صنّاع الأفلام الفلسطينيون يعربون عن قلقهم المتزايد إزاء التحديات المتصاعدة ويشيدون بدعم مؤسسة الدوحة للأفلام
تاريخ النشر: 22nd, November 2024 GMT
الدوحة-ريم الحامدية
وسط تحديات متزايدة تتعلق بالبنية التحتية والتمويل والتوزيع، أعرب صُنّاع الأفلام الفلسطينيون المشاركون في مهرجان أجيال السنيمائي 2024 الذي تنظمه مؤسّسة الدوحة للأفلام، عن قلقهم العميق بشأن مستقبل مشاريعهم، بينما عبّروا عن فخرهم بالتزام المخرجين الشباب والمخضرمين بمواصلة شغفهم الفني.
وجاء ذلك في لقاء صحفي أقيم على هامش فعاليات المهرجان، بمشاركة المخرجين محمد بكري ورشيد مشهراوي، والممثل ورئيس لجنة تحكيم "صنع في قطر" لهذا العام صالح بكري، بالإضافة إلى المخرجين الصاعدين محمد المغني وليلى عبّاس. وأكّد صنّاع الأفلام الفلسطينيونعلى أهمية السينما الفلسطينية، ليس فقط لمواجهة المعلومات المضللة، ولكن أيضًا لتعزيز الحوار الصحي وزيادة الوعي حول فلسطين وشعبها.
وصرّح المخرج القدير محمد بكري، الذي يقدم فيلمه "جنين جنين" لمحة صادقة عن تحديات صناعة الأفلام في فلسطين: "لا توجد بنية تحتية لصناعة السينما في فلسطين، ولكن هناك أفراداً يبذلون قصارى جهدهم. في كل منطقة جغرافية يتواجد فيها الفلسطينيون، هناك نضالات مختلفة، لكننا جميعًا نتشارك أحلام التحرر والاستقلال والكرامة."
يعود بكري في "جنين جنين" إلى مخيم جنين للاجئين بعد 20 عامًا من فيلمه الوثائقي الأول "جنين، جنين" ليربط بين شهادات الناجين من العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة وانعاكسات التأثير المستمر لاجتياح عام 2002.
وأضاف: "أحيي مؤسسة الدوحة للأفلام في مهرجان أجيال السينمائي،وأثمن جهودهم في تنظيم مهرجان بهذه الأهمية وبهذه الطريقة، مع مراعاة ما يحدث لشعبنا في غزة." وأشار بكري إلى أن تمويل أفلامه كان بالغ الصعوبة، لكنه قال بفخر: "عندما أنهيت "جنين جنين"، نظرت إلى نفسي في المرآة وشعرت بالفخر!"
من جانبه، عبّر المخرج رشيد مشهراوي، الذي حازت أفلامه على إشادةواسعة في مهرجانات عالمية، عن تحديات مماثلة، قائلاً إن إنتاج فيلم جديد استغرق منه ثلاث سنوات، حتى بعد الإشادة بأعماله في مهرجان كان السينمائي. "كل مرة أبدأ فيها العمل على فيلم جديد، أشعر وكأنني أعمل على أول فيلم لي. الواقع هو أنّ كل فيلم يحتاج إلى وقت وجهد وتخطيط أكبر لتحقيقه."
وأضاف: " من المهم صناعة الأفلام، على الرغم من أنّ السّينما ليست مجرد ضغطة زر لتحقيق تغيير فوري. لكن على الجميع أن يشارك، وأنا أحاول قدر استطاعتي من خلال عملي أن أنقل الرواية الفلسطينية وأفند الرواية الزائفة للاحتلال. العمل السينمائي يجعلني أشعر بأنني لست عاجزاً، بل مشاركاً فعّالاً في تحقيق التغيير."
وأوضح مشهراوي أنّ فيلمه الجديد "أحلام عابرة"، الذي افتتح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الأسبوع الماضي، تم تصويره في القدس، وبيت لحم، وحيفا، والضفة الغربية، وفي أنحاء فلسطين. وقال: "كل هذه الأماكن منفصلة عن بعضها البعض، وكنّا بحاجة إلى طلب تصاريح للتنقل بينها. ولكنّنا نجحنا في تحقيق ذلك. وما يلهمني ويحركني هو أن الشباب الفلسطيني، رغم كل هذه التحديات، يواصلون صناعة أفلام رائعة."
مشهراوي هو مُنسّق مشروع "من المسافة الصفر" (فلسطين)، وهو مجموعة من 22 فيلماً قصيراً أُنتجها صُنّاع أفلام من غزة، وتقدم نظرة صادقة عن الحياة اليومية والنضالات والآمال لأفراد يعيشون تحت الحصار. وقال: "ما يحدث في غزة يجب أن يُعرض في كل مكان. هذه المجزرة تختلف عن أي شيء حدث من قبل لأنها تُبث على الهواء مباشرة. يجب ألا نعتاد على ذلك. وما يقتلنا ليس فقط الاحتلال الإسرائيلي، بل أيضاً الصمت العربي."
من جانبه، قال الممثل صالح بكري أنّه على الرغم من أن السينما لا تشفي الجراح، إلا أنّها "تمنح معنى للحياة وتساعد على إزالة غبار العجز." وأشار بكري إلى واقع الحياة اليومية في فلسطين: "فكرة المدينة الفلسطينية نفسها قد تم تدميرها. في الماضي، كان الفنانون العرب العظماء يأتون إلى حيفا من جميع أنحاء العالم ليؤدوا عروضهم. أما اليوم، فإن جمهوري الطبيعي لا يستطيع حتى دخول قاعة سينما."
المخرج محمد المغنّي، الذي يعرض فيلمه "برتقالة من يافا" (فلسطين، بولندا، فرنسا)، وهو عن شاب فلسطيني يحاول عبور حاجز إسرائيلي للالتقاء بوالدته، قدّم رؤيته عن السينما وقال: "قوة السّينما تكمن في أنها تبني جسوراً بيننا وبين العالم، وبين أبناء الشعب الفلسطيني. إنها وسيلة للتعبير عما بداخلنا. ولكن صناعة السينما في فلسطين صعبة للغاية لأن الظروف تجعلها ترفاً لا يقدر عليه الكثيرون."
أما ليلى عباس، مخرجة فيلم "شكراً لأنك تحلم معنا" (فلسطين، ألمانيا، المملكة العربية السعودية ، قطر، مصر)، الذي حصل على دعم منمؤسسة الدوحة للأفلام ويُعرض في مهرجان أجيال السينمائي، فقالت أن السينما تطرح أسئلة صعبة وتفتح مجالات الحوار.
وأضافت: "صوّرت فيلمي قبل أحداث السابع من أكتوبر. كنت أرغب في الابتعاد عن السياسة، لكن هذا مستحيل في السياق الفلسطيني، لأن ذلك يعني الانفصال عن الواقع. ولم أكن أرغب في أن تحتل إسرائيل قصتي أيضاً."
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الدوحة للأفلام فی مهرجان فی فلسطین
إقرأ أيضاً:
ورطة إسرائيل مع القوة التركية المتصاعدة في سوريا
سلط ضابط إسرائيلي رفيع الضوء على ما أسماه الخطر الذي يشكله تنامي نفوذ تركيا في المنطقة بعد أن تمكن الثوار السوريون من السيطرة على سوريا بعد إسقاط حكم بشار الأسد بمساعدة من أنقرة.
وفي مقاله في صحيفة معاريف دعا المقدم أميت ياغور، وهو النائب السابق لرئيس الساحة الفلسطينية في مديرية التخطيط في الجيش الإسرائيلي ورئيس الساحة الشمالية في المخابرات البحرية، إلى مواجهة هذا النفوذ من خلال التعاون مع الولايات المتحدة عبر تفعيل "خطة مارشال" تشمل إعادة إعمار سوريا وتقديم الدعم المالي والاقتصادي من خلال تحالفات إقليمية ودولية.
تركيا.. القوة الصاعدةوبدأ ياغور مقاله بمحاولة التهويل مما جرى في سوريا، معتبرا أن تركيا وقطر "تحاولان تشكيل نظام إقليمي جديد، ومنطقة قيادة ونفوذ لمحور الإخوان المسلمين السني المتطرف، الذي يحل فعليا محل محور المقاومة الشيعي الذي انهار بإخراج سوريا من المعادلة".
واعتبر الضابط الإسرائيلي أن الوجود التركي في سوريا يشكل تحديا غير مباشر لإسرائيل، يتعلق بقدرة تركيا على تجميع وتحريك قواتها العسكرية عبر الأراضي السورية، بما يهدد حدود إسرائيل سواء على مستوى الهجوم المباشر أو من خلال تمويل جماعات مسلحة معادية لإسرائيل.
إعلانويرى أن "هذا التهديد يزداد تعقيدا في ظل دعم تركيا لجماعات إسلامية متطرفة مثل حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي تعتبرها إسرائيل تهديدا مباشرا على أمنها القومي".
وعن النفوذ الاقتصادي لتركيا، يشير ياغور إلى أن تركيا تعتزم بدء مفاوضات مع سوريا حول تحديد الحدود البحرية في البحر الأبيض المتوسط، وهو اتفاق سيسمح للبلدين بزيادة منطقة نفوذهما بحثا عن الطاقة، فضلا عن التعاون مع سوريا في مشاريع البنية التحتية، بما في ذلك الموانئ.
وذكّر الضابط الإسرائيلي باتفاق مماثل وقعته تركيا مع ليبيا عام 2019 تم فيه ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، مما سمح لسفن الأبحاث التركية بالتنقيب عن الغاز برفقة السفن العسكرية، حيث قدمت أنقرة في المقابل مساعدات عسكرية (أسلحة وطائرات بدون طيار ومستشارين عسكريين وقوات).
وربما الأهم من ذلك وفقا لياغور، أن من المرجح جدا أن تشمل خطط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أيضا إحياء الحلم التركي وتحويل تركيا إلى مركز لتسويق الغاز إلى أوروبا، حيث سيمر خط أنابيب الغاز من قطر، عبر أراضي البر الرئيسي السوري إلى تركيا، وصولا إلى ألمانيا التي وقّعت بالفعل اتفاقية لتوريد الغاز الطبيعي المسال من قطر".
ويلفت ياغور الانتباه إلى أن هذا الطريق قد يكون منافسا لرؤية الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترامب ضمن صفقة القرن، والتي تتضمن تصورا لطريق بري جديد سيتم إنشاؤه من الشرق عبر الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، والذي من المفترض أن يمر عبر إسرائيل ومن هناك إلى أوروبا.
بديل عسكري أم مدني؟وفي مواجهة التحديات التي يمثلها الوجود التركي في سوريا، يرى الضابط الإسرائيلي أن أمام تل أبيب عدة سيناريوهات، "السيناريو الأول الذي قد تطرحه إسرائيل هو معارضة الحكومة السورية الجديدة، واعتبارها "ذئبا في ثياب حمل"، بمعنى أن الإدارة التي ستحل مكان الأسد قد تكون خاضعة لنفوذ تركي قوي، مما يعرّض إسرائيل لخطر وجود محور سني متطرف يقوده أردوغان، وهو ما قد يؤدي إلى تهديد طويل الأمد على حدودها، سواء عبر البحر أو البر أو الجو" على حد زعمه.
إعلانوحسب ياغور، فهناك خيار آخر قد يفكر فيه صانعو القرار في إسرائيل، وهو الاعتراف بالحكومة السورية الجديدة في محاولة للتأثير على صورة سوريا المستقبلية وضمان عدم هيمنة تركيا بشكل مطلق على المنطقة.
ويهدف "هذا السيناريو إلى إبطاء مساعي أردوغان في إقامة "أردوغانستان" إستراتيجي على حدود إسرائيل، ولكن هذا الخيار يحمل أيضا مخاطر كبيرة بما يخص الأمن الإقليمي".
ويضيف "رغم صعوبة كلا الخيارين، فإن البعض في إسرائيل يعتقد أن حياة المنطقة ليست بالأبيض والأسود، وأن هناك بديلا ثالثا قد يسمح لإسرائيل بالتحكم في مجريات الأمور بشكل أفضل، وهو مسعى يعكس التوجهات الأميركية في المنطقة".
إعادة الإعمار كأداة للنفوذالبديل الثالث الذي يقترحه المقدم أميت ياغور هو استخدام "المدنية" كأداة للتأثير، وهي فكرة تتجاوز التوجهات العسكرية البحتة إلى لعب دور محوري في مشاريع إعادة الإعمار في سوريا، بالشراكة مع الولايات المتحدة ودول اتفاقيات أبراهام، مستفيدة من التمويل الاقتصادي والدعم السياسي في هذه المرحلة الحرجة.
ويمضي بالقول إن الولايات المتحدة قد تكون شريطا فعالا في هذه المبادرة عبر تفعيل "خطة مارشال" تشمل إعادة إعمار سوريا وتقديم الدعم المالي والاقتصادي من خلال تحالفات إقليمية ودولية. وهو ما يمكن إسرائيل من التأثير في عملية تشكيل سوريا الجديدة بما يخدم مصالحها على المدى الطويل".
ويضيف ياغور "إن إعادة الإعمار في هذا السياق ليست فقط مشروعا اقتصاديا، بل أداة إستراتيجية قد تعزز من النفوذ الإسرائيلي في المنطقة، مما يقلل من أهمية التدخلات العسكرية التركية".