تصريح صحافي من حزب الأمـــة القومي
تاريخ النشر: 22nd, November 2024 GMT
بسم الله الرحمن الرحيم
حزب الأمـــة القومي
مؤسسة الرئاسة
تصريح صحافي
عقدت مؤسسة الرئاسة أمس الأربعاء ٢٠-١١-٢٠٢٤م اجتماعاً برئاسة الحبيب محمد عبدالله الدومة، رئيس الحزب المكلف بالإنابة بحضور قانوني النصاب. وفي بداية الاجتماع تم تنوير عضوية المجلس بالراهن السياسي في الوطن وأوضاع اللاجئين والمشردين والنازحين والمآسي التي تشهدها البلاد ويعاني منها الشعب السوداني، خاصة في قرى ولاية الجزيرة وسنار وشمال وغرب دارفور وفي أنحاء أخرى من البلاد، تضرعت مؤسسة الرئاسة إلى المولى عز وجل أن يرحم الشهداء ويربط على قلوب ذويهم ويشفي الجرحى والمصابين وأن يوفقنا لوقف هذه الحرب اللعينة وإنهاء معاناة أهل السودان.
تداول الحضور في أجندة الاجتماع واطلعوا على القرارات التي صدرت باسم مجلس التنسيق في اجتماع عقد بتاريخ ١١-١١-٢٠٢٤م وبعد نقاش مستفيض قررت مؤسسة الرئاسة ما يلي:
أولاً : اطلع اجتماع المؤسسة على القرار الصادر بتاريخ ١٤-١١-٢٠٢٤م بتوقيع اللواء م فضل الله برمة ناصر الرئيس المكلف القاضي بتجميد عضوية الحبيب إسماعيل كتر عبد الكريم مساعد رئيس الحزب للشئون القانونية والدستورية والذي أشير فيه إلى أنه تم بالتشاور مع الأحباب في مجلس التنسيق. ورفض الاجتماع هذا القرار بالإجماع، واعتبره إجراءً باطلاً وكأن لم يكن إذ أن الحبيب إسماعيل كتر مساعد للرئيس للشئون القانونية وتكون مساءلته عن تصرفاته أمام مؤسسة الرئاسة وفقا للدستور ولائحة تنظيم أعمال الرئاسة، كما وأن الاجراءات التى تمت في اجتماع التنسيق كانت معيبة ذلك أن الدعوة للاجتماع كانت انتقائية بدعوة بعض الأعضاء وتجاوز وتغييب أغلبية عضوية المجلس وعقد الاجتماع بدون علم مقررة المجلس ودون الإعلان عنه في مجموعة التنسيق أو لجميع الاعضاء بصورة خاصة، وانعقد دون توفر النصاب بحجة أنه اجتماع مواصلة وهذا ما يبطله إجرائيا وبالتالي فإن كل ما بني عليه يعتبر باطلاً، فضلاً عن أن القرار لا يدخل في إطار صلاحيات واختصاصات مجلس التنسيق ويتجاوز صلاحيات الرئيس المكلف الذي يجب أن يمارس صلاحيات الرئيس المنتخب ويتخذ القرارات عبر مؤسسة الرئاسة وفق قرار تكليفه، كما وشكل الإجراء تغولاً على صلاحيات لجنة الرقابة وضبط الأداء صاحبة الاختصاص في النظر في المخالفات. مثلما اعتبر الاجتماع توجيه الرئيس المكلف لهيئة الرقابة وضبط الأداء لإنفاذ ما جاء بالقرار وتوجيه الأمين العام لاتخاذ الإجراءات اللازمة ومخاطبة الرأي العام، إجرائين في غير محلهما من حيث الاختصاص والصلاحيات والممارسة الصحيحة في مخاطبة الأمور التنظيمية.
ثانياً: أكد الاجتماع بأن مبدأ المساءلة لكل مخالف لدستور ولوائح الحزب أمر متفق عليه، إلا أن ذلك محكوم بترتيبات وإجراءات نص عليها في دستور الحزب واللوائح الصادرة بموجبه. وأن القرار موضوع التداول يعكس حالة من ازدواجية المعايير لوجود تصرفات مماثلة بل وأنكى أتى بها آخرون من قيادات الحزب وأشارت اليها مؤسسة الرئاسة في حينه ولكن تم تجاهلها بل والاستمرار فى نهج الانفراد الذي هيأ لها. على رأسها مشاركة الرئيس المكلف والأمين العام في مقابلة قائد الدعم السريع وتوقيع اتفاق معه في أديس أبابا في ٢ يناير ٢٠٢٤م ضمن تحالف تقدم، بدون شورى أو حتى إخطار المؤسسات، برغم خطورة الخطوة وما استتبعها من استقطاب سياسي أعاق دور الحزب في تنفيذ خطته باتخاذ مسافة واحدة من أطراف الحرب والسعي للتوسط لإيقافها فوراً. وترى المؤسسة أن المطلوب في حالة رشح في الإعلام أخبار عن خطوة قام بها أحد القيادات أن يسأل عنها وتتاح له فرصة للتوضيح أو الشرح قبل إيقاع أية عقوبة. وتعتبر المؤسسة أن القرار المنشور بخصوص الأستاذ إسماعيل كتر يعد خطيئة في حقه وفي حق العمل المؤسسي في حزب الأمة ومحاولة لذبح تراثه الديمقراطي والمؤسسي التليد.
ثالثاً: أعادت مؤسسة الرئاسة التأكيد على قراراها الصادر في مارس الماضي والخاص بوجوب تسريع الخطى بالتواصل مع جميع الأطراف المتحاربة وفقا لخطة وتكاليف محددة الموضوعات والأشخاص والآليات لوقف الحرب وإحلال السلام والسماح بدخول المساعدات الإنسانية وبما يضمن قيام حزب الأمة القومي بدوره المعهود ضمن مفهوم الحل القومي الديمقراطي وبقيادته المبادرات السياسية المضمنة في مشروعه الوطني المرتكز على إرثه التاريخي ومخزونه الفكري الذي يعلي من قيمة الوطن ويسمو بها فوق المصالح الحزبية والشخصية والذي طالما وحد الجبهة الداخلية في مراحل سابقة وسيوحدها بحول الله لمواجهة التحديات الوطنية المتجددة وإخراج البلاد من أزمتها الراهنة وقيادة البلاد نحو السلام وتأسيس حكم مدني ديمقراطي شامل وعادل.
رابعاً : أخذ الاجتماع علماً بتشكيل عدد من اللجان في اجتماعات التنسيق التي عقدت بشكل غير قانوني وأكد الاجتماع على بطلان تشكيلها إذ أن تشكيل مثل هذه اللجان المتخصصة لمناقشة القضايا الأساسية والاستراتيجية من صميم مهام واختصاصات مؤسسة الرئاسة، وينبغي في جميع الأحوال أن يراعى في التشكيل التوازن الكلي بتمثيل أجهزة الحزب والكفاءات المهنية والنوع والتوازن الجهوي وغيرها من الجوانب المتعارف عليها.
خامساً : أمنت مؤسسة الرئاسة على أهمية دور مجلس التنسيق الذي يحل محل المكتب السياسي في غيابه ويشكل كابينة التنسيق والقيادة التشاركية بين مؤسسات الحزب، إلا أن السعي لعقد اجتماعاته بصورة خاطئة إجرائيا وبدعوات سرية وانتقائية تتم بمن حضر يعد التفافا على سلامة النهج المؤسسي والديمقراطي وبادرة خطيرة في الانفراد بالراي واختطاف وتزييف إرادة المؤسسة، وينبغي الحرص على عقد اجتماعات التنسيق وفقاً للترتيبات والإجراءات ذات الصلة من خلال الرئيس المكلف أو نائبه وتوجه الدعوة بصورة علنية عبر مقررة المجلس أو نائبتها، وينطبق ذلك على كل الاجتماعات حتى اجتماعات المواصلة، ولا مبرر لإرسال روابط اجتماعات المواصلة بصورة انتقائية إلا نية الإقصاء أو التغييب المتعمد للآخرين.
سادساً: أدان الاجتماع بأشد العبارات الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في قرى ولاية الجزيرة وسنار وشمال وغرب دارفور وأنحاء أخرى من البلاد كما تدين مؤسسة الرئاسة جميع الانتهاكات التي تحدث من جميع الأطراف المتحاربة، وتطالب القوى المدنية السودانية أن ترفع صوتها وتسجل مواقفها واضحة بإدانة هذه الانتهاكات بحق المواطنين العزل، كما تطالب المنظمات الحقوقية بتوثيق هذه الجرائم وبرصد انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب لمساءلة ومحاسبة المتورطين فيها وتناشد جميع الأطراف بالوقف الفوري للقتال والعمل على التفاوض لإيقاف الحرب وبناء السلام المستدام.
سابعاً: إن مؤسسة الرئاسة تغاضت عن تجاوزات دستورية وقانونية كثيرة لأن الوضع في بلادنا لا يحتمل صرف الجهود وتبديد الطاقات في العراك الداخلي ولهذا تحث على أن يشمر الحزب عن السواعد من أجل وقف الحرب ومساعدة منكوبيها وسوف تستمر المؤسسة في هذا الاتجاه وتلتزم بالحرص على حسم الخلافات التنظيمية مؤسسياً والسير بالحزب موحداً في الدفع نحو هدف إنهاء معاناة الشعب وإبطال مخططات تقسيم البلاد وضياعها وعودة الحكم المدني والديمقراطي لإعادة البناء والاستقرار والتنمية والحرية والعدالة.
والله أكبر ولله الحمد.
محمد عبد الله الدومة
الرئيس المكلف بالإنابة
الأربعاء ٢٠ نوفمبر ٢٠٢٤م
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: مؤسسة الرئاسة الرئیس المکلف مجلس التنسیق
إقرأ أيضاً:
استراتيجية الحركة الإسلامية .. لتصفية الثورة واغتيال الدولة تحت غطاء الحرب (1-3)!!
Mohammedabdalluh2000@gmail.com
اليوم يدخل السودان يومه الـ745 في أتون حرب عبثية مزقت أوصاله ودفع فيها المدنيون كلفة لا تحتمل من القتل والدمار والتشريد، ولم تعد هذه الحرب مجرد صراع بين طرفين، بل حرب شاملة تستهدف الإنسان والذاكرة والمستقبل، وتحولت إلى مشروع منظم لتدمير حلم السودانيين في الحرية والسلام والعدالة، واختلطت فيها أدوات القمع بوسائل التصفية العرقية، وغلفت الجرائم ضد الإنسانية بخطابات زائفة عن الوطنية والسيادة.
هذه الحرب لم تكن صدفة، وإنما مخطط طويل الأمد تقوده الحركة الإسلامية، التي عادت إلى المشهد من الظلال مستندة إلى إرثها في تفكيك الدولة وسحق إرادة الشعب، فمنذ سقوط نظام البشير في 2019، تلقت قوى الإسلام السياسي صفعة لم تتوقعها، فالثورة السودانية المجيدة باغتتهم وأطاحت بمشروعهم السلطوي المتجذر في مفاصل الدولة، ولأنهم لم يتقبلوا الهزيمة، اختاروا طريق الحرب والتآمر والتخريب والانتقام، ولم تهدأ مخططات الحركة الإسلامية التي رأت في الثورة الشعبية تهديداً وجودياً لمشروعها الإسلامي، فبينما كان أنصار النظام يراهنون على وأد ثورة ديسمبر المجيدة في 2019، كما فعلوا في سبتمبر 2013، باغتتهم الإرادة الشعبية، وأطاحت بعرشهم، ودفعتهم صدمة السقوط إلى التواري والاختفاء مؤقتاً، خاصة بعد اعتقال قياداتهم، الا انهم لم يغادروا المشهد، وبدأوا في إعادة تنظيم صفوفهم، وشنوا حرباً باردة ومؤامرات ضد الحكومة الانتقالية، عبر حملات إعلامية ممنهجة لتشويه قوى الثورة، وخلق تشويش وتأجيج خلافاتها، واخترقوا مؤسسات الدولة، وحركوا خلاياهم في الجيش والشرطة وجهاز الأمن، استعداداً لساعة العودة.
كانت الحركة الإسلامية تعرف جيداً أن معركتها لن تخاض في الشوارع وحدها، بل داخل أجهزة الدولة نفسها، حيث تنام خلاياها النشطة بدعم خفي من ضباط المجلس العسكري، الذين تبنوا أجندتها، وشرعت في تفكيك الشراكة بين المكونين المدني العسكري الذي قام عليه الانتقال، وحاكت المؤامرات وصنعت الأزمات الاقتصادية والأمنية في البلاد، وفي قلب هذا المخطط، كان انقلاب 25 أكتوبر 2021 النقطة الفاصلة، ولم يكن مجرد انقلاب "كلاسيكي"، بل كان تحرك مخطط ومدعوم من الإسلاميين، لإستهدف وتفكيك الفترة الانتقالية، وضرب وحدة قوى الثورة، وتمهيد الأرضية لإعادة النظام القديم بثوب جديد، وعلى الرغم من فشل الانقلاب في تحقيق أهدافه، الا انهم نجحوا في شيء واحد فقط، وهو إدخال البلاد في نفق مظلم من الأزمات والانقسامات.
ومع فشل الانقلاب في تحقيق أهدافه وتشكيل الحكومة، ومع اشتداد الحراك الشعبي الرافض له، تحركت الحركة الإسلامية خطوة أخرى إلى الأمام، لـ “تعطيل الاتفاق الإطاري"، الذي كان يمثل تهديداً حقيقياً لطموحاتهم، كونه يفتح الباب مجدداً لعودة قوى الثورة، فكان لا بد من قطع الطريق عليه، لذلك دفعوا نحو المواجهة العسكرية بين "الجيش والدعم السريع"، وأشعلوا فتيل الحرب في 15 ابريل 2023، وكانوا حسب مخططاتهم، ظنوا أن الجيش سيحسمها خلال اربعة او خمسة أيام، وهم يدعمونه بتوفير الغطاء السياسي والشعبي، وكتائب إسلامية مدربة، ولم تكن تقديراتهم وليدة لحظتها، بل امتداداً لعقود من التمكين العقائدي داخل المؤسسة العسكرية، ولكن حساباتهم كانت خاطئة ولم تصب، وحولت البلاد إلى ساحة حرب مفتوحة تحول فيها المدنيون إلى ضحايا في معركة ليست لهم.
إن جذور مشروعهم الاسلامي يعود لانقلاب 1989، حين استولى عمر البشير على الحكم بدعم مباشر من الحركة الإسلامية، التي حولت السودان إلى مختبر لأفكارها المتشددة، وفرضت رؤيتها على التعليم والقضاء والمجتمع واخترقت المؤسسة العسكرية بالكامل، وخضعت القوات النظامية من "الجيش والأمن والشرطة"، لعملية "أسلمة وأدلجه" ممنهجة، وتحول الولاء العقائدي إلى شرط للترقي، ولم يعد الالتحاق بالكليات العسكرية مسألة كفاءة، بل ولاء مطلق للمشروع الإسلامي، وأصبحت بوابة لتخريج ضباط يعتنقون أيديولوجيا الإسلام السياسي، وما تزال قيادة المؤسسة العسكرية الى اليوم تحت قبضة الحركة الإسلامية، وإن حالوا التبرؤ منها.
ان أدلجة الدولة لم تتوقف عند المؤسسات الرسمية فقد امتد تأثير الحركة الإسلامية إلى النسيج الاجتماعي والثقافي، حيث أُعيد تشكيل التعليم والإعلام والثقافة لتكون انعكاساً لرؤية أيديولوجية ضيقة أفرزت أجيالاً مشوهة، وتم تسليحهم ليكونوا أدوات قتل في الحروب السودانية، وادلجت الحركة الإسلامية مجتمع بكامله وأعاده تشكيله ليخدم مشروعاً أيديولوجياً مغلقاً لا يقبل التعدد ولا يعترف بالآخر.
ومع اندلاع الحرب الحالية، سقط القناع تماماً، ولم تعد الحرب صراعاً على نفوذ أو موارد، بل تحولت إلى أداة انتقام شامل ضد الشعب السوداني، لا سيما هنالك عشرات الفيديوهات المتداولة توثق جرائم تقشعر لها الأبدان، "قتل على الهوية واغتصاب وتعذيب وإعدامات ميدانية وانتهاكات لا تحصى"، وتقف البلاد على حافة الهاوية تحاصرها كتائب الارهاب، التي لا تسعى فقط إلى إسكات صوت الثورة، بل إلى اقتلاع جذورها من الوعي الجمعي، وتحويل السودان إلى مسلخ مفتوح لكل من يجرؤ على المطالبة بوقف الحرب، او عودة الحكم المدني الديمقراطي.
يتبع ..