التعليم وضعه اليم ... لاتجعلوا الحرب شماعة لضياعه لانه ببساطة بدأ في التلاشي والذوبان مع مايو ( لا حارسنا ولا فارسنا يالقفلت مدارسنا ) ومع الإنقاذ عمد القائمون عليها علي التدمير الممنهج لدور العلم ومراكز الاستنارة
نعم الغرب له ثأر مبيت ضد الشعوب المستضعفة ، كان يستعمرهم بالجلوس علي صدورهم يمنعهم التنفس ويسرق مواردهم ولا يبخل عليهم بأقل من القليل ليظلوا علي قيد الحياة فهم بلا شك لهم دور في خدمته فهو يريدهم خدم منازل وعمال نظافة وجرسونات وحراس واجناد ( انفار ليس أكثر ) واي شيء من هذا القبيل من الأعمال الدنيا التي لاتحتاج الي تفكير وإعمال للذهن وحتي بعد أن انتشر التعليم ( كما وليس نوعا ) ظللنا ب ( سلامتنا ) حتي لو وصل الشخص منا إلي مرتبة رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية يتصرف بعقلية ذلك الخدام الموجود في داخله مختلطا بدمه ولحمه وشحمه وهذا الذي نحن بصدد الحديث عنه الآن ليس من نسج الخيال وقد شهدنا جميعا بأم أعيننا بعضا من رؤساءنا أو علي الاقل أحدهم يتم استقبالهم في مطارات الغير من غير بساط احمر وقرقول شرف ولا يجد رأس الدولة المضيفة واقفا أمام باب الطائرة مرحبا بل يجد مدير المطار أو نائب وزير الخارجية أو أي موظف في الخدمة المدنية عندهم يقوم بمهمة مقابلة رئيسنا فلا ( زولنا ) ولا نحن نثور علي هذه المعاملة غير الودية التي تنم عن ( حقارة ) عديل تستدعي قطع العلاقات والمعاملة بالمثل والاحتجاج بالصوت العالي بأننا أمة ذات كرامة ونخوة وشهامة وان ( سكينا حمرة للضيف ) ونقول له ( إذا ماشالك الرأس يشيلك الكتف ) !!.
هل التعليم هو فقط تعلم القراءة والكتابة أو نيل درجة علمية من اجل وظيفة للتباهي بها في المجتمع وبين الأمم ام أن التعليم هو أن يشعر الفرد بكرامته وآباء الضيم من اي جهة كانت والشعور بالمسؤولية مع تدثر كامل بغطاء الوطنية ...
هل يمكن أن نسمي ابن البلاد الذي رضع من ثديها وارتوي من حليبها الصافي وتعفرت أقدامه من ثراها الطاهر وشرب واغتسل من مياه نيلها العذب ... هل يمكن أن نسميه ( فارس الحوبة ومقنع الكاشفات وعشا البايتات إذا ( داس علي ضميره وباع أرض الأجداد بأبخس ثمن من أجل دولارات معدودات لا تسمن ولا تغني من جوع ) ؟!
هذه الحرب اللعينة العبثية المنسية وقد أعيت الطبيب المداويا وفشلت فيها كل العمليات الجراحية والتجميلية في وضع حد لها لأن من يرسلون الإغاثة للمنكوبين يتضح أن صناديق الإغاثة هذه ليس فيها سكر ولادقيق ولا اي مواد غذائية وعلاجية بل مجرد أسلحة فتاكة مرسلة بسوء نية وضمير غايب لفناء المزيد والمزيد من البشر والعمران والقصد أن تلك الجهات تقصد أن تبلغ ببلادنا درجة الأرض المحروقة الخالية من السكان وبعدها يمكن للجهات المستفيدة أن تقيم عليها المزارع والمصانع ووسائل الترفيه واستجلاب المزيد من الغرباء ليتم بهم التحول الديموغرافي ليصبح وجه البلاد الاصلي في خبر كان وفي عناوين الاخبار ومانشتات الصحف وفي الأفلام الوثائقية والروايات في السينما والمسارح العالمية !!..
هؤلاء الذين يجاملونا بين وقت وآخر بعبارات مثل :
( هذه الحرب يجب أن تتوقف فورا ) .
نقول لهم وفروا علي أنفسكم الكذب والنفاق لأن هذه الحرب قامت بما جرت به المقادير وان الله سبحانه وتعالى قادر علي إطفاء لهيبها إذ أن لها أجل محتوم فيه ولدت وفيه سوف تموت وتتلاشى كأن شيئا لم يكن !!..
والعبرة هنا هل نحن بني البشر استفدنا من الدرس وأننا سنغير ما باانفسنا حتي يغير الله سبحانه وتعالى بنا ؟!
نرجو ذلك مخلصين وان نبدا بالتعليم الذي تحول الي سوق حرة كل حرف فيه يباع بالدولار واليورو والاسترليني مع غياب تام للجنيه السوداني الذي صار يسبح في بحر الظلمات !!..
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .
ghamedalneil@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
المخرج الذي أبهر أجاثا كريستي
خلال حضور أجاثا كريستي، أواسط خمسينيات القرن الماضي، افتتاح المتحف العراقي فـي بغداد برفقة زوجها عالم الآثار مالوان، شاهدت فـيلمًا وثائقيًا للمخرج وليم نوفـيك عنوانه (التراث الحيّ) عن حضارة وادي الرافدين وكان مساعد مدير التصوير شابا عراقيّا عمره 17 عامًا، وبعد حديث معه، خصوصا أنه على معرفة بزوجها الآثاري مالوان، إذ صوّر له مشاهد عديدة، شعرتْ أن هذا الشاب يمتلك موهبة سينمائية، فأوصت به خيرًا، وقالت: «هذا الشاب يجب أن يأخذ فرصته»، ولم يكن ذلك الشاب سوى المخرج محمد شكري جميل الذي غادر عالمنا الأسبوع الماضي عن (88) عاما.
وليست شهادة أجاثا كريستي هي الوحيدة بحقّه، بل حصل على شهادة من الكاتب الروسي الكبير (أدماتوف) صاحب رواية (جميلة) عندما ترأس لجنة تحكيم مهرجان دمشق، فبعد عرض فـيلمه (الأسوار) 1980م، قال: «هذا الفـيلم يمثّل العرب وسيبقى فـي لوحة الشرف مدى الحياة، لذا فإني أمنحه الجائزة الأولى، وتقدّم منه وطلب منه أن يحمل السيف الذهبي للمصوّرين»، كما يروي فـي كتابه (مذكّرات وذكريات) الذي راجعه وقدّم له الإعلامي عبدالعليم البنّاء، وصدر عن دار الشؤون الثقافـية العامة ببغداد، وفـيه يروي مشواره مع السينما، وكما تنبّأت كريستي حصل على فرصته، فسافر إلى لندن، ليدرس فـيها المونتاج فـي أستوديو (أمغول) الذي كان ينتج أفلام روبن هود، قبل أن ينتقل إلى القاهرة ليتتلمذ على يدي صلاح أبو سيف، ويعمل فـي شركة الإنتاج السينمائي العربي التي كان يديرها وكان سيستمر بعمله لولا أنه تم تكليفه بتصوير فـيلم عن زيارة الرئيس العراقي الأسبق عبدالسلام عارف للقاهرة وحين شاهده الرئيس عبدالناصر، سأله: من أي وكالة أنت؟ فأجابه: أنا مخرج عراقي، وهنا قال عبد السلام عارف لسكرتيره: «سجّل اسمه، يجب أن يعود للعراق، نحن نحتاج إليه» لتصدر الأوامر له ليعود للعراق مجبرا، وواصل عمله السينمائي، وفـي السبعينيات أخرج فـيلمه الروائي (الظامئون) الذي نال عنه جائزة اتحاد النقاد السينمائيين السوفـييت فـي مهرجان موسكو، ثم فـيلم (الأسوار) الذي حصد به الجائزة الذهبية لمهرجان دمشق الدولي سنة 1980، وبعده أخرج فـيلمه (المسألة الكبرى) وكان من بطولة العالمي أوليفر ريد، وبه عاد إلى لندن موشّحا بسجلّ سينمائي زاهر، فنال عنه جائزة مهرجان لندن، وشارك كمساعد مخرج لفـيلم (التعويذة) للمخرج وليم فريدكن الذي صورت مشاهده فـي منطقة الحضر وأسوار نينوى وجامع النبي يونس فـي الموصل، ثم أخرج (عرس عراقي) و(اللعبة) وفـيلم (الملك غازي)، وقد حضرت تصوير أكثر من مشهد، بالتنسيق مع مسؤول الإعلام فـي الفـيلم الصديق الإعلامي أحمد الصالح، كان أبرزها مشهد تشييع جنازة الملك غازي المهيب الذي جرى تصويره بثلاث كاميرات فـي منطقة الأعظمية، ويومها تمّ قطع الطريق المؤدّي للمقبرة الملكية، حيث ينتهي الفـيلم وقد حضر جميع المشاركين فـي الفـيلم، مع مئات الممثلين الكومبارس، الذين كان بعضهم يرتدي ملابس الحرس الملكي، مع عازفـي الموسيقى العسكرية الجنائزية، والنساء اللاتي يبكين على الملك الشاب الذي قضى نحبه فـي حادث خلال قيادته مركبته، قيل أنه مدبّر، وجموع الكشافة، وطلبة المدارس، كانت أوامر المخرج تنقل عبر مكبرات الصوت للعاملين، وحين أعطى إشارة بالانتهاء من المشهد نزل من أعلى السلّم حيث كان يجلس يراقب المشهد من الأعلى، وكنت بانتظاره، فقلت له: هل انتهى الفـيلم؟ قال نعم: فقط هناك مشهد فـي المقبرة يظهر به نوري السعيد (مثّله الراحل فـيصل الياسري) وهو ينظر فـي ساعته، إشارة إلى أن زمنه ابتدأ»، وقبل أن ينصرف، سألته: وهل هناك خطّة لفـيلم جديد؟ فالتفت إليّ ورمقني بنظرة حادّة، ثم أطرق وقال: نعم لديّ فكرة فـيلم آخر»، لكن هذه الفكرة لم يتمكن من تنفـيذها، بعد توقف الإنتاج السينمائي بالعراق بعد فرض الحصار عليه عام 1991، ومنع استيراد المواد الكيمياوية التي تدخل فـي تحميض الأفلام، بحجة أنها يمكن أن تستخدم فـي صناعة أسلحة الدمار الشامل، ومع ذلك لم يتوقّف، فاتّجه للدراما التلفزيونية، فأخرج عدّة مسلسلات من أبرزها: (حكاية المدن الثلاث)، و(السرداب)، واختتم مشواره بإخراج فـيلم (المسرّات والأوجاع) عام 2013م.
ولفت نظري فـي كتابه مشروع فـيلم حول معركة (اليرموك) فـي منتصف الثمانينيات، كتب السيناريو محفوظ عبدالرحمن وأسند الإخراج إلى صلاح أبو سيف، وبعد عدة جلسات واجتماعات تعرّض المخرج أبو سيف لوعكة صحية فاعتذر، وكلّف جميل بإخراجه، وبالفعل وضع الخطة واختار الشخصيات، ومن بينها: صوفـيا لورين وإدورد فوكس من الأجانب، ومن العراقيين خليل شوقي ويوسف العاني وسامي عبدالحميد وطعمة التميمي -رحمهم الله جميعا- لكن تخفـيض ميزانية الفـيلم جعله يعتذر عن تنفـيذ المشروع، لكي لا يظهر بجودة أقلّ مما خطط ورسم، وظلّ إلى آخر حياته صارمًا فـي عمله مؤمنًا بفن السينما مراهنًا عليه يقول فـي كتابه: «الصناعة السينمائية آجلا أم عاجلا لا بدّ من أن تنهض يوما؛ لأنها مرتبطة بقانون تطور الأشياء، إنها مجموعة معارف»، واليوم نودّع هذا المخرج الكبير بعد أن ترك علامات سينمائية بارزة.