الإسلاموفوبيا في أوروبا بأيديٍ عربية
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
في هذا العالم المليء بالتضاربات والتحليلات السياسية، من منا كان يتوقع أن يصادف مصطلحاً جديداً كـ"الإخوان المسيحيين والمسلمين الأوروبيين"؟ ومن منا كان يعتقد بأن القوة الناعمة التي نظّر لها جوزيف ناي ستنحرف عن المسار الأصلي لها (وهو تحسين صورة الدول ومحاولة أن تقوم الشعوب بتنفيذ ما ترغبه الحكومات دون اللجوء إلى وسائل العنف أو الترغيب المالي)، لتتخذ مساراً جديداً وهو خلق "بعبع موهوم" ونسبه إلى كل من ينتقد أو يخالف سياسات دولة بعينها؟
قبل عقد قمة المناخ في تشرين الثاني/ نوفمبر، تحدث موقع "ميدل إيست آي"، عن أن الإمارات استأجرت شركة علاقات عامة أمريكية كي تبيض صورتها أمام المجتمع الدولي قبل قمة "كوب 28"، ولتحقيق هذا الهدف تدفع الإمارات ملايين الدولارات وتركز اهتمامها على الدول الأكثر نفوذاً مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول.
إلى هذه النقطة فلا خلاف مع الإمارات، لأن العديد من الدول تستأجر شركات علاقات عامة أو تدفع النقود إلى صحفيين لتبييض صورتها أو لتسليط الضوء على منجزات مهمة للدول لخلق ما يسمى "القوة الناعمة". ولكن الخلاف يبدأ في أن الاستراتيجية الإماراتية تعتمد على سلاح واحد، وهو محاولة إسكات أي شخص أو صحيفة أو مسؤول سياسي ينتقد السياسات الإماراتية عبر نسبه إلى "الإخوان المسلمين". وبالطبع لا يهم إن كان الصحفي المنتقد أو السياسي الغاضب أو منظمات حقوق الإنسان المخالفة؛ مسيحية أو مسلمة، فالمهم هو منعهم من الانتقاد وحذفهم من المشهد العام عبر نسبهم إلى الإخوان المسلمين.
في تموز/ يوليو 2023، واستناداً إلى وثائق سرية حصلت عليها Mediapart من خلال اختراق شركة Alp Services، أُجريت سلسلة تحقيقات "أسرار أبو ظبي" بواسطة أعضاء شبكة الإعلام الأوروبية للتحقيقات (EIC)، ووسائل الإعلام السويسرية Heidi News وRSI TelevisionوDomani(إيطاليا) وموقع درج (لبنان)، وأشار التحقيق بشكل مفجع إلى أن شركة الخدمات السويسرية Alp Services كانت قد وقعت عقداً مع دولة الإمارات لإنشاء قائمة من المنتمين إلى الإخوان المسلمين في أوروبا.
وتحت عنوان "شبكة مافيوية عابرة للقارات" أرسلت الشركة السويسرية قائمة بأكثر من ألف شخصية بين الأعوام 2017 و2020 إلى دولة الإمارات؛ التي قامت بدورها بإدراج أسماء هؤلاء على قائمة الإرهاب للشرطة الإماراتية دون أن تتحقق من الأسماء الواردة فيها أو حتى تراجع مهن ودين هؤلاء الأشخاص.
عند العودة إلى قائمة الرعب سنجد الأسماء التالية: المرشّح السابق للانتخابات الرئاسية عن الحزب الاشتراكي الفرنسي بينوا هامون، كذلك الكاتبة والمخرجة روخايا ديالو، وثالث أكبر حزب في فرنسا، "فرنسا الأبية"، وهو يساري متطرف، وحتى الهيئة العامة الفرنسية (حكومية) التي تشرف على البحث العلمي في فرنسا CNRS، تدعم الإخوان أو تروّج لهم بحسب الإمارات! أيضا فتاة سورية الأصل تُدعى منال إبتسام شاركت قبل سنوات في برنامج "ذا فويس" في فرنسا، وانسحبت تحت ضغوط كبيرة بسبب ارتدائها الحجاب.
إن هذه القائمة ما هي إلا غيض من فيض من الجهود الإماراتية لخلق بعبع في أوروبا وتشديد حملات الإسلاموفوبيا ضد المسلمين في أوروبا. وهي لا تستهدف المسلمين فحسب، بل تهاجم كل شخص (مسلم أو مسيحي، أكاديمي، صحفي..) ينتقد السياسات في الإمارات أو يطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين أو يطالب بالعدالة الاجتماعية والمساواة.
ساهمت هذه الحملات جنباً إلى جنب مع جهود اليمين المتطرف الأوروبي بوصم أي شخص ينتقد الإساءة إلى الأديان السماوية أو الكتب المقدسة؛ بوصف الانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين. وهذه الحملة تساهم بشكل أو بآخر بأعمال العنف والعنصرية التي يتعرض لها المهاجرون في البلدان الأوروبية، كما عملت هذه الحملات على رفع أسهم اليمين المتطرف في الدول الأوروبية واحتمالية فوزه في الانتخابات القادمة سواء في فرنسا أو ألمانيا أو حتى بريطانيا.
في النهاية لا بد من أن نشير إلى أن الاستدعاءات التي قامت بها الدول الأوروبية للسفراء الإماراتيين ليست كافية في حماية حرية الرأي والتعبير، وذلك لأن الشبكة المعقدة التي خلقتها الإمارات جعلت من الصعب على الأكاديميين والصحفيين أن يدلوا بآرائهم دون اتهامهم بالانتماء إلى الإخوان المسلمين. كما يجب القول بأن ما تفعله الإمارات لا يعتبر بأي حال من الأحوال قوة ناعمة مشروعة، فجهودها هي عبارة عن حملة تخويف وترهيب لكل من يحاول الانتقاد. إن أرادت الإمارات أن تقود حملة قوة ناعمة عليها أن تطلق سراح المعتقلين السياسين ومعتقلي الرأي، وتتخلى عن ممارستها في دعم الثورات المضادة، وأن تدعم الاستقرار في الدول العربية والمسلمة، وعندها لن يعترض أحد على استئجارها لشركة علاقات عامة أو استضافتها لقمة المناخ.
twitter.com/fatimaaljubour
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإخوان قمة المناخ الإمارات حملات الإسلاموفوبيا الإخوان الإمارات الإسلاموفوبيا حملات قمة المناخ مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة رياضة صحافة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإخوان المسلمین فی أوروبا فی فرنسا
إقرأ أيضاً:
زيلينسكي يكشف أول الدول الأوروبية التي سترسل قوات إلى أوكرانيا
أوكرانيا – صرح فلاديمير زيلينسكي خلال إفادة بثها التلفزيون الأوكراني، إنه واثق بأن فرنسا وبريطانيا ستكونان أول من يرسل قوات إلى أوكرانيا مشيرا إلى أن مسألة نشر القوات ستتوضح خلال شهر.
وقال زيلينسكي: “سيكون الجنود الفرنسيون، أنا واثق تماما، من بين الأوائل إذا ما تم إرسال قوات. الفرنسيون والبريطانيون. هم يطرحون هذه الفكرة اليوم كممثلين رئيسيين للقوات الأوروبية. متى وكم عددهم، لا يمكنني الجزم بذلك”.
وأضاف زيلينسكي: “نحتاج لشهر تقريبا لفهم البنية (البنية التحتية لتواجد القوات الأوروبية) بالكامل ونناقش الوجود البري والجوي والبحري وأيضا الدفاعات الجوية وكذلك بعض المسائل الحساسة الأخرى”، مشيرا إلى أن الممثلين العسكريين لأوكرانيا وبريطانيا وفرنسا سيلتقون أسبوعيا، كما أكد بأن شركاء كييف متفهمون لاحتياجات أوكرانيا والنقاط الحساسة والجغرافية والمناطق التي يحتاج فيها الأوكرانيون للدعم، حسب تعبيره.
كما وصف زيلينسكي اجتماع رؤساء أركان أوكرانيا وفرنسا وبريطانيا بأنه “بناء”، مؤكدا مشاركة دول أخرى دون أن يكشف عن أسمائها أو عددها.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن في أعقاب قمة باريس لـ”تحالف الراغبين” في 27 مارس الماضي أن عددا من أعضاء التحالف يخططون لإرسال “قوات ردع” إلى أوكرانيا. وأوضح الرئيس الفرنسي أن هذه المبادرة الفرنسية البريطانية لن تكون بديلا للقوات الأوكرانية، ولن تكون “قوات ردع” بمثابة قوات حفظ سلام، بل أن الهدف منها سيكون ردع روسيا، وسيتم نشرها في مواقع استراتيجية محددة مسبقا بالاتفاق مع الجانب الأوكراني. كما أشار ماكرون إلى أن المبادرة لا تحظى بموافقة الجميع، لكن تنفيذها لا يتطلب إجماعا.
من جانبه، صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 6 مارس الماضي أن روسيا لا ترى أي إمكانية للتوصل إلى حل وسط بشأن نشر “قوات حفظ سلام” أجنبية في أوكرانيا. وحذر لافروف من أن نشر قوات أجنبية سيجعل الدول الغربية غير راغبة في التفاوض على تسوية سلمية، لأن هذه القوات ستخلق “أمرا واقعا على الأرض”.
وفي العام الماضي، أفادت دائرة الصحافة في جهاز المخابرات الخارجية الروسي أن الغرب يعتزم نشر ما يسمى “قوة حفظ سلام” في أوكرانيا بقوة تصل إلى حوالي 100 ألف جندي لاستعادة القدرة القتالية لأوكرانيا. واعتبرت المخابرات الروسية أن ذلك سيشكل “احتلالا فعليا” لأوكرانيا.
بدوره، أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن نشر قوات حفظ السلام لا يمكن أن يتم إلا بموافقة أطراف النزاع، مشيرا إلى أن الحديث عن نشر مثل هذه القوات في أوكرانيا “سابق لأوانه”.
المصدر: RT