تحت العنوان أعلاه، كتب ألكسندر ستافير، في "فوينيه أوبزرينيه"، عن تحميل الغرب الأوكرانيين مسؤولية فشل الهجوم المضاد.
وجاء في المقال: يتداول الخبراء والمحللون العسكريون الغربيون، وخاصة الأمريكيون، رأيا يقول بأن هجوم الجيش الأوكراني الصيفي المضاد سيتحول بسلاسة إلى هجوم خريفي، ثم إلى "سبات" شتوي للوحدات الأوكرانية على خط التماس.
الأمر وما فيه أن المحللين العسكريين فقدوا الثقة في القدرات القتالية للقوات المسلحة الأوكرانية. لكنهم، في الوقت نفسه، لا ينكرون حقيقة أن الأوكرانيين يقاتلون ببسالة. حتى إن البعض يعترف بأن الجيش الأمريكي في مثل هذه الظروف كان سيهرب ببساطة من ساحة المعركة. لا تنص عقيدة الغرب العسكرية الحديثة على سير الأعمال القتالية دون استخدام طيف كامل من الأسلحة. إن ما تظهره القوات المسلحة الأوكرانية من خلال "الهجوم بلحمها" يثير الرعب في نفوس قادة الجيش الغربي.
بطبيعة الحال، هناك بحث في معظم الأوساط عن أسباب إخفاقات القوات المسلحة الأوكرانية.
الرواية الأكثر شعبية تُرجع فشل الهجوم الأوكراني المضاد إلى غباء الأوكرانيين.. معظم خبراء الغرب على يقين بأن النهج الغربي في نظرية الحرب الحديثة هو النهج الصحيح الوحيد، وأن الفكر العسكري الغربي هو الأكثر تقدما.
يدركون في الغرب حقيقة أن أيا من جنود جيش الغرب العالمي لم يشارك، في الواقع، في حرب تشبه تلك التي تدور في أوكرانيا اليوم.
بشكل عام، لا يفهم المحللون سبب عدم نجاح الاستراتيجية والتكتيكات الغربية. البحث جار عن المذنب. بطبيعة الحال، يقع اللوم على الأوكرانيين. يقع اللوم عليهم لأنهم يعرفون جيدًا التكتيكات السوفيتية، وأنهم درسوا بشكل سيئ في قواعد الناتو، وأنهم مذنبون بـ "عدم إتقان استخدام" الأسلحة الغربية.
في ختام حديثي هذا، أقول: يبدو لي من أجل فهم الحرب الحديثة، لا ينبغي إرسال الأوكرانيين إلى قواعد الناتو والجيش الأمريكي العسكرية في أوروبا والولايات المتحدة، إنما على العكس من ذلك، تدريب جنود وضباط الجيوش الغربية من قبل الأوكرانيين.
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حلف الناتو
إقرأ أيضاً:
بينَ أمجادِ الماضي ومآسي الحاضر / لمى أيمن صندوقة
بينَ #أمجاد_الماضي و #مآسي_الحاضر
#لمى_ايمن_صندوقة
هِيَ الحضارةُ الإسلاميةُ، قصةُ المجدِ التي خُطَّتْ بحروفٍ مِنْ نورٍ على صَفحاتِ التاريخِ، هي التي كانت ولا زالتْ منارةً اضاءتْ سُبلَ الجهلِ والظلامِ، هِيَ الحضارةُ التي لم تكنْ مجردَ حِقبةٍ زمنيةٍ طارئة على التاريخ؛ فكانَ لها الأثرُ العظيم في الحضارات التي سبقتها والتي تلتها.
تعاقب على هذهِ الأرض العديدُ مِنَ الحضاراتِ مِنها؛ الحضارةُ المصريةُ، الرومانيةُ، الإغريقيةُ، البابليةُ والحضارة الكنفوشوسية لآسيا البعيدة ، وكانَ لهذهِ الحضارات التي تقادمت واحدةً تلوَ الأخرى؛ بصمةً خاصةً بينَ صفحاتِ التاريخ ولكنْ بالرغمِ من امتدادِ أمدِ هذهِ الحضاراتِ إلّا أنّهُ كانَ مصيرُها الاضمحلال والاندثار والزوال.
وَهُنا بزغَ فجرُ الحضارةِ الإسلاميةِ التي جَعلت هذهِ الحضاراتِ تنهض من سباتها حين تلاشتْ ولم يبقَ منها سوى الرماد، كذلكَ ولم تبقَ حضارةٌ تلتِ الحضارةَ الإسلاميةَ إلّا وكانت تحملُ وسمًا من آثارها، أو شذًى من عبيرها.
نشأت وترعرعتِ الحضارة الإسلامية في الرقعةِ الوسطى من القارات الثلاث التي تشكل منها العالمُ القديمُ : آسيا، إفريقيا وأوروبا .فبعدَ أنْ كانت هذه الأرض بمثابةِ حاجزٍ من طودٍ عظيم بين حضاراتِ المشرق والمغرب؛ إلّا أنّها سرعانَ ما سرت في أوصالها الحياة؛ لتصبح شبكة متلاحمةً تنقل الفكر والثقافة بين أطرافها. آنذاك، لم يكن الغرب يمتلك ما يقدمه، بل نهل واسترقَ من علوم المشرق ومعارفه، واستفاد منها بما يتواءم ويتلاءم مع احتياجاته وظروفهِ، بعد ذلك زخرت الحضارةُ الاسلاميةُ بالعلومِ الإنسانيةِ جميعِها؛ فلمْ يبقَ ضربٌ من ضروب من تلكَ العلوم إلّا وكان قد انتشر بينَ أبنائِها كاشتعال النار في الهشيم؛ فتميّز العرب بأبحاثهم العلميةِ ،فهم – من باب الإنصاف – الذين ابتدعوا طريقةَ البحثِ العلميِّ، فعندهم فقط بدأَ البحثُ السديد الذي يمكُن الاعتمادُ عليه.
وعلى هذا الأساس وبذات وتيرة النهج قطعوا في العلوم أشواطًا بعيدةً وكبيرة ؛ أثّرت فيما بعد بطريقةٍ غيرِ مباشرةٍ على مفكري الغربِ وعلمائِه.
والعربُ المسلمونَ همْ سادةُ السبل والوسائل التجريبيةِ في الكيمياءِ والطبيعةِ والحسابِ والجبرِ والمثلثاتِ وعلمِ الاجتماعِ، علاوةً على ذلك؛ الكم الهائل الذي لا يُحصى ولا يعد من الاكتشافاتِ والاختراعاتِ في مختلفِ فروعِ وأقسامِ العلوم التي سُرقت وسُلب أكثرُها ونُسبَ لآخرين ليسوا نحن ولا يشبهوننا !.
فبينما كانَ الغربُ في أوحال الجهلِ والظلامِ والرُعونةِ ؛كانتْ الحضارةُ الإسلاميةُ تعيشُ في إوج ازدهارها وجمالها، ولكن عندما بدأت دول الغربِ بالنهوضِ والاستيقاظِ والقيامِ من ذلك الظلامِ ،تحديدًا منذ عهد الاستعمار ؛بدأت بدخولِ البلدان العربيةِ المسلمةِ وبدأَ علماءُ الغربِ ومفكروهم بعد ان وطأوا بلادَ الإسلامِ ؛العملَ بجدٍّ بسبر أعماق الحضارة الاسلامية والاقتباس منها وترجمتها وفكِّ معالمِها وشيفراتها ذات الروح العربية؛ لدرجةِ أنَّ الترجمةَ كانَت دارجةً في الغرب وانتشرَ تعلُّم اللغة العربية آنذاك ليصبحَ منْ نشاطاتِ الغربِ الاعتيادية، حيثُ أنَّ اللغةَ العالميةَ السائدةَ والطاغية في علومِ العربِ وأبحاثهم واكتشافاتهم في شتى الاصقاعِ هي اللغةُ العربية الفصحى التي تعلّمها المسلمونَ حُباً وشغفًا واتباعًا وامتثالاً لعقيدتِهم.
وعلماءُ الغربِ عملوا بكل ما يمتلكون من جديّةٍ وبقوَّةٍ في نقلِ العلومِ ومتابعةِ أفكارِ كلِّ عالمٍ ومفكرٍ وحاذقٍ عربيٍّ مسلم حتى عرفوا ما نَقصَ وتضاءلَ من بحوثِ بعضِ العلماءِ المسلمينَ ليقوموا بتطويرها، ناهيك عن ذلك أن السبب وراء ضياعِ بعضِ البحوثِ والكتبِ والنظرياتِ التي دُرست وكتبت بأيديٍ عربيةٍ مسلمةٍ كانت الهجماتِ البربريةِ والهمجيةِ التي اجتاحت البلاد الإسلامية؛ من الغزو الصليبي من جهة الغرب ، والغزو المغولي الغجري الرعوي من الشرق .
بل وإن الحضارةُ الإسلاميةُ لم تقوّضِ أركان ما كان قائمًا عند بزوغ فجرها المبارك ؛بل عملتْ على إعادةِ بناءِ ما تهدم وتداعى، ثم أضافت عليه بما يعزز بنيانه ويدعم أركانه .
ولو أنعمنا النظرَ في هذهِ الحضارةِ العظيمة لوجدنا أنّهُ لم تدّركِ الحضارة الإسلاميةُ أمةً إلّا وتركت عبيرًا أو أثرًا في عادتها وتقاليدها وأطوارها.
يبقى في الذات ذاك السؤال الجوهريّ لماذا كانتْ هذهِ الغلبةُ للأمةِ الإسلاميةِ؟
كانَ سرُّ هذه الغلبة للأمةِ الاسلامية أّنّها تنفردُ وتتميّزُ بعقبدةٍ لم تمتلكها أمة غيرها؛ فهي عقيدة شاملة تأخذ الإنسان كلّه ولا تجتزىء منه بضعًا تسميه الجانب الروحي.
فالحضارةُ الإسلامية هي تلك القاعدةُ المؤثّلةُ المؤصلةُ الممجدةُ التي يشتاقُ كلُّ مسلمٍ لإعادةِ بناءها ورؤيتها شامخةً عزيزةً باسقةً كما كانتْ، فالحضارةُ الإسلاميةُ بعلومِها وثقافتِها ومعالمِها هي القاعدةُ التي بُنيَ عليها علوم الغربِ وتطورهِ الذي نشهدهُ الآن؛ فلا يزال الغرب حتى هذه اللحظة يستفيدون ويرجعون الى علومنا وركائزنا التي وضعناها نحنُ لا هم ولكن هل كلّ مسلمٍ يعرف ويدرك هذا الأمر؟ فلعلي استغرب أنّ الكثير ممن هو في جيلي لا يدركون أهمية الحضارة الإسلامية ولا يعلمون أنّ تلك العلوم التي يدعي الغرب أنها له وأنّه هو من اكتشفها نحنُ من وضعناها ودرسناها وكتبناها وكنا سبباً في أساسها؛ فلعلَّ المشكلة ليست بالحضارة التي ضاعت وسلبت بل بجهلنا وعدم معرفتنا وثقافتنا بذلك، ولعل حالي قائلةً:
“انا إنْ بَكيتُ فإنَما أبْكي عَلى
مِلْيارنا لَما غدو قطعاناً
أبْكي على هذا الشتاتِ لأمتي
أبكي الفراقَ المرَّ والأْضغانا
أبكي وَلي أملٌ كبيرٌ بأنْ أَرى
مِنْ أُمَتي مَن يَكسرُ الأوثانا”