اليوم 24:
2024-11-26@02:08:44 GMT

الاستثمار العمومي.. بين الأرقام والواقع

تاريخ النشر: 22nd, November 2024 GMT

وفقًا للنظرية الكينزية، على المدى القصير، تساهم النفقات العامة من جميع الأنواع (الرواتب، الاستهلاكات الوسيطة، الاستثمارات، التأمين ضد البطالة، إلخ) بالفعل في تحديد مستوى الطلب الكلي، الذي يتوجه إلى الشركات ومن خلاله يتم اتخاذ القرارات المتعلقة بالإنتاج والتشغيل.
على المدى الطويل، تؤثر النفقات العامة أيضًا على العرض: وهكذا تزيد نفقات التعليم والصحة من إنتاجية اليد العاملة، وتساهم نفقات البحث في اكتشاف عمليات جديدة ومنتجات جديدة قد تحسن الرفاهية، وتسمح نفقات الاستثمار بتطوير البنية التحتية المفيدة للنشاط في جميع القطاعات، إلخ.


تلعب النفقات العامة دورًا في كل من الطلب والعرض، أي على مستوى النشاط الاقتصادي، الذي بدوره يحدد الإيرادات التي يمكن للدولة الاعتماد عليها. عندما تتحسن النشاطات وتتمكن الدولة من مكافحة التهرب الضريبي، تزداد الإيرادات مع الدخل الوطني، مما يقلل من الاعتماد على الاقتراض: تزداد الديون العامة ببطء أكبر من الناتج المحلي الإجمالي، وتنخفض ​​نسبة الدين (الدين/الناتج المحلي الإجمالي). عندما تنخفض النشاطات، يتقلص الناتج المحلي الإجمالي أسرع من الدين، ويزداد معدل الدين. هذا النموذج النظري بعيد عن التحقق في حالة المغرب بالاعتماد علىً الاستثمار العمومي كأساس للتحليل..
تُقدّر الاستثمارات العمومية في مشروع قانون المالية لعام 2025 بمبلغ 340 مليار درهم، وتتكون كما يلي: 40% من هذه الحصة تعود إلى المؤسسات والمقاولات العمومية، أي 138 مليار درهم؛ اماً الميزانية العامة ومرافق الدولةً المسيرة بصفة مستقلة والحسابات الخصوصية للخرينةً فتمثل في المجموع 120,5مليار درهمً بعد تحييد تحويلات الخزينة إلى هذه الصناديق أ ؛ وصندوق محمد السادس للاستثمار خصص له مبلغ 45 مليار درهم، أي 13,2%؛ وتساهم الجماعات الترابية بنسبة 6,3%، أي 21,5 مليار درهم؛وأخيرا يستفيد الصندوق الخاص لإدارة آثار الزلزال بمبلغ 15 مليار درهم، أي 4,4%
. يمثل الاستثمار العمومي كما هو معروض على الورق 20.6% من الناتج المحلي الإجمالي. إنها نسبة ضخمة مقارنة بالدول ذات التوجه الليبرالي. في البلدان الأوروبية، لا يمثل الاستثمار العمومي سوى 3 إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي!
ومع ذلك، فإن هذه البيانات تستدعي الملاحظات التالية: أولاً، يتميز الاستثمار العمومي الذي يمثل ثلثي الاستثمار الإجمالي بكفاءة محدودة بسبب سوء الحكامةً وطبيعة تأثير المضاعف المنخفض والذي يلعب دورًا أساسيًا في البلدان الشريكة للمغرب. وهكذا، في كل مرة يقوم فيها بلدنا بإنجاز مشروع يهم البنية التحتية، يتطلب ذلك استيرادات من الخارج على شكل معدات وتكنولوجيا.و هذا الطرح ينطبق كذلك علىً مخططات الانتعاش التي كان لها تأثير ضئيل على كل من النمو والتشغيل .
ثانيًا، يلاحظ ان مبلغ 45 مليار درهم المخصص لصندوق محمد السادس، الذي يندرج في إطار مخطط الانتعاش ما بعد كوفيد، يعود إلى عام 2021 وتم ترحيله من ميزانية إلى أخرى لدرجة أننا لا زلنا نتحدث عن تفعيل هذا الصندوق
ثالثًا، يتم تنفيذ هذا الاستثمار فقط بنسبة تقارب 70%، مما يعني أن الاستثمار الفعلي لن يتجاوز 238 مليار درهم، أو حتى أقل بكثير إذا أخذنا في الاعتبار جميع الملاحظات المذكورة سابقًا.
رابعًا وأخيرًا، فإن الاستثمار العمومي موزع بشكل سيء من الناحية المجاليةً ولا يستفيد منه جميع السكان بنفس المستوىً وبالتالي فإنه يؤدي إلى تفاقم الفوارق المجاليةً كما يتضح ذلكً من خلال المذكرة المتعلقة ًبالتوزيع الجهوي للاستثمارالمرافقة لمشروع قانون المالية. وهكذا، وفقًا لحساباتنا التي أجريت على أساس الأرقام المتاحة، تتفاوت مبالغ الاستثمار العمومي لكل فرد، حسب الجهاتً المختلفة، بين 14400 درهم (العيون الساقية الحمراء) و1693 درهم (فاس-مكناس). بالمقارنة مع المعدل الوطني البالغ 3738 درهمًا لكل فرد، تقع 5 جهات فوق هذا المعدل و7 جهاتً أخرى تحته. ينبغي الإشارة إلى أن هذه البيانات لا تحمل سوى قيمة نسبية حيث أن 137,7 مليار درهم فقط هي المعنية، أي ما يعادل بالكاد 40% من المبلغ الإجمالي المتوقع في مشروع قانون المالية 2025.
بالطبع، يجب إجراء المقارنة على المدى الطويل لفهم الديناميات الجهويةً .وعلى هذا المستوى، يلاحظ بالفعل ان هناك دينامية جهويةً للمناطق ذات المساهمة المنخفضة في الناتج المحلي الإجمالي حيث تشهد معدلات نمو أكبر من غيرها. تتعلق هذه الدينامية بشكل أساسي بأقاليمنا الصحراوية التي استفادت من استثمارات كبيرة وبرنامج تنموي بقيمة تقارب 80 مليارً درهم. لكن في الوقت الحالي، لا تزال الثروة مركزة في ثلاث جهات : الدار البيضاء-سطات، الرباط-سلا-القنيطرة، وطنجة-تطوان-الحسيمة التي تتركز فيها حوالي 60% (58,6%) من الكعكة الوطنية.
لايزال إذن تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية أمنية بعيدة المنال. فحتى الجماعات الترابية التي ينبغي أن تساهم في ذلك من خلال تخصيص التحويلات العمومية التي تستفيد منها للاستثمار (51 مليار درهم كحصة الضريبة على القيمة المضافة المحولة إلى الجماعات المحلية و9 مليار درهم الموضوعة تحت تصرف الجهات ) تعبأ فقط 21,5 مليار درهم للاستثمار. والباقي أي 38,5 مليار درهم مخصص لنفقات التسيير ! إنها وضعية غير عادية وغير متوافقة مع العصر، وبالتالي يجب تصحيحها في أقرب وقت ممكن. لقد حان الوقت لتوضيح العلاقات بين الدولة المركزية و »الدولة الترابية » من خلال تنفيذ سياسة جريئة لللامركزية واللاتمركز، سياسة تتماشى مع الهدف الاستراتيجي للجهوية المتقدمة. وهذا البعد نجده مغيبا في الدولة الاجتماعية كما اعتمدته الحكومة .
المغرب مدعو لضمان ثلاثة توازنات أساسية: التوازنات الاقتصادية الكلية، التوازنات الاجتماعية الكلية، والتوازنات البيئية. في الوقت الحالي، وعلى عكس تصريحات السلطات العمومية، نلاحظ أن أيًا من هذه التوازنات الثلاثة لم يتحقق بالكامل. حتى التوازنات المكرواقتصادية تظل هشة وتثير القلق: عجز الميزانية يقارب 5%؛ عجز مزمن في الميزان التجاري؛ عجز في ميزان الأداءات ؛ ديون الخزينة بنسبة 70% والديون العامة بنسبة 84%.
فقط تغيير في المسار سيكون قادرًا على تصحيح توازناتنا الماكرواقتصادية وضمان تحسين مستوى معيشة السكان مع الحفاظ على مواردنا الطبيعية. هذه الأهداف ليست متناقضة. على العكس، هي جزء من نفس الدينامية. شريطةً تغيير البراديكمً والتخلي عن عدد من الوصفات النيوليبرالية التي أبانت عن محدوديتها .

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: الناتج المحلی الإجمالی الاستثمار العمومی ملیار درهم

إقرأ أيضاً:

الرئيس التنفيذي لهيئة «ماتريد» الماليزية لـ«الاتحاد»: 29.3 مليار درهم تجارة الإمارات وماليزيا في 10 أشهر

مصطفى عبدالعظيم (أبوظبي)
ارتفع حجم التبادل التجاري بين دولة الإمارات وماليزيا خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري 2024 ليصل إلى 29.3 مليار درهم (7.98 مليار دولار) بنمو نسبته 11.3% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بحسب محمد مصطفى عبدالعزيز، الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير التجارة الماليزية «ماتريد».
وقال عبدالعزيز، في تصريحات لـ«الاتحاد»، إن النمو المطرد في التجارة البينية بين دولة الإمارات وماليزيا يعكس قوة ومتانة العلاقات والروابط التي تجمع البلدين، متوقعاً أن تشهد العلاقات التجارية زخماً استثنائياً مع توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بني البلدين ودخولها حيز التنفيذ، وذلك بعد الاختتام الناجح للمفاوضات بشأن الاتفاقية في شهر أكتوبر الماضي.

أخبار ذات صلة الإمارات الخامسة عالمياً والأولى «أوسطياً» في حيوية الذكاء الاصطناعي «مهرجان الشيخ زايد» يُطلق «مهرجان عيد الاتحاد»

وتوقع عبدالعزيز أن تسهم هذه الاتفاقية والتي ستكون الأولى من نوعها لماليزيا مع دول المنطقة في مضاعفة حجم التجارة البينية وتسجيل معدلات نمو مزدوجة خلال السنوات المقبلة، وتدشن حقبة جديدة من الشراكة التجارية والاستثمارية بين الدولتين الصديقتين، وذلك عبر إلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية، وإزالة الحواجز غير الضرورية أمام التجارة، إضافة إلى تعزيز التعاون وبناء الشراكات بين القطاع الخاص في الدولتين.
وأشار الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير التجارة الماليزية «ماتريد»، إلى تصدر دولة الإمارات قائمة دول مجلس التعاون الخليجي من حيث صادرات ماليزيا، ومساهمتها بنسبة 42.1% من إجمالي تجارة ماليزيا مع دول مجلس التعاون الخليجي خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2024، حيث ارتفعت التجارة معها بنسبة 11.3% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي لتصل إلى 7.98 مليار دولار أميركي.
وذكر أن دولة الإمارات تشكل الوجهة الأولى لصادرات ماليزيا في دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 55.3% أو 2.61 مليار دولار أميركي، بنسبة نمو بلغت 3.0% خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري، مقارنة بنفس الفترة من عام 2023، بدفع من زيادة صادرات المجوهرات، والمنتجات البترولية، والأغذية المصنعة، بالإضافة إلى الآلات والمعدات وقطع الغيار. 
وأوضح أن الصادرات الماليزية الرئيسية إلى الإمارات تركزت على المجوهرات بنسبة 23.3%، والمنتجات الإلكترونية والكهربائية 20.7%، والمنتجات البترولية 6.5%، والأغذية المصنعة 5.2%، ومنتجات زيت النخيل والزراعة القائمة عليه بنسبة 5%.
وأضاف أنه في المقابل، ارتفعت واردات ماليزيا من دولة الإمارات بنسبة 15.8% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023، لتصل إلى 5.36 مليار دولار، وشملت الواردات الرئيسية غير النفطية المنتجات المعدنية المصنعة 4.6%، والمجوهرات 4.2%، والمواد الكيميائية والمنتجات الكيميائية 3.6%، والزيوت النباتية الأخرى 1%، بالإضافة إلى الخامات المعدنية والخردة المعدنية 1%.
وعلى صعيد تجارة ماليزيا مع دول مجلس التعاون الخليجي، أوضح عبدالعزيز أن التجارة بين ماليزيا ودول مجلس التعاون الخليجي شهدت نمواً طفيفاً بنسبة 0.6% لتصل إلى 19 مليار دولار خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر 2024، مقارنة بنفس الفترة من عام 2023، بعد أن ارتفعت الصادرات بنسبة 5.8% لتسجل 4.72 مليار دولار، مدعومة بزيادة الطلب على المنتجات البترولية، والمنتجات المعدنية المصنعة، والمجوهرات، بالإضافة إلى الآلات والمعدات وقطع الغيار، لكن في المقابل، تراجعت الواردات من دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 1.0% لتصل إلى 14.27 مليار دولار.
ميهاس@ دبي
وأشاد عبدالعزيز بنجاح النسخة الأولى من معرض «ميهاس@ دبي» الدولي للحلال الماليزي الذي اختتم فعالياته في دبي الأسبوع الماضي، والذي يعد من أكبر الفعاليات العالمية للتجارة الحلال والذي يقام لأول مرة خارج ماليزيا، مشيراً إلى أن المعرض حقق مبيعات قوية عكست قوة الطلب على منتجات الحلال الماليزية من الأسواق الإماراتية التي تشكل مركزاً رئيسياً للمنتجات الماليزية نحو أسواق المنطقة، والاستفادة من دورها ومكانتها كمركز تجاري في المنطقة وشمال أفريقيا.
وتشير التوقعات إلى أن السوق العالمية للحلال سترتفع إلى 3.27 تريليون دولار، عام 2028، مقارنة بـ2.09 تريليون دولار 2023.
وأضاف: ساهمت ماليزيا، خلال السنوات الأخيرة، بنحو 400 مليار دولار في صناعة ومنتجات الحلال، فيما بلغت قيمة صادراتها من الحلال نحو 11 مليار دولار، عام 2023، ويتوقع أن تصل صناعة الحلال العالمية إلى 5 تريليونات دولار بحلول عام 2030.

مقالات مشابهة

  • أحمد صبور: الاستثمار العقاري يسهم في الناتج المحلي بنسبة 20%
  • بمصروفات 71.5 مليار درهم.. المجلس الوطني الاتحادي يوافق على الميزانية العامة للاتحاد
  • «الوطني» يناقش ميزانية 2025 بإجمالي مصروفات بلغت 71.5 مليار درهم
  • مدبولي: نسعى إلى مساهمة الصناعة في الناتج المحلي إلى 30%
  • أبوظبي للاستثمار يمكّن من عقد صفقات بـ2.4 مليار درهم في 4 سنوات
  • وزير العمل يزور مصانع البلاستيك في العاشر ويؤكد: نشجع الاستثمار المحلي والاجنبي
  • النائب أيمن محسب: رفع نسبة المكون المحلي بالصادرات خطوة هامة لتعزيز مناخ الاستثمار
  • الرئيس التنفيذي لهيئة «ماتريد» الماليزية لـ«الاتحاد»: 29.3 مليار درهم تجارة الإمارات وماليزيا في 10 أشهر
  • إيلون ماسك يواصل تحطيم الأرقام القياسية.. ثروته تتجاوز 347 مليار دولار بفضل تسلا وxAI
  • لقجع: 45 مليار درهم للحوار الاجتماعي