الابتزاز الإلكتروني.. جرائم مُشينة تحت وطأة المساومات الخبيثة
تاريخ النشر: 16th, August 2023 GMT
يوم تلو الآخر تتصاعد ظاهرة جرائم الابتزاز الإلكتروني، التي تُعد من أكثر الحوادث الإجرامية شيوعًا داخل المجتمع المصري، يتجسد بها الوجه القبيح من التطور التكنولوجي المُذهل، الذي يُسيء الكثيرون استخدامه، ليتعدوا على حياة الآخرين وخصوصياتهم، متُجردين من أدنى درجات حمرة الخجل والإنسانية، في سبيل بلوغ أغراضهم الخبيثة بالمساومة المالية.
لعل أبرز تلك الجرائم داخل مصر على الإطلاق، وفاة "بسنت خالد" التي هزت الشارع المصري لفترات طويلة نظرًا لشدة فظاعتها، وذلك بعدما قررت الطالبة البالغة 17 عامًا آنذاك، التخلص من حياتها بواسطة حبة مسمومة، جراء تعرضها للابتزاز من قبل شاب عمد بمساعدة آخرين إلى "فبركة" صور خليعة مزيفة عنها ونشرها على "فيس بوك" لتضيق بها الحياة ذرعًا، بعدما اعتصرها ألم الظلم والجحود، لتُنهي حياتها، تاركةً رسالة قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، مفادها: "ماما أرجو أنك تفهميني، دي صور متركبة والله العظيم وقسمًا بالله دي ما أنا، أنا يا ماما مش البنت دي أنا يا ماما جالي اكتئاب بجد، أنا مش قادرة أنا بتخنق، أنا تعبت".
بحلول العاشر من مايو 2022 أسدلت محكمة جنايات طنطا الستار على القضية المأساوية، إذ قضت بمعاقبة 3 متهمين اشتركوا بالواقعة، بالسجن لمدة 15 عامًا، فضلًا عن معاقبة 2 آخرين بالسجن 5 سنوات.
وتضمن قرار الإحالة، توجيه 6 تهم للمتهمين، عبارة عن الإتجار بالبشر، باستغلالهم ضعف المجني عليها أمام تهديداتهم بنشر صور مخلّة منسوبة لها بقصد استغلالها جنسيًّا وإجبارها على ممارسة أفعال مخلة، واتهام بعضهم بهتك عرضها بالقوة والتهديد، وتهديدها بنشر صور خادشة لشرفها، وكان التهديد مصحوبًا بطلبات منها، واعتدائهم جميعًا بذلك على حرمة حياتها الخاصة، وتعديهم على المبادئ والقيم الأسرية في المجتمع المصري باستخدام شبكة المعلومات الدولية.
وفي فبراير 2023، قضت محكمة جنايات الزقازيق، بمعاقبة متهم بالسجن المشدد 9 سنوات، لإدانته في القضايا أرقام 23763 لسنة 2022 جنايات مركز شرطة بلبيس، و23458 لسنة 2022 جنايات مركز شرطة بلبيس، و23459 لسنة 2022 جنايات مركز بلبيس، بتهديد وابتزاز الفتيات، والتعدي على حرمة الحياة الخاصة بهن عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك".
أسند أمر الإحالة إلى المتهم بأنه هدد كتابة المجني عليهن، بإفشاء أمور مخدشة بالشرف، وكان ذلك التهديد مصحوباً بطلب ألا وهو محادثته تليفونيا، كما وجهت النيابة العامة للمتهم الاعتداء على حرمة الحياة الخاصة بالمجني عليهن، بأن تحصل بالتحايل علي صور لهن في مكان خاص علي النحو المبين بالتحقيقات، وكذلك التعرض لهن بملاحقتهن عن طريق الوسائل اللاسلكية لإتيان أمور إباحية، وكذا انتهاك حرمة الحياة الخاصة بأن قام بإرسال العديد من الرسائل الإلكترونية ونشر صور خاصة دون موافقتهن، كما أنشأ حساب خاص علي مواقع التواصل الإجتماعي بهدف ارتكاب الجرائم محل الإتهامات السابقة.
وبتاريخ أبريل الماضي، قضت محكمة جنايات سوهاج، بمعاقبة المتهم "ع.ح" بالسجن المشدد 15 سنة لاتهامه بتهديد المجنى عليها "ش.ا" ونشر صورها على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك مقابل مبالغ مالية بدائرة قسم ثان سوهاج.
تعود أحداث القضية عندما اتهمت النيابة العامة المتهم بتهديد المجنى عليها بابتزازها ونشر صورها الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك مقابل مبالغ مالية وبعد تقنين الإجراءات تم القبض على المتهم وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة.
عقوبة جرائم الابتزاز الإلكتروني:
وقد نصت المادة 26 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "لكل من علم بوقوع جريمة، يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي عنها".
ونصت المادة ٣٢٥ من قانون العقوبات على أنه "كل من اغتصب بالقوة أو التهديد سنداً مثبتاً أو موجداً لدين أو تصرف أو براءة أو سنداً ذا قيمة أدبية أو اعتبارية أو أوراقاً تثبت وجود حالة قانونية أو اجتماعية أو أكره أحداً بالقوة أو التهديد على إمضاء ورقة مما تقدم أو ختمها يعاقب بالسجن المشدد".
كما نصت المادة 326 من قانون العقوبات على أنه "كل من حصل بالتهديد على إعطائه مبلغا من النقود أو أي شيء آخر يعاقب بالحبس ويعاقب الشروع في ذلك بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين".
فيما نصت المادة 327 من قانون العقوبات على أنه "كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال معاقب عليها بالقتل أو السجن المؤبد أو المشدد أو بإفشاء أمور أو نسبة أمور مخدشه بالشرف وكان التهديد مصحوبا بطلب أو بتكليف بأمر يعاقب بالسجن، ويعاقب بالحبس إذا لم يكن التهديد مصحوبا بطلب أو بتكليف بأمر، وكل من هدد غيره شفهياً بواسطة شخص آخر بمثل ما ذكر يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين أو بغرامة لا تزيد على خمسمائة جنيه سواء أكان التهديد مصحوباً بتكليف بأمر أم لا، وكل تهديد سواء أكان بالكتابة أم شفهياً بواسطة شخص آخر بارتكاب جريمة لا تبلغ الجسامة المتقدمة يعاقب عليه بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تزيد على مائتي جنيه".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الابتزاز الالكتروني جرائم النيابة الجنايات جنايات الزقازيق جنايات سوهاج من قانون فیس بوک على أنه
إقرأ أيضاً:
حصار وهدم واحتلال منازل.. هكذا يعاقب الاحتلال قرية الفندق في قلقيلية
لم يعُد الفلسطيني ساري صائب قادرا على العمل في مخبزه بقرية الفندق قرب مدينة قلقيلية شمالي الضفة الغربية، فالاحتلال أغلق متاجر القرية ومنشآتها الاقتصادية بأوامر عسكرية بعد هجوم للمقاومة على حافلة إسرائيلية كانت تمر منها قبل 9 أيام.
وصباح السادس من يناير/كانون الثاني الجاري، نفَّذ مقاومون فلسطينيون عملية إطلاق نار في قرية الفندق الواقعة على شارع نابلس-قلقيلية أو "شارع 55" كما يسميه الاحتلال، وقتلوا 3 إسرائيليين وجرحوا 7 آخرين بينهم إصابات خطرة.
وما إن وقعت العملية حتى سارع الاحتلال لفرض عقاب جماعي على قرية الفندق والقرى المحيطة عبر إجراءات عسكرية تجاوزت الاقتحام والاحتجاز إلى إغلاق المحال التجارية واحتلال المنازل وتحويلها إلى ثكنات عسكرية. وزاد المستوطنون على ذلك فشنّوا هجماتهم العدائية على المواطنين وممتلكاتهم.
وتزامنت اعتداءات المستوطنين المباشرة ومنها حرق ممتلكات الفلسطينيين وتدميرها، مع دعوات تحريض لعدم السماح بفتح محالهم التجارية أو تنقلهم. بل طالبت جماعات المستوطنين جيش الاحتلال "بمسح قرية الفندق من الخارطة كما حدث بغزة".
وعززوا دعواتهم بمظاهرات عدائية سيَّروها من مستوطناتهم القريبة نحو موقع العملية وحملت شعارات الدعوة لإبادة الفلسطينيين، ونصبوا كمائن لهم وحطموا مركباتهم ورشقوها بالحجارة.
أحد المجمعات التجارية قد أغلقها الاحتلال في قرية الفندق (الجزيرة) خسائر وتهديدكان ساري صائب (30 عاما) صاحب "مخبز الولاء" أحد المستهدفين بإجراءات الإغلاق من بين عشرات المحال التجارية، حيث توقفت أعمال مخبزه وتعطّلت معه أرزاق نحو 20 عاملا، وبات الخوف يطارده أكثر في ظل تحريض المستوطنين وتهديداتهم للسكان وأصحاب المحال التجارية تحديدا.
إعلانيقول صائب للجزيرة نت إن خسائره تتجاوز آلاف الشيكلات يوميا، "وكل ذلك قد يهون أمام معاناتنا في التنقل والوصول إلى منازلنا الذي بات يتطلب وقتا ومسافة أطول تقدر ببضعة كيلومترات".
وينتظر ساري مثل غيره من أصحاب المنشآت التجارية السماح بفتح محالهم ثانية، لكنه يتخوف أكثر من عنف المستوطنين وتهديداتهم لهم.
ويضيف للجزيرة نت "تلقينا قرارا من الاحتلال بفتح محالنا الأحد الماضي، وما إن قمنا بذلك حتى هاجمنا المستوطنون واعتدوا علينا فأغلقناها مباشرة. والآن ننتظر فتحها ثانية، ولكن يحاصرنا الخوف من اعتداءات المستوطنين التي لم تتوقف بعد العملية كما قبلها".
هدم وإعاقة تنقلعلى مقربة من مخبز صائب، كانت آليات الاحتلال وجرافاته العسكرية تهدم منشآت أخرى لأهالي القرية، بينها دفيئة زراعية للحاجة خاتمة تيِّم، ومبنى من الصفيح (بركس)، وغرفتان زراعيتان وبئر ماء تعتمد عليها لإعالة أسرتها المكونة من 18 نفرا وتشكل مصدر دخلها الوحيد.
أما ربا يوسف، المعلمة في مدرسة للإناث قرب قرية الفندق، فتضاعفت معاناتها بفعل إغلاق القرية، وبدلا من 7 دقائق كانت تحتاجها للوصول إلى مدرستها قادمة من قرية جينصافوط المجاورة، تضاعف الزمن إلى 40 دقيقة، وتضاعفت معه خطواتها سيرا على الأقدام لأكثر من 2 كيلومتر للوصول إلى مدرستها، وسط خوف من تنكيل جنود الاحتلال أو هجوم مستوطنيهم.
وثمة عقاب أخطر تعدى الاستهداف الفردي وأكد سياسة العقاب الجماعي التي يمارسها الاحتلال ضد أهالي قرية الفندق خاصة والقرى المحيطة، حيث احتل الجنود بنايتين مكونتين من 9 شقق، وحولهما إلى ثكنة عسكرية ونقاط مراقبة بعد أن طرد أصحابها منها.
وواصل الجيش عدوانه فانتشر على طول كيلومتر من "شارع 55" حيث نُفذِّت العملية، ونصب العديد من الحواجز العسكرية، وشلّ حركة الفلسطينيين ومنع تنقلهم عبر الشارع أو داخل قريتهم، قبل أن يعود ويسمح لهم بالمرور فقط ولكن ضمن إجراءات عسكرية مقيدة.
آليات عسكرية إسرائيلية تسير عبر شارع 55 لحماية مركبات المستوطنين (الجزيرة) احتلال المنازليقول رئيس مجلس قرية الفندق لؤي تيم إن الاحتلال أغلق 60 محلا تجاريا على جانبي "شارع 55" الذي يستخدمه الفلسطينيون والمستوطنون معا، وإن الضرر أصاب مباشرة مخازن كبيرة لبيع اللحوم والخضار، حيث لم يتمكن أصحابها من إنقاذ بضائعهم، مقدرا الخسائر بمئات آلاف الدولارات بفعل الإغلاق.
إعلانوأخطر من ذلك -يضيف تيم للجزيرة نت- حالة الحصار التي ضربها الاحتلال على القرية، فقد شلَّ حركة السكان بعد إغلاقه لمداخل القرية الثلاثة بالبوابات الحديدية والمكعبات الإسمنتية. وكذلك فعل بالقرى المحيطة والمعروفة بمنطقة "جورة عمرة" وعددها 9 ويقطنها أكثر من 25 ألف نسمة، حيث نصب بوابات عسكرية وأغلق طرقها الالتفافية وحولها إلى سجون كبيرة.
ويضيف تيم "طردتُ وعائلتي المكونة من 6 أنفار من منزلنا بعد احتلال الجنود له وتحويله إلى ثكنة عسكرية، وتشتتّ وعائلتي إلى منزل أخي، وكذلك حال من طردوا من بيوتهم، وسط انتهاك لحرمة تلك البيوت وممتلكاتنا فيها، ولا نعرف متى نعود إليها".
وهذه العودة للمنازل أو فتح المحال التجارية "محفوفة بالمخاطر" كما يقول تيم، إذ إن سماح الجيش بذلك يقابله تهديدات المستوطنين بالإغلاق ثانية "وهو ما صرح به رئيس مجلس مستوطنة قدوميم علنا".
كمائن بين القرىومثل غيرها من القرى الفلسطينية، أغلق الاحتلال قرية الفندق ببوابته العسكرية والمكعبات الإسمنتية بعد اندلاع الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبعد هجوم المقاومة الأخير في القرية عاد ليشدد أكثر، فنصب بوابة عند مدخلها الثالث والأخير ومتنفسها الوحيد.
تقول أمينة الطويل، الناشطة بتوثيق انتهاكات الاحتلال في قلقيلية، إن الاحتلال عاقب قرية الفندق والقرى المحيطة بإجراءاته العسكرية، فأعاق حرية تنقل الموظفين والعمال والطلبة والمعلمين، واتخذ من العملية الفدائية ذريعة لمضاعفة عقابه الذي بدأه قبل الحرب.
وبفعل هذا العقاب أرجأت أمينة عملية جراحية كانت مقررة لها لعدة أيام، وتقول للجزيرة نت "للمرور عبر الشارع الرئيس من أمام قرية الفندق وجراء انتشار جنود الاحتلال والشرطة الإسرائيلية المكثف، يتم إيقاف المركبات وإنزال المواطنين وخاصة الشبان وتفتيشهم وتقييدهم وإهانتهم، فضلا عن تأخير العمال والموظفين والطلاب عن أعمالهم".
إعلانكذلك أصبح المزارعون يعانون من صعوبة الوصول لأراضيهم رغم قربها منهم، وكذلك الحال في تنقلهم الليلي بين منازلهم وأماكن عملهم أو العكس، فشارع 55 يقسم قرى الفندق والقرى المجاورة إلى نصفين، وحتى من يقرر سلك طرق فرعية سيجد جنود الاحتلال منتشرين بين الأشجار وينصبون كمائن للأهالي.
واستخدم الاحتلال والمستوطنون في وقت سابق، وما زالوا، العقاب الجماعي بمواقع كثيرة بالضفة الغربية، كما هو الحال في بلدة حوارة جنوبي نابلس، بحجة تنفيذ عمليات مسلحة ضد جنوده ومستوطنيه أو رشق سياراتهم بالحجارة.