس سمعته وشرعية قراراته.
وأضاف سراج أوغلو، أن المؤسسة العسكرية التركية، التي كانت لعقود فاعلا رئيسيا في السياسة، تبنت في السنوات الأخيرة نهجا أكثر انضباطا وابتعادا عن التدخل المباشر في الشأن السياسي، موضحا أن التعاطي مع الخلافات عبر الأطر القانونية، يعد تطورا إيجابيا يعكس ترسيخ دولة القانون والمؤسسات.
وأشار إلى أن أوزغور أوزال، كرئيس لحزب معارض، يملك الحق في انتقاد قرارات الجيش، "لكن تصريحاته تجاوزت النقد السياسي إلى التشكيك في نزاهة القادة العسكريين واتهامهم بالرضوخ لتدخلات سياسية، وهو أمر يستوجب الرد من خلال القنوات القانونية".
إعلان