معضلات «إعادة أمريكا عظيمة» عالمياً
تاريخ النشر: 22nd, November 2024 GMT
حاول مقال مهم نُشر قبل أيام قليلة في الدورية الأمريكية الأشهر «فورين أفيرز»، وكتبه دانييل دبليو دريزنر أستاذ السياسة الدولية بجامعة تافتس، مناقشة مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية، في ظل ولاية الحكم الثانية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، والتي ستبدأ في 20 يناير المقبل.
وحمل المقال عنواناً دالاً، وهو «نهاية الاستثنائية الأمريكية: إعادة انتخاب ترامب ستعيد تعريف قوة الولايات المتحدة»، وانطلق من رصد ثلاثة اختلافات كبيرة، ستكون بين سياسات ترامب الخارجية في ولايته السابقة والقادمة: أولها، أنه سيدير منصبه بفريق أمن قومي أكثر تجانساً مما كان عليه في عام 2017، وثانيها، أن حالة العالم في عام 2025، تبدو مختلفة تماماً عما كانت عليه في عام 2017، وثالثها، أنه سيكون لدى الجهات الأجنبية الفاعلة والمهتمة، قراءة أفضل بكثير لسياسات ترامب الخارجية.ولخص الكاتب رؤيته المتوقعة لمسار السياسة الخارجية لأمريكا في سنوات الرئيس ترامب الأربع القادمة في ملمحين، الأول، أنها ستتوقف عن الترويج للمُثُل الأمريكية الراسخة، من قبيل الديمقراطية وحقوق الإنسان، والثاني، أن ممارسات السياسة الخارجية الفاسدة، ستشهد ارتفاعاً غير مسبوق، وسيؤدي هذان الأمران إلى عنوان المقال: إفقاد الولايات المتحدة قوتها الاستثنائية عالمياً.
وبعيداً عن رؤية الكاتب وتوقعاته للسياسة الخارجية الأمريكية في عهد ترامب القادم، فالمعضلة الحقيقية أمام سياسة الرئيس الجديد – القديم، تأتي من شعار حملته الانتخابية الرئاسية المستمر خلال حملاته الانتخابية الثلاث، أعوام 2016 و2020 و2024، وهو «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى».
فلكي تعود أمريكا عظيمة مرة أخرى، وهي كانت كذلك في السياسة العالمية منذ الحرب العالمية الأولى، فإن هذا لا يعتمد فقط على قدراتها ومواردها الداخلية الاقتصادية والطبيعية والبشرية. فليس هناك أدنى شك في أنها وفقاً لهذه القدرات والموارد، فهي تشغل حالياً المركز الأول في أقوى اقتصادات العالم، وفي كثير من محاوره الفرعية، بدءاً من الطاقة وانتهاءً بكل أشكال وصور التكنولوجيا.
ولكن أيضاً ليس هناك أدنى شك في أن «عظمة» ومكانة الولايات المتحدة، كأقوى دولة في العالم على كل المحاور، لم تتأتِ فقط على أوضاعها الداخلية، ولكنها ارتبطت دوماً بأمرين خارجيين، أولهما هو الدور السياسي – العسكري لها دولياً، والثاني هو تفاعلاتها الاقتصادية والمالية والتجارية والتكنولوجية مع هذا العالم.
ولقد برز دور الولايات المتحدة وتصاعد على الصعيد السياسي – العسكري، بدءاً من خروجها من عزلتها في الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، مع المبادئ الأربعة عشر التي أعلنها رئيسها حينئذ، وودرو نيلسون، ثم أتت الحرب العالمية الثانية، وما تلاها من مراحل حتى اليوم، لتجعل منها القوة العسكرية الأكبر في العالم، والأكثر انتشاراً في أرجائه، وكذلك القوة السياسية الأشد تأثيراً في العلاقات الدولية.
وأما الدور الاقتصادي الأمريكي المتنامي داخلياً، والمتصاعد ضمن الاقتصاد العالمي، فهو لم يكن ليتم إلا بتزايد كبير في معدلات التبادل الاقتصادي والتجاري بين دول العالم، وشغل الاقتصاد الأمريكي الأكبر فيه المكانة الأولى في الترتيب، وفي التبادل بين الدول والمؤسسات.
وما يعنيه كل ما سبق، هو أن تحقيق شعار الرئيس القديم – الجديد في ولايته الثانية، وهو «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى»، لن يمكن له التحقق بدون تطور داخلي هائل في الولايات المتحدة على الصعيد الاقتصادي، بما يتضمنه من صناعة وتكنولوجيا، يستطيع أن يتغلب على المنافسة الصينية الشرسة على المركز الاقتصادي الأول عالمياً.
ولن يتأتى لهذا التطور أن يحقق الشعار، بدون انخراط أمريكي نشيط للغاية في المعاملات والتبادلات الدولية الاقتصادية، بما يتجاوز إمكانات الدول المنافسة، ويحقق العدالة والتوازن المطلوبين في النظام الاقتصادي العالمي. وكذلك، فلن «تعود أمريكا عظيمة» بدون دور خارجي نشيط وقادر على حل الأزمات، وليس خلقها، وهو ما قد يتطلب زيادة كبيرة في الدور السياسي، وتراجع ضروري في الأدوار العسكرية.
الخلاصة البسيطة، هي أن إدارة الرئيس ترامب الجديدة، لن تستطيع تحقيق شعارها الانتخابي بالانعزال عن العالم، والانكباب على أوضاعها الداخلية، فلقد أصبحت أمريكا جزءاً رئيساً من العالم، وأصبح العالم أحد مكونات وجود أمريكا بداخل حدودها وخارجها.
وأيضاً، فإن تحقيق الشعار على الصعيد العالمي، والذي هو أحد مكوناته، لن يتحقق بدون إعادة تعريف الوجود الأمريكي على الصعيد العالمي وأدواته ووسائله.
فهل سيستطيع الرئيس ترامب وحكمه الجديد إدارة كل هذه الملفات المعقدة والمتناقضة في كثير من جوانبها؟ سؤال لن يجيب عنه سوى الواقع القادم.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عودة ترامب الانتخابات الأمريكية إيران وإسرائيل عام على حرب غزة غزة وإسرائيل الولایات المتحدة أمریکا عظیمة على الصعید
إقرأ أيضاً:
قائمة بالجنسيات.. السلطات الأمريكية تخطط لمنع مواطني دول عربية من دخول الولايات المتحدة
الولايات المتحدة – تخطط السلطات الأمريكية لتشديد قواعد دخول مواطني عدة دول عربية إلي الولايات المتحدة، بحسب ما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز”.
وستؤثر قواعد الدخول الجديدة إلى الولايات المتحدة على 43 دولة، وذكرت التقارير أن وزارة الخارجية اقترحت تصنيف هذه الدول إلى ثلاث فئات.
سيتم منع مواطني الدول المدرجة في المجموعة الأولى من عبور الحدود الأمريكية، وهي اليمن وليبيا وسوريا والصومال والسودان، بالإضافة إلى أفغانستان وبوتان وفنزويلا وإيران وكوريا الشمالية وكوبا.
أما الفئة الثانية فتفرض قيود كبيرة على زيارتها الولايات المتحدة، وتشمل 10 دول هي روسيا وبيلاروس هايتي ولاوس وميانمار وباكستان وسيراليون وتركمانستان وإريتريا وجنوب السودان.
وتضم المجموعة الثالثة دولا يفرض حظر جزئي أو كامل على دخول مواطنيها إلى الولايات المتحدة، وهي أنغولا وأنتيغوا وبربودا وبنين وبوركينا فاسو وفانواتو وغامبيا وجمهورية الدومينيكان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وزيمبابوي والرأس الأخضر وكمبوديا والكاميرون والكونغو وليبيريا وموريتانيا وملاوي ومالي وساو تومي وبرينسيبي وسانت كيتس ونيفيس وسانت لوسيا وتشاد وغينيا الاستوائية.
وفي الوقت نفسه، أوضحت الصحيفة أن القوائم الثلاث تم تدبيجها من قبل وزارة الخارجية قبل عدة أسابيع، ومن الممكن إجراء تغييرات عليها.
المصدر: RT
Previous مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على مشروع قانون تمويل مدته ستة أشهر قبل ساعات من الإغلاق الحكومي Related Postsليبية يومية شاملة
جميع الحقوق محفوظة 2022© الرئيسية محلي فيديو المرصد عربي الشرق الأوسط المغرب العربي الخليج العربي دولي رياضة محليات عربي دولي إقتصاد عربي دولي صحة متابعات محلية صحتك بالدنيا العالم منوعات منوعات ليبية الفن وأهله علوم وتكنولوجيا Type to search or hit ESC to close See all results