الجزيرة:
2025-03-17@16:10:52 GMT

مذكرتا اعتقال نتنياهو وغالانت.. إسرائيل تتخبط

تاريخ النشر: 22nd, November 2024 GMT

مذكرتا اعتقال نتنياهو وغالانت.. إسرائيل تتخبط

وأخيرا فعلتها المحكمة الجنائية الدولية وقبلت طلب المدعي العام كريم خان، منذ مايو/أيار الماضي، بإصدار مذكرات اعتقال ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه المقال يوآف غالانت.

وفي السياق نفسه، أصدرت مذكرة اعتقال أيضا بحق من يُوصف بأنه رئيس أركان الذراع العسكري لكتائب القسام محمد ضيف، الذي سبق وأعلنت إسرائيل اغتياله في استهداف قاد إلى استشهاد وإصابة المئات قبل شهور في مواصي خان يونس.

وكان التركيز في المذكرات على اتهام بارتكاب جرائم حرب ترقى إلى الإبادة الجماعية، بينها تجويع شعب بكامله ومنعه من حقه في الوصول إلى مقومات حياته، وعلى الفور توجهت الأنظار أساسا نحو إسرائيل وكيف ستتعامل مع هذا القرار الذي يُعد في الحلبة الدولية أشبه بهزة أرضية، مثلما يعتبر في إسرائيل صفعة يصعب تخيل عواقبها.

وطبيعي أن نتنياهو الشهير بقوته الخطابية، لم يجد أفضل من وصف القرار بأنه "محاكمة درايفوس" الجديدة، مشبها نفسه بالضابط اليهودي الفرنسي الذي جرت محاكمته عام 1859 لأنه يهودي، وكان هذا التوصيف مقدمة لاعتبار القرار لا ساميا ومعاديا لليهود وللحضارة الإنسانية ويوما أسود في تاريخ الشعوب المتحضرة.

وقبل بضعة أشهر، وصف نتنياهو طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال بأنه "سخيف وكاذب.. وتشويه للواقع"، وتبع نتنياهو في مثل هذه التوصيفات كل أقطاب الحلبة السياسية في إسرائيل، الذين هبوا للدفاع عن ما اعتبروه "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" ضد البربرية والظلامية، وضد من يسعون لإزالتها عن وجه الأرض.

القرار صدر بعد وقت قصير من استخدام الولايات المتحدة "الفيتو" بمجلس الأمن ضد وقف إطلاق النار في غزة (الأناضول)

وصادف أن صدور مذكرات الاعتقال جاءت بعد وقت قصير من استخدام أميركا حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن ضد قرار، أجمع كل أعضاء المجلس على أنه يستجيب لمتطلبات القانون الدولي لوقف إطلاق النار ولمنع المجاعة والإبادة.

ولم تكتفِ إدارة بايدن بخذلان القانون الدولي في مجلس الأمن، بل إنها أيضا عمدت إلى انتهاك وخذلان القانون الأميركي عندما صوّت الكونغرس ضد مشروع قانون يحظر تصدير السلاح إلى إسرائيل، جراء انتهاكها القانون الأميركي، الذي يمنع تقديم العون والسلاح إلى مَن يخالف القانون الدولي وينتهك حقوق الإنسان.

كما صادف أيضا شن أوسع حملة تحريض ضد المستشارة القانونية للحكومة الإسرائيلية في ظل تقديم المزيد من العاملين في ديوان رئاسة الحكومة للمحاكمة، أو التحقيق الجنائي بتهم التزوير، ومحاولة التلاعب بالرأي العام الإسرائيلي.

ومعروف أن حكومة نتنياهو تخوض منذ عامين تقريبا صراعا واسعا ضد المؤسسة القضائية الإسرائيلية لتسييسها من جهة ولتقييد استقلاليتها من جهة أخرى ضمن ما يُعرَف بـ"الإصلاح القضائي". وفقط في الأيام الأخيرة اشتدت الحملة ضد المستشارة القضائية، ووصلت إلى حد توزيع شعارات تفيد بأن "دم نتنياهو على يديك"، لمنعها من مواصلة التحقيقات وترهيبها.

ونظرا لأن نتنياهو يواجه منذ وقت طويل اتهامات بالفساد في أكثر من قضية، فإنه يعمل عبر آخرين لتشريع قوانين تسمح له بالتهرب من المحاكمة، وكثيرا ما يقال في إسرائيل إن إطالة أمد الحرب، وتهرب نتنياهو من التوصل إلى اتفاقيات تبادل أو تسوية يعود إلى رغبته في التهرب من المحاكمة.

صدمة واسعة

توقعت إسرائيل من خلال حملات قضائية وسياسية وإعلامية منع صدور مذكرات التوقيف عبر ترهيب لقضاة المحكمة وعبر استخدام نفوذ أميركا، ولم تكتفِ بذلك، بل إنها وفق جهات مختلفة سعت إلى ترهيب وابتزاز المدعي العام حتى عبر ما بات يُعرَف بـ"القضية الجنسية" التي تم اتهام كريم خان بارتكابها. وهذه القضية كانت بين مبررات نتنياهو لرفض المذكرات باعتبارها صادرة عن جهة "فاسدة".

كريم خان أعلن استمرار التحقيق بجرائم الحرب بعد صدور مذكرات الاعتقال (الفرنسية)

غير أن جرأة المحكمة تمثلت في السابق بتوجيهها إنذارا حتى لأعضاء كونغرس أميركي اتهمتهم بالتطاول على العدالة الدولية، كما أن خان نفسه وفي أول تعليق له بعد صدور مذكرات الاعتقال، أعلن أن المحكمة تواصل التحقيق في جرائم حرب تُرتكب في أراضي "دولة فلسطين" بالضفة الغربية والقدس الشرقية، إضافة إلى قطاع غزة.

وبذلك لوّح كريم خان بالوشاح الأحمر أمام الثور الإسرائيلي في ذروة هيجانه، وهذا يفسر جانبا من الحدة في ردود الفعل الرسمية الإسرائيلية تجاه القرار والميل إلى الاعتماد على ما سوف توفره أميركا، التي بدت هائجة ليس أقل من إسرائيل في هذا الموضوع، وتشهد على ذلك التصريحات الرسمية الأميركية.

لكن صدمة إسرائيل الكبرى كانت من مواقف دول العالم، فمن بين أكثر من 120 دولة موقّعة ومصادقة على ميثاق روما بشأن المحكمة الجنائية الدولية دولتان فقط، هنغاريا والأرجنتين، أعلنتا أنهما لن تلتزما بالقرار، وسارعت أغلب دول العالم، خصوصا في أوروبا إلى إعلان التزامها بالقانون الدولي وقرار المحكمة.

وكانت أول نتيجة لذلك إبطال زيارة مقررة لوزير الخارجية الهولندي إلى إسرائيل، والذي كان أول شخصية أوروبية ترحّب بقرار المحكمة وتعلن التزامها بتنفيذه، وبعد ذلك توالت المواقف الأوروبية من منسق الشؤون الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل إلى وزراء خارجية أيرلندا وإسبانيا وسواها.

معاني الفشل

شكّل إصدار مذكرات التوقيف إقرارا بفشل إسرائيل في منع الملاحقة القضائية لقادتها، ما يفتح الباب واسعا أمام ملاحقة قضائية لكل المشاركين من رعاياها في جرائم الحرب الموصوفة، فالقرار من الناحية الإعلامية والسياسية يضع راية سوداء فوق إسرائيل وقادتها وسياساتها، ويعلن بداية مرحلة نهاية إفلات إسرائيل من العقاب، وواضح أن هذا القرار كذلك يضع إسرائيل على السكة ذاتها التي قادت في النهاية إلى تفكيك نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.

وبصرف النظر عن قناعة القيادة الإسرائيلية بأن العالم كله لا يهمها طالما أن أميركا تقف إلى جانبها، فإن إسرائيل لا تعيش داخل أميركا وهي مضطرة لأن تأخذ مواقف دول العالم بعين الاعتبار. لكن القرار يعني أيضا فشل أميركا في ترهيب وابتزاز المحكمة وإجبارها على إبقاء إسرائيل بعيدا عن سطوة القانون الدولي، وبهذا المعنى فإن أميركا لم تعد الدرع الواقي لإسرائيل أمام الجهاز القضائي الدولي، وربما أيضا في الحلبة السياسية الدولية.

كما أن قرار المحكمة عمليا ينزع عن إسرائيل صفة الدولة الديمقراطية الملتزمة بالقانون الدولي، إذ إن القرار في جوهره يعني عدم ثقة الجهاز القضائي الدولي باستقلالية وعدالة الجهاز القضائي الإسرائيلي، لأن صلاحية المحكمة الجنائية الدولية تبدأ في ظل الافتقار للعدالة المحلية، وهذا بحد ذاته يفقد إسرائيل ادعاءها الخالد بأنها "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، ويعيد تصنيفها ضمن الدكتاتوريات والأنظمة العنصرية والرجعية.

فرص نتنياهو في السفر باتت محصورة بالولايات المتحدة (الفرنسية)

وبحسب الإعلام الإسرائيلي، فإن المعنى المباشر لمذكرتي الاعتقال هو أن نتنياهو وغالانت باتا مسجونين في إسرائيل، ولن يكون بوسعهما السفر إلى الخارج، وبالتأكيد ليس إلى أي من الدول الأعضاء في المحكمة البالغ عددها 124 دولة، وبينها معظم الدول الأوروبية، ومعظم الدول الإفريقية، ومعظم دول أميركا الجنوبية.

ويمكن لنتنياهو وغالانت زيارة إحدى هذه الدول، لكن فقط إذا تمكّنا من إقناعها بعدم تنفيذ الأمر القضائي الدولي، و"عمليا، فإن إصدار الأوامر يعني أن نتنياهو غدا زعيما منبوذا" في العالم. ووفق تصورات إسرائيلية يمكن لنتنياهو مثلا أن يزور الولايات المتحدة، لكن عليه قبل ذلك أن يتأكد من أن الدول التي سيمر في أجوائها لن تنزل طائرته وتعتقله، كما ليس بوسعه في الغالب أن يلقي خطابا في الأمم المتحدة التي تلتزم قبل غيرها بالقرارات الدولية.

ماذا بعد؟

تتخبط إسرائيل حاليا في كيفية مواجهة مذكرتي الاعتقال، وتخشى أكثر من ذلك أن تشكّل مقدمة لمذكرات اعتقال سرية تطال شخصيات سياسية وعسكرية لعبت أدوارا في ارتكاب الجرائم الموصوفة أو في التحريض على ارتكابها. ومعلوم أن وسائل الإعلام الإسرائيلية التي نشرت تصريحات ومواقف عنصرية، وتعاملت مع الفلسطينيين في غزة وكأنهم "حيوانات"، شكّلت أساسا قويا لتوجيه الاتهامات ولتوجيهها لاحقا بحق ساسة آخرين، كما أن الأفعال الإجرامية المتواصلة طوال أكثر من عام في غزة وفرت الكثير من القرائن ضد الكثير من العسكريين.

وثمة في إسرائيل مَن يطالب بالتعامل بحذر مع قرارات المحكمة خشية أن يقود تجاهلها إلى عواقب، بينها توسيع نطاق حظر تصدير أو استيراد الأسلحة منها وإليها، والأمر لا يتعلق فقط بصادرات الأسلحة إذ ربما يمتد لأنماط من المقاطعة الاقتصادية، وعدا ذلك من المؤكد أن القرار يشكّل إحراجا كبيرا، خصوصا للدول العربية التي أقامت سلاما مع إسرائيل أو دخلت في اتفاقيات أبراهام للتطبيع معها.

ومع ذلك، فإن اليمين الإسرائيلي الحاكم يتصرف بعنجهية متزايدة، خصوصا بعد انتخاب ترامب، الذي أبدى احتقاره للمؤسسات الدولية. لكن ميل أميركا لإبقاء على زعامتها الدولية يقتضي منها أخذ العالم بنظر الاعتبار، خصوصا بعد عجزها عن الفصل بين أوروبا الغربية وكل من الصين وروسيا في مسألة جرائم الحرب الإسرائيلية.

وأوضح أن المواقف التي أبدتها أغلب دول أوروبا الغربية تشهد على أن نزالا ليس ضعيفا سيبدأ من الآن فصاعدا في كل ما يتعلق بإسرائيل، وبمعنى من المعاني إذا كان طوفان الأقصى قد أظهر أن إسرائيل باتت بحاجة إلى حماية أميركية وغربية، فإن قرار المحكمة بيّن أن إسرائيل غدت عبئا معنويا وليس ذخرا إستراتيجيا.

وفي الجهة المقابلة يثبت إصدار مذكرتي الاعتقال أن أميركا التي اندفعت بكل قوة لحماية إسرائيل من هذه المحكمة أخفقت في هذه المهمة، وهذا يدفع بعض العقلانيين في إسرائيل للتشكيك بمنهج الاعتماد الكلي فقط على أميركا في كل المجالات.

وحتى في نظر من يؤمنون أن بوسع إسرائيل فعل كل ما تريد يزداد الشك في ذلك، خصوصا بعد هذا العجز الأميركي، والكل سينتظر ليس ما ستفعله إسرائيل وإنما ما ستفعله أميركا التي تهدد المحكمة بالويل والثبور، وهذا ما يستجلب مواقف من الدول التي أعلنت تأييدها للمحكمة وللقضاء المستقل ولمنهج المحاسبة، وعدم الإفلات من العقاب.

وليس مستبعدا أن تشكّل قرارات هذه المحكمة بداية لاستقطاب عالمي جديد يضعف مكانة أميركا في العالم إذا لم تسارع لتدارك الوضع والتقرب من حلفائها ومن دول لعالم.

ليس لدى الجنائية قوة لاعتقال غالانت ونتنياهو لكن الدول الموقعة ستواجه اختبارا لالتزامها بميثاق روما (الجزيرة)

وفي كل حال ليس للمحكمة الجنائية الدولية قوات يمكنها جلب واعتقال نتنياهو وغالانت وأي من مجرمي الحرب الإسرائيليين الآخرين، لكن هناك التزام أخلاقي من الدول الموقعة على ميثاق روما بتنفيذ قرارات المحكمة، وهذا يقود إما إلى تقليص حركة نتنياهو والإسرائيليين الدولية، وإما إلى تماديهم في العدوان واقتراف الجرائم إلى حين ظهور موازين قوى مختلفة. ومع ذلك بات واضحا أكثر من أي وقت مضى أن إسرائيل تتجه بسرعة نحو مصير شبه محتوم، وهو مصير نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا.. فعلا على نفسها وأهلها جنت براقش.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجنائیة الدولیة نتنیاهو وغالانت القانون الدولی صدور مذکرات فی إسرائیل أن نتنیاهو کریم خان أکثر من

إقرأ أيضاً:

كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى» بـذور التطـرف ( 2)

تنشر بوابة «الأسبوع» فصولًا من كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى» للكاتب الصحفي مصطفى بكري رئيس التحرير، والصادر عن دار كنوز للنشر والتوزيع. وفي الحلقة الأولى من الكتاب، رصد المؤلف تاريخ نتنياهو منذ الطفولة وعلاقته بوالده الذي لقنه الأفكار المتطرفة والمعادية للعرب والفلسطينيين، خاصة وأن جده كان من كبار دعاة الحركة الصهيونية. لقد رباه والده على كراهية أي يهودي يقبل بمصافحة العرب، وكان دائم الترديد على مسامعه «أن العربي إذا مد يده بالسلام، فانظر إلى يده الأخرى.. فإنك ستجد خنجرًا ممدودًا إليك» وإلى الحلقة الثانية

الحلقة الثانية

يحلم باحتلال سيناء وإعلانها عاصمة للدين اليهودى

كان يعاني عقدًا نفسية لازمته طوال حياته

سر الخلاف بينه وبين شقيقه «يوناثان»

يرى أن العرب يجب أن يعودوا إلى مهنة رعي الأغنام وتربية الماشية

فى الحلقة الثانية من كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى» الصادر عن دار «كنوز للنشر والتوزيع» يرصد الكاتب الصحفى مصطفى بكرى مراحل التطرف فى حياة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو من خلال قراءة مذكراته وأقواله وتصريحاته، ويتوقف الكاتب فى هذه الحلقة عند مقولة نتنياهو عن سيناء حيث يقول: «إنها المكان الذى جاءت فيه رسالة موسى الذى أرسل لبنى إسرائيل، ومن الطبيعى أن يكون لليهود عاصمتهم فى سيناء (كما يزعم).

ويحلم نتنياهو من خلال كتاباته بأن يبنى وسط سيناء المقر الرسمى للحكومة الإسرائيلية تحيط به المعابد اليهودية الكبرى، وأن تكون سيناء عاصمة للدين اليهودي.

ويتناول المؤلف مسيرة نتنياهو فى فترة الشباب وأسباب ارتباطه بالقدس وعقده النفسية التى نتجت من خلال تطرفه ومعاملة الآخرين له.

مثّل مقتل “جوناثان نتنياهو” شقيق بنيامين نتنياهو نقطة تحول خطيرة فى فكر بنيامين، حيث إن “بنيامين” كان يحب أخاه “جوناثان” الذى كان بدوره متشددًا ضد العرب، وكان يرى ضرورة العمل على تقوية دولة إسرائيل، حيث يرى أن ضعفها الأساسى هو فى قلة عدد سكانها، وأنه لابد من العمل على تجميع شتات اليهود فى داخل الدولة، وتوفير كل مقومات الحياة الآمنة لهم. كان “جوناثان” الأخ الكبير لبيبى، وأخوهم الثالث هو “عيدو”، يجلسون سويًا عندما تدور بينهم أحاديث مهمة فى الحديقة الكبيرة التى كانت تتوسط منزلهم الذى استقروا فيه فى الولايات المتحدة الكائن فى ضاحية وينكوت، وهى إحدى الضواحى الأمريكية القريبة من فيلادلفيا، وكان هذا المنزل الذى استقروا فيه منذ عام1963 مكونًا من طابقين، كان إيجاره زهيدًا، حصل عليه “تسيون نتنياهو” “الوالد” من خلال أحد أصدقائه الأمريكيين والذى رشح للعمل كمحاضر للتاريخ فى كلية درونسى، وهى من الكليات غير المشهورة بل كانوا يعتبرونها أشبه بمدرسة، إلا أن “تسيون” قرر أن يقبل العمل بهذه الكلية بعد الضغوط الشديدة التى تعرض لها داخل إسرائيل.

كان عمر “بنيامين” 13 عامًا، ويحكى عن هذه الفترة من خلال أوراقه الخاصة بقوله إنها “كانت فترة مفعمة بالحيوية والنشاط وتكوين الأفكار، ويقول: لقد أحببت إسرائيل جدًا وعندما علمت أننى سأغادرها إلى الولايات المتحدة لم أكن فرحًا مثل غيرى ممن يمكن أن يتلقوا هذا الخبر ومضيت أنا وأخى “جوناثان”، ومررنا على الشوارع والأزقة والمنازل فى القدس، ويضيف أتذكر ذلك اليوم جيدًا على الرغم من أننى كنت صغيرًا وكنت أبكى بشدة وجوناثان يهدئ من روعى، كنت أشعر بأن هناك رباطًا قويًا بينى وبين كل طوبة، وكل رجل وامرأة وطفل، وكان بداخلى إحساس بأننى لن أعود مرة أخرى، وأن هذا الإحساس كان يزيد معاناتى، إلا أننى أقسمت لنفسى أن أعود وأستقر فى هذه المناطق الجميلة، ويقول كانت الحديقة الكبرى فى منزلنا ببينكوت الأمريكية جميلة.. وكنت دائمًا أجلس مع أخواى “جوناثان” و”عيدو”، وعلى الرغم من صغر سننا إلا أننا كنا نتحدث فى مستقبل إسرائيل وكأننا حكومة إسرائيلية نخطط ونقرر وكنا نطلب من “عيدو” أن يكتب ما نقوله، وكان “جوناثان” أكثرنا صوابًا فى الرأى، ودراية بالمسائل والمشاكل التى تعوق نهضة دولة إسرائيل، وأتذكر أنه فى خلال حقبة الستينيات وقبل 1967، كان الرئيس المصرى جمال عبد الناصر يأخذ قدرًا كبيرًا من المناقشات وكانت لدينا رؤية مشتركة فى أن هذا الرجل يجب أن يقتل، وأعددنا خطة على الورق فى 1965 لذلك، وكنا نرى أن قتل جمال عبد الناصر قد يعطى بعض الأمان لإسرائيل لأنه كان شخصية كريهة يتشبث بأفكار كلها تدور ضد إسرائيل، وكان “جوناثان” يقول: إن هذا الرجل لا يمكن التفاوض معه لأنه يعتبر نفسه زعيمًا للعرب بمعاداته لإسرائيل وكان يرى أنه إذا تفاوض معه الإسرائيليون فإنه سيتخلى عن زعامته، كانت خطتنا التى أعددناها على الورق تقوم على أساس تفجير طائرة الرئيس المصرى فى إحدى زياراته الخارجية بوضع قنبلة فيها فى أى من المطارات الدولية، وخططنا لكيفية الاتفاق مع الشخص الذى سيضع القنبلة والذى يجب أن يكون من العاملين بالمطار، وكتبنا فى الخطة أيضًا جزءًا عن كيفية اختراق أى فرد يمثل عائقا أمنيا مفروضا على الطائرة.

ويتذكر “بنيامين” أن والده “تسيون” أطلع على بعض هذه الأوراق وأعجب بخطة قتل الرئيس المصرى، ويومها قال: إنه لو كان هناك جهاز استخبارات قوى فى إسرائيل لكان من الممكن أن ينفذ مثل هذه الخطة و ألقى باللوم على حكومة إسرائيل وسياستها واستخباراتها فى عدم التخلص من جمال عبد الناصر، أيًا كان الأمر فإن “جوناثان” فى جلساته مع “بنيامين” فى المدينة الكبيرة- على حد ما يرى بنيامين نفسه- كان يفكر فى أن تكون إسرائيل دولة عظيمة وكبيرة وأن عظمتها تكمن فى زيادة سكانها وحدودها وأن يكون لها امتداد جغرافى يمكن حمايته فى أى وقت وبأيسر السبل الممكنة، ويقول: كان لدينا تخطيط جيد على ضرورة أن يتجمع كل يهود العالم فى إسرائيل، كنا نحلم بأن تكون إسرائيل العاصمة السياسية والدينية ليهود العالم وأن تكون هناك ثلاثة أيام فى العام يتجمع فيها كل اليهود من أرجاء العالم ليحجوا إلى القدس وزيارة الأماكن الدينية، وأن يعقد مؤتمر قومى ودولى شامل يتم فيه اتخاذ قرارات جوهرية بشأن مستقبل دولة إسرائيل العظمى، ورأينا أن الوسيلة المثلى لذلك هى إنشاء صندوق لجمع التبرعات وأن تكون هناك نسب مقننة ومحددة فى دخل أى شخص يهودى يجب أن تذهب لهذا الصندوق، وأن تكون له فروع فى الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ومن الفروع تنشأ إدارات فى المدن والأحياء والضواحى الأمريكية والأوروبية، ثم يتم تسليم هذه الأموال فى كل عام قبل بداية أعمال المؤتمر الشامل إلى سفراء إسرائيل وقناصلها والذين بدورهم ينقلونها إلى الخزانة الإسرائيلية وكانت فكرة “بنيامين”، أن الوظيفة الأولى لهذه الأموال هى إنشاء المستوطنات والمنازل وتشييد دولة عصرية اقتصاديًا.

ولا شك فإن هذه الفترة من حياة بنيامين، وما ورد فى أوراقه توضح أمرين أساسيين: أولهما كرهه الشديد للرئيس عبد الناصر وسنرى بعد ذلك أنه يكن كراهية أيضًا للرئيس السادات، لأنه فى ظنه ضحك على بيجين “كما يرى” وحصل على سيناء وأن هذا الكره متوارث للرؤساء المصريين الذى تشكل فى عقيدة بنيامين منذ صغره وتحديدًا منذ أن كان يبلغ من العمر 13عامًا وهذا يفسر العديد من السياسات التى يتبعها بنيامين حاليًا وأن أكثر شيء يخشاه هو ما عبر عنه فى أكثر من مناسبة وبخاصة فى لقائه مع المستوطنين- هو أن تتوحد المصالح العربية سياسيًا واقتصاديًا وهذا يمثل خطر على إسرائيل.

لقد أكد ذلك فى اجتماع مع بعض المستوطنين فى16 من فبراير1996، حيث أشار فى هذا الاجتماع إلى أن هناك ثلاثة أنواع من السياسات الأولى: سياسات مصيرية ولا يمكن التراجع عنها أو تغيير الموقف بشأنها واعتبر أن سياسات الاستيطان من السياسات المصيرية وأمن إسرائيل وحماية حدودها وأمنها.

الثانى: سياسات إستراتيجية، وهى أيضًا من الصعب تعديلها أو تغييرها مثل رفض الانسحاب من الجولان أو القدس أو إقامة الدولة الفلسطينية.

كتاب نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى «الرؤية والتخطيط»

والثالث: سياسات تكتيكية، وهى نوع من السياسات التى نرفضها فى البداية إلا أننا على استعداد لأن نقبل بها أو نكون مخططين للقبول بها ولكن بعد أن نحصل على ما نريد من العرب، وأن السياسات التكتيكية هى التى يقع فى نطاقها العديد من مسائل عملية السلام أو غالبية الخطط الإسرائيلية فى السلام، وأنه من الممكن إذا رأينا أن السياسات التكتكية فاشلة ولم تحقق أيًا من أهدافها فإننا نسقط بعض السياسات الإستراتيجية ونجعلها تكتيكية، إلا أننا فى النهاية لن نقبل بأى شيء يضر بأمننا أو يغير من نظرتنا إلى المستقبل، وهو يرى هنا أن السياسات التكتيكية لها فوائد كبيرة وأن أهم فائدة يمكن توقعها هو عدم السماح للعرب باتخاذ موقف موحد ضد إسرائيل.

ويرى “بنيامين” أن إسرائيل يجب أن تكون مستعدة اقتصاديًا للتعامل مع الدول العربية، وأن ما يهمه هو تقوية علاقاته الاقتصادية مع الدول الخليجية وأنه لا يهمه أن يكون له علاقات اقتصادية قوية مع المصريين أو المغاربة، ويتوقع أن مسألة التعاون الاقتصادى مع دول الخليج يمكن أن تشكل بداية لنهضة كبيرة فى الاقتصاد الإسرائيلى وأن دخول إسرائيل اقتصاديًا فى مشروعات مع هذه الدول سيجعل إمكانية الاندماج لاقتصاديات الخليج مع اقتصاديات الدول العربية صعبًا الأمر الآخر: أن نتنياهو استقرت فى عقيدته منذ الصغر سياسات الاستيطان والتوسع فى الأراضى العربية وأن فكرة الحدود الآمنة أساسية وضرورية، مضت الأيام ثقيلة فى الولايات المتحدة خاصة بعد أن تقرر نقل تسيون نتنياهو من كلية درونسى إلى جامعة كورنيل، وكان تسيون هو الذى سعى إلى إتمام هذا النقل وبخاصة أنه كان يريد الانتقال إلى جامعة معروفة بالإضافة إلى الانتقال إلى نيويورك، حيث اليهود ذوو النفوذ والمال، وكان تسيون لدية رغبة فى أن ينخرط وسط هذه المجموعة حيث بدأ بعد إقامته فى ضاحية وينكوف يهتم بجمع الأموال وكان يريد أن يؤمن مستقبل أولاده الثلاثة وبخاصة أن محاضراته فى كلية درونسى التى كانت المصدر الوحيد للدخل لم تكن تشعر أولاده الثلاثة بأنهم يعيشون حياة جيدة ومرفهة ولقد كانت لديهم تطلعات مثل أصدقائهم الذين كانوا يتفاخرون بالدولارات والسيارات والأشياء غالية الثمن، وكان بنيامين يرى فى نفسه أنه ليس أقل من هؤلاء، ويقول عنهم: “لقد كانوا أغبياء وكنت أذكى منهم كثيرًا وكان لدى طموح بأننى من خلال ذكائى أستطيع أن أجمع المال وأن أكون أكثر قوة من هؤلاء الأغبياء، وكنت دائمًا أرى أن والدى يجب أن يكون من الأغنياء لأنه مفكر وقادر على ان يكون منظرًا لفلسفات وسياسات إسرائيل أو حتى الولايات المتحدة، إلا أن احدًا لم يهتم بوالدى كمفكر، ويرى أن السبب فى ذلك قد يعود إلى تشدده فى آرائه وأفكاره وأنه على استعداد لأن يدافع عنها حتى الموت، وهو يرى صواب والده فى ذلك وأنه كان يجب أن يكون محل احترام من الآخرين الذين كانوا يحقدون عليه وكان يجب أن يصفوه بأنه رجل مبادئ ورجل فكر، إلا أن العكس هو الذى حدث، حيث أدى ذلك إلى مطالبتهم له بأن يغير افكاره القديمة ويساير ركب الأفكار الجديدة، وكانت جامعة كورنيل التى تقع فى بلدة إيثاكا الأمريكية فى شمال نيويورك من الجامعات المرموقة التى حصل فيها على دخل كبير استشعر معه بأنه من خلال هذا الدخل يمكن أن يعوض أولاده سنوات الحرمان أو سنوات الكفاح كما يطلق عليها، وعلى الرغم من الحياة الجديدة التى انتقل إليها “بنيامين” إلا أنه كان هناك شيء ما فى شخصيته، حيث كان يلازمه شعور الغربة دائمًا حتى فى ظل حياته الجديدة التى انتقل إليها، لم يكن فرحًا بحياة أكثر راحة وأكثر تألقًا لأن حياته الأساسية كانت القدس كما يقول، كتب ذات مرة إلى أحد أصدقائه فى القدس يقول: “إن الهواء الذى نتنفسه يا صديقى لن تجد له مثيلًا فى أمريكا أو غيرها، إن روعة المكان الذى تسكن فيه أروع من البيت الأبيض، ولو أن الأمر بيدى لأتيت إليك فورًا، وأرجو أن تقبَّل الجدران نيابة عنى حتى أعود، لا تدع رجلك ترتفع من على الأرض الطيبة التى تسير عليها” وطلب إلى صديقه أن يدعو له فى صلواته ليرحمه من الاختناق وأن يعود سريعًا إلى موطنه وأهله، لقد كان هذا الشعور بالغربة واضحًا فى الحياة المدرسية، حيث إن بنيامين وفق ما يصفه مدرسوه و زملاؤه فى المدرسة كان إنسانًا غير مفهوم لكل الآخرين، دائمًا شارد الذهن إلا أنه حاد الذكاء، يفكر فى شيء ويتكلم مع الآخرين فى شيء آخر، كان إنطوائيًا، لا يحب الدخول فى جدال مع الآخرين حول أمر غير مقتنع به، وبالنسبة إلى الأفكار التى تصادف ولو قبولًا غير مؤكد من الآخرين فإنه يعمل على أن يزيدها قوة، ولكنه أيضًا كان حاد الطبع، وكثير المناقشات مع المدرسين، وأنه كان يهوى لعبة الشطرنج، وكان يرى أنها لعبة التخطيط والذكاء، وكان يعتقد أن من لا يعرف الشطرنج فقد خسر نصف عقله، وكان يبدو ماكرًا فى هذه اللعبة، حيث إنه كان يحرص فى البداية على أن يخدع الشخص بأنه يمكنه الفوز، إلا أنه يأخذ زمام المبادرة فى لحظات، ويقول عنه مدرسوه أيضًا: إن أهم ما يميزه أنه سريع التفكير، وأن القرار الذى يتخذه كان لا يعلن عنه، ولكنه يجرى مشاورات مع كل زملائه الذين يعرفونه ليستطلع وجهة نظرهم، إلا أنه لم يكن على استعداد لأن يتنازل عن قراره بعد هذه المشاورات، كان من الممكن أن يحصل على نقاط إضافية تدعم قراره.. وكان زملاؤه لا يثقون به كثيرًا، فقد كان لديهم اعتقاد بأن بيبى يخطط للإيقاع بهم، وأنه ربما يدبر مؤامرات ضدهم وبخاصة أنه كان يهوى تشكيل حركات غريبة فى المدارس التى التحق بها، وكانت لديه القدرة على أن يكوِّن حركة من عدد محدود من التلاميذ، وكانت هذه الحركات تكتسب شهرة واسعة فى المدارس المحيطة، على الرغم من أن شخصيته الانطوائية كانت لا تنم عن قيادته لهذه الحركات، وكان له صديق يدعى “هاشومير هاتسير” كان أيضًا عضوًا فى الحركات اليهودية مثل حركة الفتى الحارس.. وكان هاشومير شخصية مؤثرة فيمن حوله، إلا أنه لم يكن مؤثرًا فى بيبى الذى أثر بدوره على هاشومير.

وكان بيبى أو بنيامين يعد مخططًا لحركة الفتى الحارس دون أن يظهر على السطح، حيث إنه كان يبلغ هاشومير بالمضامين الأساسية لهذه الأفكار والمخططات، وكان الأخير يتولى الدفاع عنها فى الحركة، ويقول عنه مدرسوه أيضًا “إن هناك وقتًا كبيرًا قضاه بنيامين فى الظل، ولكن عرفوا مؤخرًا أنه كان وراء تحريك أحداث مهمة فى المدرسة” وكان الاعتقاد أن زملاءه هم أبطال هذه الحوادث، ويقولون عنه أيضًا: إن رغبته فى أن يكون فى الظل ليست رغبة مستمرة ولكن يجب أن يهيئ الأحداث قبل أن يظهر، فإذا جاءت توقعاته مطابقة لخططه وأفكاره فإنه يعلن عن نفسه، وإذا كان هناك فارقًا ما فإنه ينسب الفشل لغيره، ومع ذلك فإن العديد من أفكاره التى كان يشيعها فى المدرسة، وبخاصة المتطرفة التى كانت تؤدى إلى خلافات ومشاجرات بين التلاميذ وبعضهم، وأحيانًا مع المدرسين، كانت تنتقل بسرعة إلى العديد من زملائه.

تحدث عنه أحد أصدقائه فى برنامج تليفزيونى إسرائيلى وهو أمريكى الأصل قائلًا: لقد كنت مع بيبى فى المدرسة، وكنا أصحابًا، وكان دائمًا يحدثنى عن إسرائيل، ولكن الشيئ الأساسى فى حياته هو كرهه الشديد للحكام العرب، وكان يلعب الشطرنج لفترات طويلة، إلا أنه فجأة قرر أن يلعب كرة القدم، ولما سألته عن السبب فى ذلك قال إن كرة القدم هى الممارسة العملية للعبة الشطرنج، وكان بنيانه قويًا، وفى خلال فترة قصيرة من التدريب والمواظبة على هذه اللعبة استطاع أن يكون من اللاعبين الجيدين جدًا، وأنه حاز إعجاب مدرب فريق النمور لكرة القدم، وكان يشغل مركز الجناح الأيسر وأحيانًا كان يحب اللعب فى خط الوسط، إذا أدرك أن الفريق الذى يلعب أمامه قوى ومتمرس، حيث إنه كان يجيد اللعب أمام الفرق القوية، وكان يدرك أنه يجب أن يكون عقل الفريق، وأداته المفكرة.

ويضيف: أن بيبى مولع بالتحدى وبخاصة تحدى الأقوياء، وأنه على استعداد لأن يلعب فترة طويلة إذا كان خصمه قويًا، حيث إنه لا يحب الهزيمة، وإذا شعر بأن الفريق الخصم ضعيف، ولا يتساهل أن يكون عقلًا مفكرًا للفريق، كان يلعب فى الجناح الأيسر وكان من أمهر اللاعبين فى إحراز الأهداف، وكان مراوغًا جيدًا، ويقول عنه خبراء النفس: إن نتنياهو معتز بشخصيته وبنفسه وبخاصة عقله، وأنه يعتبر نفسه أذكى من الآخرين، وأنه يمكنه الايقاع بهم إذا دخل معهم فى مناقشات، إلا انه من المهم عدم اليأس فى استكمال هذه المناقشات وألا يخالج الآخرين الشعور بالضيق من المناقشة.

وقد أحب لعبتى الشطرنج وكرة القدم لأن هاتين اللعبتين بهما العديد من الخطط، ولم يكن يهوى أى نشاط اجتماعى مع بقية التلاميذ الأمريكيين حيث كان يرفض فى مرات كثيرة الانضمام إلى الرحلات أو الألعاب الأخرى، وكان قليلًا ما يستجيب لهذه الأنشطة وبخاصة الرحلات إذا وافقت على مشاركته فى الرحلة زميلته اليهودية “هاتحياه”، وعلى الرغم من أن هاتحياه كانت عنيفة فى حديثها مع الآخرين، وأن زملاءها كانوا يتجنبون النقاش معها لفترة طويلة، إلا أنها كانت ضعيفة الشخصية مع بيبى، وكان بيبى قد عرفها على صديقه “هاشوير” أحد رواد الحركة اليهودية المتطرفة “الفتى الحارس” وكان الثلاثة دائمًا يذهبون إلى دور السينما، وكان بيبى يهوى مشاهدة أفلام العنف، وكان يحرص بعد عودته على أن يروى تفاصيل هذه الأفلام لأخويه، وكانت “هاتحياه” يهودية متطرفة مثل “هاشومير”، وكان الثلاثة مع بيبى يشكلون فريق عمل مشترك واطلقوا على حركتهم اسم حركة “الأم” إلا أن “هاتحياه” على الرغم من حبها الشديد لبيبى، انقلبت عليه فجأة، حيث اكتشفت أن بيبى بدأ يعشق فتاة أخرى، وهى زميلته فى الفصل الدراسى وهى “زيلداه راين”، وكانت “زيلداه” تستمع كثيرًا إلى بيبى ولا تتحدث إلا قليلًا، وكانت “هاتحياه” تريد إنهاء علاقة بيبى مع “زيلداه”، إلا أن بيبى كان يرى أن “زيلداه” بها شيء غامض، وأنه يريد البحث عن هذا الشيء، وإن كان أحد أصدقائه قد قال: إن بيبى نفسه كان غامضًا، وكان لا يحب أن يكون الآخرون غامضين عليه، وكان من الممكن أن يؤرقه، ويذهب عنه النوم ليلًا إلى أن يكتشف الغموض فى شخصية ما، وأنه كان يهوى تحليل الشخصيات التى أمامه، ويرى أن أفضل دراسة لأى شخص هو جعله يتكلم والنظر من بعيد إلى حديثه جيدًا، وكان بيبى يجيد هذه الطريقة فى التعرف على أصدقائه، حيث تقول عنه صديقته زيلداه: إن بيبى كان يدرك شيئًا واحدًا هو أن إسرائيل دولة الأحلام، وكان على الجميع أن يحلم بالرخاء والازدهار فى دولة إسرائيل، وكان بيبى على غير وفاق مع عدد كبير من التلاميذ الأمريكيين لأنه يتكلم بحماس عن إسرائيل، ومعاركها مع الفلسطينيين والعرب، إلا انهم لم يكونوا متحمسين لسماع هذه القصص، وكانوا أحيانًا يسخرون منه، لذلك فضل أن يكون أصدقاؤه من اليهود، وكان دائمًا يطلب من الآخرين أن يحافظوا على ترابطهم القوى وأن تكون لهم هويتهم التى تميزهم عن غيرهم، وأنه من العار على العالم أن يفكر فى إقامة وطن قومى لليهود، فى حين أن هذا ليس حقًا، بل إنه واجب وهدف، يجب أن يكون العالم على استعداد للحفاظ عليه، لأنهم يدركون أن اليهود هم قادة هذا العالم!!

مقالات مشابهة

  • العراق يعزز مكانته الدولية بعد غيابه عن قائمة الحظر الأمريكية.
  • نتنياهو يمثل أمام المحكمة للمرة الـ18 بشأن تهم الفساد الموجهة إليه
  • للمرة 18.. نتنياهو يمثل أمام المحكمة المركزية للرد على تهم الفساد
  • نتنياهو أعلن الحرب.. إقالة رئيس الشاباك تثير انقساما حادا في إسرائيل
  • للمرة الـ18: نتنياهو يمثل أمام المحكمة بشأن تهم الفساد الموجهة إليه
  • المحكمة الإدارية ترد قراراً بإنهاء خدمات قاضٍ
  • كتاب «نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى» بـذور التطـرف ( 2)
  • لولاها لسقطت في أسبوعين.. أسلحة أميركا التي يهدد ترامب بمنعها عن أوكرانيا
  • لماذا غضب نتنياهو من صفقة تبادل الأسرى التي وافقت عليها حماس؟
  • الرئيس الفلبيني السابق رودريغو دوتيرتي يظهر أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية