الصحابة رضي الله عنهم هم من أعظم الشخصيات في تاريخ الإسلام، فقد كانوا الأعمدة التي قامت عليها دعائم الدين بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، واختارهم الله ليكونوا مع النبي في أوقات السلم والحرب، وكانوا الرفقاء الذين حملوا الرسالة بعد وفاته، وشهدوا الغزوات الكبرى، مثل بدر وأحد والخندق، وأظهروا شجاعةً وإيمانًا لا يتزعزع، ولم يكونوا فقط جنودًا في المعارك، بل كانوا قدوة في العلم والدعوة، ويزخر التاريخ الإسلامي بمئات المواقف التي توضح مكانة الصحابة، لكن واحدًا منهم فقط هو من اهتز عرش الرحمن لموته؛ فمن هو؟

صحابي اهتز عرش الرحمن  فرحا به وبقدوم روحه

الصحابي الذي اهتز لوفاته عرش الرحمن هو سعد بن معاذ رضي الله عنه، فجاء في صحيح البخاري حيث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ»؛  وكان ذلك بعد أن استشهد سعد في غزوة الخندق بسبب إصابته في معركة الأحزاب، وفقًا لما نشرته دار الإفتاء المصرية.

وعندما توفي سعد بن معاذ، اهتز عرش الرحمن تعبيرًا عن عظمة مكانته عند الله، وجاء ذلك في الحديث الشريف ليُبين مكانة هذا الصحابي الجليل في الإسلام، إذ كان سعد بن معاذ كان من أبرز القادة في معركة الخندق وواحدًا من أنصار النبي الأوفياء، وهو الذي أسلم في وقت مبكر وشهد العديد من الغزوات المهمة.

أسلم سعد بن معاذ رضي الله عنه في السنة 5 من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، أي بعد الهجرة بثلاث سنوات تقريبًا، وكان إسلامه في السنة التي شهد فيها بيعة العقبة الثانية، إذ أسلم مع مجموعة من قومه من الأوس وكانوا من الأنصار الذين دعموا النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، وقد أسلم سعد بعد أن استمع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن، وكان إسلامه من أبرز الأحداث في تاريخ الدعوة، إذ كان أحد القادة البارزين في غزوة بدر وغزوة الخندق.

شهد غزوات بدر وأحد والخندق، وعندما استشار النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة يوم بدر، قال سعد بن معاذ رضي الله عنه: «قد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به حق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك، ما تخلف منا واحد، وما نكره أن نلقى عدونا غدا، إنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله»، فسار بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

بكاء الرسول صلى الله عليه وسلم على سعد بن معاذ 

رمي سعد بن معاذ رضي الله عنه بسهم يوم الخندق، عاش بعدها شهرا ثم انتفض جرحه فتوفي بذلك، ودفنه النبي صلى الله عليه وسلم وبكى عليه حتى جعلت دموعه تحادر على لحيته، فرضي الله عنه.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: قصة الصحابي النبي النبی صلى الله علیه وسلم

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: قراءة السيرة والصلاة على النبي وتدبر القرآن مفاتيح محبة وتعظيم الرسول

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الديار المصرية الأسبق، إن مدخل حب النبي محمد صلى الله عليه وسلم يقود إلى تعظيمه والارتباط به، مشيرًا إلى أن المسلم إذا أحب النبي حقًّا فإنه يعظّمه ويقف عند حدّه ويتصل به اتصالًا روحيًا عميقًا، مؤكدًا أن هناك ثلاث وسائل رئيسية لغرس هذا التعظيم والمحبة في القلوب: قراءة السيرة، والإكثار من الصلاة عليه، وتتبع ما ورد عنه في القرآن الكريم.

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الديار المصرية الأسبق، خلال بودكاست «مع نور الدين»، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس: «من مدخل الحب، إذا أحب المسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه يعظمه ويقف عند حدوده أمامه، ويكون متصلاً به اتصالاً تامًا. هذا الحب يتولد من أمور عدة، أولها قراءة السيرة النبوية».

وأضاف: لو أن المسلمين قرأوا السيرة النبوية وأكثروا منها، لرأوا حال النبي صلى الله عليه وسلم واشتاقوا إلى أن يفعلوا مثله، ولرأوا ذلك الإنسان الكامل الذي تحول إلى إنسان رباني، ثم بعد رحلة الإسراء والمعراج، تحول إلى نور، كما ورد في القرآن الكريم: 'يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ'، وقوله صلى الله عليه وسلم: 'يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ'، وهذا النور هو حضرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم."

وتساءل قائلاً: «كيف تعلقت قلوب الأمم بقراءة السيرة؟ كانت السيرة تُقرأ في الأزهر الشريف يوميًا بعد صلاة الفجر، حيث يكون الذهن متفتحًا والناس في نشاطها، وأول ما يستقبلونه هو السيرة النبوية».

وأشار إلى أن مؤلفات السيرة النبوية المطبوعة بلغت حوالي 450 كتابًا حتى الآن، وقد يكون العدد وصل إلى 500، أما المخطوطات، فهي أكثر من ذلك بكثير، على سبيل المثال، قام المرحوم صلاح المنجد بعمل معجم جامع لكل ما كُتب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أحواله ومواقفه وأشيائه وخدامه وأزواجه وأبنائه، وكلما قرأت عنها، زاد حبك له ولم تمل.

وأردف: «هذا هو الطريق الأول لعلاج المسلم المعاصر، حتى إذا ما ذهب في هذا البحر اللجي من الحمق والتحامق والاستهانة بتعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يجد قلبه يصده ويطمئن إلى تعظيمه».

وأضاف: «الأمر الثاني الذي أمرنا الله به، وجربه المسلمون، هو الصلاة على سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)».

وذكر: "المسلمون تفننوا في صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فوجدنا حوالي 43 صيغة واردة في الحديث، على سبيل المثال، الشيخ الجزولي رحمه الله في القرن الثامن الميلادي، ألف مجموعة سماها 'دلائل الخيرات'، ما رأيكم أن عدد مخطوطات 'دلائل الخيرات' فاق عدد المصاحف؟، الأمة لم تجتمع وتقرر أن تعمل نسخًا أكثر، ولكن سبحان الله، أراد الله ذلك، فوجدنا حوالي 20 مليون مخطوطة إسلامية على وجه الأرض، منهم حوالي 2 مليون نسخة فقط لـ«دلائل الخيرات»، وهذا غير كتب الصلوات الأخرى، مثل «كنوز الأسرار» للهروش، و«سعادة الدارين» للنبهان، و«الكنز الثمين»، وغيرها من المجاميع التي جمعت الصلوات وتتبعت فضلها، وعرف المسلمون فضلها كثيرًا، إما بالتجربة أو بالرؤى».

وشدّد: «الالتزام بالنصوص عندنا شكله إيه؟ نحن ملتزمون بالنصوص ولكن بالفهم العميق، ملتزمون بالنصوص ولكن بالفهم الذي لا يضرب بعض الشريعة فيه بعض، إنما كله متفق على نمط واحد، فإذا كان الأمر الأول هو السيرة، والأمر الثاني هو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الأمر الثالث هو تتبع ما ورد عن سيدنا في القرآن الكريم».

وتابع: «ربنا في القرآن الكريم أكثر من ذكر النبي عليه الصلاة والسلام، هو لم يُذكر باسمه محمد إلا أربع مرات، وأحمد مرة واحدة، لكن المقصود ليس ذلك، المقصود أنه وصفه وذكر عينه وذكر يده وذكر كل أعضاء جسمه، فقراءة السيرة مع الصلاة على النبي، مع تتبع القرآن، تجعل الإنسان يرسم هذه الصورة لسيدنا».

مقالات مشابهة

  • 3 أعمال أوصى بها النبي من داوم عليها دخل الجنة.. لا تغفل عنها
  • فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة
  • سنن ليلة الجمعة الثابتة .. 8 أمور أوصى بها النبي
  • علي جمعة: قراءة السيرة والصلاة على النبي وتدبر القرآن مفاتيح محبة وتعظيم رسول الله
  • علي جمعة: قراءة السيرة والصلاة على النبي وتدبر القرآن مفاتيح محبة وتعظيم الرسول
  • في عيد العمال.. كيف حث سيدنا النبي على إعطاء حقوقهم؟
  • دعاء لمن تعسر عليه الرزق .. احرص عليه يرزقك الله من حيث لا تحتسب
  • دلّنا عليها النبي.. 4 أعمال عظيمة ثوابها وأجرها مثل الحج والعمرة
  • دعاء تسهيل الأمور الصعبة وقضاء الحاجة.. احرص عليه في جوف الليل
  • ماذا فعل النبي عند العواصف الترابية والرياح .. تأسوا بسنته الشريفة