اليوم 24:
2025-03-20@03:47:14 GMT

الاستثمار العمومي.. بين الأرقام والواقع

تاريخ النشر: 22nd, November 2024 GMT

وفقًا للنظرية الكينزية، على المدى القصير، تساهم النفقات العامة من جميع الأنواع (الرواتب، الاستهلاكات الوسيطة، الاستثمارات، التأمين ضد البطالة، إلخ) بالفعل في تحديد مستوى الطلب الكلي، الذي يتوجه إلى الشركات ومن خلاله يتم اتخاذ القرارات المتعلقة بالإنتاج والتشغيل.
على المدى الطويل، تؤثر النفقات العامة أيضًا على العرض: وهكذا تزيد نفقات التعليم والصحة من إنتاجية اليد العاملة، وتساهم نفقات البحث في اكتشاف عمليات جديدة ومنتجات جديدة قد تحسن الرفاهية، وتسمح نفقات الاستثمار بتطوير البنية التحتية المفيدة للنشاط في جميع القطاعات، إلخ.


تلعب النفقات العامة دورًا في كل من الطلب والعرض، أي على مستوى النشاط الاقتصادي، الذي بدوره يحدد الإيرادات التي يمكن للدولة الاعتماد عليها. عندما تتحسن النشاطات وتتمكن الدولة من مكافحة التهرب الضريبي، تزداد الإيرادات مع الدخل الوطني، مما يقلل من الاعتماد على الاقتراض: تزداد الديون العامة ببطء أكبر من الناتج المحلي الإجمالي، وتنخفض ​​نسبة الدين (الدين/الناتج المحلي الإجمالي). عندما تنخفض النشاطات، يتقلص الناتج المحلي الإجمالي أسرع من الدين، ويزداد معدل الدين. هذا النموذج النظري بعيد عن التحقق في حالة المغرب بالاعتماد علىً الاستثمار العمومي كأساس للتحليل..
تُقدّر الاستثمارات العمومية في مشروع قانون المالية لعام 2025 بمبلغ 340 مليار درهم، وتتكون كما يلي: 40% من هذه الحصة تعود إلى المؤسسات والمقاولات العمومية، أي 138 مليار درهم؛ اماً الميزانية العامة ومرافق الدولةً المسيرة بصفة مستقلة والحسابات الخصوصية للخرينةً فتمثل في المجموع 120,5مليار درهمً بعد تحييد تحويلات الخزينة إلى هذه الصناديق أ ؛ وصندوق محمد السادس للاستثمار خصص له مبلغ 45 مليار درهم، أي 13,2%؛ وتساهم الجماعات الترابية بنسبة 6,3%، أي 21,5 مليار درهم؛وأخيرا يستفيد الصندوق الخاص لإدارة آثار الزلزال بمبلغ 15 مليار درهم، أي 4,4%
. يمثل الاستثمار العمومي كما هو معروض على الورق 20.6% من الناتج المحلي الإجمالي. إنها نسبة ضخمة مقارنة بالدول ذات التوجه الليبرالي. في البلدان الأوروبية، لا يمثل الاستثمار العمومي سوى 3 إلى 4% من الناتج المحلي الإجمالي!
ومع ذلك، فإن هذه البيانات تستدعي الملاحظات التالية: أولاً، يتميز الاستثمار العمومي الذي يمثل ثلثي الاستثمار الإجمالي بكفاءة محدودة بسبب سوء الحكامةً وطبيعة تأثير المضاعف المنخفض والذي يلعب دورًا أساسيًا في البلدان الشريكة للمغرب. وهكذا، في كل مرة يقوم فيها بلدنا بإنجاز مشروع يهم البنية التحتية، يتطلب ذلك استيرادات من الخارج على شكل معدات وتكنولوجيا.و هذا الطرح ينطبق كذلك علىً مخططات الانتعاش التي كان لها تأثير ضئيل على كل من النمو والتشغيل .
ثانيًا، يلاحظ ان مبلغ 45 مليار درهم المخصص لصندوق محمد السادس، الذي يندرج في إطار مخطط الانتعاش ما بعد كوفيد، يعود إلى عام 2021 وتم ترحيله من ميزانية إلى أخرى لدرجة أننا لا زلنا نتحدث عن تفعيل هذا الصندوق
ثالثًا، يتم تنفيذ هذا الاستثمار فقط بنسبة تقارب 70%، مما يعني أن الاستثمار الفعلي لن يتجاوز 238 مليار درهم، أو حتى أقل بكثير إذا أخذنا في الاعتبار جميع الملاحظات المذكورة سابقًا.
رابعًا وأخيرًا، فإن الاستثمار العمومي موزع بشكل سيء من الناحية المجاليةً ولا يستفيد منه جميع السكان بنفس المستوىً وبالتالي فإنه يؤدي إلى تفاقم الفوارق المجاليةً كما يتضح ذلكً من خلال المذكرة المتعلقة ًبالتوزيع الجهوي للاستثمارالمرافقة لمشروع قانون المالية. وهكذا، وفقًا لحساباتنا التي أجريت على أساس الأرقام المتاحة، تتفاوت مبالغ الاستثمار العمومي لكل فرد، حسب الجهاتً المختلفة، بين 14400 درهم (العيون الساقية الحمراء) و1693 درهم (فاس-مكناس). بالمقارنة مع المعدل الوطني البالغ 3738 درهمًا لكل فرد، تقع 5 جهات فوق هذا المعدل و7 جهاتً أخرى تحته. ينبغي الإشارة إلى أن هذه البيانات لا تحمل سوى قيمة نسبية حيث أن 137,7 مليار درهم فقط هي المعنية، أي ما يعادل بالكاد 40% من المبلغ الإجمالي المتوقع في مشروع قانون المالية 2025.
بالطبع، يجب إجراء المقارنة على المدى الطويل لفهم الديناميات الجهويةً .وعلى هذا المستوى، يلاحظ بالفعل ان هناك دينامية جهويةً للمناطق ذات المساهمة المنخفضة في الناتج المحلي الإجمالي حيث تشهد معدلات نمو أكبر من غيرها. تتعلق هذه الدينامية بشكل أساسي بأقاليمنا الصحراوية التي استفادت من استثمارات كبيرة وبرنامج تنموي بقيمة تقارب 80 مليارً درهم. لكن في الوقت الحالي، لا تزال الثروة مركزة في ثلاث جهات : الدار البيضاء-سطات، الرباط-سلا-القنيطرة، وطنجة-تطوان-الحسيمة التي تتركز فيها حوالي 60% (58,6%) من الكعكة الوطنية.
لايزال إذن تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية أمنية بعيدة المنال. فحتى الجماعات الترابية التي ينبغي أن تساهم في ذلك من خلال تخصيص التحويلات العمومية التي تستفيد منها للاستثمار (51 مليار درهم كحصة الضريبة على القيمة المضافة المحولة إلى الجماعات المحلية و9 مليار درهم الموضوعة تحت تصرف الجهات ) تعبأ فقط 21,5 مليار درهم للاستثمار. والباقي أي 38,5 مليار درهم مخصص لنفقات التسيير ! إنها وضعية غير عادية وغير متوافقة مع العصر، وبالتالي يجب تصحيحها في أقرب وقت ممكن. لقد حان الوقت لتوضيح العلاقات بين الدولة المركزية و »الدولة الترابية » من خلال تنفيذ سياسة جريئة لللامركزية واللاتمركز، سياسة تتماشى مع الهدف الاستراتيجي للجهوية المتقدمة. وهذا البعد نجده مغيبا في الدولة الاجتماعية كما اعتمدته الحكومة .
المغرب مدعو لضمان ثلاثة توازنات أساسية: التوازنات الاقتصادية الكلية، التوازنات الاجتماعية الكلية، والتوازنات البيئية. في الوقت الحالي، وعلى عكس تصريحات السلطات العمومية، نلاحظ أن أيًا من هذه التوازنات الثلاثة لم يتحقق بالكامل. حتى التوازنات المكرواقتصادية تظل هشة وتثير القلق: عجز الميزانية يقارب 5%؛ عجز مزمن في الميزان التجاري؛ عجز في ميزان الأداءات ؛ ديون الخزينة بنسبة 70% والديون العامة بنسبة 84%.
فقط تغيير في المسار سيكون قادرًا على تصحيح توازناتنا الماكرواقتصادية وضمان تحسين مستوى معيشة السكان مع الحفاظ على مواردنا الطبيعية. هذه الأهداف ليست متناقضة. على العكس، هي جزء من نفس الدينامية. شريطةً تغيير البراديكمً والتخلي عن عدد من الوصفات النيوليبرالية التي أبانت عن محدوديتها .

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: الناتج المحلی الإجمالی الاستثمار العمومی ملیار درهم

إقرأ أيضاً:

2.9 مليار درهم توزيعات أرباح "أدنوك للحفر" 2024

أعلنت شركة أدنوك للحفر، موافقة المساهمين على جميع بنود جدول الأعمال في اجتماع الجمعية العمومية السنوي، بما في ذلك توزيع الدفعة النهائية من أرباحها النقدية عن السنة المالية المنتهية في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2024.

واعتمد مساهمو الشركة توزيعات أرباح نقدية نهائية لعام 2024 تبلغ 1.45 مليار درهم " حوالي 9.05 فلس للسهم"، ما يرفع إجمالي توزيعات الأرباح إلى 2.90 مليار درهم "حوالي 18.1 فلس للسهم" بزيادة 10% على أساس سنوي مقارنة بـ2023.
وسيتم دفع الأرباح في 11 أبريل (نيسان) 2025 أو خلال أيام قبل أو بعد هذا التاريخ لجميع المساهمين المسجلين اعتباراً من 27 مارس (آذار) 2025.
وارتفعت إيرادات شركة أدنوك للحفر للعام المالي 2024 بأكمله بشكل كبير لتصل إلى 14.82 مليار درهم، بزيادة 32% على أساس سنوي، ووصلت الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء مستوى غير مسبوق حيث بلغت 7.40 مليار درهم، بزيادة 36% على أساس سنوي، وضاعفت الشركة صافي الربح لأكثر من الضعف منذ إدراجها في سوق أبوظبي للأوراق المالية ليصل إلى 4.77 مليار درهم في 2024.
وستستفيد الشركة من ميزانيتها القوية في تعزيز التزامها بالنمو الذكي واستثمار الفرص المتاحة وزيادة القيمة للمساهمين على المدى الطويل.

مقالات مشابهة

  • 25 مليار دولار شراكة بين «القابضة» و«إنرجي كابيتال بارتنرز» للاستثمار في مشاريع للطاقة
  • الإثنين.. "الشورى" يناقش وزير "التراث" في مساهمة قطاع السياحة بالناتج المحلي الإجمالي
  • 81.49 مليار درهم صافي دخل بنوك الإمارات
  • «أدنوك للحفر» تعتمد توزيعات أرباح بـ2.9 مليار درهم
  • وزيرة التخطيط: توقعات باستمرار تعافي نمو الناتج المحلي الإجمالي
  • لـ 12 مليار دولار.. مصر والهند تتفقان على زيادة حجم التبادل التجاري
  • وزير الاستثمار يبحث مع نظيره الهندي مضاعفة التبادل التجاري إلى 12 مليار دولار
  • 2.9 مليار درهم توزيعات أرباح "أدنوك للحفر" 2024
  • 535 مليار درهم رأسمال واحتياطيات بنوك الإمارات
  • العراق و4 دول تستحوذ على 70% من الناتج المحلي الإجمالي العربي