هل تسعى إيران للحصول على قنبلة نووية رغم تراجع ردعها التقليدي؟
تاريخ النشر: 22nd, November 2024 GMT
أكد معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن عدم اليقين بشأن مخاطر التسلح وتكاليفه وفوائده قد يمنح الولايات المتحدة نفوذا قويا يُمكنها من ضمان استمرار طهران في اتباع سياسة التحوط النووي، وذلك رغم أن "الانتكاسات العسكرية" الأخيرة قد غذت الحديث الإيراني عن احتمال حدوث اختراق نووي محتمل.
وقال المعهد في تحليل له إنه "مع فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، تواجه إيران فترة من التحديات الهائلة، بما في ذلك عودة محتملة لسياسة الضغوط القصوى التي مارستها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه إيران في السابق".
وأوضح أن هذه الفترة "تأتي عقب سلسلة من الإجراءات الإسرائيلية التي أضعفت قدرات الردع الإيرانية، بما في ذلك الضربة التي شنتها إسرائيل في 26 تشرين الأول/ أكتوبر، التي أدت إلى تحييد دفاعاتها الجوية الاستراتيجية وقدرتها على إنتاج صواريخ باليستية تعمل بالوقود الصلب، مما جعلها أكثر عرضة للهجمات المستقبلية وأضعف قدرتها على تجديد مخزونها من الصواريخ المستنفذة جزئيا".
وأضافت أنه "في المقابل، حثّ بعض المسؤولين الإيرانيين النظام على تعزيز قوة الردع من خلال إنتاج أسلحة نووية، مما أثار مخاوف من احتمال تخلي إيران قريباً عن استراتيجية التحوط النووي".
العتبة النووية
خلال فصلي الربيع والصيف الماضيين، حذر العديد من المسؤولين الإيرانيين من أن تفاقم بيئة التهديد قد يدفع النظام إلى إعادة النظر في عقيدته النووية، وفي الوقت نفسه، صرحت "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" أن طهران بدأت بتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة في منشآت تخصيب اليورانيوم في موقعي "فوردو" و"نطنز".
وبالتوازي مع ذلك، صرح مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون للصحفيين أن إيران انخرطت في أبحاث متقدمة تشمل المعادن، والنمذجة الحاسوبية، والمتفجرات، التي يُعتقد أنها مرتبطة بتطوير الأسلحة النووية.
وأكد تقييم استخباراتي أمريكي صدر في تموز/ يوليو أن إيران "نفذت أنشطة تجعلها في وضع أفضل لإنتاج جهاز نووي، إذا قررت ذلك"، وبالتالي، لم يكن مفاجئاً أن تستهدف الضربة الإسرائيلية في 26 تشرين الأول/ أكتوبر منشأة بالقرب من طهران، يُعتقد أنها تشارك في أنشطة التسلح هذه.
واعتبر المعهد أن "النظام الإيراني تبنى مقاربة أكثر جرأة وتقبلا للمخاطر تجاه إسرائيل"، معتقدًا أن "الدولة اليهودية أصبحت أضعف تدريجيًا بسبب حرب غزة، وما رافقها من توترات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بالإضافة إلى تنامى القوة الصاروخية الإيرانية المتطورة".
وأضاف "كذلك، كان النظام الإيراني مقتنعًا بضرورة الرد بحزم على مختلف التحركات الإسرائيلية، بما في ذلك الضربات التي استهدفت شخصيات إيرانية بارزة ووكلاء إيران في دمشق وطهران وبيروت، وانطلاقاً من ذلك، نفذت إيران هجمات صاروخية مكثفة ضد إسرائيل في 13 نيسان/ أبريل وفى الأول من تشرين الأول/أكتوبر".
وقال إن "هذه التحركات قد تبشر بتبني طهران سياسة أكثر جرأة فيما يتعلق بتطوير الأسلحة النووية، ما لم تعتمد الولايات المتحدة وشركاؤها سياسة أكثر حزمًا وصرامة في الأشهر المقبلة".
الانتشار النووي
أوقفت طهران معظم أنشطتها السرية المتعلقة بالأسلحة النووية في عام 2003، بعد أن كشفت جماعة معارضة عن تفاصيل البرنامج، ومنذ ذلك الحين، تبنت إيران استراتيجية تحوطية تهدف إلى الحفاظ على خيار امتلاك السلاح النووي، نظرا لأن مخاطر وتكاليف السعي لتحقيق هذا الهدف - بما في ذلك العزلة الدبلوماسية، والعقوبات الاقتصادية، والضربات العسكرية، وربما سباق تسلح نووي إقليمي – تعتبرها طهران مخاطر غير مقبولة.
وظلّت طهران توازن في حساباتها النووية بين مجموعة واسعة من العوامل، حيث وفرت استراتيجية التحوط فوائد عدة تمكّنها من الحصول على القنبلة النووية دون مواجهة مخاطر أو تكبد تكاليف الباهظة.
ومنذ ذلك الحين، تبددت بعض المخاوف التي دفعت إيران إلى اتباع استراتيجية التحوط، بينما لا تزال هناك مخاوف أخرى قائمة بقوة، على سبيل المثال، أصبح عزل طهران اليوم أكثر صعوبة مما كان عليه في الماضي، حيث عزز النظام علاقاته مع روسيا والصين.
وقام العديد من شركاء الولايات المتحدة بالتحوط من خلال التواصل مع طهران، بينما قام العديد من حلفاء الولايات المتحدة بتقليل مخاطرهم من خلال التواصل مع طهران، ومع ذلك، لا تزال إيران عرضة للعقوبات.
وأشار الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان إلى أن تخفيف العقوبات لا يزال أولوية، في حين أن المرشد الأعلى علي خامنئي سيدعم على الأرجح مثل هذه الجهود إذا لم تضطر طهران إلى دفع ثمن باهظ للغاية.
وأصبح احتمال التهديد بالقيام بعمل عسكري أعلى من أي وقت مضى، فقد حلّقت الطائرات الإسرائيلية فوق إيران في 26 تشرين الأول/ أكتوبر دون أن تواجه أي ردع، وتمكنت من استهداف مواقع محددة بدقة لإلحاق أكبر ضرر ممكن بقدرات النظام على إنتاج الصواريخ الباليستية، وذلك في عملية جرت بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة.
وقال المعهد أن "الاستخبارات الإسرائيلية نجحت مرارا وتكرارا في اختراق أنشطة إيران الأكثر حساسية، مما يتيح لطهران أن تفترض بشكل منطقي أنه إذا حاولت القيام بتجاوز العتبة النووية في الوقت الراهن، فمن المرجح أن تكون إسرائيل على علم بذلك، كما قد تدعم إدارة بايدن المنتهية ولايتها الضربة لإحباط هذا الاختراق، إن لم تشارك فيه فعليا، وينطبق هذا من باب أولى على إدارة ترامب القادمة".
وأضاف أن إيران "قد تحتاج إلى عدة أسابيع أو أشهر لتصنيع سلاح نووي عملي، مما يمنح أعداءها الوقت الكافي للتحرك، ويشير الاستخدام الأخير لقاذفات بي 2 لضرب منشآت تخزين الطائرات بدون طيار والصواريخ الحوثية المدفونة في اليمن إلى أن الولايات المتحدة قد تلجأ إلى استخدام هذه الطائرة ضد إيران إذا ما رأت أن ضربة عسكرية ضد برنامجها النووي أمر ضروري".
و تُعد طائرة "بي 2" الوحيدة المصرح لها بإسقاط القنبلة (GBU-57) التي تزن 30,000 رطل، وهي ذخيرة ضخمة مصممة لاختراق التحصينات العميقة، كما أنها السلاح التقليدي الوحيد القادر على الوصول إلى منشأة التخصيب الإيرانية المتواجدة تحت الأرض في "فوردو".
حدود امتلاك قوة نووية
وقال المعهد إنه "يتعين على طهران أن تدرس بعناية ما إذا كانت فوائد امتلاك القنبلة النووية تبرر المخاطر المرتبطة بها، وقد تطرق المرشد الأعلى علي خامنئي لهذا الموضوع في عدة مناسبات، إما لتبرير اعتماد سياسة التحوط النووي بعد عام 2003، أو ربما نتيجة تطور حقيقي في طريقة تفكيره، فقد ذكر على سبيل المثال أن المجاهدين الأفغان هزموا الاتحاد السوفيتي وأن إيران أحبطت مساعي الولايات المتحدة في العراق وسوريا، على الرغم من امتلاك القوتين العظميين للأسلحة النووية".
ولفت خامنئي الانتباه إلى أن الأسلحة النووية لم تمنع سقوط الاتحاد السوفيتي، وفي المقابل، لا توجد دلائل على أن خامنئي يعتبر امتلاك الأسلحة النووية ضرورة لبقاء الجمهورية الإسلامية.
واعتبر المعهد "لو كان ذلك هو اعتقاده (خامنئي)، لما وافق على تعليق البرنامج النووي أو تفكيكه في مرات عديدة، سواء لتجنب العزلة الدبلوماسية أو للحصول على تخفيف للعقوبات الاقتصادية.
وأضاف أن "إيران لم تتمكن من حماية علمائها النوويين البارزين من فرق الاغتيال الإسرائيلية، أو أهم منشآتها النووية من المخربين الإسرائيليين، أو أرشيفها النووي من السرقة من قبل عملاء إسرائيليين، وإلى أن يقوم النظام بحل هذه المشكلة، علما بأن الأحداث الأخيرة لا تبعث على الثقة في هذا الصدد، وقد لا يرغب النظام في إنتاج أسلحة نووية قد تكون عرضة للتخريب أو التحويل من قبل عملاء أجانب أو إرهابيين محليين".
الحفاظ على سياسة التحوط
وقال المعهد إنه "مع تزايد التحول التدريجي نحو مقاربة أكثر مغامرة تجاه "إسرائيل"، ربما تكون إيران قد وصلت إلى منعطف حاسم. لذلك يجب على واشنطن أن تبذل قصارى جهدها لإحباط هذا التحول الخطير ومنعه من أن يصبح واقعاً دائماً، وتحفيز طهران على مواصلة اتباع سياسة التحوط".
وأضاف أنه "على الرغم من أن إيران المتحوطة حاليا تشكل خيارا غير مرغوب فيه، إلا أنه أقل خطورة مقارنةً بإيران النووية. كما تمثل استراتيجية التحوط خياراً أكثر حكمة مقارنةً بضربة وقائية كبيرة على المواقع النووية الإيرانية، والتي من المرجح أن توفر مهلة مؤقتة لا تتجاوز سنة أو سنتين فقط قبل أن يعاد بناء البرنامج النووي الإيراني مرة أخرى، مما يؤدي إلى تكرار سيناريو الهجوم لاحقاً. وكما فشلت عملية "جز العشب" في نهاية المطاف في غزة، قد تفشل هذه الاستراتيجية في إيران أيضاً. ومن شأن القيام بضربة وقائية ضد إيران أن تزيد من قناعتها بأن بناء القنبلة النووية بات ضرورياً وحتميا".
وفي مواجهة احتمال تولى ترامب ولاية ثانية، قد تسعى إيران لتسريع إنتاج أجهزة الطرد المركزي المتقدمة والمواد الانشطارية، بهدف تعزيز موقفها التفاوضي مع واشنطن أو تسريع قدرتها على تجاوز العتبة النووية، لا سيما إذا تصاعدت التوترات بشكل أكبر. بل وربما ترى إيران أن الفترة التي تسبق يوم التنصيب تمثل فرصة مثالية لاتخاذ خطوات أولية نحو الاختراق النووي، مما يمكنها من التفاوض مع الإدارة الجديدة انطلاقاً من موقع قوة. وقد تشمل هذه التحركات إخفاء المواد الانشطارية في مواقع غير معلنة أو بناء منشآت تخصيب سرية.
وذكر أنه "لمواجهة هذه المخاطر، أمام القادة الأمريكيين عدة خيارات، أولاً، ينبغي على الإدارة الأمريكية المقبلة التأكيد على أنها لن تسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية، على غرار الإدارات السابقة، ثانياً، بالتعاون مع إسرائيل وشركاء آخرين.
وأوضح أنه ينبغي على الولايات المتحدة اتخاذ خطوات لـ"ردع" طهران عن الحصول على القنبلة النووية وإبقائها متحوطة لأطول فترة ممكنة وأبرزها توطيد التعاون الوثيق مع إسرائيل وحلفاء آخرين لتوجيه رسالة واضحة لإيران مفادها أنها تواجه تحالفاً دولياً واسع النطاق، والعمل على حشد دعم مجموعة واسعة من الحلفاء الدوليين وتحفيزهم على المشاركة في حملة ضغط قصوى ضد إيران إذا ما قامت بتخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز المستويات الحالية (60 في المئة) أو حاولت بطريقة أخرى تجاوز العتبة النووية".
وتتضمن هذه الخطوات "تكثيف استخدام قاذفات القنابل الشبح من طراز بي 2 في التدريبات والعمليات الإقليمية كإشارة واضحة بأن واشنطن قد تستخدم هذه المنصة إذا حاولت إيران اختراق العتبة النووية، نشر مركبة "دارك إيجل" الانزلاقية الجديدة بعيدة المدى التي تفوق سرعة الصوت التابعة للجيش الأمريكي في المنطقة لإبراز القدرة على إمكانية استهداف القيادة الإيرانية إذا أمرت باختراق نووي، حيث قد تكون بعض الأهداف النووية غير قابلة للوصول المباشر".
وجاء في هذه الخطوات المقترحة أيضا "إظهار القدرة المستمرة على اختراق برنامج طهران النووي بالوسائل الإلكترونية وغيرها من الوسائل لإظهار أن أي أسلحة نووية ستكون عرضة للتخريب والتحويل عن مسارها، وبالتالي يمكن أن تشكل خطراً على النظام، وإطلاق حملة تأثير في وسائل التواصل الاجتماعي باللغة الفارسية للتشكيك في جدوى الأسلحة النووية والتأكيد على المخاطر التي يمكن أن تشكلها على إيران في حال التخريب أو تحويل مسارها أو ما قد ينتج عن ذلك من انتشار نووي إقليمي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية الولايات المتحدة الإيراني الإسرائيلية البرنامج النووي إيران إسرائيل الولايات المتحدة البرنامج النووي المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الأسلحة النوویة القنبلة النوویة وقال المعهد تشرین الأول أسلحة نوویة بما فی ذلک أن إیران إیران فی إلى أن
إقرأ أيضاً:
الترسانة النووية للرئيس الـ47.. ما الأسلحة التي يستطيع ترامب أن يهدد بها العالم؟
نشرت صحيفة "غازيتا" الروسية تقريرا يسلط الضوء على الاستراتيجيات التي يعتزم الجيش الأمريكي تطبيقها في السنوات القادمة لتطوير قدراته وتعزيز هيمنته، وأبرز الأسلحة التي ستكون تحت تصرف رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب خلال ولايته الثانية.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن ترامب سيمتثل في البداية لميزانية الدفاع لسنة 2025، والمقدرة بـ865 مليار دولار، واستراتيجية الدفاع الوطني التي اعتُمدت في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2022.
وترجح الصحيفة إجراء تعديلات جذرية في استراتيجيات الجيش الأمريكي خلال السنوات القادمة، استنادًا إلى دراسات وتجارب من أهمها تلك المتعلقة بالخبرة المكتسبة من الحرب الروسية الأوكرانية.
الردع الشامل للأعداء
أوضحت الصحيفة أن مسألة الردع الاستراتيجي تمثل أولوية بالنسبة لوزارة الدفاع الأمريكية، وأضافت أن البنتاغون يرى أن الأسلحة النووية ستكتسب في المستقبل القريب تأثيرا ردعيا لا يمكن لأي عنصر آخر من عناصر القوة العسكرية أن يحل محله.
لذلك يعتزم البنتاغون -وفقا للصحيفة- تحديث قدراته النووية الاستراتيجية والبنية التحتية الإنتاجية والقاعدة العلمية والهندسية.
وقد تم إنشاء معظم أنظمة الردع النووي في الولايات المتحدة في ثمانينيات القرن العشرين وما قبل ذلك. وبعد عدة عمليات تحديث، من المنتظر أن تنتهي صلاحية جميع الأنظمة العاملة حاليًا في منتصف ثلاثينيات القرن الحالي.
وحسب الصحيفة، تعتقد وزارة الدفاع الأمريكية أن إعادة تمويل المنصات النووية وأنظمة التسليم وأنظمة الدعم المرتبطة بها سوف تتطلب استثمارات كبيرة على مدى العشرين عاماً المقبلة.
ومن المقرر أن يحل الصاروخ الباليستي العابر للقارات "إل جي إم-35 إيه سينتنيل" محل الصاروخ الباليستي العابر للقارات "مينتمان 3" والذي تم تطويره في سبعينيات القرن العشرين.
وحسب المطورين، سيحتفظ صاروخ "إل جي إم-35 إيه سينتنيل" بخصائص التكيف السابقة، مع توفير قدرات وأمان وموثوقية أكبر. كما سيتم استبدال صاروخ "إيه جي إم 86" الذي دخل الخدمة سنة 1982.
ومن المنتظر أن يتم تطوير الغواصة النووية الاستراتيجية "كولومبيا" لتعويض الغواصات النووية الاستراتيجية من طراز "أوهايو" انطلاقا من تشرين الأول/ أكتوبر 2030. وقد انطلقت أشغال بناء السفينة الأولى من هذا المشروع في أيلول/ سبتمبر 2020.
وأضافت الصحيفة أنه من المقرر تخصيص أموال إضافية للصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات من طراز "يو جي إم-133 ترايدنت 2". ومن المقرر أن تظل هذه الصواريخ في الخدمة مع البحرية الأمريكية طوال فترة خدمة الغواصات من طراز "أوهايو"، أي إلى أوائل أربعينيات القرن الحادي والعشرين، وهو الموعد المحدد لنشر أولى الغواصات النووية من طراز كولومبيا.
كما دخلت القاذفات الاستراتيجية من طراز "نورثروب غرومان بي-21 رايدر" مرحلة الإنتاج الكامل في السنة المالية 2024. وتؤكد وزارة الدفاع الأمريكية أن هذه الطائرات، عند دخولها الخدمة، ستكون طائرات منخفضة التكلفة مجهزة بتقنيات متطورة. كما تؤكد وزارة الدفاع الأمريكية أن القاذفة ستشكل عنصرا رئيسيا في ترسانة مشتركة من الأسلحة التقليدية والنووية.
ومن المنتظر أن تحل مقاتلات "إف 35" القادرة على حمل الأسلحة النووية والعادية محل المقاتلات القديمة من الجيل الرابع، بما في ذلك "إف 15 إي"، وستكون مخصصًة لتنفيذ مهمات الردع النووية لحلف الناتو.
وقد حصلت بعض مقاتلات "إف-35 إيه" التي تمتلكها الولايات المتحدة وعدد من حلفائها الأوروبيين على شهادة القدرة التشغيلية النووية في بداية السنة المالية 2024.
التفوق الجوي
ذكرت الصحيفة أن المجمع الصناعي الدفاعي الأمريكي يستمر بالتركيز في المجال الجوي على تنفيذ مشروع "الجيل المقبل من الهيمنة الجوية"، والذي يقوم على نشر مجموعة كاملة من الأنظمة المتصلة، والتي يمكن أن تشمل المقاتلات والطائرات المسيرة والأقمار الصناعية ومنصات الفضاء الإلكتروني.
في هذه المرحلة، يتمثل الاستثمار الرئيسي في الطائرة المقاتلة من طراز "لوكهيد مارتن إف-35 لايتنينغ الثانية"، والتي ستكون العمود الفقري للقوات الجوية.
في إطار برنامج "إف-35"، يتم تطوير وإنتاج وتوريد ثلاثة أنواع من مقاتلات الجيل الخامس الضاربة، وهي النسخة التقليدية للإقلاع والهبوط "إف-35 إيه" والمخصصة لسلاح الجو، ونسخة الإقلاع القصير والهبوط العمودي "إف-35 بي" لمشاة البحرية، و"إف-35 سي" الخاصة بالقوات البحرية.
وفقًا للبنتاغون، فإن خاصية التخفي التي تتميز بها طائرة "إف-35"، وأجهزة الاستشعار المتطورة والتكامل الوظيفي الذي يسمح بتبادل المعلومات بشكل سلس، كلها مميزات تجعل هذه الطائرة أذكى وأكثر فتكًا وقدرة على الصمود في ساحات المعارك.
كما يستمر تمويل نظام الطائرات المسيرة التابع للبحرية الأمريكية من طراز "بوينغ أم كيو-25 ستينغراي"، التي ستوفر لوزارة الدفاع ناقلة وقود مسيرة من شأنها مضاعفة القوة الضاربة لجناح حاملة الطائرات مع توفير المراقبة البحرية.
وأضافت الصحيفة أن ميزانية السنة المالية 2025 تتضمن أيضًا شراء طائرة نقل من طراز "بوينغ كيه سي-46 بيغاسوس"، والتي ستحل محل الناقلات القديمة. كما تتضمن ميزانية السنة المالية 2025 تمويل جهود القوات الجوية الأمريكية لاستبدال أسطول طائرات الإنذار المبكر المحمولة جوا من طراز "بوينغ إي 3 سينتري" بأخرى من طراز "بوينغ 737".
وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة خصصت مبالغ لتمويل مختلف أنظمة الحرب الإلكترونية. بالإضافة إلى التعديلات الحالية على طائرة الحرب إلكترونية من "بوينغ إي إيه-18 جي غرولير"، فإن جهاز التشويش من الجيل القادم سيضمن إمكانيات متقدمة في مجال الهجوم الإلكتروني الجوي ضد رادارات الدفاع الجوي المتقدمة.
وتتضمن ميزانية السنة المالية 2025 أيضًا تخصيص أموال لتعزيز قدرة نظام التحذير في طائرة "إف-15 إيغل"، ونظام الإجراءات الإلكترونية المضادة المتكامل في طائرة "إف/إيه-18 هورنت".
التفوق على الأرض
وقالت الصحيفة إن وزارة الدفاع الأمريكية تخطط لاتخاذ القرار النهائي بشأن الصورة المستقبلية والهيكل التنظيمي للقوات البرية الأمريكية في سنة 2040 خلال العامين المقبلين.
وتخطط المؤسسة العسكرية الأمريكية لمعرفة ماهية ساحات المعارك والبيئة التشغيلية في المستقبل المنظور، ومما لا شك فيه أن هذه الدراسات سوف تتأثر إلى حد كبير بالخبرة القتالية المكتسبة من النزاع المسلح في أوكرانيا، وفقا للصحيفة.
ويعد مشروع التقارب التابع للجيش الأمريكي، والذي انطلق في 2020 ويهدف إلى تحسين قدرات الجيش، منصة للقيام بهذه التجارب.
ينص المشروع على استبدال الدبابات التقليدية بدبابات روبوتية ونقل جزء كبير من الأعمال العسكرية الشاقة، وخاصة المهام عالية المخاطر، إلى الآلات والروبوتات بدلاً من الجنود. وقد خصصت ميزانية 2025 حوالي 13 مليار دولار لتحديث الأسلحة والمعدات العسكرية للجيش الأمريكي وسلاح مشاة البحرية، بما في ذلك المركبات المدرعة متعددة الأغراض ومركبات القتال البرمائية ومركبات المشاة القتالية.
الهيمنة في البحار والمحيطات
تتضمن طلبات الميزانية للسنة المالية 2025 تخصيص 48.1 مليار دولار للاستثمار في القوة البحرية الأمريكية، ببناء ست سفن جديدة، بينها غواصة نووية متعددة المهام من طراز "فيرجينيا"، ومدمرتين من فئة "آرلي بيرك" مزودة برادار متطور، وسفينة إنزال من فئة "سان أنطونيو"، وسفينة إنزال متوسطة الحجم.
وتتضمن ميزانية السنة المالية 2025 تمويلًا إضافيًا لبناء حاملات طائرات جديدة تعمل بالطاقة النووية من فئة "جيرالد فورد" و"يو إس إس جون إف كينيدي"، المقرر تسليمها إلى البحرية في 2025، و"يو إس إس إنتربرايز" المقرر دخولها الخدمة في 2028، فضلا عن حاملة أخرى من فئة "يو إس إس دوريس ميلر".
ومن المقرر وضع حجر الأساس للناقلة "دوريس ميلر" في كانون الثاني/ يناير 2026، وإطلاقها في تشرين الأول/ أكتوبر 2029، ودخولها الخدمة في 2032.
ما المتوقع من ترامب؟
وذكرت الصحيفة أن من المتوقع تخصيص حوالي 143.2 مليار دولار للبحث والتطوير والاختبار والتقييم، ويشمل ذلك الاستثمارات في مجالات الذكاء الاصطناعي وتقنيات الجيل الخامس ومختلف أنواع التجارب.
ومن المنتظر تخصيص 17.2 مليار دولار للعلوم والتكنولوجيا، بما في ذلك الاستثمارات في البحوث الأساسية بقيمة إجمالية تبلغ 2.5 مليار دولار.
وحسب البنتاغون، تتيح هذه الإجراءات للقوات المسلحة الأمريكية تحقيق مزايا مستدامة في إدارة العمليات العسكرية.
وختمت الصحيفة أنه من المستبعد أن يتخذ الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب أي قرارات في المستقبل القريب بمراجعة البرامج والتمويلات المعتمدة سابقا لتطوير قدرات الجيش الأمريكي.