العلاقات الزوجية.. خطيب المسجد الحرام: متى علم الزوجان الحقوق والواجبات نعما سويا بالسعادة
تاريخ النشر: 22nd, November 2024 GMT
قال الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس؛ إمام وخطيب المسجد الحرام، إنه في مجال العلاقات الزوجية، أعلى الإسلام قيم الاحترام والاهتمام، ومتى علم الزوجان الحقوق والواجبات زانت العلاقات، ونعما سوياً بالسعادة الزوجية، والهناءة القلبية.
مجال العلاقات الزوجيةوأوضح “ السديس ” خلال خطبة الجمعة الثالثة من جمادي الأولى من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أنه لذا أوصى الله -جلَّ وعلا- الأزواج بقوله: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾، حيث أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- الزوجات بقوله: "فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ"، فكيف تُقَام حياة أو يؤسَّس بيت وسط الخلافات الحادة، والمناقشات والمُحَادَّة؟.
وأضاف: وأنَّى يهنأ أبناء الأسرة بالمحبة وينعمون بالوُدِّ في جوٍ يغلب عليه التنازع والشِّقَاق والتناحر وعدم الوِفَاق. وهل تستقيم حياة بغير المَوَدَّة والرَّحمة؟ وكلها معارك الخاسر فيها الإنسان، والرابح فيها الشيطان.
وتابع: ألا ما أحوج الأمة الإسلامية إلى تفعيل فن التعاملات الاجتماعية، والعلاقات الإنسانية، ليتحقق لها الخير في الدنيا والآخرة، فالله -عزّ وجلّ- يقول: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.
فن التعاملات الاجتماعيةوبيّن أن وقوع الاختلاف بين الناس أمرٌ لا بد منه؛ لتفاوت إراداتهم وأفهامهم، وقُوى إدراكهم، لكن المذموم بَغْيُ بعضهم على بعضٍ، فالاختلاف أمرٌ فطري، أما الخِلاف والشِّقاق، والتخاصم والفِراق، فهو المنهي عنه بنصوص الشريعة الغرَّاء.
واستشهد بما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾، منوهًا بأن الإسلام أرسى أسس وقواعد الأخوة والمحبة، والتواصل والمودة، في غِمار الحياة ونوائبها، ومَشاقّ الدُّنيا ومَبَاهِضها.
وأردف: وفي عالم مُصْطَخبٍ بالمشكلات والخُصُومات، والمُتَغيرات والنزاعات وفي عصر غلبت فيه الماديات وفَشَت فيه المصالح والأنانيات، حيثُ إن الإنسان مَدَنِيٌّ بِطَبْعِه، واجتماعِيٌ بفطرته، تَبْرُزُ قَضِيَّةٌ سَنِيَّةٌ، مِنْ لوازم وضرُورَاتِ الحياة الإنسانية، فتلكم العلاقات الاجتماعية ومَا تقتضِيه مِن الركائز والروابط البشرية.
واستطرد: والتفاعل البنَّاء لِتَرْقِية الخُلُق والسلوك، وتزكية النفس والروح؛ كي تسْمو بها إلى لُبَاب المشاعر الرَّقيقة، وصفوة التفاهم الهَتَّان، وقُنَّة الاحترام الفَيْنان، الذي يُحَقِّقُ أسمى معاني العلاقات الإيجابية، المُتكافلة المتراحِمة، وأنبل وشائجها المُتعَاطِفة المُتَلاحِمة، التي تَتَرَاءى في الكُرَب بِلَحْظ الفؤاد، وتَتَنَاجَى في النُّوَبِ بِلَفْظِ السُلُوِّ والوِدَاد".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إمام و خطيب المسجد الحرام خطيب المسجد الحرام خطبة الجمعة من الحرم المكي
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: ليلة النصف من شعبان عظيمة وتحويل القبلة حدث تاريخي في الإسلام
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن في هذا الشهر الكريم ليلة عظيمة هى ليلة النصف من شعبان , عظَّم النبي ﷺ شأنها فقال: "إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن " [ابن ماجه وابن حبان].
وأضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه قد ورد في فضل تلك الليلة أحاديث ، بعضها مقبول وبعضها ضعيف, غير أن الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال, ولذلك يحرص الصالحون على قيام ليلها وصيام نهارها.
وفي شعبان تم تحويل القبلة, وهو حدث عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية, كان تحويل القبلة في البداية من الكعبة إلى المسجد الأقصى لحكمة تربوية ، وهي تقوية إيمان المؤمنين وتنقية نفوسهم من شوائب الجاهلية ، كما قال تعالى : (وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ) . فقد كان العرب قبل الإسلام يعظمون البيت الحرام ويمجدونه، ولأن هدف الإسلام هو تعبيد الناس لله وتنقية قلوبهم من التعلق بغير الله , فقد اختار لهم التوجه إلى المسجد الأقصى ليخلص نفوسهم ويطهر قلوبهم من رواسب الجاهلية, وليظهر من يتبع الرسول اتباعًا صادقًا عن اقتناع وتسليم, ممن ينقلب على عقبيه ويتعلق قلبه بدعاوى الجاهلية .
وبعد أن استتب الأمر لدولة الإسلام في المدينة, صدر الأمر الإلهي الكريم بالاتجاه إلى المسجد الحرام, وهذا التحويل ليس تقليلاً من شأن المسجد الأقصى , بل هو ربط لقلوب المسلمين بحقيقة الإسلام, فقد رفع سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل قواعد هذا البيت العتيق ليكون خالصًا لله, وليكون قبلة للإسلام والمسلمين, وليؤكد أن دين الأنبياء جميعا هو الإسلام. قال تعالى : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ) .
وقد أكد تحويل القبلة الرابطة الوثيقة بين المسجدين. فإذا كانت رحلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى قد قطع فيها مسافة زمانية , فإن تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام رحلة تعبدية, الغرض منها التوجه إلى الله تعالى دون قطع مسافات, إذ لا مسافة بين الخالق والمخلوق. قال تعالى : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ).
وعندما يتجه الإنسان من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، فهو يعود إلى أصل القبلة ، كما قال تعالى : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ). فهي دائرة بدأت بآدم مرورًا بإبراهيم حتى عيسى عليهم السلام, ولكنها اكتملت بالرسول الخاتم ﷺ ، فقد أخره الله ليقدمه, فهو وإن تأخر في الزمان فقد تحقق على يديه الكمال.
وقد كرم الله نبيه ﷺ في هذه الليلة بأن طيب خاطره بتحويل القبلة ، والاستجابة لهوى رسول الله ﷺ ، قال تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) .
وجاء تحويل القبلة أيضًا لتقر عين الرسول ﷺ ، فقلبه معلقًا بمكة, يمتلئ شوقًا وحنينًا إليها, إذ هي أحب البلاد إليه. وقد أخرجه قومه واضطروه إلى الهجرة إلى المدينة المنورة التي شرفت بمقامه الشريف. فخرج من بين ظهرانيهم ووقف على مشارف مكة المكرمة قائلا: "والله إنك لخير أرض الله وأحب الأرض إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت" (رواه الترمذي) .
وبعد أن استقر ﷺ بالمدينة المنورة, ظل متعلقًا بمكة المكرمة ، فأرضاه الله عز وجل بأن جعل القبلة إلى البيت الحرام. فكانت الإقامة بالمدينة والتوجه إلى مكة في كل صلاة, ليرتبط عميق الإيمان بحب الأوطان.