هل تسعى أوروبا لتفعيل آلية الزناد مع إيران؟
تاريخ النشر: 22nd, November 2024 GMT
طهران- على عكس الأجواء الإيجابية التي سادت مباحثات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي خلال زيارته الأخيرة إلى إيران، أصدر مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أمس الخميس، قرارا ينتقد رسميا طهران بسبب "عدم تعاونها بما يكفي" في برنامجها النووي.
وجاء في نص القرار أنه "من الضروري والعاجل أن تقدم إيران ردودا فنية موثوقة فيما يتعلق بوجود آثار غير مفسرة لليورانيوم في موقعين غير معلنين قرب طهران، هما تورقوز آباد وورامين".
ورغم مساعي الخارجية الإيرانية الحثيثة لتجنب الانتقاد في اجتماع مجلس المحافظين عبر مباحثاتها مع الوكالة الذرية والترويكا الأوروبية (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) والدول الأعضاء الأخرى في المجلس، لكن مشروع القرار الأوروبي حظي بتأييد 19 دولة من أصل 35، في حين عارضته روسيا والصين وبوركينا فاسو، وامتنعت الدول الـ12 الباقية عن التصويت.
في المقابل، ردت طهران بتشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة ومتطورة، وذلك تنفيذا لتهديدها بالرد "وفق ما يقتضيه الوضع وعلى نحو مناسب في حال تجاهل الجانب الغربي حسن نية إيران".
العصا والجزرةوقد يفسر ما ورد في أحد التقريرين السريين اللذين قدمتهما الوكالة الذرية المقصود الإيراني بـ"حسن النية"، إذ ذكرت وكالة "رويترز" أن طهران عرضت عدم زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى درجة نقاء تصل إلى 60%، وقد بدأت بتنفيذ التدابير التحضيرية لذلك.
كما كشف مصدر إيراني مطلع، للجزيرة نت، أن بلاده قطعت تعهدا بالتعاون بقدر أكبر مع الوكالة، ومنها السماح بتفقد عدد من المنشآت النووية التي ترغب بتفقدها، مقابل تخلي القوى الغربية عن مساعيها لإصدار قرار ضد الجمهورية الإسلامية.
وترى الباحثة السياسية برستو بهرامي راد أن المساعي الإيرانية لمنع الجانب الأوروبي من إصدار القرار جاءت متأخرة، وأن إدانة بلادها كانت متوقعة في ظل الفتور الذي خيّم على علاقات طهران مع العواصم الأوروبية خلال السنوات الثلاث الماضية، وأن الجانب الغربي لم يعر سياسة الترغيب والتهديد الإيرانية اهتماما، لأنه كان قد قرر مسبقا استغلال فرصة اجتماع مجلس المحافظين لترجمة التدهور الطارئ على علاقاته معها.
واعتبرت، في حديثها للجزيرة نت، أن رد إيران الفوري بتشغيل أجهزة طرد مركزي متطورة وتأكيدها عزمها مواصلة تعاونها الفني مع الوكالة الذرية مؤشر على استمرار سياسة العصا والجزرة خلال الفترة المقبلة، وأنه لا تغيير في توجّه حكومة الرئيس مسعود بزشكيان الرامي إلى إبقاء باب التفاوض مفتوحا لحلحلة القضايا الشائكة حتى قبيل الاجتماع المقبل للمجلس.
وحسب بهرامي راد، تمر علاقات بلادها مع العواصم الأوروبية بأحلك مراحلها، وتوقعت استمرار التوتر بينهما خلال العام المقبل وصولا إلى تفعيل آلية الزناد، إيمانا من الجانب الغربي بجدوى سياسة أقسى الضغوط الأميركية على إيران واستنزاف طاقاتها.
ويبدو أن الجانب الأوروبي يعمل من أجل الاحتفاظ بملف طهران النووي بحوزته مع عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ومن المتوقع أن يزداد الشرخ بينهما خلال الفترة المقبلة، كما تقول. وتتوقع أن تبذل الحكومة الإيرانية جهودا أكبر للتعاون خلال الأشهر القليلة المقبلة مع الوكالة الذرية، لكنها استبعدت خروج اجتماع المجلس المقبل بنتيجة مرضية للجانبين الإيراني والأوروبي.
سيناريوهات محتملةوعلّق النائب في هيئة رئاسة البرلمان الإيراني بدورته السابقة، سيد نظام الدين موسوي، على قرار مجلس المحافظين، وكتب على منصة إكس "يبدو أنه من المقرر العودة مجددا إلى الدوامة الباطلة المتمثلة في إصدار الوكالة قرارا ضد إيران وتراجع الأخيرة. لا ينبغي تكرار تلك التجربة المريرة خالية النتائج. الخيار الصائب ليس سوى الرد بخطوة مماثلة مقابل أي خطوة يتخذونها إلى الأمام".
من ناحيته، يرى أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الملف النووي الإيراني محسن جليلوند أن القرار الأخير يضع طهران أمام طيف من الخيارات والسيناريوهات، بدءا من أقصى حد للاستسلام حتى أقصى حد للتمرد، مستدركا أن المجال ما زال مفتوحا أمام إيران حتى الربيع المقبل، حيث ستقدم الوكالة الذرية تقريرا كاملا عن برنامجها النووي.
وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد جليلوند أن الجانب الغربي يتحرك وفق خارطة طريق تبدو شبه محكمة لتفعيل آلية الزناد حتى قبل 18 أكتوبر/تشرين الأول 2025، وهو "يوم النهاية في الاتفاق النووي المبرم عام 2015″، معتبرا أن "أحلى الخيارات المطروحة أمام طهران مر".
ورأى أن السيناريو الأول، المفضل لدى الجانب الغربي والذي يبدو قبوله مستحيلا على الجانب الإيراني، هو النموذج الليبي بأن تقبل خلاله طهران بتفكيك برنامجها النووي أو التخلي عن قدراتها النووية وفقا للإملاءات الغربية، وقد تناهز احتمالات تطبيقه الصفر بالمائة.
أما السيناريو الثاني والأكثر احتمالية وفق جليلوند، فهو تزايد التوتر بين إيران من جهة، والوكالة الدولية للطاقة الذرية والترويكا الأوروبية بدعم الولايات المتحدة من جهة أخرى، وتفعيل آلية الزناد وعودة العقوبات الأممية قبيل يوم النهاية في الاتفاق النووي.
لغة القوةويصف الباحث جليلوند السيناريو الثالث لمستقبل برنامج بلاده النووي بـ"نموذج كوريا الشمالية"، انطلاقا من سياسة أقصى التمرد، موضحا أنه ثمة شريحة في بلاده تعتقد أن الجانب الغربي لا يفهم سوى لغة القوة، وأن صناعة القنبلة النووية وإعلانها رسميا كفيلة بوضع حد للضغوط الغربية وكبح جماح المغامرات الإسرائيلية ضد المنشآت النووية في إيران.
وكانت أوساط إيرانية قد هددت بذلك خلال الفترة الماضية، ويؤكد المتحدث نفسه أن طهران تمتلك بالفعل القدرات الفنية لصناعة هذه القنبلة.
وقد يكون الاستهداف الإسرائيلي، الشهر الماضي، لمجمع "بارتشين" النووي شمال شرقي طهران بمثابة إرسال رسالة حول قدرته على تكرار المغامرة وتجاوز خطوط إيران الحمراء، ولا يستبعد جليلوند استهداف جزء من برنامجها النووي خلال الفترة المقبلة، قائلا إنه من شأن هذا السيناريو أن يضرم النار في المنطقة.
وخلص إلى أن شدة عمليات "الوعد الصادق" الثالثة التي تحضر إيران لتنفيذها ردا على الهجوم الإسرائيلي الأخير قد تخرج التطورات عن مسارها الطبيعي، وقد تشهد المنطقة حربا شاملة قد تكون المنشآت الحيوية الإيرانية والإسرائيلية جزءا منها، مستدركا أن طهران تأخذ أسوأ السيناريوهات بعين الاعتبار في سياساتها، وأنه لا يمكن القضاء على برنامجها النووي بسبب الجغرافيا الواسعة لديها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات برنامجها النووی الوکالة الذریة الجانب الغربی خلال الفترة مع الوکالة أن الجانب
إقرأ أيضاً:
إيران تقترب من الحصول على سلاح نووي.. ومخاوف كبرى داخل الإدارة الأمريكية
يعمل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب على مواجهة ملف إيران وبرنامجها النووي، وذلك بعد تطورات وصراعات عديدة عاشتها طهران خلال عام 2024، وهو أمر يثير قلقًا سواء في الداخل الأمريكي أو الإيراني، مع عدم ووضح الكيفية التي سيتعامل بها «ترامب» وإدارته الجديدة مع طهران.
تقول صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، إن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة بشأن التعامل الأمريكي مع إيران وبرنامجها النووي، سواء بالانفتاح على المفاوضات، أو بالهجوم على البرنامج النووي، سواء من واشنطن أو تل أبيب، أو كما اقترح البعض، جولة من الدبلوماسية لمحاولة إقناع طهران بالتفاوض أو التفكيك القسري لقدراتها النووية.
«سوليفان» يحذروكان جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، أكد أنه مع الأزمات التي تواجهها إيران بسبب الحرب في الشرق الأوسط، فلا عجب أن تكون هناك أصوات داخل طهران تقول: «مهلًا، ربما نحتاج إلى الذهاب إلى سلاح نووي الآن»، بحسب شبكة «CNN» الأمريكية.
وأضاف «سوليفان» أنه ناقش الخطر الحقيقي المتمثل في سباق إيران للحصول على القنبلة مع فريق الأمن القومي لدونالد ترامب ومع الإسرائيليين أيضًا.
وقال مسؤولون أمريكيون وأجانب، إن مستقبل إيران النووي قد يأخذ منعطفًا دراماتيكيًا في الأشهر القليلة المقبلة، وجاء هذا التقييم بعد أن حذر كبير مفتشي الأمم المتحدة النوويين من أن إيران تعمل على تسريع تخصيب اليورانيوم الذي يقترب من درجة القنبلة.
في المقابل، عبر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان والرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عن استعدادهما للتفاوض على اتفاق نووي جديد، رغم أن أيًا منهما لم يقل كلمة واحدة عن شروطه.
التركيز على إيرانمايكل والتز، الذي عينه «ترامب» مستشارًا للأمن القومي بالإدارة الجديدة، قال أيضًا إن التغيير الذي سنراه خلال الأيام المقبلة هو المزيد من التركيز على إيران.
وكان البيت الأبيض، حذر إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، من أن إيران قد تتحرك للحصول على سلاح نووي في المستقبل القريب، وجاء في تحذير البيت الأبيض إن إيران تسعى لإنتاج قنبلة نووية بسبب إضعافها نتيجة الحروب بالشرق الأوسط، وذلك في مساعي لتقوية دفاعها.
إيران وصلت بالفعل إلى حافة الحصول على سلاح نوويالمخاوف بشأن سلاح إيران النووي ازداد أيضًا بعد تحذير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من أن إيران وصلت بالفعل إلى حافة الحصول على أسلحة نووية.
وقالت الوكالة، إن إحياء الاتفاق الدبلوماسي لعام 2015، الذي وافق عليه الرئيس الأمريكي حينها، باراك أوباما، لا جدوى منه لأن إيران وسعت بشكل كبير إنتاجها من اليورانيوم وهي عمليًا على نفس مستوى الدول المسلحة نوويًا.
وكانت «وول ستريت» الأمريكية، قالت إن الرئيس المنتخب ترامب وفريقه يعملون خلال هذه الفترة على تقييم موقف إيران الإقليمي، وهم يفكرون في توجيه ضربات جوية إلى المنشآت الإيرانية النووية.