ما بعد الفيتو الروسي
تاريخ النشر: 22nd, November 2024 GMT
ياسر عرمان
أُشبع الفيتو الروسي تحليلاً وتخميناً بمعلومات صحيحة من مظانها الحقيقية وأخرى خاطئة عن قصد أو دونه من مختصين ومطلعين وآخرين قافزين بالزانة أو بالشباك، ليس لدي ما أضيفه ونحن نتعامل مع العلاقات الإقليمية والدولية في أخطر فترة يواجهها المجتمع والدولة السودانية الحديثة منذ نشأتها.
يجب أن نكون حذرين وصبورين في التعامل مع جيراننا الأقربين وفضائنا الحيوي وامتداداتنا في الجغرافيا السياسية والمصالح المتقاطعة سيما في البحر الأحمر والقرن الأفريقي وحزام الساحل الذي تشهد بعض بلدانه انهيار الدولة الوطنية مثلنا والأطماع في الموارد وغياب النواة الصلبة التي توحد التنوع وضبابية الرؤية وعدم وحدة القيادة.
الوطنيون حقاً يخشون على بلادنا من ثلاثة مصادر أولها إطالة أمد الحرب وثانيها تقسيم شعبنا وأرضنا وثالثهم الشيطان عودة النظام القديم في دولة هشة، وبحكم مشاركتي في قضايا الحرب والسلام وامتداداتها في العلاقات الإقليمية والدولية كتبت أكثر من عشر مقالات في هذه القضية منذ بداية الحرب في محاولة للمساهمة في الحوار الهام بين قوى الثورة والتغيير حول كيفية الوصول إلى إطار متكامل وحزمة منسجمة لوقف وإنهاء الحرب تضع الإغاثة قبل السياسية والحقوق الطبيعية قبل السياسية، وتجعل من مخاطبة الكارثة الإنسانية وتطبيق مبدأ حماية المدنيين مدخلاً للعملية السياسية التي يجب أن تقوم في فضاء مفتوح قائم على حماية المدنيين ومشاركتهم، وأن تكون ذات مصداقية لا أن تقوم على الحلول التجارية السريعة القائمة على الربح والخسارة وغير المستندة على المبادئ والمؤقتة والهشة.
شهد الشهر الأخير بداية جديدة وصحيحة في أوساط القوى المدنية في التركيز على قضية حماية المدنيين ومخاطبة الكارثة الإنسانية قبل الدخل في أي عملية سياسية لا توفر الأمن والطعام والسكن والعلاج واتساع الفضاء المدني قبل الدخول في حوار يرقص على ساق قسمة السلطة.
ما بعد الفيتو الروسيأصدر مجلس الأمن قرارين حول السودان، ورغم انقسام المجلس، فإن الخمسة الكبار سمحوا بتمرير القرارين في شهري مارس ويونيو (٢٧٢٤- ٢٧٣٦)، عجز القراران ناجم عن عدم توفر الآليات لتطبيقهم وعدم وجود بعثة سلام للفصل بين القوات والتحقق، وصدروهما خارج الفصل السابع، ورغم أن الكارثة الإنسانية والنزوح واللجوء وجرائم الحرب في بلادنا هي الأكبر على مستوى العالم، لكن يتهرب المجتمعان الإقليمي والدولي من التزاماتهم في ظل انقسامات حادة وقضايا أخرى تستأثر باهتمام سيما أوكرانيا وغزة.
الكارثة الإنسانية وحماية المدنيين مدخل لوحدة قوى الثورة والعملية السياسية:
الكارثة الإنسانية وتطبيق مبدأ حماية المدنيين تشكلان الحد الأدنى لوحدة قوى الثورة وأساس الحقوق الطبيعية في الحياة والإقامة، وفي نفس الوقت تشكلان المدخل الصحيح للعملية السياسية القائمة على حق الشعب في حقوقه الطبيعية قبل السياسية، وهي تحرج المجتمعين الإقليمي والدولي، وتذكرهما بالتزاماتهم المنصوص عليها في المواثيق الإقليمية والدولية والقانون الإنساني والدولي.
مجلسا الأمن الأفريقي والدولي يوفران الإجماع:
في ظل الانقسام الذي يشهده مجلس الأمن الدولي علينا العمل مع أعضاء مجلس الأمن الأفريقي وتصعيد خطابنا حول الكارثة الإنسانية وحماية المدنيين في السودان، حتى يخرج مجلس الأمن والسلم الأفريقي بخارطة طريق ستجد القبول والإجماع في مجلس الأمن الدولي كما جرت العادة في ظل الانقسام الحالي، بل يجب الدعوة إلى اجتماع في مقر الاتحاد الأفريقي بين مجلسي الأمن الأفريقي والدولي كما تم من قبل وبعد اتفاق نيفاشا، وقد عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً في نيروبي قبل الاتفاق وزيارة للخرطوم بعد الاتفاق، ومن الضروري مشاركة الجامعة العربية في هذا الاجتماع.
المناطق الآمنة أم نزع السلاح؟ تقليص الفضاء المدني أو العسكري؟
مفهوم المناطق الآمنة للمدنيين علينا طرحه في إطار توسيع الفضاء المدني وتقليص الفضاء العسكري وحق المدنيين في نزع السلاح من أماكن تواجدهم لا عبر تحديد مناطق معزولة تقلص الفضاء المدني وتوسع الفضاء العسكري، ويجب أن يتم ذلك بتطبيق القانون الإنساني الدولي الذي يعطي المدنيين حرية الحركة، ويطالب العسكريين بالخروج من المناطق المدنية حتى تكون آمنة، الأمن يعني انسحاب العسكريين وحصر تواجدهم وليس العكس، وفي أي ترتيبات مقبلة لوقف العدائيات أو إطلاق النار سيطالب العسكريين بالرجوع إلى أماكنهم قبل الحرب برقابة وتحقق من بعثة السلام، وهذا لن يتوفر إلا باتفاق الطرفين أو تطبيق الفصل السابع، وفي الوضع الدولي الحالي وعدم الاهتمام بالسودان الحل هو في تصعيد الضغوط الداخلية والإقليمية والدولية معاً.
نواصل..
الوسومياسر عرمانالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: ياسر عرمان الکارثة الإنسانیة حمایة المدنیین الفضاء المدنی مجلس الأمن
إقرأ أيضاً:
العيدروس يوجه رسالة لرابطة مجالس الشيوخ والشورى بشأن جرائم العدوان الأمريكي بحق المدنيين والمهاجرين
الثورة نت/..
وجه رئيس مجلس الشورى محمد حسين العيدروس رسالة إلى رئيس مجلس المستشارين بالمملكة المغربية – رئيس رابطة مجالس الشيوخ والشورى في افريقيا والعالم العربي محمد ولد الرشيد، ورؤساء مجالس الشيوخ والشورى بإفريقيا والعالم العربي بشأن ما يرتكبه العدوان الأمريكي من جرائم حرب بحق أبناء الشعب اليمني وكذا المهاجرين من القرن الافريقي.
وأوضح العيدروس في الرسالة أن العدوان الأمريكي صعد عدوانه الوحشي على اليمن منذ الـ 15 من مارس الماضي واستهدف بشكل مباشر الأعيان المدنية والأحياء السكنية والأسواق الشعبية والمدن التاريخية، وأدى إلى استشهاد وجرح المئات من المدنيين جلهم من النساء والأطفال، إضافة إلى استهداف المهاجرين الأفارقة في مركز الإيواء بمحافظة صعدة ما أسفر عن قتل وجرح نحو 115 مهاجرا.
وأشار إلى أن ما تقوم به أمريكا من عدوان غاشم على اليمن واستهداف للمدنيين والمهاجرين يعد انتهاكا صارخا لسيادة اليمن وتعديا سافرا على القانون الدولي والإنساني ومواثيق الأمم المتحدة وتجاوزا فاضحا لكل قواعد الاشتباك.
وأكد رئيس مجلس الشورى أن الإدارة الأمريكية كشفت بعدوانها على اليمن زيف ادعاءاتها عن احترام حقوق الإنسان وحرية الشعوب في التعبير عن إرادتها ورفض الظلم والغطرسة التي ما زالت الإدارات الأمريكية المتعاقبة تحاول فرضها على شعوب العالم.
وأشار إلى أن إدارة ترامب صعدت عدوانها على الشعب اليمني بعد عجزها عن ثنيه عن موقفه الديني والإنساني والأخلاقي المناصر للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة جماعية، لتثبت بعدوانها الهمجي والهستيري مدى فشلها وانحدارها الأخلاقي.
وأدان العيدروس في الرسالة بأشد العبارات العدوان الهمجي وغير المبرر الذي تشنه الإدارة الأمريكية على اليمن وإمعانها في ارتكاب المجازر الوحشية بحق المدنيين في عدد من المحافظات اليمنية، وكذا مركز إيواء المهاجرين غير الشرعيين في صعدة.
وطالب الرابطة بالوقوف أمام الجريمة النكراء التي ارتكبها العدوان الأمريكي بحق المهاجرين والضغط في المحافل الدولية من أجل تشكيل لجنة لتقصي الحقائق والمطالبة بتقديم مرتكبي الجريمة للعدالة.
ودعا رئيس مجلس الشورى أعضاء الرابطة إلى إدانة جرائم العدوان الأمريكي في اليمن، واستخدامه للقوة المفرطة تجاه مركز إيواء المهاجرين المعروف لدى اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمة الدولية للهجرة.
وحمل العدوان الأمريكي المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كل الجرائم التي يرتكبها بحق الشعب اليمني والتي ترقى إلى جرائم حرب ضد الإنسانية، وكذا تبعات عسكرة البحر الأحمر وتهديد الأمن والسلم الدوليين.