حرب المسيّرات.. التكنولوجيا التي أعادت تشكيل وجه النزاعات العسكرية
تاريخ النشر: 22nd, November 2024 GMT
في السنوات الأخيرة؛ أصبحت الطائرات بدون طيار (المسيّرات) أحد العناصر الرئيسية في الحروب العسكرية الحديثة، حيث ساهمت بشكل كبير في تغيير موازين القوى وأساليب القتال، لتُستخدم تلك المسيّرات بشكل متزايد، ليس فقط كوسيلة للمراقبة والاستطلاع، بل كأداة هجوم فعّالة ذات دقة عالية وتكلفة منخفضة نسبيًا.
`•التطور التكنولوجي ومجال الاستخدام`
ومع التقدم العلمي وسباق التسليح التنافسي بين كبرى الدول؛ تطورت المسيّرات من أدوات صغيرة تُستخدم للاستطلاع إلى منصات متقدمة قادرة على تنفيذ هجمات دقيقة، نقل الإمدادات، وحتى خوض المعارك من مسافة الصفر، فهذه الطائرات أصبحت أساسية في حروب الدول، كما هو الحال في النزاعات العسكرية في أوكرانيا، اليمن، السودان، وناجورنو كاراباخ، حيث أثبتت أنها قوة فعالة لتحديد الأهداف وضربها، دون الحاجة إلى تعريض الطيارين للخطر.
`•الدور الاستراتيجي`
تلعب المسيّرات دورًا مزدوجًا في الحروب. فمن جهة، يمكن استخدامها لاستطلاع ميدان المعركة بدقة، ومن جهة أخرى تُستخدم لتنفيذ ضربات مدمرة ضد أهداف محددة، فعلى سبيل المثال؛ خلال الحرب في أوكرانيا، استخدمت كلاً من روسيا وأوكرانيا المسيّرات بكثافة لضرب البنية التحتية العسكرية والمدنية، مما زاد من تعقيد النزاع وجعله أكثر اعتمادًا على التكنولوجيا.
`•التكلفة مقارنة بالتأثير`
استطاعت هذه المسيّرات أن تحقق للدول معادلة صعبة، تمثلت في إمكانية تحقيق نتائج كبيرة بموارد أقل مقارنة بالطائرات التقليدية، فمسيّرات مثل "بيرقدار" التركية و"شاهد" الإيرانية أثبتت فاعليتها في تحقيق أهداف عسكرية مهمة، وغالبًا ما تكون أقل تكلفة مقارنة بالطائرات المقاتلة، كما تُستخدم هذه الطائرات من قبل الجماعات المسلحة الغير نظامية، مما يثير تساؤلات حول تأثيرها على الأمن العالمي وانتشارها في أيدي أطراف غير رسمية (الميليشيات).
`•التهديدات والتحديات`
وعلى الرغم من ميزاتها؛ فإن الاعتماد المتزايد على المسيّرات يثير تحديات عديدة، منها التحدي الأخلاقي المرتبط بتقليل التفاعل البشري في اتخاذ قرارات القتل، إضافة إلى التحديات الأمنية المتمثلة في إمكانية تعرّض هذه الطائرات للاختراق الإلكتروني أو إعادة استخدامها من قبل الأعداء.
`•المستقبل والحروب الذكية`
تُشير التوقعات؛ إلى أن حروب المستقبل ستكون أكثر ذكاءً واعتمادًا على المسيّرات، بما يشمل استخدام الذكاء الاصطناعي لتوجيهها، وتنفيذ هجمات معقدة بشكل ذاتي، ومع ذلك؛ فإن هذا التحول التكنولوجي يتطلب وضع ضوابط دولية لمنع الاستخدام السيء وضمان أن تبقى هذه الأدوات ضمن إطار القانون الدولي الإنساني.
وعلينا جميعًا أن نقر؛ بأن حرب المسيّرات أصبحت واقعًا لا يمكن تجاهله في المشهد العسكري الحديث، فهي تعيد تعريف طبيعة الصراعات بشكل جذري، مما يفرض تحديات كبيرة على الدول والمجتمع الدولي لمواكبة هذا التغير وضمان استخدام هذه التكنولوجيا بطرق تعزز الأمن والاستقرار بدلًا من الفوضى.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
هل يُستخدم التعداد لتغيير هوية كركوك؟ مخاوف العرب والتركمان تتصاعد
23 نوفمبر، 2024
بغداد/المسلة: كركوك، المدينة التي لطالما كانت محورًا للتوترات السياسية بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، تعود اليوم لتتصدر المشهد العراقي من جديد، هذه المرة بسبب التعداد السكاني الذي أعاد فتح ملف الهوية والانتماء داخل المحافظة.
المدينة التي تعد قلبًا استراتيجيًا بسبب احتياطياتها النفطية، أصبحت رمزًا لصراع قومي يتداخل فيه السياسي مع الاقتصادي، والماضي مع الحاضر.
تحدثت مصادر مطلعة من داخل كركوك عن تحركات لافتة خلال الأسابيع الماضية، إذ شهدت المدينة توافدًا ملحوظًا للعائلات الكردية التي قيل إنها قادمة من محافظات أخرى للإقامة مؤقتًا والمشاركة في التعداد السكاني.
وأفادت تحليلات بأن هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز الوجود الكردي في كركوك، ما يثير المخاوف لدى العرب والتركمان الذين يرون في ذلك محاولة لتغيير التركيبة السكانية لصالح أجندات سياسية.
تدوينة على منصة “فيسبوك” من أحد النشطاء التركمان وصفت الوضع بأنه “إعادة رسم خرائط كركوك على الورق، وليس في الواقع”، بينما تساءلت أخرى من مواطنة عربية عن مصير “أبناء كركوك الأصليين الذين غُيّبوا بسبب حسابات سياسية”.
على منصة “إكس”، غرد ناشط كردي: “كركوك جزء من كردستان تاريخيًا وجغرافيًا، ومن حقنا أن نكون الأغلبية هنا”. هذه التغريدات تعكس مدى الانقسام الشعبي حول مستقبل المحافظة.
اللغط حول إجراءات التعداد ليس جديدًا. الحديث عن أرقام التعداد السكاني لعام 1957 يعود إلى الواجهة مع كل أزمة، إذ يعتبر العرب والتركمان أن ذلك التعداد يمثل مرجعًا تاريخيًا لتوزيع السكان في كركوك، بينما يرى الأكراد أن تلك الأرقام تجاوزتها الظروف التاريخية والموجات السكانية.
وقالت تغريدة أخرى من باحث سياسي: “الصراع حول كركوك ليس فقط على الحاضر، بل على الماضي أيضًا. كل طرف يريد أن يثبت أنه الأصل، وهذا الصراع لا يبدو أنه سينتهي قريبًا”. بينما أشار مصدر سياسي من بغداد إلى أن “الحكومة المركزية تواجه ضغوطًا متزايدة من جميع الأطراف، ما يجعل اتخاذ قرار حاسم في ملف كركوك أمرًا شبه مستحيل في الوقت الحالي”.
وأفاد باحث اجتماعي من السليمانية بأن “ما يحدث في كركوك هو نتيجة طبيعية لفشل التوافق السياسي في العراق منذ 2003. القوميات تعيش في توترات متراكمة، والتعداد السكاني أصبح أداة لتفجير تلك الأزمات”.
وفق معلومات محلية، يعيش سكان كركوك حالة من الترقب والخوف من أن تتحول هذه الأزمة إلى مواجهات على الأرض، خاصة مع استمرار الاتهامات بين الأحزاب الكردية والعربية والتركمانية. وقالت مواطنة كردية من منطقة داقوق: “لا نريد سوى العيش بسلام في مدينتنا. لماذا يجب أن تكون السياسة هي التي تحدد من ينتمي لكركوك ومن لا ينتمي؟”.
واعتبر مواطن عربي من الحويجة أن “الموضوع أكبر من مجرد تعداد. هناك خطة لإعادة كركوك إلى كردستان دون النظر إلى إرادة سكانها”. هذه التصريحات تعكس حجم الهوة بين مكونات المحافظة، التي كانت تعد نموذجًا للتنوع، لكنها أصبحت اليوم ساحة لصراع سياسي مفتوح.
التحليلات المستقبلية تشير إلى أن كركوك ستظل نقطة توتر دائمة ما لم يتم التوصل إلى اتفاق شامل يراعي حقوق جميع الأطراف. الحلول المؤقتة، وفق المحللين، لن تؤدي سوى إلى تأجيل الأزمة، وربما تعقيدها أكثر في المستقبل.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts