بينهم رئيسان عربيان سابقان.. قادة أصدرت الجنائية الدولية أوامر باعتقالهم
تاريخ النشر: 22nd, November 2024 GMT
قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت، الذي صدر، الخميس، أثار موجة من ردود الفعل الدولية، بين مؤيد ومعارض.
المحكمة الدولية أعلنت في بيان رسمي، أنها رفضت الاعتراضات التي قدمتها إسرائيل، المتعلقة بعدم وجود صلاحيات للمحكمة للنظر في الأحداث الجارية في قطاع غزة والضفة الغربية، ومطالبتها بوقف كافة التتبعات بحق المسؤولين الإسرائيليين، والمستندة على الفصلين 18 و19 من إعلان روما.
وأضاف البيان أن قبول إسرائيل بشرعية المحكمة ليس ضرورياً لتواصل هذه الأخيرة عملها، وأن قضاتها توصلوا إلى نتيجة “تفيد بوجد أرضية معقولة للاعتقاد أن كلا من نتانياهو وغالانت، مسؤولان عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ومهاجمة السكان المدنيين، بين الثامن من أكتوبر 2023، والعشرين من مايو “2024.
وشملت أوامر الاعتقال التي أصدرتها الجنائية الدولية، محمد الضيف قائد الجناح العسكري لحركة حماس الذي قالت إسرائيل إنه قتل.
فلاديمير بوتين
وهذه ليست المرة الأولى التي تصدر فيها المحكمة مذكرة اعتقال بحق مسؤول سياسي بارز. إذ سبق لها إصدار مذكرات مماثلة بحق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ووزير الدفاع آنذاك، سيرغي شويغو، إلى جانب عدد من المسؤولين في روسيا، بداية مارس 2023.
المذكرة طالبت باعتقال بوتين وشويغو بتهمة جرائم حرب في أوكرانيا، وكذلك دورهما في إصدار التعليمات بتنفيذ “الترحيل غير القانوني للأطفال في أوكرانيا”.
وكانت تلك المرة الأولى التي تصدر فيها المحكمة الدولية مذكرة بحق مسؤول بارز في دولة تتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة.
عمر البشير
كما أصدرت المحكمة مذكرتي اعتقال بحق الرئيس السوداني السابق، عمر حسن البشير، عامي 2009 و2010 طبقاً لتهم بالمسؤولية وراء جرائم الإبادة الجماعية وجرائم حرب في إقليم دارفور، بالإضافة إلى جرائم ضد الإنسانية.
البشير رفض الاعتراف بمذكرات الاعتقال، وتحدى المحكمة، عبر السفر إلى عدد من الدول الأفريقية، التي تجنبت اعتقاله أو تسليمه.
ولم يكن توجيه الاتهام وإصدار مذكرتي الاعتقال بحق البشير معزولاً، بل تم توجيه تهم مماثلة لعدد من المسؤولين البارزين في نظامه.
معمر القذافي
كما واجه الزعيم الليبي، معمر القذافي، مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية في يونيو عام 2011، صحبة ابنه، سيف الإسلام، وعدد من المسؤولين في نظامه، على رأسهم، عبد الله السنوسي، مدير المخابرات.
ومن اللافت أن المحكمة وجهت تلك التهم إلى كبار المسؤولين في نظام القذافي، رغم أن ليبيا ليست عضواً في الجنائية الدولية ولم تصادق على تأسيسها، مثلما هو الحال بالنسبة لإسرائيل، التي أصدرت المحكمة مذكرات اعتقال بحق رئيس وزرائها ووزير الدفاع السابق.
لوران غباغبو
وفي نفس تلك الفترة، واجه رئيس ساحل العاج السابق، لوران غباغبو، مذكرة اعتقال من الجنائية الدولية، عقب الأحداث الدامية التي شهدتها بلاده، والقتال العنيف بين أنصاره من جهة، وأنصار زعيم المعارضة آنذاك، الحسن واتارا، عقب الجدل حول نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2010، والذي انتهى بتنحيته بالقوة في العام الموالي.
وبعد محاكمة طويلة، استمرت إجراءاتها لنحو 10 سنوات، وتضمنت حضور 82 شاهداً، حصل لوران غباغبو ومساعده بلي غودي أخيراً على البراءة من التهم الموجهة إليهما، ووقف كافة التتبعات بحقهما عام 2019.
ويليام روتو
أما الزعيم الأفريقي الآخر الذي واجه مذكرات الاعتقال للجنائية الدولية، فهو الرئيس الكيني الحالي، ويليام روتو، الذي واجه تهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، عقب أحداث العنف، التي اندلعت عقب الانتخابات عام 2007.
روتو حصل على البراءة عام 2016، عندما كان يشغل منصب نائب رئيس كينيا، ثم تم انتخابه رئيساً عام 2022.
المحكمة الجنائية الدولية التي تأسست عام 2002، كتتويج لمجهود طويل يهدف لتأسيس نظام قضائي دولي فعال، يضمن تطبيق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومعاقبة الأفراد أو الكيانات التي تنتهك حقوق الإنسان وقانون الحرب واتفاقيات جنيف الأربعة الخاصة بمعاملة الأطراف المتحاربة للمدنيين أو العسكريين أثناء الحرب.
وبدأت تلك الجهود منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، مع تركيز “لجنة الخبراء لتحديد المسؤوليات”، التي نظرت في الأسباب التي أدت إلى الحرب، وكان من مهامها اقتراح أسماء مسؤولين من ألمانيا والنمسا، لمحاكمتهم من أجل جرائم حرب، وأبرزهم آخر إمبراطور لألمانيا، فيلهلم الثاني، الذي لجأ إلى هولاندا.
لكن التطور البارز حدث عقب الحرب العالمية الثانية، مع إحداث محكمة نورمبرغ، لمقاضاة قادة ألمانيا النازية، والمحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى، لمحاكمة العسكريين اليابانيين عن الجرائم التي اقترفوها منذ غزوهم للصين بداية الثلاثينات.
وبعد انتهاء الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفياتي، الذي ترافق مع تغييرات سياسية جذرية في أوروبا، اتخذ بعضها طابعاً عنيفاً، أصدر مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة، القرار 808، في مايو 1993، الذي أحدث بموجبه المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة، من أجل محاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وجهت محكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة، اتهامات لأفراد من كرواتيا والبوسنة والهرسك وصربيا. ويعتبر سلوبودام ميلوزوفيتش أعلى مسؤول تم تقديمه للمحاكمة أمامها، لكن وفاته أثناء التحقيقات والمداولات القضائية منعت إصدار أي حكم بحقه، وليتم أخيراً حلها في ديسمبر 2017.
وفي عام 1994، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 955، الذي أحدث بموجبه محكمة الجنايات الدولية لرواندا، والتي نقل مقرها إلى مدينة آروشا، بتنزانيا. وقامت المحكمة بإجراء تحقيقات وإصدار أوامر اعتقال بحق المسؤولين عن الإبادة الجماعية خلال الحرب الأهلية بين قوميتي الهوتو والتوتسي، في رواندا.
استمرت جهود تطوير القضاء الدولي، داخل أروقة الأمم المتحدة، وبدأت في نيويورك عام 1996 سلسلة الاجتماعات التحضيرية، التي عقدتها مجموعة من جمعيات المجتمع المدني الدولية، تحت شعار “التحالف من أجل المحكمة الجنائية الدولية”، وتبنت بعض الدول الفكرة.
وبعد مفاوضات مضنية، تم التوصل لما عرف باسم “إعلان روما للمحكمة الجنائية الدولية”، الذي وقعت عليه 120 دولة، مع امتناع 21 دولة عن التصويت، واعتراض 7 دول، 4 منها عربية، وهي العراق وقطر واليمن وليبيا، بالإضافة إلى إسرائيل والصين والولايات المتحدة.
وبذلك بدأت إجراءات تركيز المحكمة وإداراتها وانتخاب القضاة الذين سيعملون في مقرها بهولاندا.
أولى مذكرات الاعتقال الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية صدرت في أكتوبر 2005، وهي متعلقة بالاتهامات التي وجهت لحركة “جيش الرب” في أوغندا، بانتهاك حقوق الإنسان، واقتراف جرائم حرب.
رغم أن قرار إحداثها كان بمبادرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن الجنائية الدولية ليست مرتبطة بالمنظمة الأممية هيكلياً أو إدارياً، على عكس محكمة العدل الدولية، التي هي جزء من منظمة الأمم المتحدة.
وواجهت الجنائية الدولية انتقادات لاذعة طيلة عملها الذي بدأ رسمياً عام 2005. فالقادة الأفارقة طالما انتقدوا عملها الحصري على حالات من القارة الأفريقية دون غيرها، لعدة سنوات، ما دفع كلا من جنوب أفريقيا وبورندي بالتهديد بالانسحاب منها عام2016.
كما وجهت روسيا انتقادات لاذعة للجنائية الدولية، واصفة مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق بوتين، بأنها “حركة استفزازية لا معنى لها”. ومثلما كان عليه الحال مع الرئيس السودانين عمر البشير، تحدى بوتين قرار المحكمة وقام بزيارة منغوليا في سبتمبر الماضي، وتتحدث تقارير صحفية عن إمكانية سفره إلى الهند في المستقبل القريب.
مذكرات الاعتقال التي أصدرتها الجنائية الدولية اليوم بحق نتانياهو وغالانت، هي سابقة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لكونها أول مرة يواجه فيها مسؤول إسرائيلي اتهامات خطيرة من هيئة قضائية دولية، بخصوص الإجراءات التي يتخذها ضد الفلسطينيين.
ورغم كون مذكرات الاعتقال لا تعني بالضرورة الاعتقال، خصوصاً وأن إسرائيل لا تعترف بسلطة المحكمة، إلا أن المدعي العام ، كريم خان، يرى أن سلطة المحكمة تشمل الجرائم المحتملة التي حدثت في الضفة الغربية وقطاع غزة، ما يمكنه من الشروع في ملاحقات قضائية بحق مسؤولين إسرائيليين، والناشطين الفلسطينيين.
الحرة
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة محکمة الجنائیة الدولیة جرائم ضد الإنسانیة مذکرات الاعتقال الأمم المتحدة اعتقال بحق جرائم حرب
إقرأ أيضاً:
عشية عيد الفطر ويوم الأرض.. أكثر من 9500 أسير في سجون الاحتلال يواجهون جرائم منظمة وممنهجة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير، إن أكثر من 9500 أسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي، من بينهم أكثر من 350 طفلًا، و22 أسيرة، و3405 معتقلين إداريا، يواجهون جرائم منظمة وممنهجة، بلغت ذروتها منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية التي أدت لاستشهاد العشرات من الأسرى أُعلن عن هويات 63 منهم، من بينهم 40 من غزة، فيما لا يزال العديد من الشهداء بين صفوف أسرى غزة رهن الإخفاء القسري، بحسب وكالة "وفا" الفلسطينية.
وأضافت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير، في بيان مشترك، عشية عيد الفطر ويوم الأرض الخالد، أن عيد الفطر ويوم الأرض يأتيان هذا العام في أكثر المراحل دموية من تاريخ شعبنا، مع استمرار جريمة الإبادة، والعدوان الشامل، وأن أحد أوجه الإبادة هي الجرائم الممنهجة التي تنفذها منظومة السّجون بحق الأسرى.
وأكدا أنّ أحد أبرز أشكال العدوان المستمر وعمليات المحو الاستعمارية، حملات الاعتقال اليومية الممنهجة التي بلغت منذ بدء حرب الإبادة نحو 15700 حالة اعتقال في الضّفة الغربية، علما أنّ هذا المعطى لا يشمل حالات الاعتقال في غزة التي تقدر بالآلاف، فيما بلغت حالات الاعتقال في صفوف النساء منذ بدء الإبادة أكثر من 500، وهذا العدد لا يشمل النّساء اللواتي اعتقلن من غزة، ويقدر عددهن بالعشرات، فيما بلغ عدد حالات الاعتقال بين صفوف الأطفال في الضّفة ما لا يقل عن أكثر من 1200.
جرائم وانتهاكات متصاعدةوأوضح البيان أنه يرافق حملات الاعتقالات المستمرة، جرائم وانتهاكات متصاعدة، منها: عمليات تنكيل واعتداءات بالضرب المبرّح، وتهديدات بحقّ المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب عمليات التّخريب والتّدمير الواسعة في منازل المواطنين، والاستيلاء على المركبات، والأموال، ومصاغ الذهب، إلى جانب عمليات التدمير الواسعة التي طالت البُنى التّحتية تحديدا في طولكرم ومخيميها، وجنين ومخيمها، وهدم منازل تعود لعائلات أسرى، واستخدام أفراد من عائلاتهم كرهائن، إضافة إلى استخدام معتقلين دروعا بشرية.
يشار إلى أن المعطيات المتعلقة بحالات الاعتقال في الضّفة تشمل من أبقى الاحتلال على اعتقالهم، ومن تم الإفراج عنهم لاحقا، كما أن هذه المعطيات لا تشمل أعداد حالات الاعتقال من قطاع غزة جراء جريمة الإخفاء القسري التي فرضها الاحتلال على معتقلي غزة.
وجددت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير دعوتهما إلى المنظومة الحقوقية الدولية بضرورة وقف حالة العجز التي تسيطر على دورها أمام الإبادة الجماعية المستمرة، وكذلك الجرائم المستمرة بحقّ الأسرى في سجون ومعسكرات الاحتلال الإسرائيليّ، كما طالبا منظمة الصّحة العالمية بضرورة التدخل العاجل حيال الجرائم الممنهجة التي تمارس بحق الأسرى بشكل غير مسبوق.